ذكر موقع “ميدل إيست آي” أن صناعة الدفاع الإسرائيلية “أسلحة إسرائيل” تُلهم الدول في جميع أنحاء العالم، لكن كثيرين يرونها تهديدا من الأعداء الخارجيين.
ونقل الموقع تصريحا لوزير الخارجية التايواني “جوزيف وو” أخيرًا لصحيفة “هآرتس” العبرية بأن: “كل جانب من جوانب القدرة القتالية الإسرائيلية مدهش للشعب التايواني والحكومة التايوانية”.
وأوضح “وو” أنه يقدّر كيفية حماية إسرائيل نفسها، قائلاً إن “تايوان بدأت نشاطها للتو”.
وأشار إلى تجارب القتال في إسرائيل، مؤكداً أن بلاده “لم تشهد أي حرب في العقود الأربعة أو الخمسة الماضية، لكن إسرائيل لديها هذا النوع من الخبرة”.
وأعرب “وو” عن اهتمامه بالأسلحة الإسرائيلية، مشيراً إلى أن “بلاده نظرت في فائدة هذه الأسلحة في أي حرب محتملة مع الصين”.
وقال إن “إسرائيل لديها القبة الحديدية”، في إشارة إلى نظام الدفاع الإسرائيلي ضد الصواريخ قصيرة المدى.
وأضاف أنه “يجب أن ننظر إلى بعض التكنولوجيا التي استخدمها الإسرائيليون في الدفاع عن أنفسهم. لست متأكدًا مما إذا كان بإمكاننا الاقتداء بالتجربة ونقلها إلينا، لكنني أعتقد أنه يمكننا النظر إليها والتعلم منها”.
وذكر الموقع أن “هذا ليس مجرد تصور تايوان لنفسها على أنها أقرب إلى إسرائيل؛ حيث ضرب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في نيسان (أبريل) 2022 بجيش الدولة اليهودية مثالاً”.
وأوضح الموقع أنه “بعد شهرين من الغزو الروسي غير الشرعي للأراضي الأوكرانية قال زيلينسكي، وهو من أشد المؤيدين لإسرائيل إن شعبنا سيكوّن جيشنا العظيم”.
وأضاف زيلينسكي “لا يمكننا الحديث عن سويسرا المستقبل، ربما ستتمكن دولتنا من أن تكون هكذا بعد فترة طويلة، لكننا بالتأكيد سنصبح إسرائيل كبيرة في شكلها الخاص”.
معمل فلسطين
وأشار موقع “ميدل إيست آي” إلى أن هذا الإعجاب بإسرائيل غير مفاجئ ومقلق. ويتجاهل المديح لإسرائيل في شكل كامل تقريبًا احتلالها الأراضي الفلسطينية، وهو أطول احتلال في العصر الحديث، بالإضافة إلى الطرق التي يتم بها تنفيذ هذا المشروع الاستعماري.
عندما تتطلع تايوان أو أوكرانيا أو أي دولة أخرى إلى إسرائيل من أجل الابتكار، فإنها تكون نظرة انتقائية للغاية تُخفي تماماً أكثر من خمسة ملايين فلسطيني تحت الاحتلال العسكري الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس الشرقية وغزة.
ويقول كاتب التقرير أنتوني لوينشتاين إنه أمضى السنوات الأخيرة في البحث عن مفهوم “فلسطين حقل اختبار وآلية تنفيذه” في فلسطين وفي جميع أنحاء العالم.
ويضيف: كتابي الجديد، مختبر فلسطين: كيف تصدر إسرائيل تكنولوجيا الاحتلال حول العالم.
ويكشف فيه عن كيفية استخدام إسرائيل الفلسطينيين الواقعين تحت الاحتلال كأداة أساسية في تطوير أدوات القمع، من الطائرات من دون طيار إلى برامج التجسس والتعرف على الوجه إلى البيانات البيو مترية، مع الحفاظ على الشعب الفلسطيني تحت السيطرة أكثر من نصف قرن.
باعت إسرائيل معدات دفاعية لما لا يقل عن 130 دولة، وهي الآن عاشر أكبر مصدر للأسلحة في العالم. ولا تزال الولايات المتحدة هي اللاعب المهيمن في هذا المجال، بما يمثل 40 في المائة من صناعة الأسلحة العالمية.
ولفت “ميدل إيست آي” إلى أن واشنطن استخدمت حربيها الفاشلتين في العراق وأفغانستان كميدان لاختبار أسلحة جديدة.
وخلال الغزو الروسي الحالي لأوكرانيا، كانت الحرب بمثابة “اختبار تجريبي” حيوي للأسلحة الجديدة والأشكال المتطورة للمراقبة والقتل.
لكن إسرائيل لديها سكان جاهزون من الفلسطينيين الواقعين تحت الاحتلال تسيطر عليهم سيطرة كاملة.
ولأكثر من خمسة عقود، قامت أجهزة المخابرات الإسرائيلية ببناء نظام مراقبة على مستوى وكالة الأمن القومي عبر الأراضي الفلسطينية المحتلة بأكملها. ولا يوجد مكان محصن تماماً من التنصت أو المراقبة أو المتابعة.
في العقد الماضي، كان المثال الأكثر شهرة على تكنولوجيا القمع الإسرائيلية هو “بيجاسوس Pegasus”، أداة اختراق الهاتف التي طورتها شركة مجموعة “NSO”.
إسرائيل وبرامج التجسس
ومع ذلك، فإن غياب كثير من التغطية الإعلامية الغربية، كالغضب ضد مجموعة “NOS” ومؤسسيها الذين كانوا محاربين قدامى في صفوف الجيش (الاحتلال) الإسرائيلي، تسليم ضمني بالعلاقات الوثيقة بين الشركة والدولة الإسرائيلية.
