محللان لمصدر: قرار مجلس الأمن تجميل لصورة واشنطن واستمرار جرائم الاحتلال

صلاح أبو حنيدق_خاص مصدر الإخبارية:

تبنى مجلس الأمن الدولي مساء أمس الاثنين 25 آذار (مارس) للمرة الأولى قراراً يدعو لوقف إطلاق النار في قطاع غزة بعد مرور أكثر من 5 أشهر على الحرب، في وقت إمتنعت الولايات المتحدة عن استخدام حق النقض (فيتو) هذه المرة.

وقال محللان فلسطينيان إن ما حدث في مجلس الأمن عبارة عن طلب وليس قراراً ملزماً لإسرائيل من الناحية الرسمية يجب عليها تنفيذه.

وأضاف المحلل عدنان الصباح أن القرارات الملزمة من مجلس الأمن تكون مندرجة تحت البند السابع، مبيناً أن طلب الأمس يشمل حركة حماس وإسرائيل على حد سواء، كونه يدعو الحركة للإفراج عن الرهائن فوراً.

وأشار الصباح لشبكة مصدر الإخبارية إلى أن المشروع لم يشر بالاطلاق إلى أن يجري إطلاق الرهائن عبر مفاوضات التهدئة المنعقدة في العاصمة القطرية الدوحة بأي شكل من الأشكال.

وبين الصباح أن امتناع واشنطن عن التصويت منحت نفسها صورة الراغب بوقف إطلاق النار، وأعطت أصدقائها بالمنطقة فرصة للدفاع عنها.

وتابع” على النقيض وقع الرئيس الأمريكي جو بايدن بعد صدور القرار على مساعدة لإسرائيل بثلاثة ونصف مليار دولار فورة دون قيد وشرط”.

وأوضح أن القرار يمنح الاحتلال فرصة لمواصلة جرائمه في غزة كونه غير ملزماً ويشمل شقا أخر يتعلق بحركة حماس بإطلاق سراح الرهائن دون قيد وشرط.

وأكد على أنه “لا يمكن اعتبار من هذا القرار إنتصارا للشعب الفلسطيني ولا احرار حقيقي يمكن البناء عليه، وهو مجرد ملهاة سوداء لصالح الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لكي ترغب رفع العتب عن نفسها”.

من جانبه، قال المحلل محمد هلسة إن القرار فارغ من مضمونه فيما يخص ردع إسرائيل ولن يحدث سوى المزيد من التغول بحق سكان غزة.

وأضاف هلسة في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية أن “اسرائيل ستذهب على إثر القرار لمعاقبة الهيئات الدولية وعلى رأسها مجلس الأمن والولايات المتحدة بمزيد من الانقضاض على البنى التحتية والبشرية في غزة كم فعلت بعد قرار محكمة العدل الدولية”.

وأشار إلى أن القرار رسالة سياسية فقط لرئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من قبل الولايات المتحدة، مؤكداً أن علاقة الوصايا بين تل أبيب وواشنطن لا تسمح للأخيرة أن تجعل أحدا يفرض شيء على إسرائيل.

وتابع “ربما نتنياهو سيذهب الى مزيد من التعنت واجتياح رفح، ومنعه لذهاب الوفد الإسرائيلي لواشنطن يتفق من الأساس مع رغبته”.

وأكد أن الولايات المتحدة لديها هم كبيراً حاليا ازالة حرب غزة عن جدول أعمال الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وضغوطات الأطراف المناهضة لاسرائيل في الحزب الديموقراطي والمجتمع الأمريكي.

ولفت إلى أن نتنياهو يدرك الهدف الأمريكي لذلك يستغل حرب غزة لايجاع خاصرة بايدن وضمان عدم تحقيق هدف الإدارة الأمريكية بتغييره.

اقرأ أيضاً: الاحتلال ينسف منازل في محيط مستشفى الشفاء

خيمة من المعلبات الفارغة.. رسالة رمزية للعالم عن معاناة النزوح

خاص- مصدر الإخبارية

“من حياة المفاوضات إلى حياة المعلبات” في رسالة مباشرة من قلب مخيم دير البلح وسط قطاع غزة، بواسطة خيمة ليست كأي خيمة أخرى بناها متطوعين من علب الطعام المعدنية الفارغة تعبر عن الواقع الذي يعيشه الفلسطينيين في الخيام والطعام الذي هو عبارة عن معلبات بسبب حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل.

فكرة خيمة المعلبات

داليا العفيفي إحدى القائمين على الفكرة تقول لـ”شبكة مصدر الإخبارية“: “جاءتني الفكرة بعد أربع شهور من النزوح والحرب فقررت أني أعمل اشي خارج الصندوق وكان أمامي معلبات بشكل كبير في الشوارع والخيم، ففكرت فيهم ولقيت انه الشغلتين الأساسيات في حياتنا الآن هم الخيمة والمعلبات ففكرت أني اعمل خيمة معلبات”.

وتضيف أنها طرحت على المهندس عبد الله ثابت وهو أحد أفراد الفريق الذي ساهم في بناء الخيمة، وطرحت عليه الفكرة ووافق عليها.

