هولوكوست بن غفير!

أقلام – مصدر الإخبارية

هولوكوست بن غفير!، بقلم الكاتب الفلسطيني وليد الهودلي، وفيما يلي نص المقال كاملًا كما وصل موقعنا:

لا فرق بين أن تأتي بالناس إلى أفران الغاز كما فعل بهم هتلر “كما يزعمون”، وبين أن تأتي بالنار وتصبها على رؤوس الناس، وتدخلها إلى أعماق بيوتهم الآمنة، وهنا استذكر ما قاله أبراهام بن بورغ في كتابه: “لننتصر على هتلر”، حيث يعترف بأن هناك داخل كلّ صهيوني هتلر، وهذا ما دفعهم إلى ممارسة الظلم والطغيان على الشعب الفلسطيني، لقد تحوّلت الضحيّة إلى جلاد شرس، وليتهم مارسوا دور الجلاد وهذا الإجرام اللعين على من فعله بهم، لقد صبّوا جام أحقادهم والغضب الذي يغلي في صدورهم على الشعب الفلسطيني الذي لا ناقة له فيها ولا جمل.

بن غفير شخصية شديدة التطرف، مسكونة بالحقد والهوس والمزايدة على غيره من جمهوره المتطرف، وقد نجح في جر بقية العصابة المتطرفة أصلًا إلى مربعه الأسود، فكان هذا العدوان الشرس الذي كان أغلب ضحاياه من الأطفال والنساء والناس الذين لا علاقة لهم بما أعلن من أهداف عدوانية، ثم يتبجّح ويعتبر ذلك إنجازًا لحكومته، فأيّ صلف هذا وأي غطرسة؟ ولماذا تجدهم دومًا يمثّلون دور الضحية، ويثيرون ما فعلته بهم النازيّة فيما عرف بالهولوكوست أو المحرقة؟

ماذا يعتبرون ضرب شقّة سكنية بالصواريخ والتي من المعروف مسبقًا أنها ستقتل أطفالًا، وستصيب أناسًا في الشقق المجاورة، وسترعب منطقة سكنية بأكملها، لماذا يصمت العالم الحرّ على هذا الهولوكوست المتنقّل الذي تفتتحه النيران القاتلة والحارقة في المكان الذي تسقط فيه صواريخهم؟

وهنا قد يسأل سائل: وماذا عن صواريخكم؟ لنردّ على السؤال، من الضحية الاحتلال أممن يدافع عن نفسه من جرائم الاحتلال؟ وكيف تضع حدًّا لجرائمهم؟ هل ينفع ذلك الاسترحام واستدرار العطف العالمي الذي بدوره سيكبح جماحهم ويثنيهم عن ممارسة هذه الجريمة المفتوحة؟ أم هل سنراهن على أخلاق الاحتلال وأنه من الممكن أن يتحوّل في يوم من الأيام إلى احتلال محترم؟

لقد جُرّب كل هذا ولم يجدِ نفعًا، لم يستجب لعشرات القرارات التي أصدرها مجلس الأمن وهيئة الأمم، ضرب بها عرض الحائط، أتته فرصة ذهبية: “اتفاقية أوسلو” التي منحته 78% من البلاد وتركت للفلسطينيين البقية إلا أنه استمرّ في إشباعها استيطانًا وعدوانًا، وبقي موغلًا في ممارسة جرائمه بكلّ صنوف الإجرام: قتلًا واعتقالًا واعتداء على كل تفاصيل الحياة الفلسطينية.

لقد حوّل الحياة الفلسطينية إلى جحيم، واستمرّ في العربدة وممارسة غطرسة القوّة، ثمّ ليعتلي سدّة الحكم عندهم بين الحين والآخر من هو أشدّ جنونًا وتطرفًا مثل هذا المعتوه بن غفير، فيجرّهم إلى المربع الأكثر فسادًا وجريمة، لقد أثبت أن الشعب الذي يدخل في خياراته مثل هذه الشخصيات، هو شعب يزداد مع الزمن حقدًا وكراهية وقدرة عالية على ممارسة العدوان بكلّ أشكاله، فمشكلتنا ليست مع أفراد تسلّلوا للحكم، وإنما مع هذه الحثالة البشرية التي رضيت لنفسها هذا الدرك الأسفل في عالم الجريمة السفلي والأسود.

