حصار غزة قنبلة موقوتة

أقلام – مصدر الإخبارية

حصار غزة قنبلة موقوتة، بقلم الكاتب الفلسطيني أيمن أبو ناهية، وفيما يلي نص المقال كاملًا كما وصل موقعنا:

منذ سبعة عشر عامًا والاحتلال الإسرائيلي يفرض حصارًا خانقًا على سكان قطاع غزة، يطال جميع نواحي الحياة الإنسانية والقطاعات الحيوية داخله، وقد أدى إلى تدهور حاد في مؤشرات القطاعات الصحية والاجتماعية والاقتصادية، في ظل مواصلة سلطات الاحتلال فرض قيود على حركة الأفراد والمعابر، وما يعقبها من تداعيات على صعيد الرعاية الصحية والعيش الكريم، مشكّلًا انتهاكًا مستمرًا لحقوق الفلسطينيين في قطاع غزة.

الواضح أن سلطات الاحتلال الإسرائيلية تُمعن في تشديد حصارها لقطاع غزة بإغلاق المعابر التي تتحكم بها دومًا، تحت ذرائع واهية وادعاءات كاذبة، فتارة تدعي تهريب غزة السلاح إلى الضفة، وتارة أخرى تتحجج بالمظاهرات الشعبية على الحدود الشرقية للقطاع، المطالبة برفع الحصار، وكأنهم ارتكبوا بذلك جريمة أو أن مطالبهم غير إنسانية في نظر الاحتلال، الذي لا يعير القانون الدولي أي أهمية وهو مستمر في فرض حصاره الظالم برًا وجوًا وبحرًا على قطاع غزة المحتل في حزيران عام 2007، بحيث أصبحت (إسرائيل) تتحكم في مداخلِه البرية والبحرية بعدة معابر أبرزها معبر بيت حانون “إيرز” المخصص لدخول الأفراد، ومعبر كرم أبو سالم المخصص للبضائع، وبذلك يكون الاحتلال في سنوات الحصار المشدد المفروض عليه بالقوة قد سجن أكثر من مليوني فلسطيني داخل مساحة جغرافية ضيقة تقدر بـ ٣٦٢ كيلو متر مربع، وعمل على عزله عن العالم الخارجي بتحويله إلى أكبر سجن، بل إن جاز التعبير حوّله إلى قبر للموت البطيء.

يمثّل الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة شكلًا من أشكال سياسة العقاب الجماعي غير القانوني يرتقي إلى ارتكاب جرائم حرب، إذ تتأثر كل أسرة غزيّة بتبعاتِه وتراكماتِه من ازدياد نسب الفقر والبطالة، إلى سوء الحياة المعيشية للسكان عامة، وقد تضررت قطاعات كثيرة بسبب استمراره منها الزراعة، والصناعة، والتجارة، فانعكس بدوره سلبًا على اقتصاد القطاع، ناهيك عن الحروب المدمرة التي شنها الاحتلال عليه، التي عملت على تدمير الكثير من المباني والمنشآت والمصانع، وأصبحت البنية التحتية مهترئة، ولم تشفع وعود الإعمار.

إن واقع الحال في قطاع غزة برمته في تدهور مستمر، بسبب الحصار الإسرائيلي الخانق المفروض على سكانه، نظرًا إلى عجز المجتمع الدولي عن الضغط على (إسرائيل) لإنهاء الحصار، ومعاقبتها على كل الجرائم الإنسانية التي ترتبت على هذا الحصار، الذي وصف بحسب تقارير أممية، بأنه جريمة ضد الإنسانية، ولا سيما بسبب حالة التجويع وانعدام الأمن الغذائي لسكانه، وقد أكدت الأمم المتحدة في تقاريرها السابقة بأن القطاع لا يصلح للعيش.

فبالرغم من السكوت من المجتمع الدولي على جريمة حصار قطاع غزة، إلا أن الحراك الدولي لكسره كان ولا يزال من قبل منظمات حكومية وغير حكومية ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات الدولية المختلفة قائمًا، فقد أعلنت دولة الكويت الشقيقة عن نيتها إطلاق مبادرة بعنوان “افتحوا موانئ غزة”، إذ تعتزم الحملة في الأيام القليلة المقبلة إطلاق تظاهرة بحرية تنطلق في عواصم عربية وأوروبية عدة في وقت متزامن، بهدف تسليط الضوء على معاناة الشعب الفلسطيني المحاصر في قطاع غزة، والضغط على سلطات الاحتلال لرفعه، فهذا الحراك بالرغم من أنه عمل إنساني بالتضامن مع غزة، إلا أنه يوجه رسالة للفت أنظار العالم إلى الكارثة الإنسانية والخطر الذي يهدد الفلسطينيين من استمرار الحصار، الذي تحول إلى قنبلة موقوتة ستنفجر في أي لحظة في وجه الجميع.

أقرأ أيضًا: الريحان تثأر لبلاطة.. بقلم الكاتب أيمن أبو ناهية

مخيم عين الحلوة في عين العاصفة

أقلام – مصدر الإخبارية

مخيم عين الحلوة في عين العاصفة، بقلم الكاتب الفلسطيني أيمن أبو ناهية، وفيما يلي نص المقال كاملًا كما وصل موقعنا:

