المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان يؤكد على حقوق العمال الفلسطينيين

فلسطين – مصدر الإخبارية

تزامناً مع يوم العمال العالمي، أكد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان على أهمية حماية العمال وانتزاع حقوقهم المشروعة، إلى جانب تأكيده على وقوفه الكامل بجانب الحركة العمالية العالمية في نضالها لانتزاع الحقوق الشرعية.

وفيما يتعلق بالعمال الفلسطينيين، أكد المركز على ضرورة حصول العمال الفلسطينيين على مستوى معيشي لائق، وشدد على ضرورة معالجة الأسباب التي تحول دون تمتعهم بفرص تكفل لهم حقوقهم، وتؤمن أجوراً مناسبة وظروفاً وشروطاً مناسبة للعمل.

وطالب المركز الفلسطيني المجتمع الدولي بالضغط على الاحتلال لوقف انتهاكاته بحق العمال الفلسطينيين.

واعتبر أن الظروف للتوجه للعمل غير قانونية حيث يضطرون للخروج في الساعات الباكرة جداً بين (3-5 فجراً) للوصول للمعابر، والانتظار لساعات طويلة، والاضطرار للمبيت في أماكن العمل، والعودة لمنازلهم فقط مع نهاية كل أسبوع.

ووثق المركز انتهاكات الاحتلال بحق آلاف العمال في الأراضي المحتلة حيث توفي (93) عاملاً فلسطينياً خلال العام 2022، و(32) عاملاً خلال الربع الأول من العام الحالي، من ضمنهم (7) عمال من قطاع غزة، بسبب حوادث العمل المختلفة.

وبيّن أن السبب هو تغاضي سلطات الاحتلال وإهمالها لإجراءات السلامة والحماية داخل ورش العمل، وغياب الرقابة الحقيقية على المشغلين الإسرائيليين، عدا عن حرمانهم من حقهم في التأمين الصحي.

إضافة إلى محاولات ابتزازهم مقابل لقمة العيش، وسحب تصاريهم في التوترات الأمنية، وتنفيذ خصومات مالية على رواتبهم لصالح الهستدروت (اتحاد عمالي إسرائيلي)، وقرصنة أموالهم من خلال البدء بإجراءات تسليم رواتبهم وحقوقهم المستحقة لشركة (عمتيم) الإسرائيلية.

ولفت إلى الاستغلال الذي يقوم به السماسرة حيث يدفع آلاف العمال جزء من أجورهم الشهرية لسماسرة التصاريح بشكل غير قانوني، و.00263+31يستنزف ذلك ما يقارب (120) مليون شيكل من رواتب العمال شهرياً.

وعلى الصعيد الفلسطيني، ذكر المركز أن أوضاع العمال ازدادت سوءاً مع ارتفاع معدلات الفقر والبطالة، وعزا ذلك للتهاون في تطبيق قانون العمل الفلسطيني، والالتزامات الناشئة عن انضمام دولة فلسطين للمواثيق والمعاهدات الدولية، وأهمها العهد الدولي للحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.

وأوضح أن بيئة العمل في فلسطين تفتقر للحد الأدنى من شروط الحماية والسلامة نتيجة ضعف السياسات الحكومية الخاصة بمتابعة أماكن العمل والتفتيش على أوضاع العمال فيها، خاصة تلك التي تشغل الأطفال والنساء.

ودعا السلطة الفلسطينية إلى اتخاذ التدابير التشريعية والإدارية لضمان حماية وإعمال الحق في العمل لجميع الفئات العمالية بمن فيهم أصحاب الإعاقة، من خلال الالتزامات المتعلقة بالاتفاقيات والمعاهدات الدولية.

وشدد على أهمية النظر في قانون العمل الفلسطيني وتفعيل الأحكام الراسخة، وتعزيز صلاحيات دوائر الرقابة والتفتيش على أثحاب العمل، إضافة إلى ضمان حصول العمل على حقوقهم حسب القانون.

ووجه المركز رسالة واضحة للسلطة مفادها: “تطوير منظومة وطنية للحماية الاجتماعية لضمان الحصول على إعانات الشيخوخة والإعاقة والوفاة، والأمومة وإصابة العمل”.