ومع هذا فلم تجرِ الرياح بما تشتهيه سفنهم، ليحكموا شعبًا مهزومًا مستسلمًا مسكونًا بالخوف والذلّة والمسكنة، بل كان لهم أن هذا الشعب الفلسطيني قد ضربت عليه العزّة والكرامة والشعور العالي بالسيادة ورفض الذل والمهانة، فكانت هذه المقاومة الباسلة التي نجحت في صناعة معادلة الرعب والألم المتبادل وصراع الأدمغة، ونجحت في هذا بإمكانياتها المتواضعة جدًا في واقع محاصر، كيف خرج لهم من ينجح في لجم عدوانهم وإدخالهم في حسابات عسيرة أمام أي عدوان يفكّرون به؟ وإن مارسوه جرّ عليهم وبال جريمته، مما يدفعه لإعادة حسابه فورًا.

لقد اكتشف الشعب الفلسطيني أنه لن ينفعه أحد، ولا رأي عام عالمي، ولا عواطف الجماهير العربية وأحرار العالم رغم أهميّة هذا الأمر، لن ينفعه سوى أن يشمّر عن ذراعه ويدخل صراع الأدمغة بكل ما أوتي من قوّة، وقد نجحت مقاومة الشعب الفلسطيني في هذا أيما نجاح، لقد شكّلت القوّة الرادعة التي يحسب لها الاحتلال ألف حساب توازنًا قويًّا مع هذا الاحتلال، وهذا ما نراه مع كلّ حرب يحاول فيه هذا الاحتلال فرض هيمنته وإرادته فيفشل فشلًا ذريعًا بفضل الله، ثم بما نجحت فيه مقاومتنا من قدرة عالية على لجم تطرفه النكد، ومنعه من الوصول إلى أهدافه.

أقرأ أيضًا: ما المطلوب لمواجهة عربدة المستوطنين؟!

البكاؤون على الهلوكوست فاشيون مجرمون

أقلام – مصدر الإخبارية

البكاؤون على الهلوكوست فاشيون مجرمون، بقلم الكاتب الفلسطيني مصطفى اللداوي، وفيما يلي نص المقال كاملًا كما وصل موقعنا:

يطلبون من دول العالم وشعوبها أن تعترف بالمذابح التي تعرضوا لها إبَّان الحرب العالمية الثانية، ويحملون المجتمع الدولي تبعات المحرقة “الهولوكوست” التي أبيد فيها بزعمهم “ملايين اليهود” ظلماً وعدواناً، ويجبرونهم على الاعتذار لهم وتعويضهم، ويبتزون الأنظمة والحكام ويحرجونهم، ويضغطون على الشعوب والمنظمات ويتهمونهم، ويعتبرون أن المجتمع الدولي كله شريكٌ في هذه المذابح ما لم يعترف بها ويعتذر، ويقر بالجريمة ويندم، ويطلب المغفرة من أجيال اليهود ويأسف.

يتباكى الإسرائيليون على ما أصابهم، ويدعون المظلومية جراء ما لحق بهم، ويعاقبون كل من ينكر المحرقة أو يشكك فيها ويرفض الاعتراف بها، ويعلنون الحرب عليه ويحاكمونه، ويضيقون عليه ويطردونه، ويجردونه من كل صفاته ويحرمونه من أبسط حقوقه، ويعتبرون أن الصمت عنها جريمة، وعدم الاعتراف بها كبيرة، وقد عانى من إرهابهم الفكري وطغيانهم العنصري الكثير من المفكرين والمؤرخين الأوروبيين، الذين خاف بعضهم وتراجع وجبن، وروى روايتهم وسَلِم، بينما عُوقب ونُفِيَ من أصر على موقفه ونَفَى، وطُرد من وظيفته وحُرم من حقوقه من كذب روايتهم واتهمهم.

يجبر الإسرائيليون دول العالم الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول العربية وغيرها، على تشييد نصبٍ تذكارية للمذابح اليهودية واحترامها، وتعليق صور الضحايا وبيان حجم الفاجعة فيهم، ويعتبرون زيارتها واجبة، وإحياء ذكراها كل عامٍ فرضاً على الدول والحكومات، التي يجب أن تشرع برلماناتها القوانين التي تجرم وتعاقب المنكرين لها والمستخفين بها، ويلزمون كل ضيفٍ يزور كيانهم بزيارة النصب التذكاري للمحرقة “ياد فاشيم”، والشهادة في كتابهم، ووضع الأكاليل اعترافاً بهم واحتراماً لهم.

