ماذا حدث بعد أوسلو؟ أين تايوان.. أو سنغافورة.. أو هونغ كونغ فلسطين؟

أقلام – مصدر الإخبارية

ماذا حدث بعد أوسلو؟ أين تايوان… أو سنغافورة… أو هونغ كونغ فلسطين؟، بقلم ماجد كيالي، وفيما يلي نص المقال كاملًا:

في ترويجها لـ”اتفاق أوسلو” (1993)، الذي وقعته بعد مفاوضات سريّة مع إسرائيل، وخارج الأطر القيادية والتشريعية، حاولت القيادة الفلسطينية التنظير له كوعد بتايوان، أو سنغافورة، أو هونغ كونغ في المنطقة، بما يتجاوز إقامة دولة فلسطينية في الضفة والقطاع.

بيد أن الأحلام والطموحات والرغبات شيء، أمّا الواقع والإمكانيات والمعطيات فهو شيء آخر، فما إن انتقلت “الحركة الوطنية الفلسطينية”، ببنادقها، من الخارج إلى الداخل، وأقامت سلطتها، حتى اصطدمت بواقع مختلف تماما، فإسرائيل تسيطر على كل شيء، وهي صاحبة القرار، فالاتفاق العتيد لم يصف إسرائيل كدولة احتلال، ولا اعتبر الضفة وغزة أراضي محتلة، بما فيها القدس، ولم ينص على إنهاء الاستيطان، أو ترسيم الحدود، أو تحديد ماهية الحل النهائي.

على ذلك، يمكن تعيين تأثيرات “اتفاق أوسلو” على “الحركة الوطنية الفلسطينية” في أربعة جوانب رئيسة؛ الأول، يتعلق بالتحول من حركة تحرر وطني إلى سلطة تحت الاحتلال. والغريب أن هذا التحول لم يؤد إلى أي مراجعة من قبل الكيانات السياسية الفلسطينية، التي تخشبت، أو ظلت تعيش، على مفاهيم وكيانات وأشكال عمل متقادمة، من مرحلة ما قبل “أوسلو”، مع ملاحظة الضمور الحاصل فيها في كل المجالات.

الجيوب الفلسطينية حل وسط إسرائيلي داخلي، بين الرغبة في رؤية الفلسطينيين يختفون عن الخريطة، وبين الإدراك بأنه لا يمكن تكرار ما حدث في 1948 لأسباب جيوسياسية؛ أي طردهم؛ فالحل وضعهم في جيوب

ومفهوم هنا أن اعتبارات السلطة، في العلاقة مع إسرائيل، وفي علاقة الكيانات السياسية ببعضها البعض، وفي علاقتها مع المجتمع الفلسطيني، تختلف عن اعتبارات “حركة التحرر الوطني”. القصد أن الفلسطينيين، إزاء كياناتهم السياسية، لم يعودوا أمام أبناء حركة تحرر وطني، وإنما إزاء سلطة عليهم، والأقسى أنها سلطة تحت الاحتلال.

أي إن الفلسطينيين، في الداخل، باتوا تحت عدة سلطات: السلطة الإسرائيلية، والسلطة الفلسطينية (في الضفة وغزة)، وسلطة المستوطنين التي تنازع السلطتين، على ما نشهد راهنا.

والفكرة الثانية هنا، أن الفلسطينيين كانوا قبل إقامة السلطة، أي قبل “أوسلو”، أكثر وحدة وتحررا وجرأة في مواجهة إسرائيل منهم بعد إقامتها.

تفكيك مفهوم الشعب الفلسطيني
أما التحول الثاني، فهو يتعلق بتغيير السردية الوطنية الفلسطينية الجامعة، من سردية كانت تتأسس على النكبة (1948)، أي إقامة إسرائيل وولادة مشكلة اللاجئين، إلى سردية تقوم على حق تقرير المصير لجزء من الشعب الفلسطيني في جزء من أرض فلسطين (الضفة وغزة)، مع جزء من حقوقه، أي من ملف 48 إلى ملف 67.

وهو أمر نجم عنه تفكيك مفهوم الشعب الفلسطيني، كشعب واحد بسردية واحدة، في محاولة اقتراب، أو خضوع، تجاه الرواية الإسرائيلية، وهو وضع شوّش على صدقية، وعدالة قضية فلسطين في الرأي العام العربي والعالمي، كما أثر في تشريع عمليات التطبيع مع إسرائيل بين أسباب أخرى.

وبخصوص التحول الثالث، فهو يتمثل في تحلل، أو أفول، الكيانات السياسية الجامعة، بعد تطبيق “اتفاق أوسلو”؛ إذ إن إقامة السلطة الفلسطينية، مع انتقال الطبقة السياسية الفلسطينية بكاملها إلى الداخل، ومع جمع القيادة الفلسطينية- في ظل الرئيس الراحل ياسر عرفات، والحالي محمود عباس- الرئاسات في شخصيهما، أدى إلى تهميش “منظمة التحرير الفلسطينية”، ككيان جامع للشعب الفلسطيني (رغم النقص الناجم عن استبعاد فلسطينيي 48 من التمثل داخلها قبل ذلك)، لصالح السلطة، وأدى ذلك- مع التغير في سلم الأهداف من التحرير وعودة اللاجئين، لصالح إقامة دولة الفلسطينية- إلى إخراج اللاجئين الفلسطينيين من المعادلات السياسية، حيث بات قسم آخر من الشعب الفلسطيني خارج الحسابات، وخارج التشكيلات السياسية المركزية (فلسطينيي 48، والفلسطينيين في بلدان اللجوء والشتات)، وخارج التفاعلات السياسية الفلسطينية التي باتت تتمحور حول الكيان السياسي الناشئ في الداخل.

إقامة السلطة الفلسطينية، مع انتقال الطبقة السياسية الفلسطينية بكاملها إلى الداخل، ومع جمع القيادة الفلسطينية- في ظل الرئيس الراحل ياسر عرفات، والحالي محمود عباس- الرئاسات في شخصيهما، أدى إلى تهميش “منظمة التحرير الفلسطينية”، ككيان جامع للشعب الفلسطيني

التحول الرابع؛ إذ إن تشوّش الرواية الجامعة عند الفلسطينيين وأفول كياناتهم السياسية الجمعية وإقامة السلطة تحت الاحتلال، أدى إلى تفكك مفهوم الشعب، في كل تجمع، في رؤيته لذاته، وحاجاته، وأولوياته، وقد فاقم من ذلك طريقة عمل القيادة، والانقسام بين الضفة وغزة، وبين سلطتي “فتح وحماس”، لا سيما مع استثمار إسرائيل لكل ذلك، واعتمادها سياسة الفصل بين الفلسطينيين، سياسيا وجغرافيا وأمنيا وقانونيا.

حيث لم يعد الفصل بين الداخل والخارج فقط، وإنما أيضا بين غزة والضفة والقدس و48، وفي الضفة نفسها بين القرى والمدن والمخيمات، وبين الفقراء والأغنياء، وكل ذلك في ظل غياب تفاعلات، أو حراكات فلسطينية للجسر بينها، أو وضع حلول لها، لا سيما مع قيادات، وكيانات، لم يعد لديها ما تضيفه، ومع عجز “الحركة الوطنية الفلسطينية” عن تحقيق إنجازات، رغم كل التضحيات والبطولات التي يبذلها الشعب الفلسطيني، ومع خلق طبقة وسطى، تميل نحو الحفاظ على مصالحها، في ظل تفشي ثقافة الاستهلاك، والخلاص الفردي، واللامبالاة، نتيجة خيبات الأمل وفقدان الثقة في القيادات والكيانات السائدة.

باختصار، لقد نجمت عن مركبات وآليات وديناميات “اتفاق أوسلو” أوضاع تقطع مع كل تراث وتجربة وخطابات وبنى “الحركة الوطنية الفلسطينية”، بالشكل الذي كانته في الخارج، بما فيه علاقاتها ببعضها البعض، وعلاقاتها مع شعبها في إطار الإقليم الذي يخضع لسلطتها (المحدودة).

مكاسب إسرائيل
أما من زاوية إسرائيل فقد وجدت نفسها، بعد الاتفاق، في واقع احتلال مريح ومربح، كأنها غسلت يديها من كونها دولة محتلة، فالصراع يدور بين “حقين” وشعبين على الأرض ذاتها (الضفة فقط)، وقد تمكنت من تجويف “الحركة الوطنية الفلسطينية”، وأخذها إلى مربعها في روايتها عن ذاتها، واعتراف تلك الحركة بها، وبتحولها إلى سلطة على شعبها.

في كشف حساب للمحلل الإسرائيلي، سيفر بلوتسكر، بعد ثلاثة عقود من “اتفاق أوسلو”، يقول: “ارتفع عدد الدول التي اعترفت بإسرائيل من 110 دول عام 1993 إلى 166 دولة اليوم، وعدد المستوطنين في الضفة من 115 ألفا إلى 485 ألفا (دون القدس)، اختفت مشكلة اللاجئين الفلسطينيين عمليا… وانخفضت نفقات أمن الدولة من 11 في المئة إلى 5 في المئة… وارتفع مستوى المعيشة الحقيقي للعائلة الإسرائيلية”. (يديعوت، 3/9/2023). علما بأن الناتج المحلي لإسرائيل بلغ عام 1993، 100 مليار دولار، وقد أضحى اليوم 522 مليار دولار.

وترى الكاتبة والصحافية السياسية الإسرائيلية عميرة هس أن “اتفاق أوسلو” كان نجاحا إسرائيليا مدويا، “لم يتم ذكر أي هدف محدد مثل دولة، أو مناطق، أو حدود… وشكل الاتفاق مفتاحا لأسواق عالمية، بما في ذلك أسواق عربية… وتم إعفاء إسرائيل من مسؤوليتها عن احتلال السكان الواقعين تحت الاحتلال وعن رفاههم”.

وفي الوقت نفسه، احتفظت لنفسها بالزبدة: صلاحيات السيطرة على الأراضي والمياه والفضاء البري والفضاء الإلكترومغناطيسي في البحر، والجو، وحرية الحركة، والاقتصاد، والحدود (الخارجية وحدود كل جيب جغرافي)… ومختبر تجرب وتطور فيه فرع التصدير المهم: السلاح، والذخيرة، وتكنولوجيا التعقب، والسيطرة… ويواصل الفلسطينيون كونهم خزانا لقوة عمل رخيصة ومربحة لإسرائيل برعاية أقوال تقطر العسل مثل السلام والازدهار وسنغافورة؟

منذ الأشهر الأولى، استنتجت أن نية إسرائيل هي إخضاع الفلسطينيين وليس السلام… الجيوب الفلسطينية هي حل وسط إسرائيلي داخلي، بين الرغبة في رؤية الفلسطينيين يختفون عن الخريطة، وبين الإدراك بأنه لا يمكن تكرار ما حدث في 1948 لأسباب جيوسياسية؛ أي طردهم؛ فالحل وضعهم في جيوب الخلافات في الرأي بين المعسكرات الصهيونية المختلفة ليست على الجوهر، بل على عدد الجيوب الفلسطينية وحجم كل واحد منها”. (هآرتس، 8/9/2023).

أقرأ أيضًا: ماجد كيالي يغزو إسرائيل فلسطين ويحتلّها وحده

بعد ثلاثين عامًا على أوسلو.. إلى أين (2-2)

أقلام- مصدر الإخبارية

كتب هاني المصري: تناولت في القسم الأول من المقال، الذي نشر الأسبوع الماضي، أبرز الأخطاء التي ارتكبتها القيادة الفلسطينية عند توقيعها لاتفاق أوسلو، وفي هذا القسم سأتناول الأخطاء التي ارتكبتها المعارضة للاتفاق، والتي حالت دون أن تقدم بديلًا قادرًا على إسقاطه، على الرغم من مرور أكثر من ثلاثين عامًا على توقيعه.