وأضاف: “من المهم إعادة النظر في قانون العمل الفلسطيني حتى يصبح أكثر إنصافاً”، حيث أن الحد الأدنى للأجور الفعلي في قطاع غزة بلغ (697 شيكل) مقابل (1419شيكل) في الضفة الغربية، وهو ما يعتبر أقل من الحد الأدنى المقرر قانوناً والبالغ (1880 شيكل).

ويتقاضى (86%) من العاملين في القطاع الخاص في قطاع غزة أجراً يقل عن الحد الأدنى للأجور، بينما تبلغ هذه النسبة في الضفة الغربية (8%) فقط، بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.

وحسب المركز الفلسطيني، يبلغ عدد العمال في فلسطين أكثر من مليون عامل، بواقع (655) ألفاً يعملون في الضفة الغربية و(260) ألفاً يعملون في قطاع غزة و(193) ألفاً يعملون داخل الأراضي المحتلة لدى الاحتلال الإسرائيلي.

وخلال العام الأخير بلغ عدد العاطلين عن العمل في فلسطين (367) ألف شخص، بواقع (239) ألف شخص في قطاع غزة و(128) ألف شخص في الضفة الغربية. وقد بلغت معدلات البطالة في قطاع غزة (45%)، مقابل (13%) في الضفة الغربية، وتعتبر النسبة الأعلى في صفوف الشباب والخريجين بقطاع غزة، حيث بلغت (73.9%)، مقابل (28.6%) بالضفة الغربية.

اقرأ أيضاً:في يوم العمال العالمي.. الميزان يُطالب بحماية حقوق العمّال الفلسطينيين

المسؤولية الأخلاقية عند اتخاذ القرارات الاستثنائية

غزة مصدر الإخبارية

بقلم / عصام يونس
عند اتخاذ القرارات الاستثنائية في الأوضاع غير الطبيعية، عادة ما تثار العديد من الاسئلة الاخلاقية والسياسية والقانونية، وهي مشروعة وضرورية، ومثالها: هل أصابت تلك القرارات أم جانبها الصواب؟

وهل تطرفت في الإجراءات والتدابير؟ وهل كانت متسرعة وانفعالية؟ وهل اتخذت كنوع من العرض المسرحي لجمهور المواطنين-المشاهدين بأن هناك قرارات تتخذ، بالنظر لاستثنائية الظروف، حتى لو لم تكن ذات جدوى تذكر؟ وهل هناك أي ضمانات بأنها ستحقق الهدف المعلن لها من حيث المبدأ؟

إن قرارات من هذا النوع عادة ما تكون موضع اختلاف كبير ونقاش جوهري وربما معارضة.

في يقيني، أن المسئوولية عند اتخاذ القرارات الاستثنائية (ذات الابعاد المركبة والمتداخلة) تقتضي الابتعاد عن التوظيف النفعي السياسي وعن ما يدغدغ العواطف وعن تظهير المختلف عليه وتعظيمه وحتى ما يراه غالبية المواطنين صوابا،

ربما يمكن أخذ ذلك بعين الاعتبار في دعاية انتخابية لمرشح أو لحزب سياسي ولكن عندما يتعلق الأمر بإدارة الشأن العام وإدارة الحكم وآليات صنع القرار، خصوصا فيما يهدد الأمن القومي أو في حالة الكوارث الطبيعية وانتشار الأوبئة، فإنه يجب تحييد كل ذلك تماما.

إن ذلك يتطلب توفر ضمانتين على الأقل، الأولى، إن الشأن العام لا يدار مطلقا بحسن النوايا، فأي خيار يمكن اتخاذه خصوصا في حالة الضرورة أي في الظرف الاستثنائي الذي ينطوي على تهديد حقيقي وخطير على المجتمع وسلامة مواطنيه، يجب أن يكون مبنيا على المعلومات الكاملة الموثوقة وليس أنصافها او أرباعها،

ومن المؤكد أن ما هو متاح منها لمن يتخذ القرار ليس بالضرورة أن يكون متاحا للعموم، ومن جهة ثانية يجب أن لا يخضع الخيار لمنطق الربح والخسارة بمعناه الضيق، فالإجراءات والتدابير لها المشروعية، طالما كانت وفقا لأحكام القانون ومقيدة بها، مهما كانت استثنائية مؤقتة. كل الخيارات، الممكنة في الحالة الاستثنائية، مكلفة ،