هؤلاء الذين يتباكون على المحرقة ويطالبون العالم بالتضامن معهم والبكاء من أجلهم، يرتكبون كل يومٍ أعظم المجازر وأكبر المذابح بحق الشعب الفلسطيني، ويقومون ضده بأبشع حرب إبادةٍ رسميةٍ بهدف إنهاء وجودهم وشطب هويتهم وإخراجهم من أرضهم وطردهم من ديارهم، ويشهد العالم كله على جريمتهم، ويرقب أفعالهم، ويرصد عدوانهم، ولكنه يقف إزاءها صامتاً لا يعترض، وعاجزاً لا يقوى على منعهم، بل يطالب الضحية بأن تكف عن الشكوى والأنين، وتمتنع عن الدفاع عن نفسها وصد العدوان عنها.

إنهم أنفسهم الذين أقدموا بالأمس، جيشاً ومستوطنين، على إشعال النار في بيوت الآمنين، فحرقوا بيوتهم، وأشعلوا النار في سياراتهم، وطعنوا المواطنين واعتدوا عليهم، وأجبروا النساء والأطفال على الهروب من منازلهم، فقد حرق قطعان المستوطنين الذي زاد عددهم عن المائتي مستوطنٍ، أكثر من مائة بيتٍ وسيارةٍ، وعاثوا فساداً وخراباً وحرقاً وتدميراً في قرى بورين وحوارة وبيتا وزعترة جنوب مدينة نابلس، ووثقت وسائل الإعلام المحلية والدولية ألسنة اللهب التي تتصاعد من المحارق، وأحصوا عدد الجرحى والمصابين، وما زالت كرة اللهب الصهيونية تنتقل من قريةٍ في الضفة الغربية إلى أخرى، وجيش العدو يراقب ما يحدث، ويحمي المستوطنين وهو يعلم أنهم مخربون، وأنهم يحرقون ويدمرون، ويعتدون ويقتلون.

إن ما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين المحتلة، ضد أهلها وشعبها، وأرضهم ومقدساتهم، وبيوتهم وممتلكاتهم، لهو أكبر من جريمة “الهلوكوست” التي صدعوا رؤوس العالم بها، وأجبروهم على إبداء الندم والأسف الدائم بسببها، ولعلهم يخططون في كل يومٍ لارتكاب المزيد من هذه الجرائم التي يندى لها جبين الإنسانية، ويستنكرها الأحرار والشرفاء، ويشجعهم على ذلك ويدفعهم إلى المزيد منها، ما يرونه من صمت العالم وعجزه، وتواطؤ أنظمته ومشاركة حكوماته، التي تهب كلها غاضبةً، وتقف في وجه الشعب الفلسطيني كله معارضةً، إذا تقدمت مقاومته على الثأر والانتقام، وعلى الرد وصد العدوان، بينما تصمت وتعجز عندما يرتكب العدو مجزرةً أو ينفذ مذبحةً بحق الشعب الفلسطيني.

لن يرد الغلاة المتطرفين، المتشددين المتدينين، الفاشيين المجرمين، المحتلين الغاصبين، المستوطنين الهمجيين، إلا المقاومة التي باتت تحسن الرد زماناً ومكاناً، وهدفاً ونوعاً، ولم تعد تصبر وتصمت، وتتأخر وتتردد، بل باتت تباغت وتهاجم، وتفاجئ وتصدم، وتقنص وتقتل، وتقصف وتفجر، وتطعن وتدهس، ولن يفلح العدو بعدوانه المستمر وغاراته الدائمة واجتياحاته المتكررة، في كسر شوكة المقاومة وتركيع كتائبها، وسحب سلاحها وإخضاع عناصرها، كما لن تجدي محاولات قتل ا لمقاومين واعتقالهم، أو حصارهم والتضييق عليهم، فهذه المقاومة التي أصبح معها سيفٌ لا يثلم، ودرعٌ لا تخرق، ورمحٌ طويلٌ لا يكسر، لن تهزم بإذن الله أمام عدوها، ولن ينال منها ويخضعها، ولن يفرض شروطه عليها ويذلها.

