بعد مرور سبعة أشهر على انتهاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة الذي بدأ في مايو الماضي لم تشهد حياة الغزيين في القطاع تحولات نوعية على صعيد الأوضاع الاقتصادية والانسانية المتدهورة منذ 15 عاماً من الحصار الإسرائيلي وتخفيف القيود المفروضة على المعابر.
لا تغيراً ملموساً
ويقول مسئولون ومحللون اقتصاديون، إن الاحتلال لم يحدث تغيراً ملموس وجذري على صعيد التحسين من الأوضاع الاقتصادية والتخفيف من الأزمات الإنسانية المتفشية من ارتفاع كبير في نسب البطالة والفقر والانعدام الغذائي، بالإضافة لعرقلة عمليات إعادة الإعمار التي تشكل عاملاً أساسياً للتنمية في القطاع.
تزداد سوءاً
ويؤكد علي الحايك رئيس جمعية رجال الأعمال ونائب رئيس اتحاد الصناعات الفلسطينية، أن الاوضاع الاقتصادية تزداد سوءاً مع استمرار قيود الاحتلال، والبطء الشديد بعمليات إعادة الإعمار وعدم صرف التعويضات لأصحاب المنازل والمنشآت الاقتصادية المدمرة والمتضررة.
ويقول الحايك في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية، إن هناك وعود كبيرة قدمت خلال الفترة التي تلت العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة جلها لم يترجم على أرض الواقع، ولم يحدث تغير ملموس على صعيد حياة السكان وأوضاعهم الاقتصادية، والاعمار يراوح حالياً مكانه.
ويضيف الحايك أن هناك إعاقة واضحة بملف إعادة الإعمار منذ العام 2014 وصولاً للعام الجاري في ظل وجود مساكن سكنية ومنشآت اقتصادية لم تعمر للأن ولا زالت تنتظر صرف التعويضات لها.
ويشير الحايك إلى أنه بدون تعويض القطاع الخاص الذي يعتبر شريان الحياة الاساسي للاقتصاد الفلسطيني عن خسائره التي تكبدها على مدار سنوات الحروب والحصار الاسرائيلي وإعطاء دفعة قوية لعمليات إعادة الإعمار والتخفيف بشكل واضح من القيود المفروضة على غزة لن يكون هناك تحسن اقتصادي.
ويشدد الحايك على أهمية فصل الملفات الانسانية والاقتصادية عن السياسة، لافتاً إلى أن القطاع الخاص تحمل على مدار السنوات الماضية فاتورة الحروب والحصار على غزة، مشدداً أن انعاشه مهم لإعادة دوران العملية الاقتصادية بشكلها الطبيعي وحل أزمات الفقر والبطالة في البلاد.
تطورات إعادة الإعمار
من جهته، يؤكد مدير الإعمار بوزارة الأشغال والاسكان العامة محمد عبود، أن الاحتلال الإسرائيلي له اليد العليا في إعاقة عمليات إعادة الإعمار، حيث يحاول ربطها بملفات أخرى مثل التهدئة وصفقة التبادل.
ويقول عبود في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية، إن ملف الاعمار يواجه مشاكل على صعيد تحويل أموال المانحين من السلطة الفلسطينية والاحتلال على حد سواء عقب تعميم سلطة النقد على المصارف الفلسطينية بعدم استقبال أموال الإعمار.
ويضيف عبود أن هناك تأخير أيضاً بمسألة دخول مواد الإعمار رغم رفع الاسمنت والحديد من نظام GRM للرقابة على مواد الإعمار، والذي كان يعيق بشكل أساسي الملف بالسابق، مؤكداً على أهمية دخول المواد التي تشكل 70% من التكلفة الإجمالية للإعمار.
ويوضح عبود أن وزارة الأشغال عمدت منذ تذليل العقبات للشروع بشكل عاجل بالإعمار من خلال حصر الأضرار لحوالي 60 ألف وحدة سكنية متضررة بشكل بليغ ومتوسط وبليغ، بالإضافة للمنازل المدمرة كلياً، وإزالة 90% من الركام، حيث أن المتبقي هو جزء بسيط في بعض المناطق المتفرقة.
ويبين عبود، أنه فور انتهاء العدوان قدمت الوزارة الإغاثة العاجلة لحوالي 600 أسرة متضررة وصرف مبالغ مالية للمتضررين جزئياً بقيمة 20 مليون دولار من أصل إجمالي الأضرار الجزئية بقيمة 42 مليون دولار، وحصلت مؤخراً على وعود بتقديم 10 مليون دولار منها، فيما تواجه عجزاً بقيمة10 مليون أخرى من الإجمالي.