الاشتباكات المسلحة التي شهدها مخيم عين الحلوة في لبنان على مدار الأيام الماضية، هي الأعنف منذ سنوات، التي تدور رحاها في جميع أنحاء المخيم، وقد أسفرت عن عدد من القتلى والمصابين وتدمير للبيوت والممتلكات، مما يهدد حياة الفلسطينيين ومستقبلهم، بل إن هذه الأحداث باتت عبئًا يرهق كاهل سكان المخيم، الذين يعانون أصلًا من ظروف اقتصادية وسياسية صعبة للغاية، وكذا المخيمات الفلسطينية المجاورة، إذ يعد مخيم عين الحلوة عاصمة الشتات الفلسطيني، من أكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، ولعل أولى الأسباب التي أدت إلى التدهور الأمني في المخيم، هي عدم إيجاد آفاق مستقبلية للاجئين الفلسطينيين بمحاصرتهم داخل المخيم لسنوات طويلة وعدم التفريج عن كرباتهم، مما عمل على خنقه اقتصاديًا، نظرًا لعدم وجود وظائف وأشغال تلبي طموحات الشباب وغيرهم في المخيم، كما هو معروف أنه يحظر على الفلسطيني ممارسة ما يزيد على 70 مهنة في لبنان، إلا بتصريح رسمي من السلطات اللبنانية، غالبًا ما يصعب الحصول عليه إلا في أضيق الظروف والمناسبات، وباستثناءات نادرة، مما عمل على مضاعفة الضغوطات النفسية نتيجة سوء الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسكانية التي يعيشها سكان المخيم، وكان لها دور كبير في تأجيج الصراعات، فالفقر والبطالة تنتشران انتشارًا كبيرًا في المخيم، الذي لا تزيد مساحته عن الكيلومترين، وهو من أكثر المخيمات اكتظاظًا بالسكان، بعد أن نزح إليه آلاف من فلسطينيي سوريا، ومن المعلوم أن المخيم لا يخضع لسلطة الإدارات اللبنانية الرسمية، والمفترض أن تديره منظمة التحرير بحسب اتفاقية القاهرة في عام 1969، وفي حالة تنصلها من هذا الواجب كان يفترض على السلطة تأديته، وللعلم فإن مخيم عين الحلوة شأنه شأن بقية المخيمات الفلسطينية الأخرى، الذي لا يتلقى سكانه أي خدمات أو مساعدات من أي جهة باستثناء خدمات الأونروا.

الاشتباكات المسلحة التي شهدها مخيم عين الحلوة في لبنان على مدار الأيام الماضية، هي الأعنف منذ سنوات، التي تدور رحاها في جميع أنحاء المخيم، وقد أسفرت عن عدد من القتلى والمصابين وتدمير للبيوت والممتلكات، مما يهدد حياة الفلسطينيين ومستقبلهم

فإذا ما حاولنا وصف حالة مخيم عين الحلوة، فهو يعد من أعقد المخيمات الفلسطينية من ناحية التركيبة التنظيمية، إذ ينقسم إلى مربعات أمنية يصعب الدخول إليها بسهولة، وكل مربع يعود لتنظيم أو مجموعة أو فصيل أو حتى لعائلة، هذا الأمر خلق حالة من انتشار المسلحين انتشارًا سريعًا في الشوارع الرئيسة وأزقة المخيم الضيقة خصوصًا في ساعات الليل، عندما يطرأ أي حدث أمني، يصطحبها حالة استنفار وإطلاق النار لسبب أو لغير سبب، ومع ذلك من المؤسف جدًا أن يتحول مخيم عين الحلوة إلى بيئة خصبة للعنف، بسبب انتشار السلاح، الذي أصبح في أيدي عناصر متعددة ومختلفة، ويستعمل بلا رقيب أو حسيب حقيقي، كما أن بعض الحالات التي يرتكب فيها بعض الفلسطينيين واللبنانيين وغيرهما “جرائم وجنح ومخالفات وجنايات” مختلفة، وهربًا من الحساب والعقاب، يلجؤون إلى داخل المخيم ويحظون بحماية بعض التنظيمات، مما يسيئ بسمعته ومجتمعه المدني، إضافة إلى ذلك هناك سبب آخر حلَّ على المخيم، كغياب المرجعية السياسية الفلسطينية، فإن تخلي منظمة التحرير عن دورها الوطني، بعد إخضاعها لفصيل وحرمان بقية الفصائل الفلسطينية الوازنة في الساحة الفلسطينية، وهيمنة السلطة على قراراتها، ضف إلى كل هذه الأمور تراجع دور لجنة المتابعة العليا للتنظيمات، يجعل من الساحة في المخيم أرضية خصبة للنزاعات والصدامات، واستمرار الخلاف السياسي يفاقمان أزماته، لذا فإن كثيرًا من الشباب وغيرهم يضطر للالتحاق بتلك التنظيمات التي توفر لهم مبلغًا من المال، وتغريهم بالسلاح، الأمر الذي ينتج عنه افتعال بعض المشاكل الصغيرة بين بعضهم بعضًا، التي قد تكبر لتصل إلى اشتباكات بالسلاح، يكون المدنيون الخاسر الأكبر، الذين يدفعون فاتورة الخسائر البشرية والمادية والتهجير، بل تصبح أكبر خسارة هو نزع السلاح من المخيم، الذي وجد من أجل الدفاع عنه ومقاومة الاحتلال.

الأحداث الأخيرة المؤسفة في مخيم عين الحلوة بسبب تزايد فوضى السلاح وتدهور الأوضاع الأمنية مؤخرًا، تمثّل خطرًا على القضية الفلسطينية، وتهدد قضية اللاجئين الفلسطينيين في دولة لبنان الشقيقة

لا شكَّ أن الأحداث الأخيرة المؤسفة في مخيم عين الحلوة بسبب تزايد فوضى السلاح وتدهور الأوضاع الأمنية مؤخرًا، تمثّل خطرًا على القضية الفلسطينية، وتهدد قضية اللاجئين الفلسطينيين في دولة لبنان الشقيقة، بل تهدد أمن واستقرار المخيمات الفلسطينية فيها والجوار، وتضر بالمجتمع الفلسطيني، لذا يجب وضع حد لظاهرة شيوع السلاح، وأن الاحتكام للسلاح سينتج عنه عواقب وخيمة تهدد السلم الأهلي والمجتمعي قد يحوّل المخيم إلى غابة يأكل القوي الضعيف، ورب سائل يسأل، إمكانية إرجاع الهدوء للمخيم، والعمل على إنهاء ظاهرة الفلتان الأمني فيه، ولتحقيق هذا يتطلب بذل كل ما بوسع الفصائل لوقف حقيقي لظاهرة إطلاق النار، وسحب المسلحين من الشوارع، لأن هذه الاشتباكات تشوه هدف السلاح الفلسطيني بصفة خاصة، الذي ينبغي أن يوجه للاحتلال فقط، وتشوه صورة القضية الفلسطينية، والشعب الفلسطيني بصفة عامة.

