أعلن الديوان الملكي البحريني، صباح اليوم الأربعاء، وفاة رئيس الوزراء الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة.
وأضاف الديوان الملكي أنه توفي في مستشفى “مايو كلينك” في الولايات المتحدة الأمريكية.
وستتم مراسم الدفن بعد وصول جثمانه إلى أرض البحرين، كما سوف تقتصر مراسم الدفن على عدد محدد من الأقارب.
وأعلن الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البحرين، الحداد الرسمي أسبوعاً مع تنكيس الأعلام وتعطيل العمل في الدوائر الحكومية لمدة ثلاثة أيام، ابتداءً من يوم غد الخميس.
حياة خليفة بن سلمان آل خليفة
ولد خليفة بن سلمان آل خليفة في يوم الأحد الموافق 24 نوفمبر 1935 بعد عامين وبضعة أشهر من مولد أخيه الأكبر عيسى بن سلمان آل خليفة. ونشأ الشقيقان معا في رعاية والدهما سلمان بن حمد آل خليفة حاكم البحرين (1942 – 1961) وقد عمد والدهما إلى إعدادهما منذ نعومة أظفارهما للاضطلاع بالمسؤولية وتحمل الأمانة فبدأ بتعليمهما القرآن الكريم على يد واحد من أشهر المشايخ في البحرين في ذلك الوقت ولم يكد خليفة يبلغ السابعة من عمره حتى أصدر الوالد أوامره بأن ينتظم مع أخيه في حضور مجلسه وهناك بدأ الإطلاع على مشاكل المواطنين وما يشغل اهتمامهم وعلى السياسة الحكيمة التي ينتهجها والده في إدارة شؤون الحكم وهناك أيضا تعلما مبادئ حسن الاستماع وإكرام الضيف واحترام الكبير وغير ذلك من أسس الخلق القويم ولم تمضِ سوى فترة قصيرة حتى بدأ تعليمهما النظامي حيث عيّن والدهما مجموعة من أكفأ معلمي ذلك الوقت ليقوموا بتعليمهما المواد الأساسية وذلك قبل التحاقهما بإحدى المدارس التابعة للحكومة. وفي عام 1957 تم ابتعاث الشاب خليفة للدراسة في بريطانيا
المهام والمسؤوليات
بدأ خليفة حياته العملية بالعمل في ديوان والده الحاكم حيث كان مساعدا في الديوان يعهد إليه العديد من المهمات من قبل الحاكم مباشرة وكان معظمها يتركز في أمور المواطنين وخاصة الجوانب الاجتماعية حيث كان يتابع توجيهات الحاكم في حل مشاكل المواطنين كما كان الحاكم يعهد إليه بعض المهمات المحدودة ذات الطابع الاقتصادي.
في 1 سبتمبر 1954 عين خليفة عضوا ضمن لجنة الإيجارات التي شكلها سلمان بن حمد حاكم البحرين (1942 – 1961) لدراسة مشكلة الإيجارات التي طرأت آنذاك ضمن مجموعة مشكلات اجتماعية واقتصادية تمخضت عن آثار الحرب العالمية الثانية على البحرين. وكانت تلك المشكلة، مؤثرة على شريحة كبيرة من المجتمع البحريني وبالتالي فقد أتاحت لخليفة دائرة واسعة ليتحرك خلالها مبديا قدرا كبيرا من الحنكة والدراية والمثابرة وهكذا فقد امتلك سموه المفتاح الحقيقي، للمشاركة في صناعة الحاضر والمستقبل البحريني.
كان النهوض بالمستوى التعليمي وتطوير قطاعاته هدفا مركزيا ورئيسا من أهداف المشروع التنموي لسلمان بن حمد وبالتالي فقد عبر عن ثقة عالية بقدرات وكفاءة نجله خليفة حين عينه عضوا في مجلس المعارف الذي شكله في 22 مارس 1956 وأوكل إليه مهمة النهوض بقطاع التعليم وتطويره وكانت هذه المهمة متوافقة تماما مع حماس عميق كان خليفة يبديه تجاه ضرورة تطوير الحركة التعليمية في البلاد وفي الحقيقة فقد كانت الحركة التعليمية البحرينية تحتل موقعا رياديا على مستوى الخليج العربي والمنطقة ولكن رؤية خليفة كانت تصدر عن قناعة بأن النهضة التعليمية هي الركن الأساس لأي مشروع نهضوي شامل وهكذا فقد بادر سموه لإنجاز رؤيته ولكن بأسلوب ربما بدا مختلفا آنذاك فبعد دراسة شاملة ودقيقة لواقع الحركة التعليمية في البحرين قام بزيارة إلى بريطانيا استمرت حوالي ستة أشهر عاد منها بمنظومة متكاملة من الأفكار الجديدة والبرامج التطبيقية والأساليب الحديثة التي تهدف بمجموعها لتنفيذ النهضة التعليمية المطلوبة على أسس ركينة.