أقرأ أيضًا: مسيرات التكبير الليلية استفتاء على نهج المقاومة

القدس باقية وهم عابرون بقلم طلال عوكل

أقلام – مصدر الإخبارية

القدس باقية وهم عابرون بقلم الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل، وفيما يلي نص المقال كاملًا كما وصل موقعنا:

ربما كانت الصدف، وربما كان الأمر يتصل بسياسة إسرائيلية تكاد تكون يومية، ولأنها كذلك فإن شيئاً من التبلُّد قد أصاب عقول الكثير من الساسة الغربيين حتى باتوا يرون القبيح جميلاً.

أيام قليلة تفصل وتربط أحداثاً متشابهة في مأساويتها، ففي حين تحدث الرئيس محمود عباس عن الجرائم الإسرائيلية الكثيرة، ما أغضب المستشار الألماني، وقيادات الاحتلال، كان الاحتلال يعترف بأنه المسؤول عن مجزرة جباليا التي أدّت إلى استشهاد خمسة أطفال أربعة منهم من عائلة واحدة.

وخلال المدى الزمني القصير، أيضاً، مرت الذكرى، الثالثة والخمسون لإحراق المسجد الأقصى، في الحادي والعشرين من آب 1969، لكن العقل الاستعماري الغربي، الذي أدمن ازدواجية المعايير يبدي غضبه حين يتعلق الأمر بكلام عن “الهولوكوست” وإسرائيل، ويغمض العيون والآذان حين يتعلق الأمر، بفعل عنصري إرهابي استعماري بشع يتعرض له الشعب الفلسطيني.

العنصرية والإرهاب في قاموس الحركة الصهيونية المدعومة من الغرب الاستعماري ليست حديثة العهد، بل هي سمة متأصّلة رافقت المشروع الصهيوني منذ بداياته الأولى.

القدس باقية وهم عابرون

إذا كان الغرب لا يصدق ما يقوله الفلسطينيون، فيكفي متابعة الاعترافات التي يدلي بها إسرائيليون بعد رفع الغطاء عن السرية. رفع الغطاء عن السرية سيكشف عشرات المجازر والجرائم التي ارتكبتها الحركة الصهيونية وإسرائيل. لكن ذلك، أيضاً، لا يشكل ضمانة لكي نتوقع من زعماء الغرب الاستعماري أن يغيروا أطباعهم وقيمهم، ولن يثير أيّا منهم للشعور بالخجل أو وخز الضمير، بعد أن اجتاحه الجفاف.

وبفعل جفاف الضمائر، فإن إسرائيل ستواصل ما دأبت عليه دون خوف من العقاب إلّا إذا استفاق العرب والمسلمون وأخذتهم النخوة، لتوصيل بعض الرطوبة إلى الأدمغة المتحجّرة.

القدس التي تحظى بمكانة مركزية في الصراع تعرضت منذ وقت مبكر من احتلالها العام 1967، لمخطط لم يتوقف حتى اللحظة، مخطط مشفوع بقراءات وادعاءات تاريخية ودينية مزورة، جندت لها إسرائيل مليارات الدولارات، لإثباتها، لكنها فشلت حتى الآن في أن تجد دليلاً أو حتى مؤشراً على وجود هيكل مزعوم تحت المسجد الأقصى.

حين احتلت إسرائيل القدس الشرقية، قام بعض الجنود الإسرائيليين برفع العلم الإسرائيلي فوق قبة الصخرة، ما دفع موشيه ديان وقتذاك لأن يطلب منهم إنزاله، لإدراكه مدى خطورة ذلك الفعل الذي قد يشعل حرباً دينية واسعة.
غير أن إسرائيل، بعد عامين من احتلال القدس، عادت وغطّت على الحريق الذي نشب في المصلّى القبلي، على يد مايكل روهان اليهودي الأسترالي، الذي قيل إنه جاء سائحاً، وحتى تنقذه من العقاب، أعادته إلى حيث أتى.

في تلك الواقعة، كانت إسرائيل قد قطعت المياه عن المنطقة المحيطة بالمسجد الأقصى، ولم يكن الأمر عرضياً، فلقد تباطأت طواقم الإطفاء في الوصول إلى المكان، الذي سبقتها إليه طواقم إطفاء فلسطينية من رام الله والخليل، وقامت بما توجب عليها القيام به.
ربما لأسباب تتصل بحداثة توقيع اتفاقية أوسلو، امتنعت إسرائيل عن تشجيع المتطرفين على اقتحام المسجد الأقصى، وحين جرّب شارون اقتحام المسجد العام 2000، اندلعت انتفاضة عارمة في فلسطين استمرت سنوات.