صورة الصراع في مخيم عين الحلوة تجعله في عين عاصفة مشروع صهيوأمريكي متكامل لاستهداف الوجود الفلسطيني في العراق وسوريا ولبنان، واليوم يعيد التاريخ نفسه بإثارة الفتن بين صفوف اللاجئين الفلسطينيين باستهداف الأمن في المخيمات الفلسطينية وشيطنة سلاح المقاومة

إن صورة الصراع في مخيم عين الحلوة تجعله في عين عاصفة مشروع صهيوأمريكي متكامل لاستهداف الوجود الفلسطيني في العراق وسوريا ولبنان، واليوم يعيد التاريخ نفسه بإثارة الفتن بين صفوف اللاجئين الفلسطينيين باستهداف الأمن في المخيمات الفلسطينية وشيطنة سلاح المقاومة بهدف إنهاء وجودهم والتخلص من صفة لاجئ، ضمن مؤامرة دولية كبرى لإنهاء حق العودة وقضية اللاجئين.

أقرأ أيضًا: الريحان تثأر لبلاطة.. بقلم الكاتب أيمن أبو ناهية

لماذا تتكرر اعتداءات المستوطنين؟

أقلام – مصدر الإخبارية

لماذا تتكرر اعتداءات المستوطنين؟، بقلم الكاتب الفلسطيني أيمن أبو ناهية، وفيما يلي نص المقال كاملًا كما وصل موقعنا:

فيما يواصل المستوطنون المدججون بالأسلحة، والمعبؤون بالتطرف والعنصرية، هجماتهم في وضح النهار وعلى مرأى ومسمع من العالم أجمع، على القرى والبلدات الفلسطينية في الضفة المحتلة بحرق بيوتهم وسياراتهم والاعتداء على أهلها العزّل، بحماية قوات الاحتلال الإسرائيلية، كما فعلوا قبل أيام في بلدة ترمسعيا في شمال مدينة رام الله، فقد عادوا من جديد لتكرار هجماتهم على البلدات الفلسطينية بإحراق المصاحف وتمزيقها بعد أن اعتدوا على أحد المساجد في قرية عوريف بنابلس، وعاثوا فيه خرابًا وتدنيسه مصطحبين معهم الكلاب استخفافًا بمشاعر المسلمين، ليمتد إرهابهم وإجرامهم إلى بلدات وقرى أخرى، في سوريف، وبيت فوريك، وعورتا، وصب اللبن، واللبن الشرقية، والساوية، وزعترة، وياسوف، ودير شرف، والخليل، وأم صفا شمال غرب رام الله.

إن هذه الجرائم تذكرنا بمشهد بلدة حوارة جنوب نابلس في 26 شباط الماضي، حين ارتكبت قطعان المستوطنين جرائم قتل وإحراق عشرات المنازل ومئات المركبات للمواطنين الفلسطينيين، بل إن جرائم الصهاينة ممتدة على طول تاريخهم في فلسطين، فهذه ليست المرة الأولى لاعتداءات الصهاينة على دور العبادة والمساجد، ففي كل يوم يُقتحم المسجد الأقصى المبارك من المستوطنين وقوات الاحتلال، فيدنسوه وينتهكون حرمته ويعتدون على المصلين بهدف إفراغه وتقسيمه، كما سبق وأن أقدم الصهاينة على إحراقه في عام 1969، ولم تكن سياسة هدم المساجد بمنأى عن عبث الصهاينة، فمنذ نكبة 1948 واحتلال اليهود لفلسطين هدم 32 مساجدًا (المصدر: الجزيرة مباشر)، خاصة في القرى التي دمرت، أو تحويل بعضها إلى كنس أو حظائر للأبقار أو متاحف أو مقاهي وخمارات، فبحسب دراسة أعدها رئيس لجنة الحريات بلجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في الداخل الفلسطيني، الشيخ كمال الخطيب، أفاد بأن (إسرائيل) هدمت ما يقارب الـ539 منزلًا، وحولت 15 مسجدًا كنائس ومعابد لليهود، و40 مسجدًا هُدمت أو أُغلقت أو باتت مهملة، إضافة إلى تحويل 17 مسجدًا إلى حظائر للأغنام والأبقار أو مطاعم وخمارات ومتاحف ومخازن.

وفي حروبه المتلاحقة على غزة يتعمد الاحتلال قصف المساجد -بحسب تقرير المجلس الاقتصادي الفلسطيني للتنمية والإعمار (بكدار)- فقد دمر الاحتلال 32 مسجدًا في عدوان 2008-2009، وفي عدوان 2014 دمر الاحتلال 73 مسجدًا تدميرًا كليًا و205 جزئيًا وتضررت كنيستان وهدمت أسوار عشرة مقابر ودمرت ست مؤسسات زكاة، وفي عدوان 2021 على غزة دمر الاحتلال 3 مساجد و40 مسجدًا بشكل بليغ.

الواضح من كل هذا أن قوات الاحتلال تشارك المستوطنين في إشعال حرب دينية، بل أنها سباقة في هدم المساجد، فلم يجرؤ المستوطنون على هذه الجرائم إلا بتوفير غطاء حكومي، وحماية من قوات الاحتلال الإسرائيلي، التي تتبادل معهم الأدوار، ليقتلوا ويصيبوا ويحرقوا ويدمروا ويرهبوا ويعيثوا في الأرض فسادًا، ولا يزالون يواصلون إرهابهم وهمجيتهم باقتحامهم المتواصل للمساجد والعبث بمحتوياتها وتمزيق المصاحف وحرقها بشكل متعمد ومقصود، لأنهم أفلتوا من الحساب والعقاب، ولا تسري عليهم أي أحكام قضائية لدى الاحتلال، لازدواجيته في التعامل مع المستوطنين.

