في ذكرى ناجي العلي الـ36 الأب الروحي للكاريكاتير.. كيف السبيل لرؤية وجه حنظلة؟

سعاد صائب سكيك – مصدر الإخبارية

بالأبيض والأسود تميزت رسوماته التي وقعها بـ “حنظلة”، لتمثل الحياة القاتمة للفلسطيني في المخيم، وللعربي الذي ينقسم على نفسه، وللسياسات العربية التي انتقدها في كاريكاتوراته، كل الكلمات هنا تصف ما رسمه “ناجي العلي”.

تشبع ناجي العلي بالوطنية التي ظهرت في رسوماته، والتي حملت هوية الوطن، وبصمة الفلسطيني صاحب الحق ورمز القضية، المتمثل بالطفل “حنظلة” الضعيف القوي، الذي ينظر للمعاناة بوجع، رافضاً النظر وكأنه يخبرنا أن يرفض كل الواقع الذي يعيشه الطفل الفلسطيني، فمتى سنرى وجهه؟ وهل سيكون سعيداً؟

حياة ناجي العلي

ناجي سليم حسين العلي من مواليد 1937، من قرية الشجرة الواقعة بين مدينتي طبريا والناصرة في الجليل، إلا أنه لم يتمتع بالعيش فيها، وكان من بين الأطفال الذين شُردوا مع عائلاتهم عام 1948 من فلسطين، وانتهى به المطاف ليكبر في ربوع مخيم عين الحلوة في لبنان.

وهناك درس الإبتدائية، ثم تعلم بمدرسة مهنية في مدينة طرابلس شمال لبنان ميكانيكا السيارات، إلى أن درس الرسم بالأكاديمية اللبنانية عام 1960.

واعتاد العلي الرسم بالطباشير أو الحفر على حيطان المخيم، وحملت رسوماته حزن أهله، والليالي المظلمة في المخيم، إضافة إلى بعض الذكريات عن وطنه، ونشرت له اللوحة الأولى عام 1961 في العدد 88 لمجلة “الحرية”، وكانت عبارة عن يد تلوح من فوق خيمة.

عمل في البداية محرراً ورساماً، ثم مخرجاً صحفياً بصحيفة “الطليعة” الكويتية عام 1963، ثم في جريدة “السياسة” الكويتية ما بين عام 1969 – 1974، وبعدها بنفس العام عمل في جريدة “السفير” اللبنانية.

وفي عام 1979 انتخب رئيساً لرابطة الكاريكاتير العربي، عدا عن أنه كان عضواً مؤسساً بالاتحاد العام للفنانين التشكيليين الفلسطينيين، وعضواً في الأمانة العامة للاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين.

واستمر بالعمل مع صحيفة لصحيفة، حيث عمل مع جريدة القبس الكزيتية بعد أن توجه إلى الكويت عام 1983 وبقي حتى عام 1985، ثم انتقل إلى لندن ليعمل بجريدة “القبس الدولي” وبقي فيها حتى يوم اغتياله من قبل الموساد الإسرائيلي في الـ 22 من تموز 1987 بعد إطلاق النار عليه، ودخل المستشفى حتى استشهد بعد أيام متأثراً بإصابته يوم 29 أغسطس (آب) بنفس العام.

ودفن بعد استشهاده في مقبرة بروك وود الإسلامية في لندن، ورُفع فوق قبره العلم الفلسطيني.

تميزت رسومات العلي الكاريكاتيرية التي بلغ عددها 40 ألف رسمة بالنقد اللاذع، للحكومات وللاحتلال.

وحصل كأول رسام عربي للكاريكاتير على جائزة “قلم الحرية الذهبي” عام 1988 من الاتحاد الدولي لناشري الصحف، وشاركت رسوماته في عشرات المعارض العربية والدولية، كما أصدر ثلاثة كتب في الأعوام 1976-1983-1985 حيث ضمت مجموعة من رسوماته.

العلي في عيون أمية جحا

ومهما تتابعت الأجيال، يعتبر الكثير من الرسامين أن العلي قدوة وفخر لهم، ويسيرون على طريقه ويحملون الرسالة من بعده، منهم الفنانة الفلسطينية أمية جحا رسامة الكاريكاتير التي وصفته بالأيقونة الفلسطينية العربية، ومصدر الفخر لنا نحن الفلسطينيين، كونه من جذور فلسطينية، رسم بريشته وبدمه كل ما يحاك للفلسطينيينمن مؤامرات.