لقد أُقر الاتفاق عبر جلسة عقدها المجلس المركزي من دون عرضه على المجلس الوطني المرجعية العليا للمنظمة وصاحبة الاختصاص والصلاحية بإقرار مثل هذه القضايا الجوهرية والمصيرية، ولم تتم دعوة المجلس الوطني للانعقاد خشية من عدم إقراره أو معارضته من أقلية كبيرة جدًا، وعقد المجلس الوطني في العام 1996 في دورته الحادية والعشرين لإلغاء بنود في الميثاق الوطني بعد أن غدا الاتفاق أمرًا واقعًا من الصعب إلغاؤه، وحتى تجاوزه، في ظل تبلور جماعات مصالح وبنية أخذت تتكامل مستفيدة منه.

وحضر جلسة المجلس المركزي التي أقرت الاتفاق وأنشأت السلطة 83 عضوًا من أصل 110 أعضاء؛ أي بمقاطعة 27 عضوًا من مندوبي عدد من الفصائل والمستقلين، كما أن هناك عددًا لا بأس به من الحاضرين عارض الاتفاق، وشاركت الفصائل المعارضة في تشكيل صيغة عرفت باسم “الفصائل العشرة” التي عارضت الاتفاق سياسيًا مستخدمة أغلظ وأشد الإدانات له من دون أن تقدم بديلًا متكاملًا منه، واستمرت هذه الصيغة سنوات عدة، ثم خرجت منها الجبهتان الشعبية والديمقراطية.

على الرغم من المعارضة التي عبرت عن موقف واسع وليس من المبالغة أنه كان يحظى بتأييد أغلبية سياسية وشعبية، بمن فيهم أعضاء قياديون في حركة فتح والمنظمة وشخصيات مستقلة بارزة من أعضاء المجلس الوطني، لم تستطع منع الاتفاق، بل حكمتها ردود الأفعال، وهبطت بموقفها من المعارضة الشديدة له إلى التعامل مع نتائجه، وخصوصًا تشكيل السلطة، فقد تباينت مواقف الفصائل المعارضة للاتفاق في تعاملها مع السلطة المترتبة على الاتفاق؛ حيث وافقت بشكل متدرج ومتفاوت على الانخراط في السلطة الفلسطينية بعد إدراج أعداد منها في القوائم التي سمحت سلطات الاحتلال بعودتها إلى أرض الوطن، وفيما بعد شاركت فصائل يسارية مثل الجبهة الديمقراطية وحزب الشعب في بعض الحكومات.

وكذلك تباينت مواقف تلك الفصائل من الانتخابات بين المشاركة والمقاطعة؛ حيث قاطعت انتخابات المجلس التشريعي والرئاسة الأولى، وشاركت في الانتخابات الثانية من دون اشتراط التخلي عن أوسلو أو تجاوز التزاماته، كما قاطعت الجبهة الشعبية جلسة المجلس المركزي الأخيرة وشاركت فيها الجبهة الديمقراطية، ونصف مشاركة لحزب الشعب.

أما بالنسبة إلى حركة حماس، فقد انتقلت من الدعوة، والأهم، الممارسة الفعلية لخيار إقامة منظمة تحرير بديلة أو موازية إلى خيار الاستعداد للمشاركة في المنظمة والسلطة لتبوء الدور القيادي فيهما من الداخل، بعد أن استنتجت بأن هناك قرارًا عربيًا ودوليًا ضد إقامة منظمة بديلة أو موازية عبر الموافقة (باستثناء حركة الجهاد الإسلامي) على المشاركة في الانتخابات المحلية والتشريعية في العامين 2005 و2006، كما تأكد في إعلان القاهرة في آذار 2005، من دون اشتراط الالتزام بالميثاق الوطني الذي قامت جلسة من جلسات المجلس الوطني كما أشرنا آنفًا بتغيير مواد أساسية فيه بحضور الرئيس الأميركي بيل كلينتون، من دون استكمال هذه العملية بشكل كامل.

كما لم تشترط المعارضة عند انخراطها في السلطة والموافقة على المشاركة في المنظمة إلغاء أوسلو أو التخلي عن التزاماته، بل وضعت عليها شروطًا، أهمها الالتزام بالاتفاقات والالتزامات التي تجاوبت معها جزئيًا، من خلال تضمين بيان الحكومة التي شكلتها “حماس” بعد فوزها في الانتخابات احترام الاتفاقات والالتزامات، والعبارة نفسها تكررت في برنامج حكومة الوحدة الوطنية التي كانت برئاسة إسماعيل هنية.

برر كتّاب “حماس” وبعض قادتها ذلك بأن أوسلو مات، مع أن الوقائع والدلائل تشير بلا شك أن ما حدث بعد اغتيال الرئيس ياسر عرفات هبوط بسقف الموقف الفلسطيني أكثر مما كان عليه في عهده، وأقل من سقف أوسلو من خلال تبني سياسة تلبية الالتزامات من جانب واحد؛ لأنها تلبي مصلحة فلسطينية؛ ما يفسر موقف “حماس” أنها تصورت أن الطريق لقيادتها للمنظمة والسلطة باتت أسهل؛ نظرًا إلى رحيل عرفات الرئيس الشهيد والقائد والمؤسس وصاحب المكانة والصفات القيادية التي كان يتحلى بها، ولوجود رهانات بأن “حماس” بوصفها جزءًا من “الإسلام المعتدل” يمكن الاعتراف بها إذا حصرت برنامجها في برنامج الدولة، وإذا استعدت لوقف المقاومة المسلحة وإعطاء المفاوضات فرصة.

وإذا لم يكن الأمر كذلك، فما الذي يفسر موافقة “حماس” ومختلف الفصائل، مع تحفظ حركة الجهاد، على تفويض اللجنة التنفيذية للمنظمة، وتحديدًا الرئيس محمود عباس، بالتفاوض باسم الفلسطينيين كما ورد في وثيقة الوفاق الوطني المستندة إلى وثيقة الأسرى في العام 2006، وكذلك إقدامها على التهدئة المتكررة التي تعقد مع الاحتلال بدءًا من العام 2003 وحتى الآن، التي تتناقض أو على الأقل تتعارض مع إستراتيجية التحرير المعتمدة في برامج “حماس”؛ حيث طغى هذا التعارض على السطح بعد انقلاب/ حسم “حماس” للسلطة في قطاع غزة.

معضلة “حماس” أن إسرائيل لم تتبن مقاربة إدارة بوش الأولى التي شجعت “حماس” على المشاركة في الانتخابات التشريعية، حتى تهتم كما قالت كونداليزا رايس بحقائب الطلاب بدلًا من اهتمامها بحقائب المتفجرات، ولا إدارة أوباما التي شجعت الربيع العربي والأصح الإسلامي، بل أصرت على ضرورة قبول “حماس” قولًا وفعلًا شروط اللجنة الرباعية قبل الاعتراف بها بوصفها لاعبًا رئيسيًا أو ممثلًا للفلسطينيين.

وعلى الرغم من كل المرونة والتنازلات التي قدمتها “حماس”، وقبلها العمل على تغيير قواعد اللعبة من داخلها، الذي أدى إلى تذبذبها بين خط التسوية وخط المقاومة، بين خط التوافق مع الرئيس و”فتح” والانفتاح على الشراكة والمحاصصة معهما، وبين خط الحلول محلهما والبحث عن بديل، ومع ذلك لم يُعترف بها إلا بحدود تُمكِّن من وقوع الانقسام الفلسطيني واستمراره وتعميقه، وهو الدجاجة التي تبيض ذهبًا خالصًا للاحتلال.

معارضة الاتفاق من الداخل بدلًا من الخارج هي جذر الخلل

ما سبق يعني أن المعارضة الفلسطينية انتقلت من معارضة اتفاق أوسلو من الخارج إلى معارضته من الداخل، وهذا جعلها أقرب ما تكون إلى لاعب مشاغب ضمن اللعبة المسيطرة في المدينة ليس أكثر، والنقطة الفارقة التي أكدت ذلك هي سيطرة حركة حماس على السلطة في غزة، والتفاهمات التي عقدتها بشكل غير مباشر مع الاحتلال (هدنة مقابل تسهيلات وتخفيف الحصار)، وإقامة إمارة ذات بعد ديني من دون أن تتمكن من توفير شروط الحياة لها ولشعبنا في القطاع؛ ما أدى إلى وقوعها في مصيدة لم تستطع الفكاك منها حتى الآن، وتجلت في الاعتماد على ما يسمح به الاحتلال المحاصر للقطاع، الذي يمارس العدوان ضده، لدرجة الوصول أخيرًا إلى السماح للعمال الغزيين بالعمل في الداخل، فضلًا عن الاعتماد على ما تقدمه قطر وتركيا وتسمح به مصر، ويتحقق قدر من التوازن المترتب على علاقة “حماس” بإيران وحزب الله، التي تتباين التفسيرات حولها، حتى داخل الحركة نفسها، بين من يعدّ “حماس” جزءًا لا يتجزأ من محور المقاومة، وبين من يرفض ذلك علنًا، على أساس أن القضية الفلسطينية بحاجة إلى علاقات ودعم من مختلف الفرقاء والمحاور.

إن محاولة الجمع ما بين السلطة في القطاع والمقاومة المسلحة في ظل المعطيات المحلية والإقليمية والدولية بحاجة إلى تصويب، وهو الذي يفسر أكثر من أي شيء آخر لماذا تغلّب “حماس” مصلحة السلطة على مصلحة المقاومة، وعليها أن تختار أحدهما عاجلًا أم آجلًا.

كيف يمكن الخروج من هذه الدوامة؟

أضاعت حركة حماس وبقية الفصائل المعارضة، بما فيها من داخل “فتح” والمستقلين، وخصوصًا اليسارية، فرصًا عديدة، وآخرها الفرصة الثمينة التي بدأت من لحظة قرار الرئيس محمود عباس إلغاء الانتخابات التشريعية والرئاسية، ومرورًا بمعركة سيف القدس ونفق الحرية، وانتهت أو تكاد تنتهي باجتماع الأمناء العامين في مدينة العلمين، الذي استعاد فيه الرئيس زمام المبادرة.

ولو استغلت الفصائل هذه الفترة لبناء بديل نظري وعملي ليس عن السلطة والمنظمة ومؤسساتهما كما يفكر البعض، بل عن نهجهما وسياساتهما ورهاناتهما، لقاطعت أو ذهبت إلى اجتماع العملين وهي تطرح حلًا متكاملًا قادرًا على تجاوز المأزق العام الذي تعيش فيه القيادة والمؤسسة والمشروع الوطني، أزمة فقدان الخيارات، بعد وصول الإستراتيجيات المعتمدة إلى طريق مسدود، وبدلًا من بناء بديل أو بدائل، تتم إعادة إنتاج الخيارات الفاشلة.

بدلًا من ذلك، ذهبت الفصائل إلى اجتماع العلمين وهي منقسمة بين من سيحضر، ومن يقاطع؛ لأن القيادة رفضت إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، حتى التي أصدرت المحكمة قرارات بالإفراج عنهم. كما أن الرئيس هو من بادر إلى الاجتماع، وحدد توقيته ومكانه والمدعوين وجدول أعماله ونتائجه، واشتركت الفصائل في هذه المسرحية المعادة، مغيرة خطابها قبل الاجتماع بأن هناك فرصة صغيرة أو كبيرة للنجاح، أو أننا لا نستطيع مقاطعة حوار وطني، وكأن ما جرى كان حوارًا وطنيًا وليس نوعًا من الرقص على ألحان الرئيس!

