كيف تظهر أفكارنا عبر الانترنت فجأة.. هل تسمعنا هواتفنا أم هناك سحر؟

سعاد صائب سكيك – مصدر الإخبارية

مر معظمنا بتجربة مخيفة بعد أن خاض دردشة مع شخص آخر حول أمر ما، أو تحدث مع نفسه وربما فكر بالأمر فقط دون التلفظ به، وفجأة ظهرت أفكارنا التي جالت بخاطرنا على الهواتف عبر الانترنت، فما السبب؟ هل هناك سحر؟ أم هل هناك من يتنصت علينا؟

لكن لحظة، إننا لم نتفوه بأي كلمة، فقط فكرنا، فما السر!

للإجابة على هذه التساؤلات كافة تواصلنا في شبكة مصدر الإخبارية مع خبراء في أمن المعلومات الرقمي، لمعرفة ما إذا كانت هواتفنا تسمعنا؟ أم أن الأمر متعلق بالذكاء الاصطناعي؟ وكيف نستطيع تحديد ما إذا كان الأمر نعمة أم نقمة؟

الهواتف تسمعنا!

يسرد المهندس في أمن المعلومات محمود أبو غوش القصة من بدايتها ويقول: “جميعنا لدينا حسابات كثيرة من فيس بوك وانستغرام وتيك توك وحتى تطبيقات الجوال التي تطلب السماح لدخول الهاتف عن طريق المايكروفون”.

وشرح أنه بمجرد إعطاء الإذن بـ “السماح” لدخول الهاتف فإنه يتم تسجيل كل كلمة تخرج منك عبر المايكروفون، وقال: “يقوم الهاتف بتسجيل كل أحاديثنا بشكل يومي وعلى مدار سنوات، ويضعها ضمن ترجمات خاصة في بيانات يتم توثيقها بسجلات معينة، يحدد من خلالها اهتماماتك بدقة”.

وأضاف أبو غوش : “يضع كلمات مفتاحية تميز اهتمامات الشخص، ويعرضها أمامه وقت حاجته”.

الذكاء الإصطناعي

وهذا هو دور الذكاء الاصطناعي والخوارزميات التي ترتب نفسها بشكل دقيق لأجل أن تضع خيارات أمامك في كل وقت.

ونلاحظ اليوم أن المواقع العادية تطلب منا الموافقة على ملفات الارتباط “الكوكيز”، والتي أوضح أبو غوش أنها تقرأ أي شيء نفتحه ونبحث عنه، وتدرس سلوكنا واهتماماتنا، ومع الوقت تقترح لنا الخيارات الخاصة بنا من نفسها دون أن نطلب، ولأننا نهتم بها فهي ببالنا طوال الوقت لنجدها أمامنا.

وفيما يتعلق بأمانها، فيقول المختص بأمن المعلومات: “رغم أنه ينتهك خصوصية المستخدم إلا أنه لم يعد يهم إن كان مخيفاً أم لا”، وتابع: “يعتبرها الكثيرون مسهلات البحث”

إلا أنه قال محذراً: “في حال تعاملت مع أي شيء مجاني، عليك أن تعرف أنك أنت السلعة”.

وعن تساؤل “أننا فكرنا مجرد أفكار، ولم ننطق بالكلام ليسمعنا الذكاء الاصطناعي؟”، رد أبو غوش مفسراً: “قد تكون البيانات التي سجلت خياراتنا واهتماماتنا لمدة طويلة، تعطينا النتائج في فترة تصادف احتياجنا لها”.

بينما يفسر خالد صافي مختص واستشاري التسويق والإعلام الرقمي لشبكة مصدر الإخبارية قائلاً: “إننا ننسى المرات الكثيرة التي كنا نتمنى أشياء ولم نجدها، ونتذكر فقط المرة الوحيدة التي تمنينا فيها شيئاً ووجدناه أمامنا على الشاشة”.

ولفت أن المستخدم هو من منح الذكاء الاصطناعي قدرة الوصول إليه من خلال الكثير من المعلومات التي أعطاه اياها دون وعي، ومكّنه من معرفة الأشياء الخاصة عنه وعرضه عليه.

مواقع الانترنت ودورها

واعتبر صافي الأجهزة الذكية بمثانة كنز متحرك للشركات التجارية التي تتتبع كل تحركاتنا وتقوم بتخزينها وتحليلها بشكل دقيق، من خلال الحسابات والمعلومات الخاصة بنا، ثم تعمل على تمريرها إلى تقنية ذكاء اصطناعي تتوقع ما نريده بناء على هذه البيانات المخزنة.

وبيّن بشكل أدق، بأنها تستند على الزيارات التي نقوم بها على المواقع، والضغطات ونوعية المشاهدات، والجمل التي نقرؤها، والصور والفيديوهات وحتى التردد عند صورة ما أو تفادي صورة أخرى والمرور عليها فقط، وربما الأماكن الجغرافية التي زرناها، إضافة إلى الأصوات في المحيط يسجلها الهاتف وتبني عليها اهتماماتنا.

وقال صافي: “تقوم هذه الخوارزميات بجمع البيانات، وتوقع ما نحتاجه مستقبلاً وعرضه لنا”، وأضاف: “يصادف التوقع احتياجنا فنعتقد أنها تنبؤات أو أن هناك من يتجسس علينا”

وطمأن المستخدمين بأن الأمر له علاقة بالذكاء الاصطناعي لا إكثر.

ولفت المختص الرقمي أن الشركات القائمة على هذه التقنيات تهدف للربح فقط، لذا فهي تجند كل شيء في سبيل ذلك، وترصد كل البيانات في سجل ضخم لا نعرف عنه شيئاً.

واختتم حديثه: “هناك مقولة سائدة مفادها، الحسابات والمواقع تعرف عنك أكثر مما تعرف أنت عن نفسك”.

ورغم انه لا يمكن استبعاد أن تطبيقات الهواتف الذكية قد تتنصت على المحادثات عبر ميكروفون الهاتف، إلا أن الأمر الأكثر ترجيحاً هو التقنيات المتقدمة والتي لها علاقة بالذكاء الاصطناعي.

ماذا لو؟

هناك اعتقاد آخر غريب بعيد عن الذكاء الإصطناعي وخوارزميات المواقع، وعن تسجيلات هواتفنا، يقول: “تستطيع محركات البحث قراءة أفكارك من خلال التواصل الكوني وذبذبات الاستشعار الخفية والمعقدة التي تصدر من البشر وتلتقي مع ذبذبات الهواتف والأجهزة المتصلة بالانترنت فقط”.

إنما يبقى هذا الخيار مستبعد وغير واقعي، وفرضية خيالية لا تستند على المنطق، فقط بإمكاننا القول أن التكنولوجيا ستجلب لنا المزيد مما لا يصدقه العقل مثل الخبر الجديد الذي يتحدث عن الموافقة على تركيب شرائح في أدمغة البشر في الولايات المتحدة لكشف الكثير من الخفايا والأفكار داخل الدماغ، وطبعاً هذا ما ينفي فرضية أن تكون المواقع قادرة على قراءة أفكارنا دون أن نتفوه بأي كلمة.

اقرأ أيضاً:الاتحاد الأوروبي يسعى للحد من مخاطر تطبيق شات جي بي تي

Exit mobile version