وقالت جحا عبر شبكة مصدر إن “العي مدرسة لي ولكل من هي بجيلي وبعد جيلي”، وذكرت أنها كانت متأثرة به، ومهتمة برسوماته لدرجة أنها كانت تلقد رسوماته وطريقته منذ أن كانت بالثانوية وحتى الجامعة، حتى قيل عنها “خليفة ناجي العلي”.

وبيّنت أن الكثير من الرسامين كانو يستلهمون طريقته وحبه للقضية وللوطن، وقالت: “كان الوحي الأول لنا كفنانين”.

وتابعت جحا: “كانت له رسالة واضحة، واعياً بدور الكاريكاتير بالتحريض، رسم يوضح القضايا التي تهم الجمهور العربي، واستبداد الأنظمة الحاكمة، وسعى من خلال لتحقيق الوحدة، والتخلص من الاحتلال بشتى أشكاله”.

ولفتت أن العلي أثر في الصحافة والقارئ معاً، وكانت أفكاره قوية جداً، لديه مهارة فن الفكرة، ما جعل رسوماته تصل بسهولة للمتلقي، حيث كان الجميع يتركون كل ما بالصحيفة ويتوجهون لمتابعة رسوماته إيماناً بالثورة والقضية التي يتفقون معه فيها.

إضافة إلى توقيعه الخاص الذي دخل قلوب الملايين “حنظلة”، والذي كان ضميراً لطل الرافضين للاحتلال.

وركزت على رسومات العلي التي تبين مرارة العيش من خلال اعتماده على اللونين الأبيض والأسود، والتي كان فيها حنظلة المضيئ بلوحاته، حيث كان رأسه يمثل الشمس وضوء الأمل.

وأكدت أمية جحا أن كثيراً من رسوماته تلامس المستقبل، وكثير منها توافق الواقع الحالي، وقالت: “كان وبقي وسيبقى أيقونة لكل الشرفاء من الفنانين ليحذوا حذوه، ولتكون ريشته حية حتى لو طواه وطوانا الثرى”.

وأردفت في رسالة للعلي:”لروحك السلام، إن كنت قد رحلت جسداً فروحك حية، وإن رحلت وريشتك توقفت فنحن سنكمل الطريق إلى أن يتوفانا الله”، وتابعت: “سنبقى على العهد بريشتنا مناضلين ثائرين لفلسطين حاملين لذات الهدف الذي حملت له الريشة”.

وحول سؤالنا ما إذا كان حنظلة سيستاء إن علم بالأوضاع الداخلية، وما وصل إليه الاحتلال من غطرسة، وهل سينظر إلينا يوماً؟ قالت الرسامة الكاريكاتورية: “سيكون مستاءً جداً، ولن ينظر إلينا”، وأضافت: “لكن عندما تلوح المقاومة وتنتصر بالتأكيد سينظر إلينا عند زوال الاحتلال”.

وتابعت: “حينها سنقول.. ربح البيع ناجي العلي.. الرسالة وصلت”.

ويبقى التساؤل متى موعد رؤية وجه “حنظلة”، وكما أجاب العلي: “عندما تصبح الكرامة العربية غير مهددة، وعندما يسترد الإنسان العربي شعوره بحريته وإنسانيته”.

اقرأ أيضاً:35 عاما وناجي العلي لا زال حاضرا في ذاكرة محبيه

وزارة الثقافة تنعى الفنان التشكيلي كريم دباح

رام الله- مصدر الإخبارية

نعت وزارة الثقافة الفلسطينية الفنان التشكيلي كريم دباح، الذي وافته المنية أمس الثلاثاء عن عمر يناهز 84 عاماً.

وقالت الوزارة في بيان لها وصل مصدر الإخبارية نسخة عنه، إن فلسطين خسرت أحد أبرز قامات وأعمدة الفن التشكيلي وأهم فنانيها الكبار، الذين أغنوا الثقافة الوطنية والفن الفلسطيني، من خلال مشاركته في عدة معارض فنية شخصية وجماعية تحاكي ما يتعرض له الفلسطينيون من اعتداءات الاحتلال من قتلٍ وتدمير واعتقال.

وذكرأنه برحيل دباح خسر المشهد الثقافي والفن التشكيلي الفلسطيني واحداً من أعلامه المميزين، الذين تركوا وراءهم إرثاً فنياً ووطنياً، من خلال الأرشفة والتجميع والتوثيق للفن الفلسطيني، فالراحل كان يرى أن “للفنان حرية مطلقة للتطرق لقضاياه الخاصة من خلاله إنتاجه الفنّي.”

وتقدمت الوزارة من عائلة الفقيد وأصدقائه وجموع المثقفين والفنانين التشكيليين بأحر التعازي والمواساة، سائلين الله عز وجل أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته وأن يلهم عائلته الصبر والسلوان.