إثر ذلك وبعد “إعادة انتشار” الجيش الإسرائيلي والمستوطنين في قطاع غزة العام 2004، بدأت مرحلة السماح للمتطرفين باقتحام المسجد الأقصى، وأداء طقوسهم التلمودية، إلى أن أصبح هذا السلوك سياسة وسلوكاً يومياً وشكلاً من أشكال إشعال الحرائق.

القدس والمسجد الأقصى، تحول إلى معركة يومية، وإذا كان ما يجري في ساحات المسجد الأقصى، هو الذي يتصدر المشهد فإن الحرب على القدس تستهدف طابعها ومكوناتها الاجتماعية والثقافية والدينية والتاريخية.

في القدس وضواحيها تتجلّى سياسة التهويد والتطهير العرقي سواء من خلال هدم البيوت، وامتناع البلدية عن منح السكان الفلسطينيين تراخيص بناء، أو من خلال فرض الضرائب، والضغط على الناس لإرغامهم على مغادرة بيوتهم ومدينتهم.

كان من الواضح أن قرار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، قد غذّى لدى المستوطنين المتطرفين، دوافع الحقد والكراهية، حتى أخذ بعض زعمائهم يدعون إلى هدم المسجد الأقصى، وكل ذلك بتشجيع وحماية ومشاركة من الجيش والشرطة وأجهزة الأمن الإسرائيلية.

ثمة فارق ومفارقة بين الزمن الذي تعرض خلاله المسجد الأقصى للحرق وبين هذا الزمن، ما يفسر إلى حد ما التصعيد النوعي الخطير الذي يستهدف القدس والمسجد الأقصى كسياسة رسمية للحكومات الإسرائيلية التي تتنافس على أيها الأشدّ تطرّفاً.

القدس باقية وهم عابرون

حين وقع حريق المسجد الأقصى، تداعى العرب إلى عقد قمة في الرباط، وانبثق عن تلك القمة ما يُعرف بمنظمة المؤتمر الإسلامي، ولكن نتساءل اليوم بعد مرور أكثر من خمسة عقود، عن مدى فاعلية القمم العربية، ومؤتمرات التعاون الإسلامي كثير من البيانات، والتصريحات المنددة، ولكن لا أثر لذلك على أرض الصراع، بل إن الكثير من هؤلاء يلهثون خلف تطبيع علاقات أنظمتهم مع إسرائيل.
في الواقع يمكن أن تحصل عمليات تطبيع انطلاقاً من رؤى ذاتية قاصرة، ولكن من المنطقي أن لا يؤدي ذلك، إلى التخلي التام عن دعم القدس وحماية مقدساتها الإسلامية والمسيحية، وإلّا فإن التطبيع أحادي الدوافع والوجهة يتحول إلى خضوع وتبعية.

الشكوى مريرة، وأشدّ مرارة حين تصدر عن المقدسيين، الذين يتصدون ببسالة وقوة للمخططات الإسرائيلية، ويصممون على المواصلون رغم أن جزءاً من هذه الشكوى، تكون من نصيب الفلسطينيين والقصد السياسات الرسمية.

لا عذر للقيادات الفلسطينية، ولا يمكن تحميل التقصير في تقديم الدعم اللازم للقدس والمقدسيين، لموضوع الانقسام، فالكل على القدس مُوحَّد، لكن المسألة تتصل بضعف الإرادة، والتواكل على طريقة “سيري فعين الله ترعاكِ”، أو “للبيت رب يحميه”.

أقرأ أيضًا: إنجازاتنا وأوهام إنجازاتهم بقلم طلال عوكل

ضد الهولوكوست بقلم الكاتب حمادة فراعنة

أقلام – مصدر الإخبارية

ضد الهولوكوست، بقلم الكاتب والمحلل السياسي حمادة فراعنة، وفيما يلي نص المقال كاملًا كما وصل موقعنا:

سجل الشعب العربي الفلسطيني أنه أكثر شعوب الأرض قاطبة تأثراً من نتائج المذابح النازية الفاشية الأوروبية ضد اليهود و تضررًا منها، لعدة أسباب جوهرية:

أولاً: لأننا كعرب ومسلمين ومسيحيين، لا نقبل المساس بالإنسان، ولا نرضى السلوك أو الاجراء التعسفي به ومعه لأي سبب كان، قيمنا وثقافتنا لا تسمح لنا قبول العقوبات الجماعية ضد البشر، والتعامل معهم بازدراء، أو كره، أو عداء، على خلفية الدين، أو القومية، أو المذهب، أو لمواقفهم وقناعاتهم.