وأوضح التقرير أن مجموعة “NOS” شركة خاصة بالاسم فقط، لكنها في الواقع ذراعا للدبلوماسية الإسرائيلية، يستخدمها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وجهاز الموساد لجذب أصدقاء جدد على الساحة الدولية.
وعلى رغم إدراجها في القائمة السوداء من قِبل إدارة “بايدن” في تشرين الثاني (نوفمبر) 2021، لا تزال الشركة تأمل في مواصلة التداول.
وأظهر بحث كاتب التقرير وأبحاث المراسلين الآخرين، وجود علاقة واضحة بين بيع الأسلحة الإلكترونية الإسرائيلية ومحاولات إسرائيل لتحييد أي رد فعل عنيف محتمل لاحتلالها غير القانوني.
من رواندا إلى السعودية والإمارات إلى الهند، يتم استخدام برامج التجسس الإسرائيلية وتكنولوجيا المراقبة من قبل عدد لا يحصى من الديمقراطيات والديكتاتوريات على حد سواء.
التوافق الأيديولوجي
إن مدى التواطؤ الإسرائيلي مع القمع الذي شهده القرن العشرين والحادي والعشرين ساحق.
ولعل أكثر ما كشف عنه هو العلاقة العميقة بين نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا وإسرائيل.
لم يكن الأمر يتعلق فقط بتجارة الأسلحة، ولكن تحالفا أيديولوجيا بين دولتين اعتقدتا حقاً أنهما تقاتلان من أجل وجودهما.
في عام 1976، دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي يتسحاق رابين رئيس وزراء جنوب إفريقيا جون فورستر، المتعاطف مع النازية خلال الحرب العالمية الثانية، لزيارة إسرائيل، وشملت جولته التوقف في “ياد فاشيم” النصب التذكاري للهولوكوست في القدس (المحتلة).
عندما وصل فورستر إلى إسرائيل، احتفى به رابين في مأدبة عشاء رسمية، وسلط الضوء على “المُثل العليا المشتركة بين إسرائيل وجنوب إفريقيا، لاسيما الآمال في العدالة والتعايش السلمي”.
ولفت موقع “ميدل إيست آي” إلى أن إسرائيل وجنوب إفريقيا اعتبرتا نفسيهما تحت هجوم جهات أجنبية ملتزمة بتدميرهما. وبعد وقت قصير من زيارة فورستر، أوضح الكتاب السنوي لحكومة جنوب إفريقيا أن كلا الدولتين كانتا تواجهان المشكلة نفسها: “إسرائيل وجنوب إفريقيا لديهما شيء واحد مشترك فوق كل شيء آخر، كلاهما يقعان في عالم يسوده العداء ويسكنه شعوب مظلمة”.
ولا يزال حب القومية العرقية يغذي إسرائيل إلى اليوم، إلى جانب الرغبة في تصديرها، ولا تكاد إسرائيل تضع أي قيود على ما تبيعه، وتعمل جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل في شكل متزايد مع الدول القمعية، مثل بنغلاديش.
إسرائيل واليمين المتطرف العالمي
وتابع “ميدل إيست آي” أن تقارب إسرائيل مع المجر والهند واليمين المتطرف العالمي، تحدث كثيراً عن الطبيعة المُلهمة لدولة إسرائيل الحديثة.
إن حشد الحكومة لخدمة تأجيج معاداة السامية ليس مفاجئاً، إنها ثمرة عملية طويلة ومتسقة كانت حكومة نتنياهو تقترب فيها من العناصر اليمينية المتطرفة في جميع أنحاء العالم، على حساب الجاليات اليهودية التي تدعي أنها تمثلها.
ازدهرت إسرائيل كدولة عرقية قومية لفترة طويلة لأن الجزء الأكبر من العالم يمنحها الإفلات من العقاب.
كانت الدول الأوروبية من الداعمين الرئيسيين لإسرائيل، وعلى استعداد للتغاضي عن احتلالها وانتهاكاتها حقوق الفلسطينيين.
صمت غربي
وأردف التقرير: “نادراً ما كان هناك أي اهتمام جاد بالسعي لتحقيق السلام، أو محاسبة إسرائيل على أفعالها غير القانونية الصارخة، لأن الضرورة الاقتصادية قوية للغاية. وحتى اليوم، عندما يصبح من الممكن تخيل نكبة أخرى ضد الفلسطينيين، يسود صمت كبير من النخب الغربية”.
حظرت ألمانيا الاعتراف العلني بنكبة عام 1948 وجرمت أي تضامن مع الشعب الفلسطيني، كما تحرص على شراء نظام دفاع صاروخي إسرائيلي، مؤكدة أولوياتها.
وهذا هو سبب صعوبة إيقاف الفصل العنصري الإسرائيلي ومختبر فلسطين؛ حيث تريد دول لا حصر لها قطعة من تكنولوجيا القمع الإسرائيلية لمراقبة سكانها غير المرغوب فيهم أو دعم التدخل في الانتخابات في أمريكا اللاتينية أو إفريقيا.
وختم تقرير “ميدل إيست آي” بالتأكيد على أنه “من دون الضغط من أجل المساءلة والمقاطعات الاقتصادية والتنظيم أو حظر برامج التجسس الإسرائيلية، يمكن لإسرائيل أن تشعر بالراحة لأن وضعها يُعتبر آمناً كقائد عالمي في الأسلحة الهجومية”.
النسخة الأصلية للتقرير https://www.middleeasteye.net/opinion/israel-arms-industry-palestinians-guinea-pigs
اقرأ أيضاً:
ألمانيا تخصص 600 مليون يورو لشراء صواريخ حيتس 3 من إسرائيل