لم يشفع للصحفي الفلسطيني عقيل عواودة، حب البلاد، ولا كلمات المطالبة بضرورة وقوف القيادة الفلسطينية إلى جانب شعبها، ووقف سياسات الاعتقال السياسي، وملاحقة المقاومين في الضفة الغربية، له من يد أجهزة أمن السلطة الفلسطينية.
مساء أمس الخميس (13 تموز 2023) اعتقلت أجهزة السلطة عقيل على خلفية نشره منشورات، لا تستهوي المنظومة الأمنية.
ودعا عواودة في منشوراته على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى احترام عقول الفلسطينيين، فيما يتعلق بقضية وجود معتقلين سياسيين من عدمه، وضرورة فضح الفاسدين، والابتعاد عن التسحيج الإعلامي فيما يتعلق بزيارة الرئيس عباس الأخيرة لمدينة جنين، ومخالفة المنابر الإعلامية الرسمية للحقيقة عبر الحديث عن التفاف شعبي كبير خلال الزيارة.
وصية عواودة
هذا المصير (الاعتقال)، كان يعلم عواودة بأنه سيكون ثمناً لقول الحقيقة، ما دفعه لكتب وصيته قبل دخول معتقل ذوي القربى، ليعنونها بـ ” أيتها البلاد إني لك محب ولن تفلح العصا في قطع الطريق الذي اتخذته”.
وقال عقيل في وصيته: “هذه كلماتي لكم وأنا مقيد الآن في سجون البلاد التي نحب وقد أكون مصلوباً أتلقى عن حريتكم الضربات، كنت أعلم أن هذه الطريق لن تكون مفروشة بالورود، أتمنى أن تصلكم هذه الكلمات وأنا أتنفس من هواء البلاد”.
وأكد عواودة: “أنا الآن جاهز لدفع ثمن الحرية التي ننشد وجاهز لاستقبال الضربات والشتم والصلب والاهانة بصدر قوي وقلب يحب البلاد، أنا الآن أسدد ثمن دفاعي عن كرامة ابني أحمد وكرامة البلاد كلها”.
وتابع: “أبناء الوطن، أنا لست بسارق ولا قاطع طرق ولا خائن لتراب البلد، أنا فقط أريد الكرامة لكل قطرة دم روت ثرى الأرض، يا فلسطين إني تركت على أرضك من صلبي ابني أحمد، وإني والله ما سرت في هذا الدرب إلاّ من أجل أن يعيش بكرامة أكثر في وطن الوديع والفاروق وطبيب البلاد أبو وتين”. في إشارة للشهداء (وديع الحوح، فاروق سلامة، عبد الله أبو تين).
وبالنظر إلى الوصية التي كتبها عواودة، يجد أي قارئ كلمات رحيل وأمل ضئيل بالحرية، لكن الشيء، الذي قد يمنح قارئها صبراً أنه ليس الوحيد وراء تلك القضبان.
فلقد أصدرت ثمانية فصائل فلسطينية وعائلات معتقلين، بيانات رسمية، طالبت بضرورة وقف الاعتقالات السياسية في الضفة الغربية، ولا سيما التي تستهدف قادةً وكوادر وأسرى محررين.
شبح وتعذيب
ووفق مجموعة “محامون من أجل العدالة”، كثفت الأجهزة الأمنية خلال الشهرين الأخيرين من حملة الاعتقالات بحق الطلبة الجامعيين، والنشطاء السياسيين، والأسرى المحررين والمدافعين عن حقوق الإنسان.
وبحسب المجموعة، فإنها وثقت وحدها تنفيذ الأجهزة الأمنية أكثر من 300 حالة اعتقال سياسي منذ بداية عام 2023 بينهم أكثر من 20 اعتقالاً خلال شهر حزيران (يونيو) الماضي.
وقال مدير المجموعة المحامي مهند كراجة لشبكة مصدر الإخبارية، إن حالات أخرى وثقتها مؤسسات أخرى، لم تتمكن المجموعة من الوصول إليها.
وأضاف كراجة أن “عدد من المعتقلين تعرضوا للتعذيب بالشبح والضرب في مراكز توقيف الأجهزة الأمنية، ما يعتبر إضراراً ومخالفاً لحقوق الانسان”.
وأشار إلى أن “اعتقال الصحفي عواودة امعان في انتهاك وقمع الحريات العامة”. مؤكداً أن “حرية الرأي والتعبير مكفولة حتى لو بلغ مستوى النقد اللاذع.”
وحذر من مغبة التعرض للصحفي عواودة داخل مركز التوقيف، سيّما وانه تعرض في اعتقال سابق مساء ٥-٧-٢٠٢١ للضرب المبرح على خلفية المظاهرات المنددة في حينه باغتيال الناقد السياسي نزار بنات.
من جانبه، أكد المحامي مصطفى شتات، أن الاعتقال والتعذيب على خلفية حرية التعبير والرأي والانتماء السياسي جريمة يحاسب عليها القانون الفلسطيني.
وقال شتات إن “السلطة حولت القضاء ونظام العدالة لمؤسسات تعمل لتحقيق أهدافها من الاعتقال السياسي”.
وأشار إلى وجود عشرات المعتلقين في سجون السلطة، جلهم على خلفية الانتماء السياسي وحرية التعبير والانتقاد.
وكان مركز المعلومات الفلسطيني “معطي”، رصد تنفيذ أجهزة أمن السلطة 411 انتهاكاً في الضفة الغربية، خلال شهر حزيران (يونيو) الماضي.
وشملت الانتهاكات أنواعاً من التعذيب الوحشي والتنكيل، وتوزعت على 120 حالة اعتقال و35 حالة استدعاء و20 حالة تعذيب وشبح و10 اعتداء وضرب و26 عملية مداهمة لمنازل وأماكن عمل، و85 حالة قمع حريات، و10 حالات اختطاف، و60 حالة محاكمات تعسفية و27 حالة تدهور وضعها الصحي، و18 ملاحقة وقمع مظاهرات وانتهاكات أخرى.
اقرأ أيضاً: كتلة الصحفي: اعتقال أجهزة السلطة الزميل عقيل عواودة تجاوز لكل القوانين