واضح أن حكومة الاحتلال المتطرفة هي التي تشجع المستوطنين على مواصلة جرائمهم بحق الشعب الفلسطيني، فتارة تشرع تسليحهم، وتارة أخرى تؤمن لهم المواصلات بنقلهم إلى المناطق الفلسطينية، وفي الغالب تكون لهم عونًا في مواصلة جرائمهم ضد الفلسطينيين، كيف لا وهي تشرع في بناء المستوطنات وترصد لها ميزانيات طائلة، كان آخرها قرار نتنياهو ببناء ألف وحدة سكنية في مستوطنة “عيلي” المقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة، فلماذا لا يستمر قطعان المستوطنين في قتل وإحراق المساجد والمزارع والمنازل، لطالما لم يجدوا أحدًا يوقفهم عند حدهم؟ فمن أمِن العقاب أساء الأدب، فالمستوطنون لا يجدون من يردعهم ولو مرة واحدة حتى لا تتكرر جرائمهم، وهنا لابدَّ من الإشارة إلى أن الأجهزة الأمنية لدى السلطة، على الرغم من كثرة أعدادها، إلا أنها تقف متفرجة ولا تحرك ساكنًا وكأن الأمر لا يعنيها بالمطلق، بل إنها تقمع الشعب إن هب دفاعًا عن كرامته وأرضه، وهذا يفسر لنا لماذا يتجرأ المستوطنون بالاعتداء على بيوت الفلسطينيين؟

ما من شك أن جبن وتخاذل السلطة المتمسكة بالتنسيق الأمني، هو الذي أوصلنا إلى كل هذه المواصيل من الذل والمهانة، وقد أدى هذا إلى تشجيع المستوطنين على مواصلة إرهابهم وعلى الجرأة أكثر على المقدسات والأرضي الفلسطينية والدم الفلسطيني، لا أقول منذ توقيع اتفاقية أوسلو أو منذ اقتحام الضفة ومحاصرة أبو عمار في مقره بالمقاطعة برام الله، فعلى الأقل منذ حرق محمد أبو خضير من شعفاط بالقدس المحتلة وبعدها حرق عائلة دوابشة من قرية دوما بنابلس، ومنذ أن شكل المستوطنون جماعات إرهابية (تدفيع الثمن) تحت حماية جيش الاحتلال في حين تواصل قوات السلطة التعاون معه.

الكل يعلم تواطؤ حكومة الاحتلال العلني مع المستوطنين، ولا من موقف عربي وإسلامي ودولي يلزمها عند حدها، أو على الأقل تفعيل مجلس الأمن الدولي لقراراته الخاصة بحقوق الإنسان، ولا سيما اتفاقية جنيف الرابعة التي تدين الاعتداءات على المدنيين ومقدساتهم تحت الاحتلال. وفيما يخص الشأن الفلسطيني فهو أيضًا مطالب أكثر من غيره في أخذ زمام المبادرة للتخلص من تلك الاتفاقية المجحفة وتبعاتها وصولًا بالتعاون الأمني الملعون، فالأمر أصبح واضحًا وضوح الشمس، فلا يحتاج الأمر لتذكير الجميع بأن (ما حك جلدك مثل ظفرك)، بضرورة العمل على إنقاذ ما يمكن إنقاذه بالحفاظ على وحدة الشعب الفلسطيني والتصدي للهجمة الصهيونية على المساجد.

أقرأ أيضًا: الريحان تثأر لبلاطة.. بقلم الكاتب أيمن أبو ناهية

الريحان تثأر لبلاطة.. بقلم الكاتب أيمن أبو ناهية

أقلام – مصدر الإخبارية

الريحان تثأر لبلاطة، بقلم الكاتب الفلسطيني أيمن أبو ناهية، وفيما يلي نص المقال كاملًا كما وصل موقعنا:

عملية حاجز الريحان الفدائية بجنين البطولة الثلاثاء الماضي، التي أصيب فيها خمسة صهاينة، جاءت ردًّا على استشهاد الشاب فارس حشاش وإصابة ثمانية مواطنين في مخيم بلاطة بنابلس، دليل على جرائم الاحتلال المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني، لكنه بالرغم من كل محاولاته البائسة للاحتلال بكل ما يمتلكه من قوة وعدة وعتاد وتنسيق وتعاون أمني مع السلطة في الضفة، أصبح عاجزًا عن تحقيق أحلامه في تصفية المقاومة والقضاء على بنيتها التحتية، التي تثبت في كل لحظة حضورها القوي بعملياتها النوعية وردودها السريعة على كل جريمة يرتكبها الاحتلال ومستوطنيه، ما يدلل وحدة العمل المقاوم وتكامل أدوار المقاتلين في جميع أرجاء الضفة المحتلة بتزايد أعدادهم من مختلف الأعمار، إذ نشاهد في كل يوم انضمام أعداد جديدة من الشبان إلى صفوف المقاومة، إضافة إلى ذلك توفر السلاح، وأهم من كل هذا إرادتهم القوية في مواصلة الكفاح المسلح لدحر الاحتلال وتحرير الضفة من دنس الصهاينة.

ما يقلق الاحتلال أن المقاومين يفاجئونه في عملياتهم الفدائية من الناحيتين المكانية والزمانية، وخاصة تلك التي تقع في مناطق يعدها هادئة أو عندما ينفذها جيل خارج حسابات الأمن المدرج لدى أجهزة استخباراته، والسر في هذا أن أغلب العمليات الفدائية لدى هذا الجيل المقاوم على ما يبدو لا تأخذ وقتًا ولا تفكيرًا وبعيدة عن طابعها التنظيمي التقليدي.

لكن المعضلة الكبرى التي تقلق الاحتلال كثيرًا، عندما تكون العمليات مجهولة الهوية والتبني (غير معروف جهة مسؤوليتها)، وقد فرضت نفسها على المؤسسات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية في المرحلة الأخيرة، واقتصر الأمر على المجهود الفردي الذي ميز العمليات الفدائية بنوع من “السر والكتمان” وتنتهي بانتهاء العملية الفدائية أو باستشهاد منفذها، واكتفاء الفصائل الفلسطينية بالمباركة.

لا شك أن هذا التكتيك العسكري أدى إلى تمكين المقاومين من عزل نشاطهم وتحضيراتهم للعمليات النوعية سرًا عن ما يمكن أن يعرضهم لمراقبة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية ونظيرتها التابعة للسلطة عبر التعاون الأمني القائم بينهما، وهو ما أصبح مكشوفاً على الملأ، ولعل اتهامات كتيبة طولكرم لأجهزة السلطة، بتسهيل اقتحامات الاحتلال، خير دليل على تآمرها على شعبها، حتى أن الفلسطيني في الضفة المحتلة أصبح يشعر بالخزي من الدور الأمني الذي تؤديه، لما تمارسه من ضغوطات على أهالي المقاومين لتسليم أنفسهم واعتقالهم، بهدف كشف أمرهم، لماذا؟ لأن التعاون مع الاحتلال نابع من عقيدتها الراسخة في كينونتها بتقديس التنسيق الأمني وتخليها عن دورها الوطني والأخلاقي في توفير الحماية للشعب الفلسطيني بصد تغول الاحتلال، الذي يشيد بأدائها.

