الفيلسوف الإيطالي جياني فاتيمو.. تضامن مع فلسطين حتى الرمق الأخير!

مصدر الإخبارية – أسعد البيروتي

على مدى سنوات الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي حظيت القضية الفلسطينية بعشرات المتضامنين حول العالم الذين مثّلوا الصوت الحُر في المحافل الدولية والذين كان من بينهم جياني فاتيمو.

“فاتيمو” الذي ناضل وكافح لأجل إيصال صوت المظلومية الفلسطينية إلى العالم غير آبهٍ بمكر الصهيونية العالمية، ومدّعي الديمقراطية وحقوق الإنسان يُغادر عالمنا بصمتٍ وهدوء لتسكن روحه المتعبة بعد نضالٍ طويل.

غيّب الموت، الثلاثاء الماضي أحد أبرز المنافحين والمدافعين عن الحق الفلسطيني لكن مواقفه وكلماته الخالدة لن يُغيّبها الزمان أو تنال منها المؤامرات.

لم يمنع الفيلسوف الإيطالي تقدمه في السن وبلوغه عتبة 87 عامًا وانشغاله بتدريس الهيرمينوطيقا الفلسفية في جامعة توران بإيطاليا من أن يصدح بصوته الشجاع الرافض لجرائم وانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين.

من هو جياني فاتيمو؟

سياسي وفيلسوف إيطالي، ولد في مدينة تورينو بمقاطعة بييمونتي. درس الفلسفة الوجودية في جامعة تورينو، وتخرج في عام 1959 وأصبح أستاذاً مساعداً عام 1964، ومن ثم استاذاً في الأخلاقيات عام 1969 وخلال عام 1982 أصبح أستاذاً في الفلسفة النظرية، كما كان أستاذاً زائراً في عددٍ من الجامعات الأمريكية.

التحق بالحزب الشيوعي الإيطالي واُنتخب عضواً في البرلمان الأوروبي للمرة الأولى عام 1999، ولولاية ثانية في عام 2009 وكان يحظى بشعبية واسعة بين الطلبة والشخصيات الاعتبارية.

ومنذ العام 1982 درّس الفلسفة النظرية في الجامعة ذاتها، ولعل العديد من المؤلفات أشهرها: “مدخل إلى هايدغر” (1984)، و تفكيك الصهيونية: نقد ميتافيزيقيات السياسة (2014).

أدخل فاتيمو مفهوم التفكر الضعيف بعدما لاحظه في التبريرات الميتافيزيقية التي يقدمها المتطرفون؛ ومنهم يساريون من طلابه؛ ومن هذا المفهوم “ضعف التفكر” دخل على تحليل الميتافيزيقيا الغربية كتاريخ متراكم من الضعف في بُنى معرفية وقيمية قوية، ليتبنَّى من خلال ذلك موت الميتافيزيقيا وإعادة بناء القيم الأوروبية.

أما بشكلٍ عام فقد دخل عالم التنظير لما بعد الحداثة من خلال مفهوم الانعتاق النيتشوي من عنف الميتافيزيقيا وذلك من خلال تأصيل الاختلاف التأويلي الهيدغري للتاريخ؛ بما يُؤسس لفلسفةٍ مُتجددة تُمثّل عُمدة تصوره لنهاية الحداثة.

موقفه من حركات التحرر الوطني والقضية الفلسطينية

في تاريخ 28 فبراير 2009، وقّع فاتيمو على عريضة تدعو الاتحاد الأوروبي إلى إزالة حركة حماس من لائحة المنظمات الإرهابية، ومنحها الاعتراف الكامل باعتبار حق مقاومة الاحتلال مكفول بموجب القانون.

وخلال العدوان الإسرائيلي على غزة صرّح لوسائل الاعلام قائلًا: “يجب اطلاق النار على أولئك الصهاينة الأنذال، مضيفًا: “لو كان الأمر بيدي لدعوت لاكتتاب عالمي لشراء أسلحة للفلسطينيين لوقف الإسرائيليين الذين يُنفذون ذبحًا جماعيًا لهم”.

ولما سُئل عما اذا كان يريد المزيد من القتلى الإسرائيليين أجاب بكل شجاعة: “بالطبع.. لأن إسرائيل أسوأ قليلاً من النازيين”.

وخلال سنوات حياته، قدّم الراحل جياني فاتيمو نقدًا متعدد الأوجه للأسس اللاهوتية والسياسية للمشروع الصهيوني والنتائج الاقتصادية والجيوسياسية والثقافية لهذه الأسس، والذي يُعتبر مساهمةً كبيرة في المناقشات المحيطة لدى دولة الاحتلال اليوم.

