ما أبعاد ومخاطر إنشاء القطار الهوائي في القدس؟

صلاح أبو حنيدق- خاص شبكة مصدر الإخبارية:

صادقت “المحكمة الإسرائيلية العليا” على تنفيذ مشروع القطار الهوائي في مدينة القدس المحتلة تحت ذريعة تطوير البنية التحتية فيها، وجعلها وجهةً سياحية.

ووفق المخطط الإسرائيلي يمتد القطار الهوائي من أعلى نقطة في جبل الزيتون، مروراً إلى مقبرة باب الرحمة بمحاذاة السور الشرقي للمسجد الأقصى، وصولًا إلى حي وادي حلوة في سلوان، ثم المحطة المركزية في باب المغاربة.

ويقطع القطار الهوائي مسافة 1.4 كيلو متر مربع من خلال أربعة محطات تضم 41 عربةً، تبعد الواحدة عن الأخرى 73 متراً، قادرة على حمل 10 مسافرين تقطع ستة أمتار في الثانية، وإجمالي 4.5 دقيقة لإجمالي المسافة.

ويعمل القطار بالكهرباء من خلال أسلاك معلقة في الهواء، ومشتق من المشروع الهيكلي المصادق عليه من الاحتلال الإسرائيلي لمحيط القدس القديمة، بتكلفة 150 مليار شيكل.

المشروع وفقاً للرواية الإسرائيلية، تطويري بدرجة أولى، لكن خفاياه تمتد لأهداف تهويدية إسرائيلية غير معلنة تستهدف الوضع التاريخي والديني، والديمغرافي في مدينة القدس، وفق مسئولون وخبراء في الشأن الإسرائيلي.

تسهيل وصول مجموعات كبيرة من المستوطنين للأقصى

وقال الباحث والمختص في شؤون القدس محمد هلسة، إن مشروع القطار الهوائي يندرج ضمن سياسة الاحتلال التهويدية لمدينة القدس المحتلة وتغير المعالم الديمغرافية والدينية، وربط أواصر الاحياء الاستيطانية وتسهيل التواصل بينها.

وأضاف هلسة في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية، أن الاحتلال يعمل على تعزيز الوجود الاستيطاني والسيادة الإسرائيلية من خلال تغير معالم المدينة المقدسة ورفع الطابع التاريخي والحضاري عنها، واستبدالها بأخرى تحت بند التطوير التكنولوجي أو العمراني في المباني والبنى التحتية.

وأشار إلى أن الاحتلال يزعم أن المشروع يستهدف تسهيل حركة السياح، وتنقلهم بين المعالم الدينية والأثرية في المدينة، لكنه بالواقع يربط المناطق الاستيطانية المحاصرة للأقصى، التي تشمل كنائس وحدائق توراتية ومتاحف أنشأها الاحتلال في الأعوام الأخيرة.

ونوه هلسة، إلى أن الاحتلال من خلال مشاريع لتسهيل الحركة في المدينة لضمان وصول 2 مليون يهودي للأقصى سنوياً.

وأكد هلسة أن القطار سيساهم بوصول مجموعات كبيرة من المستوطنين للأقصى لاقتحامه بدلاً من اقتصارهم على فرق صغيرة من خلال تسهيل نقلهم إلى منطقة باب الخليل في البلدة القديمة القريبة من حائط البراق.

إظهار القدس بكاملها تحت السيادة الإسرائيلية

بدوره، قال الخبير في الشأن الإسرائيلي د. عمر جعارة، إن الهدف الرئيس من مشروع القطار الهوائي في القدس المحتلة رغبة الاحتلال الإسرائيلي بإظهار المدينة بجزيئها الشرقي والغربي موحدة، وتحت سيادته.

وأضاف جعارة في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية، أن الاحتلال يعاني من عدم وجود شيء واحد يثبت سيادته على الجزء الشرقي والغربي من القدس معاً، ولا أنهما موحدتان.