قد لا تزال الفرصة مفتوحة، مع أنها تكاد أن تغلق، خصوصًا بعد تشكيل حكومة في إسرائيل أكثر تطرفًا، وبعض أركانها لا يرى ضرورة لبقاء أي شكل يعبر عن الهوية الوطنية الفلسطينية، حتى لو كانت سلطة متعاونة مع الاحتلال. لذا، تطالب بحل السلطة، وإقامة إدارات محلية بدلًا منها بوصف ذلك جزءًا من خطة الحسم التي يتصور أنصارها أن إسرائيل قادرة الآن على حسم الصراع نهائيًا مع الفلسطينيين، وهذا ما عجزت الحكومات السابقة عن تحقيقه.

وحتى يتم توظيف هذه الفرصة، لا بد من بلورة رؤية شاملة متكاملة تدرس تجارب الماضي، وتستخلص الدروس والعبر، وتُحدد معالمها عبر حوار وطني عميق ومسؤول وتمثيلي، يهدف إلى تغيير بنيوي وسياسي شامل، ويستند إلى أسس وطنية وديمقراطية توافقية، وليس إلى محاصصة فصائلية ثنائية أو جماعية، تمهيدًا لتحقيق توافق وطني يكون مدخلًا للاحتكام إلى الشعب عبر انتخابات على كل المستويات حيثما يكون ذلك ممكنًا. وينبثق من هذه الرؤية برنامج عمل على أساس القواسم المشتركة، والتصدي للتحديات والمخاطر الجسيمة التي تحدق بالقضية الفلسطينية، بعيدًا عن استمرار أو إعادة إنتاج الخيارات والرهانات السابقة، إضافة إلى توظيف الفرص في ظل أن المنطقة والعالم في مرحلة انتقالية ويشهدان متغيرات مهمة يمكن إذا أحسن الفلسطينيون استغلالها أن تصب لصالحهم، أو لا تأتي على الأقل على حسابهم.

مبادرة إنقاذ وطني

يمكن أن تكون مثل هذه الخطوة من خلال مبادرة إنقاذ وطني، تخاطب الكل الوطني، وتدعو الجميع إلى المشاركة فيها، من دون أن ينتظر المؤمنون بها موافقة الجميع، بل لا بد من الشروع فورًا في بناء خيار بديل نظري وعملي من كل القوى والشخصيات الموافقة على هذا التوجه لإنقاذ الشعب والقضية وأداة تجسيدها منظمة التحرير، وعندما يثبت هذا البديل نفسه يمكن أن يتمكن من إعادة بناء مؤسسات المنظمة على أساس الرؤية التغييرية، وإذا تعذر ذلك ستبنى مؤسسات جديدة، فمن يمثل الشعب وحقوقه ومصالحه هو صاحب الحق والجدير بتمثيله.

اقرأ/ي أيضًا: تزوير التاريخ والتغاضي عن أكثر الأحداث خطورة

لنفترض أن خيار أوسلو كان صائباً فلماذا حصل ما حصل؟!

أقلام – مصدر الإخبارية

لنفترض أن خيار أوسلو كان صائباً فلماذا حصل ما حصل؟!، بقلم الكاتب الفلسطيني ماجد كيالي، وفيما يلي نص المقال كاملًا كما وصل موقعنا:

كثيرة هي المقالات والدراسات التي تحدثت عن الإجحافات المتضمنة في اتفاق أوسلو (1993) بالنسبة إلى حقوق الشعب الفلسطيني، والثغرات الكثيرة التي اعتورته، والتي ساهمت فيها، طوال السنين الـ30 الماضية، لذا فإن هذه المقالة ستنطلق من فرضية مفادها أن القيادة الفلسطينية التي وقّعت على ذلك الاتفاق، وفرضته على الشعب الفلسطيني، كانت مصيبة في خيارها، أو أنه كان الخيار الوحيد المتاح أمامها (والحال ليست كذلك طبعاً).

بيد أن تلك النقلة الافتراضية تثير إشكاليات أو أسئلة أخرى، مثلاً، فبعد ثلاثين عاماً، هل أوضاع الشعب الفلسطيني، في ظل السلطة الفلسطينية، في الداخل والخارج، أفضل أم أسوأ، بالقياس إلى السابق؟ وهل وضعه الكياني في السلطة، أفضل من وضعه الكياني، الذي كان متمثلاً في المنظمة من قبل؟ ثم هل كان قيام السلطة يستوجب التضحية بمكانة منظمة التحرير الفلسطينية كممثل وكقائد للشعب الفلسطيني وكمعبّر عن قضيته، قبل إقامة الدولة المستقلة؟

أيضاً، من الناحية الهوياتية، هل باتت الهوية الوطنية الفلسطينية أكثر رسوخاً بعد إقامة كيان السلطة أم أنها باتت عرضة للاهتزاز وللتفكك، مع تركيز ولاية السلطة على فلسطينيي الأرض المحتلة (1967) ونشوء أولويات لكل تجمع فلسطيني (في الداخل والخارج)، ومع حال الانقسام الجغرافي والسياسي بين الفلسطينيين، وفي كيانهم السياسي، بين سلطة “فتح” في الضفة وسلطة “حماس” في غزة، واختفاء دور مجتمعات اللاجئين؟

ثم هل مكانة القضية الفلسطينية، بعد إقامة السلطة، باتت أفضل في الأجندة العربية والدولية، أم أنها تتعرّض للتبدد والتآكل، بدلالة الموجة الثانية من علاقات التطبيع مع إسرائيل، التي باتت تتم بمعزل عن أي تقديمات إسرائيلية بخصوص حقوق الفلسطينيين؟

على الصعيد الإسرائيلي، هل ازداد الاحتلال، والاستيطان، وسلب أراضي الفلسطينيين، في القدس والضفة، بعد إقامة السلطة، أم نقص؟ وهل بات جيش الاحتلال والمستوطنون في الضفة أكثر أمناً أم أقل أمناً؟ أيضاً، بالعكس، هل بات الفلسطينيون أكثر أمناً وحرية أم أقل في ظل السلطة وأجهزتها الأمنية؟ وماذا عن وضع فلسطينيي 48، فهل وضعهم أفضل إزاء مقاومة السياسات العنصرية الإسرائيلية ضدهم، في ظل كيان السلطة، أم أن ذلك تعرض للاهتزاز؟

الأسئلة، أيضاً، تشمل إدارة القيادة للوضع الجديد، بعد تحولها من قيادة حركة تحرر وطني، إلى سلطة، فإذا بها سلطة تحت الاحتلال، وفوق ذلك فهي بدت، إزاء شعبها، مثل أي سلطة في العالم العربي، مع سمات أمنية، وقمعية، وغياب للمشاركة السياسية وللإطارات التشريعية. فالرئيس محمود عباس، مثلاً، في أواخر الثمانينات، وهو يجمع الرئاسات الثلاث (المنظمة والسلطة وفتح) في شخصه، منذ عام 2005، أي منذ 18 عاماً، وهو حل مجلس القضاء الأعلى، والمجلس التشريعي، وبات صاحب القرار الأوحد في القيادة الفلسطينية.

الافتقاد للدستور والقانون، مع الهيمنة السلطوية، يؤدي إلى شيوع الفساد، والمحسوبية (“السلطة المطلقة مفسدة مطلقة”)، وهي في الوضع الفلسطينية متفشية، بالاعتماد على الريع المتأتي من الدول المانحة، وعوائد الضرائب، وليس من ثروات باطنية أو إنتاجية، ما يغذّي قاعدتها الاجتماعية بعشرات ألوف المتفرغين في الفصائل، وفي السلكين المدني والأمني في السلطة، ما يجعل تلك القاعدة أقرب للموالاة، وأميل لاستمرار الوضع القائم، أياً كانت مضاره على الشعب وحقوقه الوطنية، في ظل المعطيات السائدة.

القصد من كل ما تقدم القول بأن ما أوصل الفلسطينيين إلى هذه الحال من الاختلاف والانقسام والتدهور، ليس فقط اتفاق أوسلو، رغم كل علاته وثغراته، بل الأزمة المستعصية في الحركة الوطنية الفلسطينية التي نشبت في منتصف السبعينات، بعدما لم يعد بإمكانها أن تضيف أي إنجاز جديد، بقواها الذاتية.

وبديهي أن ثمة دوراً بارزاً لإسرائيل، ومعها الولايات المتحدة الأميركية، بعدم تمكين الفلسطينيين من حقوقهم الوطنية المشروعة، وعدم تمكين السلطة من القيام بمهماتها، إلا أن طريقة عمل القيادة الفلسطينية، في إدارتها للوضع الفلسطيني، داخلياً وخارجياً، أسهمت في التسهيل عليهما.

وفي الواقع، فقد كان هدف إسرائيل من ذلك الاتفاق تجزئة قضية فلسطين، وتفكيك وحدة شعبها، وتجويف حركتها الوطنية، وتالياً تحرير نفسها من صورتها كدولة استعمارية تسيطر على شعب آخر بالقوة، والتخفّف من مسؤولياتها السياسية والأمنية والاقتصادية والأخلاقية كدولة احتلال؛ وهذا حصل، بسبب السياسات التي انتهجتها، وبحكم طريقة القيادة الفلسطينية في العمل، ما سهّل عليها تلك الاستهدافات.

في المحصلة، فإن اتفاق أوسلو لم يغيّر الواقع السياسي الفلسطيني، فقط، محولاً حركة التحرر الوطني إلى سلطة، بل إنه غيّر الواقع الثقافي أيضاً، إذ أحدث قطعاً بين الثقافة الوطنية التحرّرية التي تنبني على المقاومة والذاكرة والحقيقة والعدالة، إلى ثقافة السلطة التي تنبني على ثقافة النسيان والتعايش مع الاحتلال، واعتبار الصراع مع إسرائيل على جزء من الأرض، وعلى سيادة سلطة في ذلك الجزء، ولو على حساب حقوق الشعب الفلسطيني.

مع كل تلك الملاحظات، يفترض التحذير من الافتراض أن حال الحركة الوطنية الفلسطينية من دون الاتفاق كان سيكون أفضل من وضعها معه، لأن تلك الحركة بعد الخروج من لبنان، وانتهاء الظاهرة المسلحة من الخارج (1982)، كانت تقادمت واستهلكت، ولم يعد لديها ما تضيفه، أي كان ثمة جمود في التفكير السياسي وفي بنى الكيانات الفلسطينية، أي الفصائل والمنظمة، وهو ما نعيشه حتى اليوم.

الفكرة هنا أن صراعاً ممتداً ومعقّداً كالصراع الفلسطيني الإسرائيلي لا يقرر في مصيره أفراد أياً كانوا، ولا اتفاقيات أياً كانت، فذلك يتقرّر بحسب طبيعة الصراع، وينتفي بانتهاء أسبابه (جلاء بريطانيا عن الهند) أو بتغيّر طبيعته (تفكّك الاتحاد السوفياتي) أو بتحوّل أحد أطرافه (كما جنوب أفريقيا) وهو وضع تقرّر بشأنه الشعوب.

صراعات معقدة كهذه تحتاج تغيراً في موازين القوى، والمعطيات المحيطة الدولية والإقليمية والعربية، كما تحتاج تغيرات عند الطرفين المعنيين مباشرة (إسرائيل والفلسطينيين)، وإلى تطورات سياسية واجتماعية واقتصادية ثقافية، وإلى تقوّض أو تفكك المشروع الصهيوني باعتباره مشروعاً استعمارياً وعنصرياً ودينياً.