إن عملية ثأر جنين لنابلس، تثبت من جديد أن الضفة المحتلة بمقاومتها وصمودها تمثل إرادة الشعب الفلسطيني، بل أصبحت أيقونة الكفاح المسلح، فلم تسمح لجرائم الاحتلال أن تمر مر الكرام، إذ إننا نلاحظ أن الرد يأتي كل مرة من موقع مختلف، ما يعني أن خطط الاحتلال الأمنية تسقط تحت نيران المقاومة بالرغم من كل الظروف الضاغطة التي يمارسها الاحتلال يوميًا، وإجراءاته القمعية ضد الفلسطينيين، لتيئيسهم وإخضاعهم للأمر الواقع، إلا أن كل ذلك لم ينجح في تصفية المقاومة، التي تزداد قوتها يومًا بعد يوم وتتميز في أسلوبها وتكتيكها ومكان ودقة تنفيذها، فهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على عجز (إسرائيل) على المستوى الأمني والعسكري (التقني والاستخباراتي) عن توصلها لأي معلومات عن العمليات الفدائية، ومنفذيها، الذين لا ينتظرون إذنًا أو قرارًا لتنفيذ عملياتهم، فهم يتخذون القرار بأنفسهم ويستطلعون أهدافهم، ويحددون توقيت هجماتهم، الأمر الذي يجعل الاحتلال في حالة من التخبط الأمني، في كل مرة تحصل فيها عملية فدائية ناجحة.

أقرأ أيضًا: تحرير منظمة التحرير.. بقلم أيمن أبو ناهية

تحرير منظمة التحرير.. بقلم أيمن أبو ناهية

أقلام – مصدر الإخبارية

تحرير منظمة التحرير، بقلم الكاتب الفلسطيني أيمن أبو ناهية، وفيما يلي نص المقال كاملًا كما وصل موقعنا:

أبدأ من حيث انتهى مؤتمر فلسطينيي أوروبا (مستقل)، الذي طالب في بيانه الختامي بإعادة إصلاح منظمة التحرير على أسس ديمقراطية، لتكون بالفعل المظلة التي يستظل بها الكل الفلسطيني، يبقى السؤال الجاثم على صدور الفلسطينيين، كيف يمكن لمنظمة التحرير أن تحافظ على نفسها كحركة تحرر وطني وهيئة حاكمة؟ وكيف ستندمج حماس والجهاد الإسلامي في هياكل منظمة التحرير بعد عقود من الإقصاء؟ نتوقف قليلًا عن الإجابة على هذا السؤال لنتعرف بداية على الهدف الأساسي الذي من أجله أنشئت منظمة التحرير ومراحل الهدم الممنهجة التي لحقت بها طوال السنوات السابقة، إذ من المعروف أنها أنشئت في عام 1964 بقرار من المجلس الوطني الفلسطيني في مؤتمره الأول بالقاهرة، بهدف إعداد الشعب الفلسطيني عسكريًا وإنشاء الصندوق القومي الفلسطيني، واعترف بها كممثل شرعي للشعب الفلسطيني في الأماكن المختلفة، وبناء عليه أخذت المنظمة على عاتقها تحرير فلسطين، كيف؟ عبر ”الكفاح المسلح” كخيار استراتيجي وشامل استنادًا إلى جميع قوى وإمكانات الشعب الفلسطيني وفصائله الوطنية في سياق وحدة وطنية، وتمثيل جميع مكونات قوى المقاومة الفاعلة، وبالفعل جسَّدت المنظمة في العقد الأول من عمرها (1964- 1974) قيمها ومبادئها الحقيقية ممثلة بإنجاز هدف التحرير، لكن المهم هو تطبيق هذه المبادئ على أرض الواقع، فهل فعلًا سارت المنظمة على هذا المسار، أم انحرفت عن مسارها من قبل المستحوذين عليها وهي حركة فتح؟

الإجابة على هذا السؤال والسؤال السابق يذكرنا بعام 1974، الذي تبنت فيه المنظمة برنامج “النقاط العشر”، الذي مثَّل محطة أولى وفاصلة في انحراف المنظمة عن البرنامج الوطني الجامع الحقيقي ممثلًا بالميثاق الوطني الفلسطيني، في وقت سيطرت حركة فتح بانقلاب أبيض على المنظمة ورئيسها الأول أحمد الشقيري، إذ مثلت استقالته فرصتها بالاستحواذ كليًا على منظمة التحرير وباتت لها كلمة الفصل في كل ما يصدر عنها، ومع مرور الوقت تحولت المنظمة إلى مجرد أداة لدى فصيل من أجل تنفيذ مشروعه السياسي الخاص، وبالتحديد في ما يتعلق بمشروع التسوية وصولًا إلى اتفاق أوسلو، بعد أن أفرغت المنظمة من مضمونها وهدفها الأساسي، وأصبحت المنظمة عبارة عن “خاتم” في يد شخص وفي أفضل الأحوال في مجموعة من المقربين والمستشارين للسلطة القائم عليها حركة فتح لتقديم تنازلات باسم الشعب الفلسطيني المغيب تمامًا عن قضاياه.

وعلى أثر تطويع المنظمة لأجندات فتح، فقد مُهِدَ لاتفاق أوسلو عام 1993 منذ إعلان وثيقة استقلال دولة فلسطين على جزء من أرض فلسطين التاريخية، في انعقاد الدورة الـ19 للمجلس الوطني الفلسطيني بالجزائر عام 1988، إذ اعترفت المنظمة بالاحتلال، دون استفتاء الشعب الفلسطيني، الذي كان لا يزال منتفضًا، ولعل المفارقة الغريبة أن (إسرائيل) لم تعترف بالمنظمة (وليس دولة) إلا بعد أن غُيرت بصورة رسمية الجمل والعبارات الموجودة في ميثاق المنظمة الداعية إلى القضاء على (إسرائيل) مقابل محاربة المقاومة، ونبذت الكفاح المسلح، وأكثر من هذا، فقد دمجت منظمة التحرير مع السلطة تحت عباءة مركزية وتنفيذية فتح، الأمر الذي أدى إلى عزل المنظمة فعليًّا عن الشتات الفلسطيني، ما يعني خضوعها لقرارات السلطة وسياساتها، وهذا يعني موافقتها على التنسيق الأمني مع الاحتلال، الذي بموجبه محاولة القضاء على المقاومة.