ويشير عبود إلى أنهم قدموا مساعدات نقدية واغاثية لحوالي 60% من إجمالي المتضررين ويجري حالياً العمل للحصول على دعم لاستكمال الفئات المتبقية.
وينوه عبود إلى أنهم شرعوا بصرف المبالغ المالية لحوالي 50 متضرراً من أصحاب المنال المهدمة كلياً الأسبوع الماضي بالشراكة مع الجانب القطري من أصل 1500 وحدة.
وفيما يتعلق بالمنحة المصرية، يؤكد أنه ليس هناك تقدم فيها، وما يحدث هو مجرد تجهيزات لتنفيذ المشاريع التي أعلن عنها من قبل الجانب المصري ودراسة للمخططات.
ويشدد عبود أن المشروع الوحيد الذي يجري العمل به فعلياً هو كونيش بيت لاهيا، لافتاً إلى أهمية الشروع سريعاً بتنفيذ الوعود التي قدمها الجانب المصري فيما يتعلق بإعادة بناء الأبراج التي تشكل وحدها ثلث الوحدات المدمرة بحوالي 500 وحدة سكنية.
وينوه عبود إلى أنهم يعولون بأن يتم إدخال مواد الإعمار من الجانب المصري لتذليل العقبات التي قد يضعها الاحتلال أمام مواد البناء.
عمل المعابر
وبخصوص المعابر، يؤكد مدير معبر كرم أبو سالم بسام غبن، أن المعبر عاد للعمل بشكل طبيعي كمان كان قبل العدوان لكنه لم يشهد تحولاً ملموساً على صعيد المواد الممنوعة بحجة الاستخدام المزدوج.
ويقول غبن في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية، إن الاحتلال لايزال يصنف مواد مهمة للنهوض بالاقتصاد الوطني والصناعات الفلسطينية تحت بند الاستخدام المزدوج.
ويضيف غبن أن المعبر يستقبل 500 شاحنة يومياً تتعلق بمواد غذائية ومحروقات ومواد خام بسيطة ومواد بناء.
إلى ذلك، يشير مصدر مطلع على عمل “بوابة صلاح الدين” الشق التجاري مع معبر رفح البري إلى قائمة المواد والسلع التي تدخل قطاع غزة لم تشهد أي تغيير نوعي منذ انتهاء العدوان الأخير على غزة.
وينوه المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه في تصريح لشبكة مصدر الاخبارية، إلى أن الممنوع من الاحتلال الاسرائيلي ممنوع دخوله عبر بوابة صلاح الدين.
ويؤكد المصدر، أن الوعود التي قدمت مؤخراً لإدخال كافة أصناف الحديد بما فيها حديد البناء عبر بوابة صلاح الدين بالإضافة لأصناف من المواد الخام وزجاج السيارات لم تنفذ على أرض الواقع.
ووفق المصدر، فإن البوابة تعمل على مدار ثلاث أيام أسبوعياً ويدخل من خلالها ما يصل إلى 3 آلاف طن اسمنت يومياً، و25 شاحنة بنزين و10 سولار، و115 شاحنة محملة بالمواد الغذائية.
البطالة والفقر
وفيما يتعلق بنسب البطالة والفقر، قال رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال في قطاع غزة سامي العمصي، بوقت سابق، إن نسبة البطالة في صفوف العمال ارتفعت إلى 50% والفقر لأكثر من 70%، حيث يبلغ عدد العاطلين عن العمل المسجلين لدى مكاتب العمل بقطاع غزة 378,719 ألف عامل ويخرج.
وأوضح العمصي في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية، أن العدد التراكمي للخريجين العاطلين عن العمل المسجلين لدي مكاتب العمل بغزة يبلغون 166,568ألف خريج وخريجة، والعمال 212,151 الف عامل.
وأكد العمصي، أن هؤلاء العاطلين يعانون من أوضاع اقتصادية صعبة وهم بحاجة ملحة للحصول على فرص عمل لاسيما وأن جزء كبير منهم يعانون عائلات بأكملها.
وحملت فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، أمس الثلاثاء، الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن تداعيات المماطلة في رفع الحصار عن القطاع والتلكؤ المتعمد في ملف إعادة الإعمار.
ودعت الفصائل في بيان لها عقب اجتماعها الأسبوعي، الوسطاء بتحمل مسؤولياتهم قبل فوات الأوان، مؤكدةً على أن “التسويف والمماطلة يؤدي إلى ما لا يتمناه الاحتلال”.