أقرأ أيضًا: استطلاع: ثلثا الفلسطينيون يرون أن اتفاق أوسلو أضر بالمصلحة الفلسطينية

اتفاقات أوسلو بعد ثلاثين عامًا

أقلام – مصدر الإخبارية

اتفاقات أوسلو بعد ثلاثين عامًا، بقلم الكاتب الفلسطيني سري القدوة، وفيما يلي نص المقال كاملًا كما وصل موقعنا:

ماذا تبقي من أوسلو بعد مضى ثلاثين عاما على توقيع اتفاقيات السلام الإسرائيلية الفلسطينية ..؟؟

حكومة التطرف الإسرائيلية تتحمل مسؤولية ما يجري من ممارسات ستؤدي إلى نتائج كارثية في المنطقة وإعادة الأوضاع إلى مربع الصفر ونقطة البداية بعد إصرارها على تغير الوضع القائم واختراقها لكل الاتفاقيات التي وقعت وفي مقدمتها اتفاقية أوسلو وهي بالتالي تكون مسئولة عن هذا الفراغ والدمار وعن سياستها التي أدت إلى إسقاط أوسلو وتدمير فرص نجاح عملية السلام وفقا للقواعد الدولية والاتفاقيات التي وقعت خلال العشرين عاما الماضية وهي تعيد استنساخ الاحتلال وتفرض بالقوة العسكرية واقعا احتلاليا جديدا في الضفة وتستمر في دعم الانقسام لتمزيق الجسد الفلسطيني الواحد في خطوات تهدف إلى توسيع الاستيطان والسيطرة على الضفة الغربية ودعم مخطط دولة محدودة في غزة التي يرفضها الشعب الفلسطيني كونها لا تعبر عن أهدافه الوطنية ولا تؤسس إلى سلام يضمن تحقيق العدالة أو يمنح الحقوق ويعيدها إلى أصحابها بل هدفها فقط هو إعادة إنتاج الاحتلال وتقديم الأرض الفلسطيني مجانا لاحتلال لا يعرف إلا لغة القوة والهيمنة والسيطرة العسكرية في انتهاك خطير للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة واتفاقية جنيف الرابعة والعديد من قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة ذات الصلة.

من جانبها تتحمل الإدارة الامريكية برئاسة الرئيس جو بايدن المسؤولية الكاملة لفشل أوسلو كونها مستمرة في دعم سلطات الاحتلال ومشاريع الاستيطان بشكل مخالف للقوانين والحقوق الدولية وتطبيقا لمشروعهم الداعم لسيطرة الاحتلال على الأراضي الفلسطينية المحتلة وتعمل على تهيئة الظروف المناسبة لمساعدة سلطات الحكم العسكري بتسريع ضم الأراضي الفلسطينية المحتلة وتلك التي بنيت عليها المستعمرات الغير شرعية والأراضي الزراعية الخصبة في غور الأردن مما يؤدي الى تدمير عملية السلام .

وما من شك بان الاحتلال عمل بكل مكوناته السياسية ومنذ توقيع اتفاق غزة أريحا أولًا وهو اول اتفاق وقع لبدء تنفيذ سلسلة من الاتفاقيات التي عرفت باتفاق أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل تحت رعاية دولية وأمريكية وكان يعتقد قادة الاحتلال ان هذا الاتفاق هو النهاية للوضع الفلسطيني القائم رافضين استمرار التفاوض او منح الشعب الفلسطيني حقوقه التاريخية وقد سعت وعملت حكومات الاحتلال المتعاقبة على وضع العراقيل امام أي تقدم ممكن ان يساهم في إقامة الدولة الفلسطينية وتعاملت مع الوضع القائم كأنه صفقة امنية فقط لحفظ امن دولة الاحتلال متجاهلة تماما ان توقيع هذه الاتفاقيات كانت مشروطة بإقامة دولة فلسطين وذلك وفقا لمبدأ السلام الأساسي والذي يعرف الأرض مقابل السلام والقرارات الدولية.

وفي ضوء استمرار سياسة الاحتلال وعدم امتثالها لقواعد وأحكام القانون والشرعية الدولية بحيث يشمل ذلك وقف سياسة الاحتلال القائمة على استمرار الاستيطان فان وضع الشعب الفلسطيني يكون مهدد ويقع عليه الخطر الشديد مما يتطلب من مجلس الأمن الدولي الوفاء بواجباته وتنفيذ قراراته إزاء قضية فلسطين والعمل على وجه السرعة لمواجهة خطط الضم الإسرائيلية التي تهدد السلام والأمن الإقليميين والدوليين واحترام ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي الإنساني.

بالمحصلة النهائية فإن أوسلو كانت مجرد البحث عن امن الاحتلال وفرض وقائع جديدة على الأرض ولم تتمكن أوسلو من انجاز اتفاق سلام وللحقيقة انها كانت غطاء قرصنة وعربدة من الاحتلال للاستغلال كل الظروف للسيطرة على الأراضي الفلسطينية وسرقتها وتوسيع قاعدة الاستعمار الاستيطاني.

أقرأ أيضًا: الشرعية الدولية ومحاكمة الاحتلال.. بقلم سري القدوة

ثلاثون عاماً على اتفاقيات أوسلو … اعطاء الهزيمة إسما آخر

أقلام – مصدر الإخبارية

كتب عبد الحميد صيام/ قبل عشر سنوات كتبت مقالاً في هذه الصحيفة بعنوان “عشرون عاماً على أوسلو – بقايا وطن وبقايا حقوق”.

حاولت أن أعمل جردة حساب على ما جرته اتفاقيات أوسلو الكارثية من مصائب على الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، التي ضحّى من أجلها مئات الألوف من الفلسطينيين والعرب. ولا أريد أن أعيد الأفكار نفسها وبأرقام جديدة، سواء ما يتعلق بتوسع الاستيطان مقارنة بعام 1993، أو عام 2013، ولا باستكمال بناء الجدار العازل ولا بشهية القتل لدى الكيان وإطلاقه أربع حروب كبرى على غزة (2008، 2012، 2014 و2021) وحرب اجتياح المدن في الضفة الغربية عام 2002 وحرب على جنوب لبنان 2006، وما بينها من اقتحامات للأقصى ومجازر واغتيالات وتهويد متواصل للقدس. الآن بعد مرور عشر سنوات أخرى على الاتفاقيات الكارثية لتكمل عامها الثلاثين، أود أن أتوقف عند محطات رئيسية حول الوضع الفلسطيني أساسا وتشابكه مع الأوضاع العربية والدولية.

أولا: لكي نفهم اتفاقيات أوسلو وما تعنيه، يجب أن نراجع اتفاقيات الاعتراف المتبادل لأنها الجوهر وما عدا ذلك تفاصيل.. فقد جاء في رسائل الاعتراف المتبادل التي وقعها كل من ياسر عرفات وإسحق رابين قبل أربعة أيام فقط من مهرجان البيت الأبيض: “تعترف منظمة التحرير بحق دولة إسرائيل في العيش في سلام وأمن، وتقبل المنظمة قراري مجلس الأمن رقمي 242 و338، كما تلزم المنظمة نفسها «بالحل السلمي بين الجانبين”.

كما أن المنظمة “تدين استخدام الإرهاب وأعمال العنف الأخرى”، وستلزم أفراد منظمة التحرير بالالتزام بعدم انتهاك هذه الاتفاقيات وفرض الانضباط، والأخطر من كل هذا أن المنظمة تعتبر أن كل «بنود الميثاق الوطني الفلسطيني التي تنكر حق إسرائيل في الوجود.. وتتناقض مع الالتزامات الواردة في هذا الخطاب، أصبحت الآن غير ذات صلة ولم تعد سارية المفعول.

مقابل هذا الاعتراف حصلت منظمة التحرير على جملة يتيمة تقول: «إن حكومة إسرائيل قررت الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل للشعب الفلسطيني، وستبدأ مفاوضات مع منظمة التحرير في إطار عملية السلام في الشرق الأوسط». وشتان ما بين الاعترافين، أي إنشاء ووعود وحديث عن دولة مستقلة ووقف الاستيطان والقدس وحق العودة، هي أمنيات فقط قيلت لتسويق الاتفاقية ولم ترد في نص الاتفاقية.

الغالبية الساحقة من الشعب الفلسطيني وفصائل المقاومة، بدأت تتمرد على الاحتلال، وتنظم نفسها دفاعا عن مدنها، الخيار الذي تُرك للناس الموت ذلا أو الاستشهاد بشرف في ميدان المواجهة

ثانيا: هذه أطول فترة متواصلة في تاريخ الشعب الفلسطيني الحديث، كما يؤكد الكاتب والباحث الدكتور خالد الحروب. فالحكم العسكري البريطاني استمر أربع سنوات وفترة الانتداب 25 سنة، والحكم الأردني 19 سنة والاحتلال المباشر للضفة وغزة استمر 20 سنة والانتفاضة الأولى استمرت خمس سنوات انتهت بتوقيع اتفاقيات أوسلو عام 1993. ثلاثون سنة متواصلة وتحت إدارة السلطة الفلسطينية التي أوكل لها الاحتلال هذه المهمة فقط.

ثالثا: إن أخطر ما مثلته اتفاقيات أوسلو، أنها تنازلت عن وحدة الشعب الفلسطيني ووحدة الأرض ووحدة الهدف. فالشعب الفلسطيني اقتصر على سكان الضفة الغربية وغزة فقط، وأسقط كل الفلسطينيين في الداخل ودول اللجوء والشتات، وهم يعادلون نصف الشعب الفلسطيني أو أكثر. والاعتراف الفلسطيني بدولة إسرائيل الحالية الرابضة على 78 في المئة من مجموع الأرض الفلسطينية، يعني أن الدولة الفلسطينية ستقام (جدلا) فقط على 22 في المئة من أرض فلسطين التاريخية.

كما غيرت الاتفاقيات الهدف الفلسطيني من تحرير فلسطين، وإقامة الدولة الديمقراطية على كل أرضها إلى إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية وغزة فقط. إذن تم التخلي عن وحدة الشعب ووحدة الأرض ووحدة الهدف مقابل ماذا؟ مقابل وعد بفتح المفاوضات على قضايا الوضع النهائي، إذا ما أثبتت السلطة أنها قادرة على ضبط الأمن ووقف التحريض وقمع المناضلين وإلغاء الميثاق الوطني.

رابعا: السلطة الفلسطينية الآن فاقدة للشرعية تماما، فآخر انتخابات رئاسية تمت عام 2005 وكان يجب أن تعقد انتخابات رئاسية عام 2009. إذن الرئيس انتهت شرعيته الدستورية منذ 14 سنة، وأنا واثق أن غالبية الشعب الفلسطيني في الضفة والقدس وغزة، لو أتيحت لهم فرصة الانتخابات الرئاسية الحقيقية السلمية المراقبة دوليا، لرفضت انتخابه وهو يعرف هذا تماما ولذلك ألغى إعلانه لإجراء الانتخابات عام 2021. هو الذي أعلن وهو الذي ألغى. كل المؤسسات الآن فاقدة للشرعية سواء المجلس الوطني، أو المجلس التشريعي الذي ألغاه محمود عباس بجرة قلم. منظمة التحرير الفلسطينية أصبحت دائرة من دوائر السلطة، وليس لها أي مضمون حقيقي ويستخدم اسمها أحيانا عند الضرورة.

خامسا: هذه القيادة غير معنية بالوحدة الوطنية على أرضية النضال، إذ إنها تستمد قوتها فقط من الكيان الصهيوني والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وليس لهؤلاء مصلحة في الوحدة، بل تعزيز الانقسام. ما تسعى إليه القيادة المهيمنة، وحدة على أرضية أوسلو، والتسوية، ووقف أي عمل مقاوم بالسلاح. وحدة يريدونها على أرضية التنسيق الأمني واعتقال المناضلين وزجهم في السجون، أو السماح للقوات الصهيونية باغتيالهم نهارا جهارا، إن أكثر محاولة جادة للوحدة الوطنية التي رعتها الجزائر في 13 أكتوبر 2022 وتم إفشالها. أما اجتماع أمناء الفصائل في العلمين في مصر، فكان مناسبة لأخذ صور تذكارية فقط.