إن إصلاح منظّمة التحرير ليس مطلب حماس فقط، بل معظم القوى السياسيّة الفلسطينيّة، مثل حركة الجهاد الإسلامي، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، لكون هذه المنظّمة لا تعكس حقيقة سياسات القوى السياسية وطموحاتها على الأرض، بل هو مطلب لعامة الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، وبالرجوع إلى مطلع هذا المقال، فيعد مؤتمر فلسطينيي أوروبا أحدث نسخة استفتاء فلسطيني على مستقبل منظمة التحرير، وتجديدًا لمؤتمر أمناء الفصائل بين رام الله وبيروت في عام 2022، الذي طالب بإصلاح منظمة التحرير، والسؤال الذي يطرح نفسه، لماذا يطالب الفلسطينيون في كل مؤتمر وكل نقاش أو حوار سواء انعقد من قبل فصائل فلسطينية أو من عامة الشعب الفلسطيني في الداخل أو الخارج بإصلاح المنظمة؟

تعد منظمة التحرير أسيرة بيد السلطة، وكأنما أسرت الشعب كله، وهذا يفسر السبب وراء رفض عبّاس عقد الإطار القيادي المؤقّت للمنظّمة الذي يمهد إلى عمليّة الإصلاح، الذي كان يجب أن يتمَّ منذ ثلاثة عقود من وجود السلطة، التي لم تحقق أيًا من وعودها لشعبها، فلا دولة ولا عاصمة ولا حق عودة، وهي غير قادرة على حماية نفسها ولا شعبها من الاحتلال، بل تتعاون معه أمنيًّا، لذا حان الوقت للإعلان بأن السلطة قد عفا عليها الزمن، فهي ببساطة غير مناسبة للأجيال الفلسطينية الحالية والمقبلة التي تتطلع إلى حقها في المشاركة السياسية والديمقراطية، وهي مطالب ترفض السلطة الأخذ بها، بدليل فوز حماس بالانتخابات التشريعية في عام 2006 هو مثال واضح على عدم قدرة السلطة على حماية الخيارات الديمقراطية للفلسطينيين حتى لو جاءت بانتخابات حرة ونزيهة.

ويمكن القول إن المنظمة بحاجة لتحريرها من القيود المفروضة عليها، وإرجاعها لأهدافها وصيرورتها التي انطلقت من أجلها أساسًا بإعادة بنائها، وإنهاء حالة التفرد والاستقصاء من قبل المهيمنين عليها، بل يجب إنهاء حالة التناقض في تركيبتها التنظيمية التي تسير عليها في ظل وجود فصائل فلسطينية صغيرة لا تحظى بقبول أو حضور جماهيري شعبي على حساب فصائل فلسطينية تمتلك عشرات آلاف العناصر عدا عن القواعد الشعبية وهما حركتا حماس والجهاد الإسلامي، حتى يمكن القول إنها -أي منظمة التحرير- تمثل جميع الفلسطينيين وهذا أكيد سيعزز من شرعيتها.

أقرأ أيضًا: منظمة التحرير الفلسطينية وحماية الحقوق الوطنية

نقابة الصحفيين بين مطرقة السلطة وسندان الاحتلال

أقلام – مصدر الإخبارية

نقابة الصحفيين بين مطرقة السلطة وسندان الاحتلال، بقلم الكاتب الصحفي أيمن أبو ناهية، وفيما يلي نص المقال كاملًا كما وصل موقعنا:

تجري الاستعدادات داخل نقابة الصحفيين الفلسطينيين على قدم وساق لخوض الانتخابات الصورية في 23-24 من هذا الشهر الجاري، بدلًا من إجراء انتخابات نزيهة يشارك فيها كل الصحفيين الفلسطينيين دون استثناء على أن ينتخب رئيسًا جديدًا لها.

وتتبع النقابة “الإجراء العرفي” الذي فرض عليها ليتحكم في مجلسها النقابي أشخاص معروفون للجميع بمكانتهم لدى الأجهزة الأمنية في رام الله، لأن إجراء انتخابات نزيهة وشفافة لا يعجب النقابة والقائمين عليها، التي تريد أن تجريها على طريقتها الخاصة.

وقد احتج الحراك الصحفي النقابي على سياسة النقابة واتهمها بتعطيل إجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة، لعدم نيتها في إجراء إصلاحات على النقابة لتشمل جميع العاملين في مهنة الصحافة على قاعدة المساواة دون تمييز.

واستمرت النقابة على هذه الحالة دون رقابة على الإجراءات، ولا مراجعة على الممارسات، وظل يتعاقب على هذه النقابة أشخاص وهيئات لا يلتزمون بأنظمتها ولوائحها، واستمروا في تعطيل إجراء انتخاباتها.

وبالرغم من كل هذه الممارسات ظل الحراك الصحفي صامدًا ولم يستسلم لاختطاف النقابة من الذين ينتحلون شخصية مجلسها النقابي، الذي لا يستجيب للمطالب العادلة بالانتساب والانتخاب من خلال صندوق الاقتراع وهذا يعد حقًا مكفولًا للصحفيين بحسب القانون الأساسي والشرائع الدولية باختيار رئيس يقودهم نحو المزيد من الحريات للممارسات الصحفية، ويدافع عنهم ويمنع الانتهاكات بحقهم، لكن الواضح أن النقابة تسعى للالتفاف من جديد على الانتخابات، دون تصويب ملف العضويات، وتصفيته من الدخلاء الذين فرضوا أنفسهم على المهنة، سواء كانوا من المدراء العامين في وزارات السلطة، أو الشخصيات الأمنية التي لديها سجلات وظيفية في العمل ضمن الأجهزة الأمنية، وممارسة التعتيم على طبيعة عمل هؤلاء، والادعاء بأن لهم ملفات صحيحة دون أن تظهر، مثلما فعلت النقابة من قبل بعقدها ما سُمي بـ”المؤتمر الاستثنائي”، الذي أعطى “من لا يملك لمن لا يستحق”، إذ حشدت إليه موظفي التلفزيون الرسمي والإذاعة والوكالة الحكومية والجريدة الرسمية، ومنحت عضوية النقابة لإعلاميين أجانب تحت مسميات ما أنزل الله بها من سلطان، بدلا من آلاف الصحفيين الحاصلين على شهادات جامعية في الإعلام، ويمارسون الصحافة في عشرات المؤسسات الصحفية التي لا تريد النقابة الاعتراف بها، وتميز بينها لاعتبارات سياسية وفئوية، وشخصية، وكل ذلك يعني إصرار النقابة على مواصلة الخروقات للقانون الأساسي الفلسطيني بحق الصحفيين، وعدم البدء بإجراء تعديلات على نظامها الداخلي، لعدم رغبتها في الإصلاح والتجديد، بل جعل النقابة رهينة للسلطات الحاكمة سياسيًا وأمنيًا، بدلًا من جعلها كيانًا مدافعًا عن حقوق الصحفيين بصفة خاصة، والقضية الفلسطينية عامة.