يشار أن الراحل كريم دباح، ولد في حي القطمون غربي القدس يوم الحادي والعشرين من نيسان 1937، حيث عمل محاضراً للفنون التشكيلية في عدة جامعات: كلية النجاح الوطنية عام 1973، وجامعة القدس المفتوحة، وحاضر في جامعة بيرزيت، وأسس عام 2010 دائرة الفنون في جامعة القدس.

وشكل الراحل عام 1988 جمعية ناجي العلي للفنون، وانتخب عضواً في الهيئة الإدارية لرابطة التشكيليين عام 1974.

في الذكرى 33 لرحيل ناجي العلي.. حنظلة مازال حياً

القدس المحتلة – مصدر الإخبارية

بطلقة خرجت من مسدس وأصابت رأسه تحت عينه اليمنى، دخل ناجي العلي في غيبوبة، ثم رحل عن العالم.

يصادف اليوم السبت 29 من آب، الذكرى 33 لرحيل رسام الكاريكاتير الفلسطيني ناجي العلي، الذي اغتاله شاب مجهول في أحد شوارع العاصمة البريطانية لندن، في مثل هذا اليوم عام 1987.

وقد أجبرت ضغوط سياسية العلي على الرحيل إلى لندن عام 1985، حيث تمت عملية اغتياله هناك، واغتالت ريشة فلسطين المقاتلة، المدافعة بشراسة عن حق الفلسطيني في كل مكان، والتي رسمت التشرد والمنافي والثورة والعمل المقاوم والاعداء والانتهازيين، وما عرفت يوما طريقا إلى فلسطين إلا طريق النضال والمواجهة.

ولد ناجي سليم حسين العلي عام 1938 في قرية الشجرة الواقعة بين الناصرة وطبريا في الجليل الشمالي من فلسطين، وبسبب إرهاب العصابات الصهيونية اضطر للنزوح مع أسرته عام 1948 إلى مخيم عين الحلوة جنوب صيدا في لبنان.

شخصية حنظلة:

حنظلة شخصية ابتدعها ناجي العلي تمثل صبياً في العاشرة من عمره، ظهر رسم حنظلة في الكويت عام 1969 في جريدة السياسة الكويتية، أدار ظهره في سنوات ما بعد 1973 وعقد يداه خلف ظهره، وأصبح حنظلة بمثابة توقيع ناجي العلي على رسوماته.

لقي هذا الرسم وصاحبه حب الجماهير العربية كلها وخاصة الفلسطينية لأن حنظلة هو رمز للفلسطيني المعذب والقوي رغم كل الصعاب التي توجهه فهو دائر ظهره “للعدو”.

يقول ناجي في حوار أجرته معه الكاتبة المصرية الراحلة رضوى عاشور، عام 1984، في بودابست: “شخصية هذا الطفل الصغير الحافي هي رمز لطفولتي. أنا تركت فلسطين في هذا السن وما زلت فيها. رغم أن ذلك حدث من 35 عاما، إلا أن تفاصيل هذه المرحلة لا تغيب عن ذاكرتي وأشعر أننيب أذكر وأعرف كل عشبة وكل حجر وكل بيت وكل شجرة مرت علي في فلسطين وأنا طفل”.

ويضيف: “قدمته للقراء وأسميته حنظلة، كرمز للمرارة. وفي البداية قدمته كطفل فلسطيني، لكنه مع تطور وعيه أصبح له أفقه القومي ثم أفق كوني وإنساني.. وفي المراحل الأولى، رسمته ملتقيا وجها لوجه مع الناس، وكان يحمل الكلاشينكوف، وكان أيضا دائم الحركة وفاعلا وله دور حقيقي، يناقش باللغة العربية والانجليزية، بل أكثر من ذلك، فقد كان يلعب الكاراتيه.. يغني الزجل ويصرخ ويؤذن ويهمس ويبشر بالثورة”.

هل سيكبر حنظلة؟. يقول ناجي: “سيظل في العاشرة حتى يعود الوطن. عندها فقط يكبر حنظلة، ويبدأ في النمو.. قوانين الطبيعة المعروفة لا تطبق عليه، إنه استثناء، لأن فقدان الوطن استثناء، وستصبح الأمور طبيعية حين يعود الوطن”.

ومتى يمكن رؤية حنظله؟ يجيب ناجي:” عندما تصبح الكرامة غير مهددة، وعندما يسترد الانسان العربي شعوره بحريته وإنسانيته”.

