دخلت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة عامها الثانية، دون حل أزمة الكهرباء بسبب السياسات الإسرائيلية بتدمير شبكات الكهرباء، بالإضافة إلى منع دخول الوقود بكميات كبيرة، جعلت المواطنين يعيشون في الظلام، وأثر بشكل كبير على القطاعات الحيوية منها الصحة والتعليم والمياه.
وقصفت طائرات الاحتلال المخابز والمستشفيات والمنازل والنقاط المعروفة لشحن الهواتف والبطاريات، التي تعتمد على ألواح طاقة شمسية، ووثق المرصد الأورومتوسطي عشرات المنازل والنقاط التي قصفت، “دون أي ضرورة أمنية أو عسكرية”.
البعض استخدم وسائل الطاقة البديلة كألواح الطاقة الشمسية لمصدر رزق لهم ولاحتياجاتهم الخاصة، ونظرًا للطلب عليها ارتفعت أسعارها بشكل جنوني.
ومنذ السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2023، بدأت سياسة الاحتلال بقطع الكهرباء عن غزة بالكامل، مما أوقف عمل المنشآت التجارية والصناعية، بالإضافة إلى تعطل خدمات البلديات.
وأزمة الكهرباء ليست وليدة الحرب فقط، بل منذ نحو عقدين عندما دمرت إسرائيل محطة توليد الكهرباء الوحيدة عام 2006، وفرضت حصارًا على غزة.
وأعلن وزير الطاقة في حكومة الاحتلال الإسرائيلي يسرائيل كاتس، عن قطع إمدادات الكهرباء عن القطاع، ومن ثم أعلن وزير الجيش يوآف غالانت منع دخول أي شاحنة تحمل الوقود إلى القطاع.
أوضاع إنسانية كارثية
منذ أكثر من عام بدون كهرباء محطة التوليد والخطوط الإسرائيلية متوقفة عن العمل نتيجة العدوان الإسرائيلي على غزة، الذي خلف دمار كبير جدًا في شبكات الكهرباء بمكوناتها المختلفة، بحسب ما أفادت شركة توزيع الكهرباء بغزة لشبكة مصدر الإخبارية.
وعن التداعيات السلبية، قالت شركة الكهرباء، إنّ التداعيات كبيرة جدًا، وفي يوم السابع من أكتوبر أثر بشكل أساسي على القطاعات الحيوية منها الصحة والتعليم والصرف الصحي والاتصالات والمخابز كلها لا يمكن أن تعمل دون كهرباء.
وأضافت أنّ توقف شركة الكهرباء عن العمل أثر خاصة على قطاع الصحة كونه يحتوي على الكثير من الأقسام بداية من الطوارئ واستقبال الجرحى والأشعة وحضانات الأطفال وغسيل الكلى والعمليات حتى ثلاجات الموتى ومستودعات حفظ الأدوية.
ونوهت إلى أن القطاع الصحي واجه عدة أزمات على إثرها اضطرت المستشفيات والمراكز الصحية إلى التوقف عن العمل عدة مرات بعد تدمير مولدات الكهرباء وأنظمة الطاقة الشمسية، بالإضافة إلى نقص الوقود وتعطل المولدات المتبقية.
وأشارت إلى أنّ انقطاع التيار الكهرباء المواطنين لجأوا لطرق بديلة باستخدام مولدات خاصة صغيرة وهي بحاجة لوقود وارتفع ثمنه وانقطع بسبب إغلاق المعابر، بالإضافة إلى المياه أيضًا هي بحاجة لآبار تحتاج وقود أيضًا لضخ المياه للمواطنين.
وتابعت أنّ عدم وجود الكهرباء لم يُمكن مضخات المياه العادمة من العمل ومعالجة المياه، وباتت البلديات تضخ المياه العادمة تجاه البحر مما أدى لانتشار الأمراض والأوبئة.
ولفتت إلى أنّ توقف عمل شركة الكهرباء أثر أيضًا على خدمات البلدية وترحيل النفايات الصلبة وعدم القدرة على تنظيف حاويات القمامة، وعدم توفر الوقود عطّل قدرة البلديات على استخراج المياه من الآبار أو إيصال المياه.
وأشارت شركة الكهرباء إلى أن اضطر آلاف النازحين لشرب مياه ملوثة، وسط دمار كبير حل بالبنية التحتية للمياه.
ووفقًا لشركة توزيع الكهرباء، قبل الحرب على قطاع غزة، فإن القطاع يحتاج إلى حوالي 500 ميغاواط، وتزيد إلى 600 ميغاواط خلال فصل الشتاء.
وكانت الشركة تعمل وفق برنامج طوارئ 8 ساعات وصل و8 ساعات قطع للكهرباء.
واعتبر المرصد الأورومتوسطي أن قطع الكهرباء عن مساحة جغرافية بحجم 365 كيلو متر مربع، يسكنها 2.3 مليون إنسان، لما يقرب من عام كامل، “يكاد يكون إجراءً غير مسبوق في تاريخ الصراعات والحروب”.
وشدد المرصد على أن الاحتلال يستخدم المياه كأداة لتفريغ مناطق شمال قطاع غزة من سكانها بشكل ممنهج.