وأوضح جعارة، أنه “لا يوجد شيء يثبت أنهما موحدتان تحت سيادته لا لون الباصات، ولا آلية التعامل مع السكان ولا الخدمات البلدية، ولا أعداد الشرطة المنتشرة في الجزء الشرقي، البالغة أضعاف كثيرة عن الموجودة في نظيره الغربي”.

وأشار جعارة إلى أن الزائرون للقدس الشرقية يجدونها محتلة بأعداد كبيرة من الشرطة والجيش مقارنة بالجزء الغربي، ومقيدة بالعقوبات المفروضة على سكانها الفلسطينيين، رغم أنها تمثل 10% فقط من المساحة الكلية للقدس.

ونوه جعارة إلى أن “مدينة القدس وفقاً لقرار 181 ليست يهودية ولا عربية، ما يشكل معضلة أمام الاحتلال الإسرائيلي، ناهيك عن أن قرارات الأمم المتحدة الصادرة عام 1969 تثبت أن الجزء الشرقي منها ليس جزءاً من الغربي، وكل العالم بما فيه الولايات المتحدة يعلمون أنها احتلت عام 1948”.

وبين جعارة، أن إسرائيل تهدف من القطار الهوائي لإظهار نفسها صاحبة القرار فيما يتعلق بالمدينة، وأنها موحدة وتخضع لسيادتها، وفقاً لما يروج لها الساسة الإسرائيليون.

وأكد جعارة، أن الدليل الأبرز على أن الاحتلال الإسرائيلي لا يمتلك سيادة على مدينة القدس عدم وجود بند واحد في القرارات الأممية والدولية ينص على ذلك، وأنه يحظر على جيشه إقامة العروض العسكرية واقلاع الطائرات فوقها.

وشدد جعارة، أن “مبنى الكنيست الإسرائيلي في المناطق الشرقية مخالف القوانين الدولية”.

وتابع أن “كل الجهد الإسرائيلي حالياً ينصب على زيارة الرئيس الأمريكي جون بايدن للقدس الشرقية، وعلمهم برفضه لأن يرافقه أحد من الشرطة الإسرائيلية خلالها”. مؤكداً أن الموقف الأمريكي حاسم في جميع القضايا المتعلقة بالوضع الفلسطيني والدولي على حد سواء، مستدلاً بأن “الاحتلال أزال البوابات الإلكترونية من الأقصى فور طلب جاريد كوشنر مستشار الرئيس الأمريكي السابق منه ذلك”.

ولفت إلى أن إسرائيل فشلت على مدار 74 عاماً في اقناع العالم أن القدس أرض إسرائيلية تخضع لسيادتها. “الرئيس الفرنسي ماكرون عندما زار كنيسة سانت آن المسيحية في القدس، طلب مغادرة جنود الاحتلال، وسألهم ماذا تفعلون هنا”.

استكمال لمشاريع التهويد الكبرى

وفي السياق، أكد وزير شؤون القدس فادي الهدمي، أن المشروع يستكمل مشاريع التهويد الكبرى الهادفة لأسرلة كامل القدس، وإضفاء الطابع اليهودي عليها.

وقال الهدمي في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية، إن القطار يضرب بشكل مباشر المعالم التاريخية والاقتصاد الفلسطيني في مدينة القدس، من خلال هدم عدد كبير من عقارات الفلسطينيين السكنية والتجارية.

وأشار الهدمي، إلى أن الاحتلال يعزز نشاطاته الاستيطانية ومشاريعه في المدينة المقدسة بهدف فرض السيطرة الكاملة عليها.

وكانت فصائل فلسطينية، حذرت من خطورة تنفيذ الاحتلال الإسرائيلي لمشروع القطار الهوائي، مؤكدةً حملانه أبعاد سياسية وعمرانية تؤثر على قلب مدينة القدس وأحيائها القديمة ومعالمها العربية والإسلامية وهويتها الحضارية.

ودعت العالم وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، للتحرك العاجل لوقف المشروع، معتبرةً إياه مخالفاً للمواثيق والقرارات الدولية.

Exit mobile version