ولكن دوما هناك خيار يبدو أكثر إيلاما وكلفة (لاسيما في الأوضاع التي تكون الخسارة فيها واقعة، أي السعي لتقليل الخسائر وليس تحقيق برامج أو اختراقات) ولكنه ربما يكون أقل كلفة من الناحية بعيدة المدى، لدرء المخاطر واتقاء المفاسد، مقارنة بخيارات أخرى قد تحظى، آنيا أو راهنا، بأفضلية أو شعبية ولكنها ذات كلفة كبيرة لاحقا على المجتمع،

وهنا يجب تجنب اخضاع المجتمع وأفراده لمنطق التجريب والذي لا يعدو عن كونه قفزا في الهواء وفوق الخطر ذاته وفوق مَخَاطِره الماثلة.

ثانيًا، القرارات وهي التي تحظى بالمشروعية القانونية، يجب دوما أن تخضع للرقابة الصارمة تحصينا للمجتمع ولنظامه السياسي لضمان عدم التفرد أو التغول في المجتمع وترسيخا للمشاركة كحق أصيل لمختلف مكونات المجتمع وواجب عليها حتى لو كانت استثنائية ومؤقتة وضرورية ويجيزها القانون وهي تخضع للمراجعة والتقييم لجهة كفاءتها وضرورتها وتحقيقها لغاياتها.

إن الخيارات التي قد تُبنى بافتراض أن سلوك المواطنين هو سلوك عقلاني، ربما قد يجانبه الصواب، ومثاله أخذ الإجراءات الوقائية من قبل المواطنين في حال الخطر، كحظر التجمعات في حال انتشار الأوبئة، حيث، أنه غالبا، لا يُلقِ أفراد الجماعة بالاً لهُ أو يُظهروا التزاما به، وهو سلوك طبيعي ومتوقع،

وعادة ما ينقلب السلوك إلي نقيضه اذا دنا الخطر منهم وأصبح ملموسا ومتجسدا ماديا لهم، عندها تُستحضر آليات الدفاع الفردي والجماعي لدرء الخطر والتي تتمظهر في تغير أنماط السلوك وإطاعة التعليمات وغير ذلك.

عاش قطاع غزة حالات من العدوان التي استمر بعضها لأيام وبعضها لأسابيع عاش فيها إجراءات استثنائية، تفاعل مواطنوه معها واختلف سلوكهم مع اقتراب الخطر منهم وانتشاره في كل مكان، متمثلا في قصف قريب من أماكن سكناهم أو سقوط قريب أو جار، فانتقلوا من التجمعات والتواجد في الأزقة والشوارع والأماكن العامة وربما شاطئ البحر إلى المنازل بحثا عن الأمن الشخصي والأمان العائلي.

تعطلت أثناءها الحياة الطبيعية (أو شبه الطبيعية) إلى حد كبير، مدارس وجامعات (وتعطلت معها كل الأعمال والمهن ولاسيما تلك المرتبطة بعملية التعليم كالمواصلات والمطاعم والمقاصف)، وهو سلوك طبيعي للمواطنين انتقلوا فيه من الشعور بالخطر “الافتراضي” البعيد نسبيا إلى مرحلة التجسيد “المادي” له، من التخوم إلى قلب المدينة، الذي أضحى قريبا جدا، عاكسا نفسه في التغير الواضح في أنماط السلوك الفردية والجماعية.

إن الخيارات التي لا تتمثل الخطر الداهم بمسئولية كبيرة، هي في النهاية خيارات قدرية، أقرب لإدارة “الأزمة” منها لصنع القرار والتي تترك الأمور لتفاعلاتها وعناصر تطورها الموضوعية، ولما قد تنتجه من حقائق، أي تركها “ع البركة”، هي خيارات ذات كلفة عالية جدا، وهي حتما أكثر كلفة من تعطيل المدارس والجامعات والمصالح الاقتصادية المرتبطة بهما.

مما لا شك فيه أن تعطيل تلك المرافق يجب أن يرافقه البحث المسئول من الجميع عن البدائل في ظل قرار تعطيلها وتقليل كلفته على أبنائنا الطلاب وعائلاتهم وعلى العملية التعليمية ذاتها وكذلك الحال ما لحق ببعض المهن والأعمال من ضرر أو خسائر ممن يعتمد فيها أصحابها على مرافق التعليم المدرسي والجامعي من وسائل مواصلات ومطاعم وغيرها.

Exit mobile version