سادساً: لقد تحول رئيس السلطة إلى حاكم مطلق، يضع كل السلطات في يديه هو وثلة صغيرة تخدمه وتمجده وتخترع الروايات عن عبقريته. لقد تحولت السلطة إلى جهاز قمعي لشعبها، يكتم الأنفاس والحريات، وضيقت نسبة حرية التعبير وحرية التجمع وحرية الرأي، وأصبحت الاعتقالات بناء على موقف الشخص المعارض من الأمور اليومية. ثم تجاوزت الاعتقالات إلى استخدام العنف والقتل والسجن والتعذيب.

وما حدث لنزار بنات، إنما المثل الأكثر وحشية. ولننظر إلى خطورة ما حدث مؤخرا في مخيم طولكرم، وقتل الشاب عبد القادر نضال زقدح يوم 30 أغسطس أثناء تصدي شباب المخيم لقيام الأجهزة الأمنية بإزالة الحواجز المخصصة لإعاقة اقتحامات قوات الاحتلال الصهيوني. هل من جريمة أبشع من أن تطلق النار على فلسطيني يريد أن يقاوم التوغل الصهيوني؟ ونثمن دور جميعة «محامون من أجل العدالة» وغيرها من جمعيات حقوق الإنسان التي توثق كل هذه الجرائم.

سابعاً:
المقاومة من رجال عابرين للفصائل متواصلة، رغم تغول الكيان الصهيوني في ظل الحكومة الأكثر فاشية في تاريخ الكيان. الغالبية الساحقة من الشعب الفلسطيني وفصائل المقاومة، بما فيها كتائب شهداء الأقصى، بدأت تتمرد على الاحتلال وأعوانه وبدأت تنظم نفسها دفاعا عن مدنها ومخيماتها وقراها. الخيار الذي ترك للناس الموت ذلا أو الاستشهاد بشرف في ميدان المواجهة.

وكلما اشتد عود المقاومة وأوجع العدو، انصاعت السلطة للضغط الإسرائيلي الأمريكي للعمل على اجتثاث المقاومة وهو ما اتفق عليه في اجتماعي العقبة وشرم الشيخ. لقد دخل المستوطنون بتنسيق مع الجيش مرحلة الإرهاب الجماعي وارتكاب المجازر والتدمير والحرق والاقتحامات، أبرزها ما حدث في حوارة وترمسعيا وبرقة وغيرها. «إما أن تحمونا أو تسلحونا» صرخة شاب في وجه محمد إشتية تمثل الإحباط العام من سلطة أوسلو.

ثامناً: لقد شكلت سنوات أوسلو غطاء للمطبعين العرب، حيث اندلقت العلاقات على غواربها بعد الاتفاقية، وفتحت مكاتب تجارية في العديد من الدول العربية. وبعد الانتفاضة الثانية تراجع التطبيع قليلا، خاصة في أشكاله العلنية، لكنه بقي متواصلا مع بعض الدول وصولا إلى اتفاقيات إبراهيم التي ضمت الإمارات والبحرين ثم المغرب فالسودان.
وكادت تقفز ليبيا إلى القطار لولا وعي الشعب الليبي، لكن المقبل أخطر. فمرحلة التطبيع اذا شقت الطريق إلى المملكة العربية السعودية، ستفتح كل أبواب التطبيع من إندونيسيا شرقا إلى موريتانيا غربا. السلطة التي اتهمت الإمارات بطعن الفلسطينيين في الظهر، عادت وسكتت على التطبيع المغربي والسوداني وتفاوض الآن السعودية على الثمن.

وأخيراً، هذا الكيان هش وقابل للهزيمة، خاصة أنه يواجه لأول مرة تحديا داخليا يكاد يطيح بالتركيبة كلها، كل الأسلحة المتطورة التي لديه، والتنسيق الأمني مع سلطة رام الله ومصر والأردن والاختراق لدول عربية عديدة ودعم أمريكي أوروبي روسي هندي صيني غير محدود، ومع هذا هو خائف ومرعوب، ولا يستطيع أن يواجه غزة ولا مخيمات الضفة بعد درس جنين يومي 2 و 3 يوليو، ولا يستطيع أن يفتح جبهة في الشمال مع المقاومة. إنه أوهى من خيوط العنكبوت ومع هذا يتسابق العرب لاحتضانه والتنسيق معه وشراء أسلحته، بينما كثير من شعوب العالم تقاطعه وتعريه وتدينه. ألا بئس ما يفعلون. لكن اللوم أساسا يقع على من وقع اتفاقيات أوسلو «النكبة الثانية» من تقدم منهم ومن تأخر، ولا مناص أمام الشعب الفلسطيني إلا الصمود والمواجهة والمقاومة لإسقاط مرحلة أوسلو وما جرته على الشعب الفلسطيني من مآس.

عبد الحميد صيام.. محاضر في مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة رتغرز بولاية نيوجرسي

اقرأ أيضاً:استطلاع: ثلثا الفلسطينيون يرون أن اتفاق أوسلو أضر بالمصلحة الفلسطينية

بعد مرور 30 عاماً يشعر الفلسطينيون أنه لم يتبق لهم سوى عيوب أوسلو

ترجمة مصطفى ابراهيم

جاكي خوري/ هارتس
في الساحة المركزية راية الوطن العظيم مع شريكه في الاتفاق التاريخي. وتجري احتفالات ومسيرات الدعم في كل مكان، ولافتات مكتوب عليها كلمة “سلام” باللغتين العربية والعبرية معلقة في كل مكان. وعلى مسافة ليست بعيدة من هناك، في حديقة مخيم بلاطة للاجئين الفلسطينيين، يجري افتتاح حديقة نباتية جديدة.

وهنا محطة نابلس المركزية التي شارف بناؤها على الانتهاء والتي ستربط الضفة الشمالية برام الله والقدس، بالقطار قريبا.

قبل ثلاثين عاماً، عندما مشى ياسر عرفات وإسحق رابين وبيل كلينتون في حديقة البيت الأبيض، بدا الأمر وكأنه حلم قد يتحقق. واليوم، ربما ليس أكثر من القشة المحطمة.
كان يوم 13 سبتمبر 1993 يوم الشك الممزوج بالنشوة، أو العكس. لم تكن اتفاقيات أوسلو مجرد خطوة أولى على طريق التوصل إلى اتفاق شامل مع إسرائيل، بل كانت أيضاً خطوة كبيرة، على الورق على الأقل، لإنشاء الكيان الفلسطيني. وللمرة الأولى منذ عام 1948 أصبح لها قاعدة سياسية معترف بها على أرض شرق الخط الأخضر. لقد أصبح لعرفات وكبار أعضاء منظمة التحرير الفلسطينية، الذين اضطروا للتجول بين الدول العربية، وطن رسمي، وهو ما اعترفت به إسرائيل والعالم أيضاً. ولكن سؤالاً واحداً على الأقل لا يزال لغزاً حتى اليوم: هل كانت الاتفاقيات التي تم التوصل إليها قد تم التوصل إليها؟ بذور الدولة الفلسطينية أم وهم.
محاولة الإجابة على هذا السؤال في المحادثات مع كبار المسؤولين في السلطة واجهت صعوبة معينة. إنهم على استعداد للتحدث، ولكن ليس لتعريف أنفسهم بالاسم. ويقول أحدهم: “بعد 30 عاماً، أصبح من الواضح أننا لا نستطيع الحديث عن النجاح”. وأضاف “إنه اتفاق مؤقت لمدة خمس سنوات كان من المفترض أن يرسي ترتيبا دائما ويبدد الشكوك لدى الجانبين.” ولكن بعد مرور خمس سنوات، أصبح من الواضح بالفعل أن الجدول الزمني الأصلي لن يؤتي ثماره.
يقول حسن عصفور: “كان اغتيال رابين ومن ثم الانتخابات التي أوصلت بنيامين نتنياهو إلى السلطة أول مسمارين في نعش أوسلو”. وفي التسعينيات كان أحد المقربين من عرفات، وكان مطلعاً على الاتصالات التي تجري خلف الكواليس. ويضيف: “منذ ذلك الحين، تلاشت الأهمية السياسية لأوسلو برمتها. وبشكل رئيسي الانسحاب الإسرائيلي الذي كان مخططًا له من أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة، لكنه لم يحدث. وفي المقابل، كانت هناك عملية تعميق المستوطنات والابتعاد عن أي ترتيب سياسي مستقبلي”.
وعلى الرغم من قربه من الرئيس السابق للسلطة الفلسطينية، إلا أن عصفور لم يكن في أي يوم من رجال فتح، واليوم، حتى هذا القرب يبدو بعيدا جدا، فهو من أشد منتقدي السلطة الفلسطينية، ولا يسلم من انتقادات حماس أيضا. المحطات على طول طريق الآلام من اتفاقات أوسلو، ويعتقد عصفور أن مؤتمر كامب ديفيد مع إيهود باراك في يوليو/تموز 2000 (“باراك سعى إلى تهويد القدس وعرفات رفض ذلك”) لم يكن في الواقع نهاية الرحلة، فقد حدث ذلك بعد شهرين فقط وفي وقت لاحق، عندما اقتحم أريئيل شارون، رئيس المعارضة آنذاك، إلى المسجد الاقصى. ومن هناك لم يكن أي طريق للعودة. يقول عصفور: ثم انفجر كل شيء.