حكم بالإعدام على الجرحى
حذر المدير العام لدائرة الهندسة والصيانة في وزارة الصحة الفلسطينية علاء أبو عودة، المستشفيات، من أن الإجراءات التي يفرضها جيش الاحتلال الإسرائيلي على مستشفيات شمال قطاع غزة، تمثل حكمًا بالإعدام على حياة المصابين والجرحى.
وأكد أبو عودة في تصريحٍ خاص لشبكة مصدر الإخبارية أن الاحتلال يُحارب المنظومة الصحية منذ اليوم الأول للعدوان على غزة، متمثلة في عناصر رئيسية وهي المولدات الكهربائية ومحطات الأكسجين وشبكات المياه والصرف الصحي.
وأشار إلى أن الاحتلال قام بقطع الطريق على المخازن الرئيسية لوزارة الصحة من خلال قصف محيطها بعد ذلك أصبح المخزن الرئيسي لقطع الغيار لمستشفيات وزارة الصحة داخل منطقة محور نتساريم، ومن ثم قام الاحتلال بتجريفها بالكامل.
وشدد على أنّ حصار المستشفيات الثلاثة في شمال غزة “كمال عدوان، والإندونيسي، والعودة” وسط أوامر الإخلاء يُهدد الاستمرارية في تقديم الخدمات لآلاف المصابين والجرحى.
وقال أبو عودة إنّ المستشفيات الثلاثة مهددة بأي لحظة الوقف التام عن العمل نتيجة تعطل المولدات الكهربائية، مشيرًا إلى أنّ البدائل باتت الآن معدومة خاصة بعد أن قام الاحتلال بتدمير عدد كبير من المولدات في الشمال والجنوب.
وجدد تأكيده نحن أمام وضع إنساني خطير وانهيار كامل للمنظومة الصحية، لافتًا إلى أنّ الاحتلال يمنع إدخال أي من قطع الغيار اللازمة لأعمال الصيانة الدورية والوقائية ومنظومة المولدات الكهربائية والمياه والأكسجين والتعقيم.
ونوه إلى أنّه يتعمد الاحتلال على مدار عام كامل منع إدخال قطع الغيار والزيت والفلاتر اللازمة للمستشفيات، مردفًا أننا ناشدنا عدة مؤسسات دولية على رأسها منظمة الصليب الأحمر الدولي بإدخالها من خارج غزة إلا أنه رفض ذلك.
وبيّن أبو عودة أنّ لا يوجد في شمال القطاع إلا محطة أكسجين واحدة تعمل وهي تتعطل أسبوعيًا عدة مرات وهذا يهدد المنظومة الصحية بالكامل داخل القطاع.
وعن احتياجات المستشفيات العاملة في غزة للوقود، أفاد بأنها تحتاج ما لا يقل عن 14 ألف لتر من السولار في مستشفيات الجنوب وحوالي 15 ألف لتر للشمال.
وأوضح أبو عودة أنّ الاحتلال لا يسمح بإدخال الكميات الكافية من الوقود، وأن هناك تقييد كبير على إدخاله منذ فترة طويلة وهذا يجعلنا نعمل بشكل مرهق جدًا.
وأشار إلى أنهم أصبحوا يسحبون السولار من الخزانات حتى وصولهم لمرحلة الشوائب وتدخل هذه الشوائب للمحركات والمولدات، معتبرًا إياه مهدد حقيقي وخطير للمولدات.
وتابع أن الاحتلال لم يقم بإخال كميات من الوقود إلى الشمال عدا كمية قليلة جدًا لمستشفى كمال عدوان هذه الكمية لا تكفي تشغيل المستشفى إلا لساعات محدودة، وعليه قمنا بالعمل على المولدات الأقل قدرة التي لا تغطي أكثر من 25 بالمئة من أحمال المستشفى حتى نستطيع صمود أكثر فترة ممكنة.
وشدد على أنّ الاحتلال لا زال يُصر على إسقاط المنظومة الصحية داخل شمال غزة.
وأضاف أن الاحتلال استهدف الطواقم الصحية العاملة في كمال عدوان، بوسط قصف إحدى سيارات الإسعاف وقبل يومين من خلال دخول طائرات الكواد كابتر إلى المستشفى وأطلقت عليهم النار بشكل مباشر.
وأظهر تقرير مشترك صادر عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني وسلطة المياه، أن حصة الفرد الواحد من المياه في غزة انخفضت إلى 3-15 لترًا يوميًا مقابل معدل استهلاك بنحو 84.6 لترًا للفرد يوميًا خلال العام 2022.
وتبعًا لتقرير الإحصاء وسلطة المياه، فقد أدى انقطاع الكهرباء إلى توقف نحو 65 مضخة صرف صحي، و6 محطات لمعالجة المياه العادمة، ما تسبب بمشكلات بيئية، وساهم في انتشار الأوبئة وتلوث الخزان الجوفي.
وأكد المرصد الأورومتوسطي، أن تأثيرات انقطاع الكهرباء امتدت إلى كل مرافق الحياة الأخرى، ومنها تعطيل ما تبقى من أشكال تصنيع ولو بدائية ومحدودية، وتعطيل عمليات ري الأراضي الزراعية، والتسبب بتلف عشرات الأطنان من كميات المساعدات التي تحتاج إلى تبريد، وتشويش وتعطيل محاولات التعليم الإلكتروني عن بعد، والقضاء على آلاف فرص العمل عن بعد.