رأى محللون سياسيون، أن عملية اغتيال الاحتلال الإسرائيلي لشهداء نابلس الثلاثة (أدهم مبروك، ومحمد الدخيل، وأشرف مبسلط)، ظهر أمس الثلاثاء داخل سيارة في مدينة نابلس، سيشعل فتيل المقاومة الشعبية والعمليات الفدائية الفردية، والمنظمة من قبل بعض الفصائل الفلسطينية.
وقال هؤلاء، إن العملية تتزامن هذه المرة مع فوضى سلاح كبيرة في مدن الضفة الغربية المحلية ووسط غضب شعبي كبير، ومطالبات عديدة بتطبيق قرارات المجلس المركزي الفلسطيني السابقة بوقف التنسيق الأمني مع الاحتلال.
ماذا تختلف عن غيرها من العمليات؟
وأوضح المحلل السياسي إبراهيم أبراش، أن عملية اغتيال شهداء نابلس الثلاثة، ليست بالأولى التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي بحق مقاومين، وزعم مساعي تنفيذ عمليات ضد قواته، لكنها جاءت هذه المرة متزامنة مع حالة شبه الفوضى والفلتان الأمني في مدن ومناطق الضفة الغربية.
وأضاف أبراش في تصريح خاص لشبكة مصدر الإخبارية، أن الاشتباكات التي تدور في مناطق الضفة بين العائلات وتوترات المواطنين والمسلحين من جهة وقوات الأمن من ناحية أخرى، يدلل على وجود غياب أمنى للسلطة للمناطق التي يجب أن يكون لها هيمنة عليها.
وأشار أبراش، إلى أن الانقسام الفلسطيني بين الفصائل في الضفة الغربية وداخل حركة فتح نفسها جعلها غير منسجمة مع قيادة السلطة وأضعف دور الأمن، ودفع وشجع الاحتلال الإسرائيلي لاختراق الداخل الفلسطيني دون خشية أي در من السلطة أو من المواطنين.
وتوقع أبراش، عدم وجود أي ردت فعل قوية من السلطة الفلسطينية، لاسيما مع إعلان المجلس المركزي مراراً العديد من القرارات لإعادة النظر بالعلاقة الأمنية مع الاحتلال الإسرائيلي دون أي تطبيق لها.
وأكد أبراش، أن عملية اغتيال شهداء نابلس الثلاثة ستولد احتقاناً شعبياَ وارتفاع في وتيرة العمليات الفردية والمسلحة من قبل مجموعات تابعة للفصائل الفلسطينية.
اغتيال شهداء نابلس الثلاثة رسالة بأنه لا حدود أمام جيش الاحتلال
بدوره، قال المحلل السياسي تيسير محيسن، إن الجرأة التي أقدم عليها الاحتلال الإسرائيلي في عملية الاغتيال في قلب نابلس وسهولة كبيرة وفي منطقة مصنفة (أ)، أي تحت سيطرة مدنية وأمنية كاملة من قبل السلطة الفلسطينية، هي نوع من البلطجة والهمجية الإسرائيلية التي تقول بانه لا حدود أمام جيش الاحتلال لصنع ما يشاء، دون أي مانع.
وأضاف محيسن في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية، أن السلطة تقف مجدداً مكتوفة الأيدي أمام جرائم الاحتلال داخل المدن الفلسطينية، مؤكداً أن المخيف في الأمر وجود تسريبات تفيد بوجود تنسيق مسبق بين الاحتلال وأجهزة السلطة للدخول لمكان العملية، لاسيما وأن الشهداء الثلاثة مطلوبين أيضاً للأمن الفلسطيني.
وأشار محيسن إلى أن تداعيات عملية اغتيال شهداء نابلس الثلاثة سيئة للغاية خصوصاً على صعيد زيادة غضب الجماهير الفلسطينية من الواقع الذي تعيشه الضفة بكل الجزئيات وليس فقط إزاء جرائم الاحتلال والمستوطنين بحق شعبنا، والذي يشمل تماشي جزء كبير من إجراءات السلطة مع الاحتلال ضد المواطنين الفلسطينيين.
وأكد محيسن أن الحدث من شأنه زيادة الغليان من المواطن العادي قبل المواطنين المنظمين في الفصائل الفلسطينية، متوقعاً أن تتجه الأوضاع في الضفة الغربية والقدس المحتلتين للتصعيد.
وشدد محيسن على أن الاحتلال بدأ يعي أن عنجهيته في الضفة والقدس لن تدوم طويلاً وستقابل برد.
خشية من العمليات الغير متوقعة
من جهته، رأى الكاتب أحمد البديري، أن الاحتلال الإسرائيلي يريد إيصال رسالة بأن الامن هو الأولوية الأولى والمطلقة للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية دون تهاون ولا تأجيل.
وقال البديري، إن عملية الاغتيال جاءت في ظل الدعوات العالمية لضرورة مساعدة السلطة سياسياً واقتصادياً ليكون الرد بأن الأمن أولاً وثانياً وثالثاً، ولا شيء يسبقه.
وأضاف البديري أن الذي يخيف الاحتلال حالياً ليس المقاتلين المعروفين بل المحتملين الذين قد يتحركوا نتيجة الاندفاع دون تخطيط مسبق وهم كل أولئك الذين يقومون بعمليات فجائية دون تواصل مع أحد.
ونعت الفصائل الفلسطينية الشهداء الثلاثة، وقالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إن الشهداء ارتقوا بعد مسيرة مشرفة من المقاومة والتصدي لجيش الاحتلال، مؤكدة أن الشعب الفلسطيني سيحفظ دماءهم، وأن مسيرة المقاومة ماضية بهمة الشباب الذين يرفضون المهادنة والانكسار.
كما أكد المتحدث باسم حركة الجهاد الإسلامي طارق عز الدين أن عملية اغتيال شهداء نابلس الثلاثة لن تمر مرور الكرام، مطالبا بضرورة وقف التنسيق الأمني الذي يمنح الغطاء لجيش الاحتلال للوصول إلى المقاومين المطلوبين، وفق تعبيره.
وطالبت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أجهزة الأمن الفلسطينية بالتوقف عما وصفته بلعب دور المحايد والمتفرج، وبضرورة المشاركة في التصدي لعنف الاحتلال وجرائمه.
إلى ذلك، دانت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، عملية الاغتيال الإسرائيلية، ودعت لتصعيد المقاومة بكل أشكالها ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه.
وأكد عضو اللجنتين المركزية والتنفيذية لحركة فتح حسين الشيخ أن جريمة الاغتيال البشعة التي قامت بها قوات الاحتلال يوم أمس في مدينة نابلس تنذر بتداعيات كبيرة سياسياً وميدانياً.
وعم الإضراب اليوم الأربعاء مدن الضفة الغربية المحتلة حداداً على أرواح الشهداء الثلاثة، بعدما دعت له حركة فتح.