إن وقوع النقابة بين مطرقة السلطة وسندان الاحتلال، ليصب في مصلحة التعاون الأمني بين الجانبين، ليس ضد المقاومة فقط، بل هو ضد حرية الرأي وتكميم الأفوه، فكم مؤسسة إعلامية أغلقت أو حذرت في الضفة، مثال على ذلك “صحيفة فلسطين”، وكم موقعًا إلكترونيًا حجب، إضافة إلى قصف مقرات إذاعية وتلفزة، حتى الإعلام الغربي لم يسلم من القصف إذ أباد الاحتلال برج الجلاء بأكمله وسط مدينة غزة في عام 2021، لأنه يحتوي على مكاتب صحافة وإعلام، ضمن سياسة تكميم الأفواه وحجب الحقيقية، ومن هذا نفهم رفضهم لأن تكون نقابة الصحفيين فاعلة ومقدار التغيير الذي يمكن أن تحققه لو كان لها صوت مهني ومحايد في كل الأحداث التي تدور، ولكن يراد لها جسم بلا فعل، أي مجردة من كل الحقوق لتقييد عملها، بل تبقى تحت رحمة الأجهزة الأمنية المتحكمة الحقيقية في كل فروع السلطة وفتح.

أقول حان الوقت للرجوع إلى صندوق الانتخابات والامتثال لقرار الشعب واحترام حقه باختيار من يمثله سواء كان على مستوى النقابات أو البلديات أو الدوائر الحزبية خاصة، أو التشريعية أو الرئاسية عامة، وإنهاء حالة التفرد بالقرار الوطني والمصير الفلسطيني، ونبذ القطبية الواحدة والمحاصصة والابتزاز من طرف السلطة المهيمنة عليها من فتح، لتغيير صورة الاشمئزاز لحالة الانقسام، الذي طال أمده، رأفة بهذا الشعب المكلوم لما يقارب الـ75 عامًا منذ النكبة في عام 1948، لذا نحن اليوم بحاجة إلى إعادة اللحمة والوحدة الوطنية لنكون يدًا واحدة، نحمي أنفسنا قبل أن نطالب العالم بحمايتنا من بطش الاحتلال الصهيوني.

أقرأ أيضًا: الحراك الصحفي النقابي يدعو إلى وقف مسرحية انتخابات نقابة الصحفيين

عملية بيت أمر.. ما المفاجئ؟

أقلام – مصدر الإخبارية

عملية بيت أمر.. ما المفاجئ؟، بقلم الكاتب الفلسطيني أيمن أبو ناهية، وفيما يلي نص المقال كاملًا كما وصل موقعنا:

من يقرأ المشهد جيدًا يدرك أن الضفة المحتلة وصلت إلى مرحلة اللاعودة لسابق عهدها، وهو قبولها بالأمر الواقع القائم على التنسيق الأمني بين السلطة والاحتلال على حساب الفلسطينيين، الذين خرجوا عن طورهم وصمتهم على مدار العقدين السابقين بعد الانتفاضة الثانية، وما يحدث اليوم في الضفة هي مقاومة مسلحة أشد وطأة من الانتفاضة، تعبيرًا عن حالة الغضب الشعبي ضد سياسة القهر والإذلال والتهويد والاستيطان وكل ما يتعلق بالاحتلال، الذي أصبح عاجزًا عن احتوائها والقضاء عليها بسبب انتشارها السريع في كل محافظات الضفة دون استثناء، بالرغم من كل التطمينات لقدرته على إعادة الهدوء، لكن المقاومة في كل يوم يشتد عودها وتزداد ضراوتها، بل وفي كل مرة نرى أن العملية الفدائية أقوى من التي سبقتها.

لاشك أن استمرار المقاومة في الضفة المحتلة، أثبت فشل كل خطط وسياسات الاحتلال، والجهود الأمنية المكثفة بنشر كتائب عسكرية إضافية، والتنسيق الأمني مع السلطة على مدار الساعة، وتطبيق ما يسمى بـ”كاسر الأمواج”، و”جز العشب”، و”السور الواقي”، و”كيّ الوعي”، لكبح جماح المقاومة الضفاوية، التي وصلت إلى مرحلة يصعب السيطرة عليها، ليس النظر إليها من ناحية الخسائر المادية والبشرية فقط، ردًّا على ما تفعله قوات الاحتلال يوميًّا من ارتكاب المجازر وتدمير البيوت وتجريف المزارع، وإنما تندرج هذه العمليات الفدائية في سياق قيمتها النوعية والرمزية والتكتيكية على الناحيتَين الأمنية والسياسية، صحيح أن كثيرين ممن سلكوا طريق المقاومة في العامين الأخيرين باتوا إما شهداء وإما أسرى خلف القضبان، لكن هذا لم يفت من عضدهم.

فما يقلب حسابات الاحتلال هو تزايد أعداد المقاومين ومن الأعمار المختلفة، ونشاهد في كل يوم اندفاع أعداد جديدة من الشبان إلى طريق مقاومة المحتل ومستوطنيه، والسلاح لم يعد أمرًا صعبًا، فكل يقاوم بطريقته الخاصة، التي يفاجئ بها الاحتلال من الناحيتين المكانية والزمانية، وهو ما عبر عنه رئيس “الشاباك” السابق آفي ديختر بعد عملية الأغوار، بالقول: “نحن في موجة تصاعد للعمليات، وعملية إطلاق النار في غور الأردن، نجح منفذوها في تخطيطها وتنفيذها، ووجدنا أنفسنا في عملية مغايرة عن العمليات الأخرى، وتحمل عواقب وخيمة”.