اقرأ/ي أيضا: كيف وصلت منظمة التحرير إلى أوسلو؟

وكلمات في نفس السياق يرددها أيضا المسؤول الفلسطيني الكبير الذي، على حد قوله، “كل شيء ساء” منذ ذلك الحين. ويصف قائلاً: “في إسرائيل تبنوا نظرية “لا شريك” وألقوا باللوم على الفلسطينيين وعلى عمليات المقاومة”. “لكن من الناحية العملية، يكفي أن ننظر إلى الخريطة لنكتشف كيف قامت إسرائيل بتسريع بناء المستوطنات، وفصل القدس عن الضفة الغربية، والتخطيط لضم المنطقة C، التي تشكل 60% من الضفة الغربية”. ويؤكد أن هذا له آثار طويلة المدى. “هذه ليست حقيقة واقعة في جنوب لبنان بقواعد عسكرية ومنشآت أمنية يمكن تفكيكها في غضون أسبوع، بل هي تحديد للحقائق على الأرض. بعد 30 عاما، تقلصت المنطقة وكذلك المساحة المعيشية للفلسطينيين.
عمق الكسر
وبعد مرور 30 عاماً، يبدو أن خريطة الضفة الغربية أصبحت بمثابة كابوس للفلسطينيين الذين عملوا على اتفاقيات أوسلو. ولكن على الأقل رسميا، لم يتم تدمير كل شيء، في حديث مع “هآرتس” يوضح نبيل عمرو، المتحدث والمستشار السابق لعرفات، أوسلو منحت الفلسطينيين قاعدة إقليمية في قطاع غزة والضفة الغربية، فضلاً عن وضع أسس المؤسسات الرسمية: من إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، من خلال تشكيل حكومة، مع الحفاظ على السلطة الفلسطينية كهيئة عاملة ذات صلاحيات. ويؤكد “حقيقة أن كل شيء الآن متعثر، وبعض المؤسسات لا تعمل، ولم تجري انتخابات منذ عام 2006، لا يعني أن الأساس لم يكن صحيحا”.
عمرو، الذي كان أيضاً وزيراً للإعلام في حكومة محمود عباس الأولى عام 2003، لا يستهين بكل ما هو موجود، لكن في ظل غياب أفق سياسي ورغبة حقيقية لدى إسرائيل في إنهاء الصراع، فمن عزاء ضعيف في أحسن الأحوال. يقول: “من المستحيل الحفاظ على الوضع الحالي إلى أجل غير مسمى”. “من الواضح تماما أن ما بقي من أوسلو هو ما كان سيئا في أوسلو، سيطرة إسرائيل المطلقة على حياة الفلسطينيين، بكل آثارها”.
وفي النهاية، يخلص عمرو، إلى أن إسرائيل، وإلى حد كبير المجتمع الدولي، وكذلك القيادة الفلسطينية، استفادت من مزايا أوسلو وتركت للشعب الفلسطيني مساوئه. ويضيف عصفور، صحيح أن الاتفاقية لا تزال سارية المفعول من الناحية الرسمية، وتنظم العمل الإداري للسلطة، والتنسيق والاتصال بين الطرفين. لكن، على حد قوله، هذه مجرد “مسائل فنية ليس لها أفق. على العكس من ذلك، فإن حقيقة استمرار هذا الأمر لا تثبت إلا عمق الصدع، الفلسطينيون عالقون في أزمة داخلية بينما يدير الإسرائيليون الاحتلال ويسيطرون عليه، وتعميقه على الأرض.”
هذه الأزمة الداخلية غير المسبوقة بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وبين مختلف المنظمات وداخلها، تشغل الفلسطينيين اليوم على الأقل بقدر ما تشغلهم اتفاقات أوسلو وما تبقى منها. ويرى كثيرون أنه مفتاح للخروج من الركود. لكن المسؤولين عنها ليسوا فتح وحماس والجهاد الإسلامي والفصائل الأخرى فقط. هناك عدد غير قليل من الفلسطينيين الذين يوجهون السهام نحو واشنطن، وبدرجة أقل أيضًا نحو عواصم أخرى في العالم. إذا أعطى المجتمع الدولي غطاء، ومارس الضغوط على الحكومة الإسرائيلية، فإنه سيغير الصورة، كما يقول عمرو وعصفور. وعندها سيكون من الممكن الخروج من الركود الداخلي إلى عملية الانصهار والتجديد.
ويضيف عصفور: “إذا كانت هناك إرادة، فسيكون بمقدورهم اتخاذ إجراءات عملية ضد إسرائيل، وليس مجرد إصدار إخطارات إدانة فضفاضة”. “هناك بالفعل نزاع داخلي فلسطيني، ولكن لا يوجد خلاف حول الخطوط العامة. وإذا كان المجتمع الدولي لا يزال يريد حل الدولتين، فيمكنه أن يوفر للفلسطينيين مظلة مثل الاعتراف بحدود عام 1967 وإعلانها” الحماية الدولية، وكنضال حقيقي ضد المشروع الاستيطاني”.
ويشير عمرو إلى أنه في السنوات الأخيرة، “تتصرف إسرائيل وكأن لا يوجد ضغط فعال، ومع عدم وجود رؤية فلسطينية واضحة بشأن الخطوة التالية، فإن هذا يؤدي إلى طريق مسدود”. وليس عبثاً أن يشير إلى غياب الرؤية الفلسطينية. ويضيف: “بدون وحدة داخلية تقوم على تجديد الجهاز السياسي وإجراء انتخابات تؤدي إلى تجديد شرعية القيادة، لا يمكن توقع تقدم أو حركة أممية فاعلة”. ويزداد الأمر سوءًا في الأيام التي تحكم فيها إسرائيل “حكومة يمينية متطرفة، هدفها كله هو سحق التطلعات الفلسطينية وتقرير المصير وتفكيك الحركة الوطنية الفلسطينية”.
الجيل الثاني من الاتفاقية
أحمد (اسم مستعار) لا يعرف أوسلو إلا من القصص. لقد ولد بعد توقيع الاتفاق، في وقت ما خلال مراحل تلاشي الأمل. وفي الانتفاضة الثانية كان طفلاً في سن البراءة. والآن أصيب جيل كامل بخيبة الأمل، ويعتقد أن فشل أوسلو هو الذي أوصل الفلسطينيين إلى ما هم عليه اليوم. وكان الاتفاق هو الذي أدى إلى استمرار وجود مخيم اللاجئين في بلاطة، مكان إقامة أحمد. ويقول: “أوسلو بالنسبة لجيلي هي السلطة الفلسطينية”. “المعنى هو انعدام الأفق وانعدام الرؤية، فلا نعرف إلى أين نتجه”.
إذا كان إنشاء السلطة الفلسطينية في تلك الأيام يعتبر أساساً لإقامة الدولة الفلسطينية المستقبلية، “فإنه اليوم يُنظر إليه في عيون الشباب، وخاصة في مخيمات اللاجئين، على وجه التحديد كعنصر يضعف المقاومة. يقول أحمد: “يخفف الضغط على إسرائيل”. “في الأساس، السلطة الفلسطينية تبتعد عن الترويج للتطلعات الوطنية للفلسطينيين”.
لكن الأمر لا يعني أن أحمد يعتقد أن المزيد من الهجمات وحوادث إطلاق النار ستؤدي إلى الحل. هناك حاجة إلى مظلة تنظيمية واستراتيجية واضحة. يقول بيأس: “نحن جيل ميئوس منه”. “القيادة منقسمة، والأفق السياسي مغلق، وهناك حكومة استيطانية تسيطر على المنطقة. وهذا الشعور بالإحباط يرافق جيل ما بعد أوسلو، وهو الجيل الذي عاش الانتفاضة الثانية أو ولد بعدها، ومنذ ذلك الحين ترى فقط أن الواقع يتغير نحو الأسوأ”.
الآن أصبح الفلسطينيون (وربما ليس فقط لهم) أمام سؤال حول ما بقي بالفعل من اتفاقيات أوسلو. عصفور لا يقول شيئا. ومن الناحية العملية، يمكن إلغاؤه في أي لحظة. والحقيقة أن المجلس الوطني الفلسطيني، في السنوات الأخيرة، سمح لمحمود عباس باتخاذ قرارات بشأن الاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل. لكنه تجنب حتى الآن اتخاذ أي خطوة رائدة. ومن الممكن، كما قال أحد كبار الفلسطينيين في الماضي، أن أحد أسباب الجلوس على الحياد هو أن إلغاء الاتفاق هو إلغاء للسلطة الفلسطينية. ومن سيتخلى عن المنظمة التي يرأسها؟
ولكن ليس مستقبل أوسلو وحده هو الذي أصبح موضع تساؤل، بل أيضاً مستقبل حل الدولتين. يقول البروفيسور أسعد غانم من كلية العلوم السياسية في جامعة حيفا: “إن عواقب أوسلو والواقع اليوم يتطلب تغيير الاتجاه”. ويقول في حديث مع “هآرتس” إن التوقيت الذي تم فيه توقيع اتفاق أوسلو كان الأمثل للفلسطينيين لتحقيق الدولة وتقرير المصير: “كان هناك تماسك فلسطيني وكان هناك مجتمع مدني نشط، وكانت الأجواء كذلك”. واسرائيل مستعدة ايضا للتوصل الى تسوية سياسية.” لكن ذلك لم يحدث. “الخطأ هو أن اليسار في إسرائيل كان خائفا من النظام الدائم أو لم يكن لديه الشجاعة للمضي قدما بسرعة”. وأضاف “في الساحة الفلسطينية ذهبوا إلى تسوية مؤقتة دون أن يكون واضحا ما الذي سيحدث في النهاية”. وفي الزمن الذي مضى اختفى تقريبا اليسار في إسرائيل، وأصبح نتنياهو هو الحاضر والمستقبل.
يقول غانم، اليوم، كل هذا لم يعد ذا أهمية. الآن يجب أن يكون الأساس دولة واحدة لشعبين. ويؤكد أن “دولة المساواة وليست دولة الفصل العنصري”. “وهذا يتطلب تغييرا في الموقف من الجانبين. وخاصة من جانب القيادة الفلسطينية، التي ستكون موحدة وتتوجه أيضا إلى المجتمع الدولي برؤية واضحة، أن حل الدولتين محكوم عليه بالفشل، وأن الوقت قد حان”. من أجل تغيير الاتجاه.”

وزير نرويجي من صُنّاعه: حان وقت أوسلو جديد

أقلام- مصدر الإخبارية

كتبت إيمان شمص: “حان الوقت لاتفاق أوسلو جديد”، هذا ما خلُص إليه وزير الدولة السابق في وزارة الخارجية النرويجية، الذي كان واحداً من فريق التفاوض إبّان توقيع اتفاق أوسلو، والأمين العامّ الحالي للمجلس النرويجي للّاجئين.

وهو كتب مقالةً في صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، تحت عنوان: “لا يمكننا أن ننتظر 30 عاماً أخرى لتحقيق اختراق آخر في الشرق الأوسط”، خلاصتها أنّه “حان الوقت اليوم أكثر من أيّ وقت مضى لحلّ النزاع الفلسطيني الإسرائيلي والتوصّل إلى تسوية سلمية عادلة ودائمة وشاملة تؤدّي إلى التعايش السلمي والكرامة والأمن المتبادلين”.

لهذا فقد دعا الولايات المتحدة إلى أن “تحشد أوروبا والدول العربية والأمم المتحدة للمطالبة بحماية حقوق الإنسان الفلسطيني ووضع حدّ للاحتلال الإسرائيلي الوحشي مع منح إسرائيل الضمانات الأمنية التي تحتاج إليها… فالأوان لم يفُت بعد”.

“حان الوقت لاتفاق أوسلو جديد”، هذا ما خلُص إليه وزير الدولة السابق في وزارة الخارجية النرويجية، الذي كان واحداً من فريق التفاوض إبّان توقيع اتفاق أوسلو، والأمين العامّ الحالي للمجلس النرويجي للّاجئين

منذ ثلاثين عاماً، عندما كان دبلوماسياً نرويجياً شابّاً، جلس إيغلاند في حديقة البيت الأبيض وشاهد الرئيس الأميركي بيل كلينتون يستضيف عدوّين لدودين يعِدان بالعمل من أجل مستقبل سلمي لشعبيهما.

في حينه أمضى ثمانية أشهر، مع فريق صغير، في تنظيم 14 جولة من المفاوضات كجزء من قنوات الدبلوماسية النرويجية السرّية. وعلى الرغم من كلّ الصعاب، أسفرت هذه المفاوضات عن أوّل اعتراف متبادل بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، بالإضافة إلى اتفاق مبدئي أوّل على كيفيّة تحقيق السلام.

لحظة المصافحة.. والتوقيع

كان توقيع اتفاقات أوسلو بمنزلة لحظة تفاؤل نادرة في هذا الصراع الطويل والمرير. فوجئ الدبلوماسيون عندما تصافح رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات: “وقفنا جميعاً وصفّقنا. لكن اليوم بعد مرور ثلاثين عاماً، تجعلني كلّ زيارة أقوم بها للأراضي الفلسطينية التي ما تزال محتلّة أتساءل كيف يمكن أن يزداد وضع السكّان المدنيين سوءاً، ولا سيّما أنّ إسرائيل سعت في الوقت نفسه إلى تطبيع علاقاتها مع دول في أماكن أخرى في الشرق الأوسط من خلال “اتفاقات أبراهام” التي وقّعتها مع الإمارات العربية المتحدة ودول عربية أخرى في العام 2020″.

بالنسبة إليه، الحياة اليومية للعديد من الفلسطينيين باتت حلقة لا نهاية لها من اليأس والإذلال والعنف: “نحن في مرحلة من السوء حتى إنّ جنرالاً إسرائيلياً أدان عنف المستوطنين على طراز المافيا باعتباره “إرهاباً”، بينما يحرّض الوزراء الإسرائيليون علانية على هذا العنف ضدّ الفلسطينيين.

في عام 1993، كان لدينا قادة ذوو رؤية وشجاعة من كلا الجانبين. واليوم ينقسم القادة الفلسطينيون وينفصلون عن شعبهم، ويشجّع المتطرّفون في مجلس الوزراء الإسرائيلي على التوسّع الاستيطاني غير القانوني وضمّ الأراضي المحتلّة”.