في 13 يناير 1957 تولى خليفة مسؤولية مجلس المعارف رئيسا لهذا المجلس وفي هذا الموقع التنفيذي المتقدم استطاع رسم سياسة تعليمية متكاملة أثمر تطبيقها إنجازات في قطاع التعليم المدرسي والعالي وما انعكس على المؤسسات التعليمية ومخرجاتها والمستفيدين منها من الأجيال التي ساهمت أيضا بدورها في تدعيم هذه المكتسبات وإثرائها.
انتقل اهتمام خليفة المباشر بعد ذلك إلى قطاع الكهرباء عضوا في لجنة الكهرباء التي شكلها سلمان بن حمد في 30 ديسمبر 1957 وكانت مهمة هذه اللجنة وضع السياسة الخدمية المناسبة لإيصال شبكة الكهرباء إلى مختلف أنحاء البلاد.
مع مرور الوقت تزايد شيئا فشيئا عدد وحجم المسؤوليات التي كان يكلف بها خليفة فإلى جانب عمله كرئيس لمجلس المعارف وعضوا في لجنة الكهرباء ولجنة الإيجارات وغيرها من المسؤوليات الأخرى أصدر الحاكم في 11 نوفمبر 1958 مرسوما بتعيين خليفة عضوا في اللجنة المكلفة ببحث شؤون موظفي الحكومة وشارك في دراسة قضية إدارية برزت آنذاك وحلها وهي قضية موظفي الدولة وكوادرهم الوظيفية وقد شكلت لهذه الغاية لجنة أوكلت إليها مهمة تنظيم شؤون موظفي الحكومة.
كان منصب سكرتير حكومة البحرين في ذلك الوقت من أهم المناصب وكان اختيار شخص للقيام بأعمال السكرتير البريطاني الجنسية أثناء غيابه خارج البحرين مسألة دقيقة وصعبة فالحاكم لا يقر المجاملة على حساب المصلحة العامة حتى لو تعلق الأمر بأبنائه والسكرتير كان نموذجا لما يوصف به البريطانيون من أنهم يتركون العواطف والمجاملات في البيت عندما يخرجون للعمل ورغم حداثة سنه وكثرة مسؤولياته حاز خليفة على ثقة الاثنين فكُلِّف بالقيام بأعمال سكرتير الحكومة لأول مرة في أغسطس 1958 وللمرة الثانية في أغسطس 1960 ثم للمرة الثالثة في يوليو 1964.
في 16 نوفمبر 1960 جاء تعيين خليفة رئيسا لمالية الحكومة. من خلال رئاسته لمالية الحكومة استطاع التأثير عميقا في مسيرة التنمية البحرينية ووضع الأسس المتينة التي قامت عليها نهضة البحرين الاقتصادية والمالية وكان هذا المنصب خاتمة المناصب التي تولاها خليفة في عهد والده سلمان بن حمد آل خليفة حاكم البحرين.
أنشئ مجلس الري كواحد من المجالس المتخصصة بهدف وضع السياسة المائية للبلاد والمحافظة على الماء باعتباره ثروة قومية إضافة إلى منح التصاريح الخاصة بحفر الآبار الارتوازية في مختلف أنحاء البلاد.
شهدت البحرين تأسيس أول مجلس بلدي قبيل 1920 مما يجعلها الأولى خليجيا والثالثة عربيا في هذا المجال وبغض النظر عن الدور الذي كانت تقوم به البلدية من توفير الكهرباء والماء وتمهيد الطرق وإنشاء الحدائق وجمع القمامة بل وتقديم خدمات صحية للمواطنين فقد تم تطبيق أسلوب الانتخابات الحرة المباشرة في تشكيل المجلس وكان منصب رئيس البلدية من أرفع المناصب في ذلك الوقت وقد تولاه خليفة سنة 1962 خلفا لشقيقه الأكبر عيسى عندما تسلم مقاليد الحكم في البلاد وظل خليفة رئيسا لبلدية المنامة حتى تولى رئاسة المجلس الإداري 1966 وقد شهد مقر البلدية خلال هذه الفترة والأعوام التي تلتها العديد من الأحداث الهامة التي تعتبر علامات بارزة في تاريخ البحرين.
أبدى سلمان بن حمد آل خليفة حاكم البحرين السابق اهتمامات أكيدة بإصدار عملة وطنية بحرينية وهذا ما حققه خليفة من خلال رئاسته لمجلس النقد الذي تشكل في 9 ديسمبر 1964.