ثانياً، لأن اليهود واليهودية، جزء من شعبنا وأمتنا العربية، فالديانة اليهودية، إحدى الديانات السماوية، المكملة للمسيحية والإسلام، حتى ولو اختلف الاجتهاد والتنوع فيما بينهم، فالفرق بين اليهود واليهودية من طرف والحركة الصهيونية من طرف آخر، كاختلاف الإسلام والمسلمين عن تنظيمي القاعدة وداعش.

نحن نعمل ضد الصهيونية كحركة سياسية ورثت الاستعمار الأوروبي الإحلالي الاحتلالي التقليدي، وأقامت مشروعها على أرض فلسطين، على حساب الشعب الفلسطيني، واضطهاده وتشريده، ومثلما لا نقبل المس بالآخر من قبل تنظيمي داعش والقاعدة، وضد التوجهات المتطرفة التي تسعى لاجتثاث الآخر والمس به، نعمل ضد المشروع الاستعماري التوسعي الصهيوني الإسرائيلي اليهودي على أرض فلسطين العربية الإسلامية المسيحية.
ثالثاً لقد دفع الفلسطينيون ثمناً باهظاً بسبب الهولوكوست، حيث استغلت الصهيونية وبلدان أوروبا الاستعمارية مذابح النازية ضد اليهود، فعملت على تهجيرهم وتوطينهم في فلسطين، وإقامة دولة يهودية لهم على أرض الشعب الفلسطيني، وعلى حساب حقوقه الوطنية، وتدمير بنيته كشعب ومؤسسات، بدعم وإسناد أوروبي وخاصة: 1- من قبل بريطانيا بقراراتها وتسهيلاتها، 2- من قبل فرنسا بتسليحها التقليدي والنووي، 3- من قبل ألمانيا بتعويضاتها المالية، لصالح المستعمرة الإسرائيلية على أرض فلسطين، وبقاء تفوقها بقرار ودعم أميركي.

رابعاً، وهذا هو الأهم، أن الفلسطينيين دفعوا ثمن مذابح الأوروبيين لليهود، فتم استعمار فلسطين، وطرد نصف شعبها خارج وطنهم، وتعريضهم للتشرد والنفي، وارتكاب المذابح بحقهم، فقد قارفت المنظمات الصهيونية اليهودية عشرات المذابح الجماعية بحق الفلسطينيين، وكأنها تنتقم منهم، وكأن الفلسطينيين هم الذين ارتكبوا الجرائم والآثام بحق اليهود في أوروبا.

لهذه الأسباب، نتعاطف مع مأساة اليهود في أوروبا، ونرفض كعرب ومسلمين ومسيحيين مع الفلسطينيين، تلك الجرائم النازية الفاشية ضد اليهود، مثلما نرفض وندين، في نفس الوقت، وبنفس القوة، مذابح المستعمرة الإسرائيلية وجرائمها اليومية بحق الشعب الفلسطيني، من قتل وتدمير وإضطهاد ومحاصرة وتجويع، وكما فعل المجتمع الدولي المتحضر بمطاردة النازيين ومحاكمتهم على ما فعلوه بحق اليهود والشعوب الأوروبية، على قادة مؤسسات المجتمع الدولية وحقوق الإنسان، وأصحاب الضمائر الحية العمل على:

أولاً إنصاف الشعب الفلسطيني باستعادة حقوقه على أرض وطنه وعودة اللاجئين منهم إلى بيوتهم وأملاكهم.
ثانياً محاكمة المجرمين الإسرائيليين وفق القيم العادلة وحقوق الإنسان، وعدم تهربهم من العقاب العادل المنصف.
ما قاله الرئيس الفلسطيني، وما عبر عنه، وما عناه، لهو صُلب الحقيقة المرة التي تحتاج للاستجابة من قبل الشعب الألماني والشعوب الاوروبية، بواقعية وإنصاف بعيداً عن الإنحياز السياسي المسبق.

خلاص أوروبا من عُقدة المسألة اليهودية، والإحساس بالذنب نحو الهولوكوست، لا تكون إلا بإنصاف الشعب الفلسطيني والاعتراف بالنكبة التي ألمت به بسبب إنحياز أوروبا لمشروع المستعمرة، والعمل على ردع قادتها عن مواصلة استغلالهم، واستعمارهم لفلسطين.