ولعل ما يقلق الاحتلال العمليات الفدائية المفاجئة التي تقع في مناطق يعدها هادئة أو عندما ينفذها جيل خارج حسابات الأمن سواء الفلسطيني أو الصهيوني، وأغلب العمليات التي تحدث لا تأخذ وقتًا كبيرًا في التفكير أو وقتًا من الاستعدادات، وكما يقولون “تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن”، والأكثر ألمًا للاحتلال أن يأتي الفدائي من وراء ظهرانيهم ومن خلفهم، بمعنى أن يكون ممن كان يعول عليه بإخلاصه في التعاون الأمني ضد أبناء شعبه، مثل منفذ عملية بيت أمر في الخليل مساء السبت الماضي، وهو الشهيد محمد رائد برادعية (23 عامًا)، أحد منتسبي الأجهزة الأمنية من بلدة صوريف، وسبق أن حذر أيضًا الشاباك قادته من خطر انخراط منتسبي الأجهزة الأمنية للسلطة في المقاومة، وإذا ما حاولنا معرفة السبب، فإن الفلسطيني في الضفة المحتلة أصبح يشعر بالخزي من الوضع السياسي الذي تمثّله السلطة الفلسطينية، والقيادات السياسية والأمنية فيها، بتقديس التنسيق الأمني وتخليها عن دورها الوطني والأخلاقي في توفير الحماية للشعب الفلسطيني بصد تغول الاحتلال، الذي يشيد بأدائها.

أقرأ أيضًا: حكومة متطرفة ومجتمع إسرائيلي على شاكلتها

إضراب الأسرى وبدء العد التنازلي لرمضان

أقلام – مصدر الإخبارية

إضراب الأسرى وبدء العد التنازلي لرمضان، بقلم الكاتب الفلسطيني، بقلم الكاتب الفلسطيني أيمن أبو ناهية، وفيما يلي نص المقال كاملًا كما وصل موقعنا:

مع بدء العد التنازلي لحلول شهر رمضان المبارك، يبدو أن الأوضاع ستأخذ منحى من التصعيد ستنطلق شرارتها هذه المرة من داخل السجون والمعتقلات الإسرائيلية، إذ يستعد الأسرى الفلسطينيون لخوض فصل جديد من المواجهة مع إدارة سجون الاحتلال، لما تتخذه بحقهم من إجراءات قمعية وعقابية إرضاء لوزير أمن الاحتلال المتطرف “إيتمار بن غفير”، لتحقيق مكاسب شخصية بعد فشله في إدارة الملف الأمني والغضب الشعبي الذي يعم الشارع الإسرائيلي المحتج على سياسة حكومة المتطرفين مطالبين بإسقاطها.

فالأنباء الواردة عن الأسرى لا تبشر بخير، فهم يعيشون حالة من الغليان والاستنفار، فقد أكّدت هيئة الأسرى، ونادي الأسير في بيان مشترك، أن خطوات “العصيان” ستستمر حتى إعلان الأسرى عن الشروع بخطوة الإضراب عن الطعام في الأول من شهر رمضان، بعنوان: “بركان الحرية أو الشهادة”، وفقًا للبرنامج النضالي الذي أقرته لجنة الطوارئ العليا للحركة الأسيرة، بأنهم على جهوزية قصوى داخل السجون والمعتقلات الصهيونية، إذ شكلوا لجانًا لمواجهة إجراءات سلطات الاحتلال، لكنهم لم يبدأوا في ترجمتها على الأرض، وينتظرون الموعد الذي حددوه لتنفيذ مطالبهم، وهم مستمرون في العصيان لليوم الـ35 تواليا حتى رمضان وهو موعد الإضراب الشامل.

فكل المؤشرات والمعطيات تؤكد أنه سيكون هناك انفجار لدى الأسرى في السجون الإسرائيلية، في حالة بدء الأسرى في تطبيق احتجاجاتهم؛ وقد ينتج عنه صدام واسع بينهم وبين إدارة السجون الإسرائيلية، ولعل أصعب السيناريوهات، عندما ينفذوا تهديدهم بحرق غرف في أقسام السجون ردًا على الإجراءات العقابية بحقهم، وفي ظل مماطلة إدارة السجون للاستجابة لمطالبهم، ولأن ظروفهم تنتقل من سيئ إلى أسوأ، سواء على مستوى المأكل أو المشرب أو النظافة، وأن حياتهم باتت صعبة جدًا، حتى لم يعد هناك ما يخسرونه.

الأوضاع في سجون ومعتقلات الاحتلال أشبه بقنبلة موقوتة ستنفجر في وجه صانعها السجان، فمن المتوقع أن تنزلق الأمور لتشمل كل الأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة وغزة وداخل الخط الأخضر، استجابة لنداء الحركة الأسيرة، وقد يصبح على نطاق واسع تتوحد فيه كل الساحات بانضمام جهات إقليمية ودولية أخرى تضامنًا مع قضية الأسرى الإنسانية، أو أن يجر غباء بن غفير الأمور إلى سيناريو خطير لا يرغبه الاحتلال قط، وهو اندلاع انتفاضة ثالثة يكون الأسرى الفلسطينيون نواتها، وفي تقديري أن هذا السيناريو قد يكون الأقرب إلى الواقع الذي يعيشه الشعب الفلسطيني في هذه الأيام من ظلم واضطهاد وحصار سياسي واقتصادي في غزة وحصار عسكري وأمني في الضفة، التي تشهد عمليات قتل، وإعدامات ميدانية للفلسطينيين، ومداهمات وحملات اعتقال، وهدم للمنازل، إضافة إلى سرقة الأراضي والأملاك وتهجير أصحابها الفلسطينيين تمهيدًا لتهويدها وبناء المستوطنات، والاعتداءات المتواصلة على الأقصى من المستوطنين، وسن المزيد من القوانين المجحفة بحق الأسرى، كقانون سحب الهوية من أسرى الداخل والمقدسيين، وقانون إعدامهم.. الخ، فإن كل هذه الأمور وغيرها تشير إلى ما لا يحمد عقباه.

أقرأ أيضًا: حكومة متطرفة ومجتمع إسرائيلي على شاكلتها

Exit mobile version