وفي 9 أغسطس 1965 تم تعيينه رئيسا لمجلس استئناف قضايا الهجرة والإقامة للأجانب حيث كانت مهام هذا المجلس تتلخص في الموافقة على إصدار التصاريح للأجانب لدخول البحرين وإصدار تصاريح الإقامة لهم هذا بالإضافة إلى وضع السياسة العامة للدولة بهذا الخصوص والإشراف على تنفيذ قانون الأجانب للهجرة والإقامة بشكل عام.
في 2 مايو 1966 تم تعيينه رئيسا للمجلس الإداري وحقق الإنجازات التالية : تجذير النمط المؤسسي للأجهزة الحكومية، تعزيز الكوادر الوظيفية، وإنجاز مجموعة متكاملة من الأنظمة والقوانين التي كفلت ما تم الوصول إليه من إصلاحات إدارية. ثم تم تعيينه رئيسا لمجلس الدولة في 19 يناير 1970 باعتبار هذا المجلس الشكل المتقدم والأكثر نضوجا للمجلس الإداري وهو الشكل الذي أفضى فيما بعد لمجلس الوزراء.
بعد ساعات من التوقيع على وثيقة إنهاء المعاهدة الخاصة التي كانت قائمة بين البحرين والمملكة المتحدة في 15 أغسطس 1971 صدر عن عيسى بن سلمان آل خليفة حاكم البحرين مرسوم بشأن إعادة التنظيم السياسي والإداري للبلاد وطبقا لهذا المرسوم فقد تم تغيير اسم إمارة البحرين إلى دولة البحرين وكذلك لقب حاكم البحرين وتوابعها إلى أمير دولة البحرين وتبع ذلك صدور مرسوم آخر بإعادة التنظيم الإداري للدولة حيث تم تغيير مسمى مجلس الدولة إلى مجلس الوزراء ورئيس مجلس الدولة إلى رئيس الوزراء وأعضاء مجلس الدولة إلى وزراء.
تم تشكيل مجلس الدفاع الأعلى برئاسة خليفة في 8 ديسمبر 1973 ويضم المجلس في عضويته كلا من القائد العام لقوة دفاع البحرين ووزراء الدفاع والخارجية والداخلية والمالية والاقتصاد الوطني وشؤون مجلس الوزراء والإعلام ورئيس الحرس الوطني ونائب القائد العام لقوة دفاع البحرين ورئيس هيئة الأركان ويتولى المجلس مسؤوليات الشؤون العليا للدفاع والمحافظة على سلامة الوطن.
تم تأسيس المجلس الأعلى للنفط في نوفمبر 1980 بوضع السياسات النفطية العامة بما يضمن المحافظة على الثروة النفطية وتطوير تحديث استغلالها والإشراف على ما يتم إنشاؤه من مؤسسات نفطية وتنمية الصناعات المرتبطة بالنفط ويترأس خليفة المجلس الذي يضم في عضويته وزراء الخارجية والنفط والصناعة والمالية والاقتصاد الوطني والأشغال والزراعة.
أنشئ ديوان الخدمة المدنية في أبريل 1982 وتتلخص مهام هذا المجلس في وضع السياسات الخاصة بالتوظيف وتحديد حاجة الجهاز الحكومي من القوى العاملة كما تشمل هذه المهام وضع البرامج الضرورية لرفع مستوى الكفاءة والإنتاجية بين العاملين في الحكومة تساهم في ملكيتها ويترأس خليفة المجلس الذي يضم في عضويته وزير النفط ووزير شؤون رئاسة مجلس الوزراء بالإضافة إلى وزراء الإعلام والتربية والتعليم والصحة والمالية والاقتصاد الوطني والعمل والشؤون الاجتماعية.
تم تشكيل المجلس الأعلى للتنمية الاقتصادية برئاسة خليفة في 2 يونيو 2000 ويضم المجلس في عضويته كلا من ولي العهد القائد العام لقوة دفاع البحرين ووزراء الخارجية والمواصلات والمالية والاقتصاد الوطني وشؤون رئاسة مجلس الوزراء والإسكان والزراعة والنفط والتجارة والصناعة وعددا من الشخصيات الاقتصادية في البلاد ويتولى المجلس مسؤوليات التخطيط وتفعيل الشئون الاقتصادية في البحرين.
لقب الأمير
أدار سموه سدة الاقتصاد والتنمية الشاملة وأرسى قواعد التنمية البشرية والحضرية تحقيقا لصالح الوطن والمواطنين والارتقاء بجوانب الحياة في مملكة البحرين، تكريما له وبسبب توالي الاحتفاءات الدولية التي يحظى به سموه من قبل المنظمات العالمية والدولية تم في 21 أكتوبر 2009 منحه لقب “صاحب السمو الملكي الأمير” من قبل جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ليشهد على هذه المكانة الكبيرة التي تبوأها سموه في الأوساط العالمية.