أقرأ أيضًا: المقاربة الإسرائيلية في ذكرى الهولوكوست

بدران: انحياز القوى الدولية للاحتلال لن يُفلح في طمس الرواية الفلسطينية

غزة – مصدر الإخبارية

قال عضو المكتب السياسي لحركة حماس حسام بدران، “مرة أخرى تثبت القوى الدولية انحيازها للاحتلال الإسرائيلي وتنكرها للحقوق التاريخية لشعبنا الفلسطيني ولمعاناته الممتدة لأكثر من سبعة عقود، والتي بدأت باقتلاع شعبنا من أرضه، وتهجيره عنها قسراً ليعيش في المنافي، إضافة إلى عشرات المجازر بحق المدنيين الفلسطينيين من النساء والأطفال وغيرهم، واعتقال وأسر وإصابة مئات الآلاف من أبناء شعبنا”.

جاء ذلك تعقيبًا على رفض “حماس” إعلان الشرطة الألمانية فتح تحقيق بحق الرئيس محمود عباس أبو مازن على خلفية تصريحاته المتعلقة بجرائم الاحتلال ‏ضد الشعب الشعب الفلسطيني.

وأضاف بدران، “مهما حاولت القوى تشويه الحقيقة وصم آذانها عما لحق بشعبنا والكيل بمكيالين فإنها لن تفلح في طمس الرواية الفلسطينية مهما طال الزمن، ومهما كانت الأساليب والإجراءات، فشعبنا لا ينسى ولا يغفر أمام ما يتعرض له من ظلم، وستستمر مقاومته بلا كلل حتى التحرير والعودة”.

وشدد القيادي في حركة حماس، على أنه آن الأوان إزاء كل ما يجري من استهداف لشعبنا وقضيته التقدم عملياً وإلى الأمام في إنجاز وحدة وطنية فلسطينية حقيقية تقوم على الشراكة الكاملة في إطار قيادة وطنية جامعة، ووفق برنامج وطني كفاحي يعتمد المقاومة الشاملة في مواجهة الاحتلال.

أقرأ أيضًا: الرئيس محمود عباس يوضح حديثه عن الهولوكوست في ألمانيا

وكانت تصريحات الرئيس عباس، حول محرقة “الهولوكوست”، خلال مؤتمر صحفي مع المستشار الألماني، أولاف شولتز، أثارت جدلاً كبيراً في “تل أبيب” وألمانيا.

وخلال المؤتمر الصحفي سئُل الرئيس عباس عما إذا كان كزعيم فلسطيني يعتزم الاعتذار لدولة الاحتلال وألمانيا عن عملية ميونخ التي نفذت في عام 1972، ردّ الرئيس عباس بدلاً من ذلك، بالإشارة إلى الفظائع التي ارتكبتها دولة الاحتلال منذ عام 1947.

وبحسب وسائل إعلام قال للصحفيين بعد اجتماع مع المستشار الألماني أولاف شولتز في برلين، الثلاثاء: “إذا أردنا تجاوز الماضي فابدأ”. “لدي 50 مجزرة ارتكبتها إسرائيل“، وفق ما نقلت وكالة (أسوشيتيدبرس).

وفي السياق، وصف لابيد تصريحات الرئيس عباس بأنها “حقيرة”، وقال عبر حسابه على (تويتر): إن “الحديث لا يدور عن وصمة عار أخلاقية فحسب بل أيضا عن تحريف فظيع للتاريخ”، وفق زعمه.

المقاربة الإسرائيلية في ذكرى الهولوكوست

أقلام _ مصدر الإخبارية

بقلم:أنطوان شلحت

ثمّة من يدأب في دولة الاحتلال على تكرار مقاربةٍ في ذكرى الهولوكوست كل عام، ليس من المبالغة توصيفها بأنها مسبقة البرمجة والأدلجة، وهي مقاربة تقوم على ركنين أساسيين متصلين مبنى ومعنى.