في ذلك الوقت، كانت المستوطنات تضمّ 280 ألف مستوطن. واليوم، يبلغ عددهم أكثر من 700 ألف: “ما يعيق السلام ويجعل أيّ دولة فلسطينية مستقبلية غير قابلة للحياة على نحو متزايد: “المثير للدهشة أنّ الاستجابة الدبلوماسية الدولية غير فعّالة.

في حين تلقى الحرب على أوكرانيا استجابة قويّة، في حين نجد احتلالاً أقدم بكثير يزدهر على مرأى من الجميع”.

يشكو من أنّ الحكومة الإسرائيلية الحالية قد وضعت خططاً متهوّرة لبناء 13 ألف وحدة استيطانية جديدة خلال عام 2023، أي ما يقرب من ثلاثة أضعاف ما كانت عليه في العام الماضي، ومن دون إعلان

فشل أوسلو… و”التفاؤل الساذج”

يعترف الوزير السابق بتقصير اتفاق أوسلو: “هناك أوجه قصور صارخة في إعلان المبادئ وعلى تفاؤلنا الساذج. في الواقع، لقد قلّلنا من شأن أعداء السلام على كلا الجانبين، وأهدرنا فرصاً أساسية في قضايا الوضع النهائي خلال أشهر العسل الأولى تلك. لكنّ البديل عن الاتفاق المبدئي غير الكامل والاعتراف المتبادل كان اليأس من الصراع والاحتلال والإرهاب الذي لا نهاية له. وعندما انهار الجدول الزمني المتّفق عليه للتوصّل إلى اتفاق سلام نهائي، كان كلّ شيء قد انتهى وتتحمّل الأطراف الفاعلة من كلا الجانبين، فضلاً عن المجتمع الدولي، نصيبها من المسؤولية”.

لكن “لا يمكننا أن ننتظر ثلاثين عاماً حتى نشهد إنجازاً آخر أكثر نجاحاً. وفي صراع لا يتمّ الاتفاق فيه إلا على القليل من الحقائق، هناك حقيقة صارخة تتمثّل في أنّ عدم التكافؤ بين الطرفين، حيث يهيمن أحد الطرفين على الآخر، يجعل من المستحيل إحراز أيّ تقدّم من خلال المفاوضات الثنائية المباشرة. فالولايات المتحدة وحدها لديها النفوذ والقدرة على توفير الضمانات التي يحتاج إليها الطرفان ليس هناك الكثير من الوقت”.

ويشكو من أنّ الحكومة الإسرائيلية الحالية قد وضعت خططاً متهوّرة لبناء 13 ألف وحدة استيطانية جديدة خلال عام 2023، أي ما يقرب من ثلاثة أضعاف ما كانت عليه في العام الماضي، ومن دون إعلان، ضمّت الضفة الغربية، في عام هو الأكثر دموية منذ 2005. إذ يعيش قطاع غزّة المكتظّ بالسكّان تحت حصار لا نهاية له يثير مرارة الأجيال.

اقرأ/ي أيضًا: استطلاع: ثلثا الفلسطينيون يرون أن اتفاق أوسلو أضر بالمصلحة الفلسطينية

كيف وصلت منظمة التحرير إلى أوسلو؟

أقلام – مصدر الإخبارية

كيف وصلت منظمة التحرير إلى أوسلو؟، بقلم الكاتب حازم صاغية، وفيما يلي نص المقال كاملًا كما وصل موقعنا:

هناك ظاهرات وأحداث لا يكمن تأويلها فيها هي نفسها بقدر ما يقيم في ما سبقها، وأحياناً في ما تلاها. اتّفاق أوسلو الفلسطينيّ – الإسرائيليّ، الذي تُستعاد اليوم ذكراه الثلاثون، يندرج في الخانة هذه.

الذين يأخذون على ياسر عرفات ورفاقه أنّهم «خانوا» القضيّة الفلسطينيّة و»فرّطوا بها» بتوقيعهم على أوسلو، كان يمكنهم أن يأخذوا على الزعيم الفلسطينيّ مآخذ كثيرة جدّاً وقاسية جدّاً إلاّ هذا المأخذ. لكنّ ما يدفعهم إلى التخوين ينبع جزئيّاً، لا حصريّاً، من تجاهلهم حقيقتين كبريين سبقتا الاتّفاق المذكور ومهّدتا إليه الطريق.

أمّا الحقيقة الأولى فهي الضعف التكوينيّ لقضيّة رُهن انتصارها طويلاً بعمل عسكريّ يحصل خارج فلسطين. ذاك أنّ التصوّر هذا، الذي عبّرت عنه الثورة الفلسطينيّة وتمسّكت به حتّى 1982، يبقى أقرب إلى شِعر ملحميّ يكتبه أطفال صغار. فأن تهبّ الشعوب العربيّة، وربّما الجماهير الإسلاميّة معها، وتلتحق بمهمّة التحرير التي تهزم «الكيان الصهيونيّ»، فهذا كلام يتغافل عن أنّ تلك الشعوب استقرّت في دول ومجتمعات، وأنّ الدول والمجتمعات تلك ليست مجرّد مصائب عليها، مصائبَ تنوي شعوبها التخلّص منها في أقرب فرصة، بل هي أساساً منافع فعليّة ومداخل إلى العالم المعاصر، وإن شابها الكثير من القصور وأثارت الكثير من النقد المُحقّ. ثمّ إنّ الدول والمجتمعات تلك مؤسّسةٌ على توازنات لن يفعل التسلّح والانخراط في القتال إلاّ تفجيرها. هكذا تنشقّ البلدان إلى طرف مسلّح يهيمن، ويكون مدعوماً بعصبيّة ما، وطرف غير مسلّح يخضع ويهيمَن عليه أو يقاوم خضوعه، مسنوداً بعصبيّة أخرى. وبدل أن يجتمع الطرفان على «تحرير فلسطين»، وفقاً لما تزعمه الخرافة، يفترقان ويصارع كلٌّ منهما الآخر راغباً في «تحرير» بلده منه.

لهذا فما سمّاه خصوم عرفات «استسلام أوسلو» لم يكن من جنس الزلازل التي يصعب توقّعها قبل حدوثها. لقد كان تتويجاً لمسار هو نفسه مسار الثورة من خارج البلد الذي يُراد للثورة أن تحرّره.

وما حدث في الأردن إبّان 1970 – 1971 ثمّ في لبنان ما بين 1975 و1989 ينمّ بوضوح عن أنّ «التفاف الجماهير» حول الثورة الفلسطينيّة تحوّل نزاعاً بين العصبيّتين الفلسطينيّة والشرق أردنيّة، وبين العصبيّتين الفلسطينيّة والمسيحيّة، ثمّ العصبيّتين الفلسطينيّة والشيعيّة. حيال هذا الواقع الضاغط، بات الكلام عن «القضيّة المقدّسة» و»القضيّة المركزيّة» تكراراً ببغاويّاً يرتفع به الصوت مع كلّ انخفاض يصيب الالتزام الفعليّ بالقضيّة تلك.

أمّا المراهنون على الجيوش العربيّة أداةً للتحرير، فكانت حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973 قد أكّدت للعقّال منهم أنّها الحرب الكلاسيكيّة التي أنهت الحروب الكلاسيكيّة العربيّة – الإسرائيليّة، وأنّ ما فعلته الجيوش حينذاك كان أقصى ما تستطيع فعله. وبالفعل فبعد أربع سنوات باشرت مصر، في ظلّ أنور السادات، خروجها من حالة الحرب، ومن دون مصر، يُشَكّ كثيراً في أن تخاض حروب. أمّا سوريّا، في ظلّ حافظ الأسد، فأحكمت إقفالها لحدودها مع «العدوّ الصهيونيّ»، واستعاضت عن الصراع معه بـ»الساحة اللبنانيّة» وبالكثير من القصف اللفظيّ للدولة العبريّة.

هذه الخلفيّة التعيسة رشّحت القضيّة الفلسطينيّة ونظريّة التحرير من الخارج لمصيرٍ ليست القوّة من أوصافه، وهذا ما تولاّه الإسرائيليّون عبر غزوهم لبنان في 1982. ولمّا كان الدعم الماليّ الخليجيّ من شروط نظريّة التحرير تلك، جاءت مباركة منظّمة التحرير لصدّام حسين في غزوه الكويت لتنسف ما تبقّى من فعّاليّة تنطوي تلك النظريّة عليها.

وأمّا الحقيقة الثانية التي تفسّر أوسلو وتنازلات أوسلو فتجسّدها المهمّة «التأديبيّة» التي تولاّها الرئيس السوريّ حافظ الأسد والتي أكملت ما بدأه الغزو الإسرائيليّ. فشقّ «حركة فتح» والضربات العسكريّة الموجعة التي وجّهها النظام السوريّ لمنظّمة التحرير الفلسطينيّة في لبنان، في البقاع وطرابلس وحرب المخيّمات واغتيالات الخارج التي تقاسمها الأسد وصدّام والإسرائيليّون، فتولّت جميعها إنهاك المنظّمة وإشعارها أنّ باب الجحيم هو وحده غير موصد. وهذا كلّه جاء موازياً لمحاولة استحواذ أسديّ متواصلة على ما كان يسمّيه عرفات «القرار الوطنيّ المستقلّ» للفلسطينيّين.

فحين حلّ مؤتمر مدريد في 1991، ثمّ أوسلو بعد عامين، بدا واضحاً أنّ ما من توازن قوى يسند المطالبة بما هو أعدل للفلسطينيّين الذين نُزعت أسنانهم وأظافيرهم. بل أنّ ما ستناله المنظّمة سيكون، في أسوأ أحواله، أفضل ممّا يمنحها إياه توازن القوى القائم. أمّا الرفض والاستمرار في القتال فبات يطرح أسئلةً إجاباتُها بديهيّة، من نوع: أين؟ وكيف؟ وبمن؟ وبالطبع، لم يظهر بتاتاً ما يشير إلى أنّ الجبهة السوريّة سوف تقلّد الكلام السوريّ وتُفتح أمام «تحرير فلسطين».

وكان المدهش، ولا يزال، أنّ الأسد الذي كان الطائرة التي أقلّت عرفات إلى أوسلو، ظلّ أكثر الذين ينتقدون «التفريط العرفاتيّ» في أوسلو، ممّا تحوّل مهنةً لتابعيه الكثيرين.

أمّا ما حصل بعد ذاك الاتّفاق، سوريّاً وإيرانيّاً وإسرائيليّاً، وفلسطينيّاً أيضاً، فكان من الفصول الأشدّ هولاً وفظاعة في كتاب الأهوال والفظاعات.

أقرأ أيضًا: خطّا القضية الفلسطينية المتوازيان.. بقلم حازم صاغية

كتب توفيق أبو شومر: هل اتفاق أوسلو سفينة تايتنك؟!

أقلام- مصدر الإخبارية

يختلف تقييم اتفاقيأوسلو من وجهة النظر الإسرائيلية عن تقييم الفلسطينيين والعرب ودول العالم، أما العقيدة السائدة أو الاستراتيجية الرئيسة عند معظم الإسرائيليين، بخاصة في ظل حكومة اليمينيين الحالية هي أن الغالبية العظمى من السياسيين الإسرائيليين يُجمعون على أن اتفاق أوسلو التي مرَّ على توقيعه ثلاثون عامًا هو إحدى أكبر الكوارث على إسرائيل.

وقد أكَّد أحد الليكوديين البارزين، وهو من مستشاري نتنياهو، وهو رئيس أهم جمعية لتهجير يهود العالم إلى وطننا، وهو، متشل فروند، أكَّد على العقيدة السابقة في مقالٍ له في صحيفة الجورسلم بوست يوم 10-9-2023م، شبَّه اتفاق أوسلو بسفينة تايتنك الغارقة، وأنها شجعت الإرهاب، حين سمحت للفلسطينيين (الإرهابيين) أن يعودوا ومعهم الذخيرة والسلاح، أورد، متشل فروند إحصاءً عن عدد القتلى الإسرائيليين يؤكد نظريته: “قُتل في خمس السنوات الأولى من اتفاقية أوسلو 279 إسرائيليا، وهذا العدد أكبر مما قُتل من الإسرائيليين في خمسة عشر سنة قبل توقيع اتفاق أوسلو، فقد بلغ عدد القتلى الإسرائيليين خلال 15 سنة، قبل أوسلو 254 إسرائيليا فقط”!

