الاحتلال يحرم مسيحيي غزة من حقوقهم الدينية بحاجزٍ ورقي

أماني شحادة – خاص مصدر الإخبارية

تصاريح العيد، تصدرها سلطات الاحتلال مرتين كل عام للمسيحيين في قطاع غزة، وذلك خلال عيد الفصح وعيد الميلاد، ومن المفترض أن تسمح هذه التصريحات للمسيحيين في الضفة المحتلة وغزة بالاحتفال مع عائلاتهم وزيارة الأماكن المقدسة في بيت لحم والناصرة والقدس وأماكن أخرى، لكنها اليوم باتت حاجزًا ورقيًا يحرم مسيحيي غزة من حقوقهم الدينية، ينغص حياتهم أكثر من الحواجز الحديدة.

لذلك سيضطر المئات من المسيحيين في قطاع غزة للاحتفال بعيد الميلاد المجيد بعيدًا عن عائلاتهم وأماكن العبادة المقدسة.

مدير الإعلام في الكنيسة الأرثوذوكسية بغزة كامل عياد، قال في حديثه لـ “شبكة مصدر الإخبارية“، إنه قبل شهر أو شهرين قدمنا قائمة بـ 1027 اسمًا للارتباط الفلسطيني (الشؤون المدنية الفلسطينية، وهي الهيئة المسؤولة عن تمرير الطلبات من سكان غزة إلى السلطات الإسرائيلية) الذي قام بدوره تقديمها للجانب الإسرائيلي بشأن تنقل المسيحيين من قطاع غزة للمشاركة بإحياء الأعياد المجيدة في الضفة الغربية المحتلة.

وأضاف: “وصلنا قبول لـ 650 تصريحا فقط، و200 تصريح تم رفضها أمنيًا، و170 تصريحا من دون رد”.

وأشار عياد إلى أن أسلوب الاحتلال في انتهاكه للحقوق لا يُمارس على المسيحيين فقط، بل على جميع الفلسطينيين في قطاع غزة وكل المدن الفلسطينية.

وأفاد عياد بأنه “حين يرفض الاحتلال إعطاء التصاريح اللازمة للمشاركة بالأعياد المجيدة في دور العبادة والكنائس، يكون العيد منقوصًا ويُعطي شعورًا بالحزن والنقص”.

وأكد أن “بيت لحم تشكل لنا مكان ديني عظيم لأنه مكان مولد المسيح، وأن ترّي المسيحين من حول العالم يزورونه ونحن أصحاب الأرض لا يجوز لنا، هذا أمر مرفوض ومكروه.

وشدد: “لنا حق مضمون في الاتفاقيات الموقعة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل بشأن التنقل من غزة إلى الضفة الغربية المحتلة دون تصاريح، لكن معبر إيرز – بيت حانون- الآن عائقًا وضعه الاحتلال لينغص علينا فرحتنا وحياتنا”.

لماذا يحرم الاحتلال مسيحيي غزة من حقوقهم الدينية؟

نائب مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان سمير زقوت، قال في حديثه لـ “شبكة مصدر الإخبارية“، إن “دولة الاحتلال هي طرف وعضو موقع ومنضم لاتفاقية العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية واتفاقية جنيف، فهي ملزمة التزامًا قانونيًا واضحًا لا لبس فيه”.

وأضاف أنّ رفض الاحتلال السماح للمسيحيين بالوصول إلى الأماكن المقدسة في القدس وبيت لحم وكنيستي المهد والقيامة، يعتبر انتهاكًا واضحًا لحقوق الإنسان ويأتي في سياق متصل من الانتهاكات؛ لأن قوات الاحتلال تنظر لأي فلسطيني أنه لا يجوز له التمتع بأي حقوق، وتشكك في إنسانيته، وهذا أمر واضح ومعروف للمجتمع الدولي.