الركن الأول، أنه لا ينبغي أن يعلو صوت على صوت ضحايا المحرقة النازية، وأن صوت هؤلاء قد حسم الأمر، مرّة واحدة وأخيرة، إلى ناحية صيرورة عدم الغفران وعدم النسيان. ولاحظنا تواتر حضور هذا الركن في الأيام الأخيرة التي أحيت فيها إسرائيل ذكرى الهولوكوست، وبصورة مباشرة على خلفية مواقف بدَرت عن رئيس الكنيست، ميكي ليفي، في أثناء إلقائه خطابا في المناسبة أمام البرلمان الألماني، ذكر في سياقه، من ضمن أمور أخرى، أنه “عبر فترة 80 عامًا ونيّف نجحنا، نحن الشعبان، في أن ننهض من الصدمة الوطنية التاريخية، وأن نبني نفسينا مجددًا بشجاعة وعزم”، وهو ما استنتج منه بعضهم أنه ينطوي على منح صكّ غفران إلى ألمانيا، من شأنه أن يتسبّب بتدوير كل الزوايا الحادّة الماضية.

وانصب أغلب الغضب على ليفي بسبب جملته التالية: “من واجبنا الحفاظ على الذكرى، وضمان ديمومتها إلى الأبد من أجل البشرية.

ولكن إلى جانب الذكرى علينا أن نبني منها رؤية، أن نبعث الأمل ونخطط معًا المستقبل، المستقبل الذي يستند إلى القيم والأحلام المشتركة”، فقد اعتبر الروائي الإسرائيلي، أرنون إيتيئيل، هذه الجملة دعوة صريحة إلى إغلاق ملف الهولوكوست الذي ينبغي أن يبقى مفتوحًا، ولو من أجل استخدامه أداتيًا، كما تفعل إسرائيل منذ إقامتها. ومما كتبه: ليس من واجبي أن أهدئ من روع الأجيال الإسرائيلية المقبلة، فهي ليست في حاجة إلى أن تغلق الدائرة، بل إلى استمرارها مفتوحةً، وإلى اكتناز مزيد من الغضب، وعدم النسيان بتاتًا أن المكان الذي ألقى فيه رئيس الكنيست خطابه كان في الأمس حلبة الشيطان، وأن آباء الذي أنصتوا الآن إلى الخطاب كانوا عبدته.

الركن الثاني، شحن الإسرائيليين بـ”خوف دائم” من الإبادة ومن محرقة مستمرّة. وهو صار إلى رسوخ أكثر فأكثر إبّان رئاسة بنيامين نتنياهو الحكومة الإسرائيلية بين الأعوام 2009- 2021، حيث جرى الاهتمام بتربية الإسرائيليين على العيش في خوف وجودي دائم في جيل مُبكّر وأساسًا في المدرسة.

وعلى سبيل المثال، نشرت باحثة إسرائيلية في موضوع “التربية والمحرقة” أنه عشية يوم ذكرى الهولوكوست عام 2015 أحضر ابنها، وهو طالب في الصف الخامس الابتدائي، بلاغًا من معلمته تطلب منه أن يرتدي ثوبًا أسود، وتعلن أنه خلال المراسم التي ستقيمها المدرسة في ذلك اليوم سيتم إلصاق رقعة قماش صفراء مكتوب عليها “يهودي” كالتي كان يضعها النازيون على اليهود، على صدر كل تلميذ.

وبرأي الباحثة، عندما تضع معلمة رقعة قماش صفراء على أثواب تلامذتها في يوم الذكرى، فإنها تستخدم رمزًا نازيًا على نحوٍ مرعب. وبدلًا من عرض تلك الرقعة خلال أحد الدروس في الصف، وشرح جوهرها وتبعاتها، فإنها تفرض على التلامذة أن يمرّوا في تجربةٍ مخيفة وغير تربوية. وعندما تفعل ذلك في ذكرى المحرقة، هي عمليًا تهمس في آذان النشء الجديد بما معناه: في الواقع، ما زلنا في خضم المحرقة، والقتل الجماعي لليهود في أوروبا لم ينتهِ في النصف الأول من القرن العشرين، ولم يحدث لذوي أجدادكم وجداتكم فقط، بل ما زالت المحرقة موجودة هنا والآن.

بكلمات أخرى، تسعى المقاربة الإسرائيلية من جهة إلى أن يكون الهولوكوست حاضرًا مستمرًا لا مُجرّد ذكرى.

ومن جهة أخرى، تسعى إلى تربية الأجيال الإسرائيلية المتعاقبة على أن كونها يهودية لا يعني الانتماء إلى “شعب مختار” فحسب، إنما أيضًا إلى شعب مبليّ بالملاحقة والتحقير والقمع، ما يتسبب، في الوقت نفسه، ببلادة المشاعر حيال ملاحقة مجموعات أخرى وقمعها، سواء في الماضي أو في الحاضر.

Exit mobile version