نعى الفصائل الفلسطينية

أكدت القوى الوطنية والإسلامية على أن “شعبنا الفلسطيني فقد رجلًا شجاعًا وشهمًا كرّس حياته للدفاع عن حقوق الفلسطينيين ومنها حق مقاومة الاحتلال والتنديد بجرائمه المتواصلة.

وأشادت القوى بدفاع الفيلسوف الإيطالي عن حركات التحرر الوطني أمام الاتحاد الأوروبي، ومواقفه المعلنة ضد العدوان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية بما فيها قطاع غزة.

ودعت كل أحرار العالم للسير على خطى الثائر الإيطالي الحُر جياني فانتيمو، وأخذ اللواء من بعده للدفاع عن فلسطين، وفضح جرائم الاحتلال الإسرائيلي.

على ذات الدرب!
وخلال السنوات القليلة الماضية برزت أسماءً لأبطال لم يتوانوا لحظة عن نُصرة الشعب الفلسطيني بل ورحلوا على أيدي الاحتلال الذي يسعى لتغييب الحق الفلسطيني وطمس الرواية الوطنية.

وكان من بين تلك الأسماء المتضامنة راشيل كوري التي لم تَسلم من آلة الحرب الإسرائيلية وغادرت عالمنا وهي تتصدى لجرافات الاحتلال في محافظة رفح عام 2003.

“راشيل”، أمريكية وُلدت عام 10 أبريل 1979 وهي عضوةٌ في حركة التضامن العالمية، سافرت إلى قطاع غزة أثناء الانتفاضة الثانية وقتلت على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي عند محاولتها إيقاف جرافة عسكرية كانت تقوم بهدمِ مبانٍ لفلسطينيين جنوب القطاع.

فيديو| غزة تحيي ذكرى “راشيل كوري” وتطالب بوقف جرائم الاحتلال

غزةمصدر الإخبارية

أحيى عدد من المتضّامنين والحقوقيين المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية الذكرى السابعة عشر لذكرى استشهاد الناشطة راشيل كوري .

وطالبت الوقفة بالضغط على الاحتلال الاسرائيلي لوقف جرائمه الانسانية بحق الشعب الفلسطيني، مع ضرورة إعادة الحقوق لعائلة الشهيدة راشيل كوري المفقودة.

وتأتي مطالبات المتضّامنين، خلال وقفة نداء إنساني بعنوان “راشيل كوري.. العدالة لفلسطين”، تخليدًا لذكرى استشهاد الناشطة كوري بواسطة جرافة إسرائيلية في مدينة رفح جنوب قطاع غزة عام 2003، حيث دعوا إلى محاسبة الاحتلال وفضح جرائمه.

وشدّد المشاركون على مواصلة الدفاع عن الثوابت الفلسطينية، رغم التهديدات المستمرة من الاحتلال والولايات المتحدة بشطب القضية.

ومن جانبه، أدان الحقوقي د. صلاح عبد العاطي، جريمة الاحتلال بقتل راشيل كوري بطريقة لا يقلبها العقل البشري، مؤكدًا ان قوات الاحتلال انتهكت كافة معايير حقوق الانسان والقانون الدولي.

وأكد الحقوقي عبد العاطي، على اهمية السعي الجادّ لتفعيل حملات التضامن مع الشعب الفلسطيني المظلوم، داعيًا إلى مقاطعة وعزل الاحتلال وداعميه، مشدّدًا على ضمان تحقيق العدالة الدولية المفقودة لعائلة كوري.

وذكر الحقوقي، ان المؤسسات الحقوقية والاعلامية والاهلية مستمرة في التضامن مع عائلة الشهيدة كوري واصدقائها، اللذين يتابعان بقوة وإيمان مسيرة ابنتهما من اجل العدالة والسلام لفلسطين.

وقال عبد العاطي، :”إن المنظمات الحقوقية والمعنية مستمرة بواجباتهم الاخلاقية والقانونية في الدفاع عن قضية كوري”.

وأضاف ان جريمة قتل كوري لا تزال فصولها مستمرة حتى يومنا هذا، وذلك من خلال رفض الاحتلال لمعاقبة مرتكبي الجريمة.

وطالب عبد العاطي، كافة المؤسسات الحقوقية والدولية والرسمية بالعمل الجادّ لتعزيز تحقيق حقوق الانسان ومجابهة ثقافة الحصانة، وتطبيق معايير القانون الدولي، لمنع الاحتلال من ارتكاب المزيد من الانتهاكات.

Exit mobile version