حياته المهنية في الصحافة:

عام 1963 سافر ناجي العلي للعمل في مجلة الطليعة الكويتية في الكويت، وبدأ بنشر رسوماته الكاريكاتيرية على صفحاتها، وظل ناجي مواظبا على العمل في المجلة حتى عام 1968م، وهو العام التالي لتأسيس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بزعامة جورج حبش في (11/12/1967)، ثم غادر الكويت وعاد إلى لبنان وتزوج من وداد نصر، ثم رجع إلى الكويت مرة أخرى.

الشيء المميز، الذي حدث مع ناجي العلي أثناء عودته من الكويت إلى لبنان أنه تعرف على العديد من عناصر الجناح العسكري لحركة فتح (قوات العاصفة)، واطّلع على مجموع العمليات التي نفذتها ضد الاحتلال الإسرائيلي، فألهبت مشاعره الوطنية وتميزت رسوماته في تلك المرحلة بالمناداة للكفاح المسلح كوسيلة وحيدة لاستعادة الأرض، وما زاد من عنفوان المشاعر الوطنية لديه، الانتصار في معركة الكرامة.

بعد عودة ناجي إلى الكويت، سكن في حي الفروانية، وفي تلك المرحلة نضجت مداركه السياسية لدرجة أصبح فيها متحدثا صلبا في الدفاع عن القضية الفلسطينية، وكان من كبار المؤيدين للرئيس جمال عبد الناصر وللثورة الفلسطينية، كما توثقت علاقات ناجي مع الشاعر الفلسطيني مريد البرغوثي والصحفي حنا مقبل والروائي رشاد أبو شاور، وتحولت رسوماته إلى تأييد صريح للرئيس جمال عبد الناصر، مستنهضا الأمة العربية لإزالة آثار هزيمة الجيوش العربية في حرب الأيام الستة عام 1967.

وبعد أن أوقف إصدار مجلة الطليعة، عمل ناجي العلي في صحيفة السياسة الكويتية حتى عام 1974، وعاد إلى لبنان ليعمل في صحيفة السفير، ثم عاد مرة ثانية ليعمل في صحيفة السياسة الكويتية حتى عام 1978، ثم رجع إلى لبنان ليعمل مرة أخرى في صحيفة السفير حتى عام 1983، وعمل بعدها في القبس الكويتية والقبس الدولية.

أنتج أكثر من 40 ألف عمل فني، غير تلك التي منعتها الرقابة وظلت حبيسة الرفوف، وأعطى ثلاثة كتب في أعوام 1967، 1983، 1985، وعرضت أعماله في بيروت ودمشق وعمان وفلسطين والكويت وواشنطن ولندن، ويشكل “حنظلة” أشهر شخصيات رسوماته الكاريكاتيرية.

اغتيال العلي:

عند الساعة 5:13 بتوقيت غرينتش، يوم الأربعاء 22 يوليو/ تموز 1987، أوقف العلي سيارته على رصيف الجانب الأيمن لشارع ايفز جنوب غرب لندن، حيث مقر جريدة القبس الدولية.

لم يكن ناجي يعلم أن قاتلا يترصده، ورغم التهديدات التي تفوق المائة حسب قوله، والتي كانت تنذره بالعقاب على رسوماته، وتلقيه معلومات وافية بأن حياته في خطر نظرا لأن الموساد الإسرائيلي قد جعله هدفا، إلا أن العلي لم يتخذ لنفسه أية إجراءات للحماية، لإيمانه القدري وفقا لمقولة: “الحذر لا يمنع القدر” لذلك كان اقتناصه سهلا.

وما أن اقترب ناجي العلي من مخزن “بيتر جونز”، القريب من نقطة الاستهداف حتى اقترب منه القاتل الذي ارتدى سترة من الجينز والذي وصفه الشهود بأنه ذو شعر اسود أشعث وكثيف، وعندما سار في موازاته أخرج مسدسه وأطلق الرصاص باتجاه رأس ناجي العلي، ثم لاذ بالفرار.

نقل ناجي إلى مستشفى “القديس ستيفن” وهو خاضع لجهاز التنفس الاصطناعي ثم جرى تحويله إلى مستشفى “الصليب تشارنج” وأدخل إلى قسم جراحة الأعصاب، ثم أعيد مرة أخرى إلى مستشفى القديس ستيفن.

ظل العلي يصارع الموت حتى يوم السبت 29-8-1987، انتقلت روحه إلى بارئها في تمام الساعة الثانية فجرا، ودفن في مقبرة “بروك وود” الإسلامية في لندن، وحمل قبره رقم (230191).

Exit mobile version