ردد الكاتب ادعاءات إسرائيل الرسمية، وهي أن السلطة الفلسطينية تُحرِّض على القتل، وتدعم الإرهابيين بالمرتبات والمزايا، وكذلك فإن غزة تُطلق الصواريخ على المدنيين!

أورد كل ذلك ليؤكد مطالبه بأن تُعلن إسرائيل لأمريكا والعالم، بأن حل الدولتين أصبح مستحيلا، وهو لا يكتفي بذلك، بل إنه يعتبر حل الدولتين أكبر النتائج الكارثية أكبر من الاتفاق نفسها، أوسلو أفرزت شعار (حل الدولتين) هذا الحل لم يعد شعارا بل أصبح حلا مُتبنَّى من أمريكا وأوروبا ومعظم دول العالم!

وهو أيضا يُحذر الإسرائيليين من توقيع أية اتفاقية سلام لأن السلام سرابٌ خادع، وهو أيضا يردد ما زعمته إسرائيل، أن الفلسطينيين أعداء السلام، لأنهم رفضوا مشروع إيهود باراك للسلام، ورفضوا أيضا عروض إيهود أولمرت رئيس الوزراء الأسبق، وكأن أولمرت وباراك قدما مشروعا وتنازلات للفلسطينيين!

أشار الكاتب إلى أن رابين وبيرس اللذينِ وقعا اتفاق السلام جلبا الكارثة على إسرائيل!

أوردتُ شطرا من هذا المقال لأنه يمثل وجهة نظر الأكثرية في حكومة نتنياهو!

لم يكتفِ، متشل فروند بنقد الاتفاقية، بل إنه وضع إستراتيجة وخطة طريق لكل حكومات إسرائيل، وهي لا للتفريط في أمن إسرائيل بالاعتماد على الضمانات الأمريكية والدولية، يجب أن يظل الأمن في يد إسرائيل وحدها فقط، أما الاستراتيجية الثانية فهي منع أية حكومة من العودة إلى اقتراح حل الدولتين، لأن التاريخ لم يحفظ في سجله تأسيس أية دولة فلسطينية، إن حل الدولتين كارثيٌّ على إسرائيل، لأن ذلك سيمنع أصحاب الأرض الإسرائيليين من البناء في أرضهم، أما الإستراتيجية الأخرى فهي استراتيجية الاستيطان المركزية ملخصها، الإسرائيليون هم أصحاب الأرض فقط، وكأن أصحاب الأرض الفلسطينيين أصبحوا في عقيدة هذه الحكومة غُزاة أرض إسرائيل!

أما نحن فقد اكتفى ناقدو هذا الاتفاق من الفلسطينيين، بمن فيهم معظم من وقَّعوا عليها، وأبرزهم الرئيس أبو عمار نفسه اكتفوا بنقد الاتفاقية أو بعض بنودها، واكتفوا بتبرير ظروف توقيعها، وبأنها كانت هي الخيار الوحيد أمام النضال الفلسطيني المهدد بالتصفية في معظم بلدان العالم، فمن قائلٍ: إنها كانت أسوأ كوارث التاريخ الفلسطيني، ومِن قائلٍ إنها كانت ناتجة عن مؤامرةٍ دولية وكلُّ مَن وقعوها متآمرون!

وما أكثر الذين نحتوا تبريراتٍ تسوِّغ توقيعها وجدتْ قبولا، وكان من أبرز تلك التبريرات، أنها سمحت للفلسطينيين المناضلين أن يعودوا لممارسة نضالهم في وطنهم، وليس في أوطان المنفى الأخرى!

نعم مرتْ ثلاثون سنة على توقيع اتفاق أوسلو، فهل كان هذا الاتفاق إنجازا تاريخيا فلسطينيا، أم أنه كان كارثة فلسطينية أيضا؟! لم يُناقش هذا الموضوع مناقشة كافية، تضع في الختام استراتيجيات فلسطينية نضالية يمكنها أن تقود النضال الفلسطيني، فمعظم الدراسات الفلسطينية كانت تؤكد فقط على بندٍ واحد وهو إنهاء حالة الانقسام!

أغفلتْ معظم الدراسات الفلسطينية اقتراح بند إجراء الانتخابات، لأن الانتخابات تشبه الجرافات التي تمهد الأرض للبناء، وتعيد تأسيس التربة الوطنية الفلسطينية، وهي تعيد صياغة وسائل النضال الفلسطيني!

كذلك لم يتنبه كثيرون من محللي السياسة الفلسطينيين، أن اتفاق أوسلو جاء في إطار مشروعٍ دولي جديد وخطير في الوقت نفسه، بدأ هذا المشروع في الألفية الثالثة بعد فشل مشاريع التسوية السياسية، تحت شعار شرق أوسط جديد بدون قضية فلسطين باعتبارها قضية فلسطينية وعربية ودولية حقوقية، أي تحويل قضية فلسطين من قضية حقوق وطنية إلى قضية ثانوية اقتصادية، هدفها تحسين ظروف أصحاب الأرض الفلسطينيين، بتلبية حاجاتهم البيولوجية من الطعام والدواء والكساء، أما الهدف الرئيس هو نزع القضية الفلسطينية من أجندة العرب والعالم، وتحويلها من قضية حقوقية عربية ودولية مقدسة إلى قضية ثانوية مُدنَّسة تُعطِّل مسار عربة العالم المتحضر، يجب وضعها في إطار جديد شعاره، دعم وإغاثة، وتمويل مشاريع الحياة اليومية، وهي كل الحقوق الفلسطينية!

اقرأ/ي أيضًا: في العام الثلاثين على خطيئة أوسلو

اتفاق باريس الاقتصادي.. تبعية وقيود واحتكار تكبل السلطة

غزة- سماح المبحوح

أجمع مختصان بالشأن الاقتصادي أن اتفاق باريس الملحق باتفاقية أوسلو، جلب الويلات للشعب الفلسطيني، وجعل اقتصاده يتبع لدولة الاحتلال الإسرائيلي.

ورأى المختصان في أحاديث منفصلة مع شبكة مصدر الإخبارية أن الاقتصاد الفلسطيني في تراجع كبير منذ 30 عاما على توقيع الاتفاق، حيث تستخدم “اسرائيل” الأموال كواحدة من أدوات الابتزاز السياسي والاقتصادي ضد السلطة.

واتفاقية باريس هي الاسم الدارج للبروتوكول الاقتصادي الملحق باتفاقية أوسلو، ووقعتها السلطة الفلسطينية وإسرائيل في باريس في 29 أبريل(نيسان) 1994.
وتتكون الاتفاقية من 82 بندا بهدف تنظيم العلاقات الاقتصادية عبر “اللجنة الاقتصادية المشتركة” بين الطرفين خلال 5 سنوات هي عمر المرحلة الانتقالية من اتفاقية أوسلو التي انتهت فعليا عام 1999، غير أن هذه اللجنة لم تجتمع سوى مرات قليلة، قبل أن تجمدها إسرائيل كليا عقب اندلاع انتفاضة الأقصى عام .2000

تكبيل الاقتصاد الفلسطيني
رئيس تحرير صحيفة الاقتصادية الفلسطينية محمد أبو جياب أكد أن أهم المؤشرات على تكبيل أوسلو للاقتصاد الفلسطيني أنها اعتبرت الأراضي الفلسطينية والأراضي المحتلة وحدة جمركية واحدة، حيث أن المواطن في تل أبيب يدفع نفس الضرائب التي يدفعها المواطن في غزة والضفة الغربية على السلع كافة، مع الفارق في مستويات الدخل والنمو الاقتصادي والقوة الاقتصادية بين الجانبين.

وأوضح أبو جياب لشبكة مصدر الإخبارية أن أبرز الوعود الاقتصادية التي نصّت عليها أوسلو هي ميناء غزة الذي لم يتم استكماله، والمطار الذي تم إنشاؤه ثم قُصف بعد أعوام قليلة من تشغيله، إضافة إلى الكثير من المشاريع الإستراتيجية المتعلقة بإنتاج الطاقة والاستثمار والشركات القابضة والمشاريع الدولية الكبرى كالمدن الصناعية المشتركة التي لم يتم تطبيقها وفقا لبروتوكول باريس الاقتصادي.

وأشار إلى أن بروتوكول باريس الاقتصادي الملحق باتفاقية أوسلو والموقع في 29 أبريل(نيسان) 1994 تحول إلى جزء من اتفاقية أوسلو، وجوهره إلحاق الاقتصاد الفلسطيني بالكامل بالاقتصاد الإسرائيلي من خلال الاتحاد الجمركي ومن خلال تقييد الاقتصاد الفلسطيني وجعله معزولا عن التبادل التجاري المستقل مع العالم.

ورأى أبو جياب سبب الأزمات المالية والواقع المعيشي الصعب للفلسطينيين إلى اتفاقية باريس “حيث سمحت إسرائيل لنفسها باقتطاع 3% من إجمالي الضرائب والرسوم والجمارك على البضائع الواردة للأراضي الفلسطينية تحت بند إدارة عمليات التحصيل”.

وأكد أن “إسرائيل” تستخدم الأموال كواحدة من أدوات الابتزاز السياسي والاقتصادي ضد السلطة، فهي تحتجز اليوم الأموال الفلسطينية وتستقطع منها، ونجحت في الكثير من المفاصل في منع السلطة من الإقدام على أي خطوات سياسية ودولية وإقليمية.

وفيما يتعلق بواقع التجارة الخارجية والملاحة للفلسطينيين، ذكر أبو جياب أن المعبر الوحيد مع غزة وأكثر من 12 معبرا للتجارة والأفراد في محافظات الضفة كلها تحت تحكم الاحتلال.
انهيار اقتصادي
بدوره، رأى الخبير الاقتصادي هيثم دراغمة أنه منذ توقيع اتفاق اوسلو والحالة الاقتصادية الفلسطينية في تراجع شديد، حيث لم ترقى للمستوى المطلوب وبقيت في ظروف صعبة.

وقال دراغمة في حديثه لشبكة مصدر الإخبارية إن اتفاق أوسلو أبقى الحالة الاقتصادية في الأراضي الفلسطينية في حالة عدم تنمية مستدامة، وعدم اعتماد السلطة على نفسها، كذلك أبقاها رهن الابتزاز العالمي والعربي، خاصة الدول التي أرادت تحقيق مصلحة لإسرائيل”.

وأضاف:” الاحتلال أكد منذ سنوات طويلة على عدم وجود شريك سياسي حقيقي، وبالتالي عانت ومازالت السلطة باعتبارها المسؤول عن الشعب الفلسطيني من أزمة مالية، وديون متراكمة وعجز في الموازنة والخزينة”.

وتابع:” في كل مرة تعلن فيها السلطة أنها تعاني من انهيار اقتصادي تعمل دولة الاحتلال وتوعز لبعض الدول لتقديم الفتات من المساعدات أو تفرج عن بعض أموال المقاصة”، مشيرا إلى أن الاحتلال جعل الحالة الاقتصادية في الاراضي الفلسطينية تحديدا المساعدات العربية والدولية بمثابة “سيف مسلط” على رقاب أصحاب القرار السياسي الفلسطيني وينتقص من سيداته.

وشدد على اتفاق باريس الاقتصادي جلب الويلات الاقتصادية للفلسطينيين، حيث لم يشهد الشعب الفلسطيني حالة من التنمية منذ 30 عاما من توقيع الاتفاق.

Exit mobile version