وتابع: “هذا انتهاك واضح لالتزامات دولة الاحتلال بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والإنساني؛ لأن حرية المعتقد والدين وممارسة الشعائر الدينية وحرية الوصول لدور العبادة والأماكن المقدسة مكفولة بموجب العهد الدولي الخاص للحوق المدنية والسياسية التي تكفل لكل إنسان حقه في حرية اتباع دين والمعتقد”.

وأكمل أن اتفاقية جنيف أيضًا تحمي دور العبادة والأماكن المقدسة وتحمي حق الإنسان بممارسة شعائره الدينية حتى لو كان تحت احتلال.

واستدرك زقوت: “حين نتحدث عن نظام فصل عنصري وتمييز عنصر، والتقارير التي نشرت من ووتش وغيرها، فجميع العالم يتحدث أن دولة الاحتلال أسست على الأبرتهايد، لذلك هي تحرم الفلسطينيين وخاصة القانطين في قطاع غزة بأطيافهم ومعتقداتهم من أبسط حقوقهم باستثناء من تعطي له الإذن بالتنقل عبر تصريح منها”.

وأوضح أن المعايير التي وضعتها دولة الاحتلال حين أعلنت غزة كيانًا معاديًا، وتتحكم بمن يسمح له بالسفر عبر إيرز – حاجز بيت حانون- هي وحدها دليل واضح على العنصرية وانتهاك جملة حقوق الإنسان.

وبشأن الاتفاقيات، شدد زقوت على أن كل الجرائم والانتهاكات التي تقوم بها دولة الاحتلال ضد الفلسطينيين والإنسانية يعد انتهاك واضح لحقوق الإنسان، وانتهاك منظم وما يعرف بجريمة الحرب في اتفاقية جينيف الرابعة، وانتهاك لاتفاقيات الأمم المتحدة خاصة اتفاقيتي حظر كافة أنواع التمييز وحظر جريمة الفصل العنصري واعتبارها جريمة.

وحول التساؤلات: لماذا تستمر دولة الاحتلال بارتكاب الجرائم؟ وتضرب بعرض الحائط كل الاتفاقيات وتمنع المسيحيين في كل عام أكثر من العام السابق؟، أجاب زقوت: “لأن دولة الاحتلال تشعر أنها محصنة ضد المسائلة والمحاسبة والملاحقة”، مضيفًا أن المجتمع الدولي يصمت ويتواطأ أحيانًا في مواجهة ما تقوم به إسرائيل من جرائم، ما عزز شعورها بالتحصين ومواصلة الانتهاكات وتصعيدها.

وختم زقوت حديثه قائلًا: “علينا فضح الانتهاكات وتوثيقها، بمعنى أنه لا يجوز حين تمنع سلطات الاحتلال أي إنسان مسيحي من الوصول لأماكن عبادته في الضفة الغربية المحتلة والقدس أن يصمت، بل عليه إعلاء صوته مطالبًا بحقوقه التي تنتهك من الاحتلال”.

جدير بالذكر أن دولة الاحتلال تستخدم منظومة إصدار التصاريح، ورفضها على حد سواء، كوسيلة ضغط على الفلسطينيين القابعين تحت الاحتلال، وكإجراء عقاب جماعي غير قانوني.

خطيب الأقصى: المسلمون والمسيحيون في خندق واحد بمواجهة الاحتلال

القدس المحتلة – مصدر الإخبارية

قال الشيخ عكرمة صبري، خطيب المسجد الأقصى المبارك، ورئيس الهيئة الإسلامية العليا بالقدس، أن العلاقات الحضارية والإنسانية بين المسلمين والمسيحيين في فلسطين هي علاقات متينة وعميقة عبر التاريخ، وهي تمثل نموذجاً يحتذى به، وهي أيضاً تمثل أنموذجاً عملياً للتصدي المشترك في مواجهة الاجراءات الاحتلالية الظالمة في الأراضي المقدسة.

