يشهد قطاع غزة والضفة الغربية ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار السلع الأساسية نتيجة صعود ثمنها عالمياً وسط حالة من التخبط بالأسواق ومطالبات بضرورة تحقيق التوازن بالأسعار وإجراء الجهات الحكومية لتدخلات داعمة للمواطن الفلسطيني في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها منذ سنوات.
وعقب الارتفاعات المتتالة بأسعار السلع بنسبة 16% في فلسطين مقارنة بصعود عالمياً بنسبة 22% منذ بداية 2021 شرعت وزارة الاقتصاد لتكثيف جولاتها الميدانية والتفتيشية على الأسواق المحلية بهدف تحقيق التوازن فيها وضبطها وإنهاء حالية التخبط بين التجار والمواطنين ومنع حالات الاحتكار والاستغلال.
ويؤكد مسئولون ومحللون اقتصاديون على ضرورة إقرار سياسات واضحة تراعي مصالح المستوردين والتجار والمواطنين على حد سواء دون الإضرار بأي طرف لاسيما في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها السكان، لاسيما في قطاع غزة.
أثار كارثية على الفئات الفقيرة
ويقول علي الحايك رئيس جمعية رجال الأعمال الفلسطينيين، إنهم يتابعون في القطاع الخاص شكاوي التجار والمواطنين على حد سواء من ارتفاع أسعار السلع والبضائع المختلفة نتيجة الارتفاع الكبير بأسعار النقل والشحن العالمي.
ويضيف الحايك لشبكة مصدر الإخبارية، أنهم يسعون حالياً للعمل مع الجهات المسئولة لخلق نوع من الاستقرار بالأسواق المحلية بما لا يكبد التجار خسائر ولا ينهك المواطنين.
ويشير الحايك إلى أن الارتفاع بالأسعار ينعكس سلباً على الطبقات الوسطى والفقيرة لاسيما في قطاع غزة الذي يشهد نسب عالية من البطالة والفقر ومحدودية الدخل لدي عدد كبير من السكان.
ويؤكد الحايك على أهمية تعزيز سياسات إحلال الواردات واستبدال البضائع والمنتجات التي لها بديل وطني بنظيرتها المستوردة. ويشدد على أهمية عقد لقاء عاجل بين القطاع الخاص والتجار ووزارة الاقتصاد للاتفاق على آلية لتنظيم الأسعار وعمل الأسواق.
ارتفاعات كبيرة قادمة
بدوره يشير الخبير الاقتصادي ماهر الطباع إلى أن الارتفاع بأسعار السلع ناتج عن خلل عالمي بمنظومة الإنتاج في السلع الأساسية والمنتجات المرتبطة بالإلكترونيات نتيجة جائحة كورونا، وصعود أسعار الطاقة والنقل والشحن العالمي بأكثر من 500%.
ويقول الطباع أن هذه الارتفاعات تحمل وفق القوانين المعمول بها على المنتج، لافتاً إلى أن تكلفة الحاوية القادمة من الصين لفلسطين ارتفعت من 30 ألف شيكل إلى 15 ألف شيكل.
ويضيف الطباع، أن ” المؤشرات تشير إلى أن هناك ارتفاعات كبيرة قادمة ستطال جميع أصناف السلع”.
ويشير الطباع إلى أن الجهات الحكومية الفلسطينية فرصها محدودة للتدخل المباشر في مسألة الارتفاع بالأسعار في ظل الأزمة المالية التي تعاني منها، مثل دعم السلع الأساسية، وتخفيض قيمة الرسوم والجمارك المفروضة عليها كون ذلك من شأنه شل قدرتها على تقديم التزاماتها المالية من دفع للرواتب ودفع المصاريف التشغيلية للقطاعات الحكومية المختلفة.
ويؤكد أن وزارة الاقتصاد مطالبة حالياً بتكثيف جولات حماية المستهلك والرقابة والتفتيش لتنظيم الأسعار بالأسواق وفقاً للارتفاع العالمي ومنع أي رفع ذاتي للأسعار من قبل البائعين والتجار. مشدداً على أهمية تعزيز المنتج الوطني حالياً لحين تجاوز أزمة الارتفاع بالأسعار.
دعم السلع الأساسية ورفع علاوات المعيشة
من جهته يؤكد المحلل الاقتصادي هيثم دراغمة، أن التدخلات الحكومية غير واردة حالياً في ظل الوضع المالي الكارثي للسلطة الفلسطينية وعدم وجود خطة لديها بالأساس لمعالجة ضائقتها المالية.
ويقول دراغمة إن المطلوب حالياً هو دعم السلع الأساسية ورفع قيمة علاوة غلاء المعيشية للموظفين، وتكثيف الرقابة الاقتصادية على الأسواق الفلسطينية لاسيما على السلع التي لم تشهد ارتفاعات عالمية ويجري حالياً رفع أسعارها ضمن الاحتكار والاستغلال.
ويشير دراغمة “أن المواطن إذا ترك وحيد فلن يكون قادراً على الوفاء بالتزاماته الأساسية”.
ينوه دراغمة إلى أن الدول الكبرى التي تشهد استقرارا ستتجه نحو دعم السلع الأساسية ورفع الرواتب والأجور سواء كانت للقطاع الخاص أو القطاعات الحكومية العامة.