وأكد صبري على وحدة الصف الفلسطيني بخاصة في مدينة القدس، وعلى أن المسلمين والمسيحيين في خندق واحد، وأوفياء لهذه المدينة المباركة المقدسة. وأن هذه العلاقات أرسى دعائمها الخليفة عمر بن الخطاب في عهدته التاريخية (سنة 15ه/ 636م) وحتى قيام الساعة.

ومنذ أن احتلت إسرائيل مدينة القدس عام 1967م، لم تدخر جهدا للسيطرة عليها وتغيير معالمها العربية الفلسطينية، بهدف تهويدها، وقد استخدمت لأجل ذلك الكثير من الوسائل والأساليب، وقامت بالعديد من الإجراءات ضد المدينة وسكانها، حيث كان الاستيطان أهم الوسائل لتحقيق هدف إسرائيل الأساسي تجاه مدينة القدس المحتلة.

فيما يلي أبرز الأساليب التي عمد الاحتلال الإسرائيلي إلى استخدامها بهدف تهويد مدينة القدس، وتفريغها من سكانها المقدسيين:

التوسع الاستيطاني ومصادرة الأرض

سعت “إسرائيل” خلال العقود الماضية إلى استكمال مخططها الاستيطاني الهادف للسيطرة الكاملة على مدينة القدس، وعملت على تحقيق ذلك من خلال توسيع ما يسمى بحدود القدس شرقاً وشمالاً، وذلك بضم مستوطنة “معاليه أدوميم” التي يقطنها حوالي 35 ألف مستوطن، كمستوطنة رئيسية من الشرق، إضافة إلى المستوطنات العسكرية الصغيرة المنتشرة في المدينة.

وأدت السياسة التي اتبعتها “إسرائيل” إلى مضاعفة عدد المستوطنين، وفي نفس الوقت قللت نسبة السكان الفلسطينيين الذين يشكلون ثلث سكان القدس.

ولتحقيق ذلك اعتمد الاحتلال الإسرائيلي سياسة مصادرة الأراضي المملوكة للفلسطينيين من أجل توسيع مستوطناته، وقد تم خلال العقود الماضية مصادرة الآلاف من الدونمات في القدس ومحيطها ومازالت هذه السياسة متبعة من قبل الاحتلال.

وبلغ عدد المستوطنات في القدس 29 مستوطنة، تنتشر على شكل تجمعات استيطانية مكثفة تتخذ الشكل الدائري حول المدينة وضواحيها ممثلة بمراكز استيطانية كبيرة المساحة.

خطة ضم

ويسعى الاحتلال إلى ضم نحو 30% من أراضي الضفة الغربية، حيث تشكل هذه المساحة 3 أجزاء مهمة من الضفة، الأول هو تجمعات استيطانية مثل جبل أبو غنيم أو ما تعرف بمعاليه أدوميم في القدس ومستوطنة أرئيل، وتتوزع هذه المستوطنات بين جنوب ووسط وشمال الضفة، خاصة في منطقة القدس، حيث تحول الضفة الغربية إلى كانتونات وجزر منعزلة، وبالتالي تمنع التواصل السكاني الفلسطيني، فضلا عن كونها مقامة على أراضي المواطنين.

أما الجزء الثاني فهو منطقة الأغوار وهي السهل الأكبر في الضفة، وتشمل المنطقة الواقعة شمال أريحا على طول حدود نهر الأردن، وبالتالي تقطع أي تواصل جغرافي بين فلسطين والأردن وتمنع فلسطين من خزانها المائي وأرضها الزراعية، أما المنطقة الثالثة فهي الريف الفلسطيني والأراضي الزراعية الفلسطينية الخصبة ويسكنها 400 ألف فلسطيني.

والاحتلال يريد ضم المناطق الأفضل والأكثر إستراتيجية في الضفة حتى لو كان ثمن ذلك معارضة القوانين الدولية أو مصادرة الحق الفلسطيني في إقامة دولة فلسطينية أو تهجير نصف مليون فلسطيني من أرضهم أو حرمانهم من التواصل السكاني.

Exit mobile version