وتتابع العفيفي أن المهندس بدأ يصمم بالشكل الهندسي وفي النهاية ظهر معه شكل الخيمة، من خلال الأرضية بشكل معين وتم إضافة عليها الشكل الجمالي وطبقناها وجمعنا المعلبات والأطفال المتواجدين في المخيمات جمعوا معنا المعلبات، ووضعناهم فوق بعض لوقت ما عملناهم خيمة.

وجمعت داليا مع فريقها وجيرانها المساهمين أكثر من 3000 علبة لبناء الخيمة، التي تزينها لافتات دعم باللغتين العربية والإنجليزية، أصبحت مزارًا لسكان الخيام الآخرين الذين تقطعت بهم السبل.

وتفاجأت من تكاتف الأطفال والشباب والمارة في المساهمة والمساعدة فكان من السهل عليهم جمع المعلبات لأنها متوفرة في كل مكان.

وبعد أسبوعين كانت الخيمة حقيقة على الأرض ترسم البهجة بين الخيام بفضل ما زينت بها من لافتات دعم للقضية الفلسطينية.

وعن سبب بناء الخيمة بالمعلبات توضح العفيفي أن السبب هو حياتنا في الحرب باتت ترتكز على اثنين بشكل أساسي وهي المعلبات كغذاء رئيسي للنازح في الحرب والخيمة هي المسكن الرئيسي لكل النازحين.

وتشير إلى أنّها حاولت إيصال رسالة للعالم فيها أنه حياتنا مش بس خيمة ومعلبات وحاولنا نشتغل 3 في 1 بمعنى أنه أي حد ينزح من الشمال وليس لديه مأوى وسكن ممكن نستقبله فيها وأيضًا نحولها لمكتب بحكم شغلنا ونشاطنا كفريق.

فكرة جنونية

عبد الله ثابت مهندس معماري نازح من جباليا شمال قطاع غزة إلى دير البلح وسط القطاع يقول إنّ إنشاء الخيمة كانت عن طريق فكرة لمعت بذهن مديرة المشروع داليا العفيفي.

ومن الصعوبات التي واجهتهم، يوضح ثابت لـ”شبكة مصدر الإخبارية”، أن الصعوبات كانت في التصميم وهو إما الشكل التقليدي للخيمة أو إنشاء شكل هندسي مختلف، فكرنا لقينا الاختلاف بالشكل الهندسي هو المجسم وهو المعلبات هل رح نقدر نوقفها أو لا.

ويضيف أنه كانت المشكلة بالعثور على الهيكل الخارجي للخيمة قمنا أنا وداليا بإنشاء نظرة لمكان معين وقمنا بإنشاء الشكل الخارجي هندسيًا واختلفنا ووافقنا على بعض الأفكار والعناصر.

ويتابع “ومينا الفكرة كلها وبعدها قمنا بإنشاء ثلاثي الأبعاد للشكل الهندسي والخيمة، وكانت صعوبة الخيمة هي هل الناس رح تتقبلنا أو لا بسبب أن الفكرة مبتكرة والشيء الثاني هل ستنجح الفكرة أو لا من الخارج، لكن الجميع شارك ونجحت الفكرة”.

ويشير ثابت إلى أن التفاصيل الهندسية في الخيمة هي الشبابيك وكانت بشكل مستطيل، وكان لدينا إشكالية السقف هل سيكون بشكل مستطيل متعارف عليه أم بشكل هرمي، ولكن المعلبات كانت هي السبب في أنها ستشكل ثقل على السقف وقد ينهار المكان بسبب التثبيت، فقررنا عملنا بشكل هرمي.

ويردف أنّ العنصر الثاني مع المعلبات وهو الجريد، والقدر لعب لعبته وتم قصف مكان قريب منا وبدأ يتساقط الجريد من النخيل، وأخذناه واشتغلنا فيه، بالإضافة للزلف البحري الموجود على الجوانب والأرضيات، وزينا الشكل الخارجي بعلم فلسطين.

اعتبرنا الخيمة هي عروستنا وإكرامًا لوجودنا في حرب 2024 ونزوحنا وزيناها بالعلم الفلسطيني لنثبت مقولة أننا باقون ما بقي الزعتر والزيتون، وكان عنوان الخيمة “من حياة المفاوضات إلى حياة المعلبات”، يقول عبد الله.

ويلفت إلى أنّه يوجد تفاصيل ولمسات جمالية شاركونا بها الشباب، شاب عمل نجفة من المعلبات وشاركونا بعض الفنانين التشكيليين ورسموا أشياء جميلة، وحتى النساء في الخيم شاركونا بالإعجاب وإبداء الرأي، وكانت أول تجربة أخوضها بحياتي على المستوى المهني وأنا فخور بها مع طاقم العمل.

مسكن للنازحين

عاصم كريم وهو أحد القائمين على العمل، يوضح أنّ فكرة الخيمة تعبر عن المعاناة التي نعيشها، مشيرًا إلى أن يوميًا لدينا أكثر من معاناة تقتلنا، ومن ضمنها هذه المعاناة وهي الشارع، واليوم جسدناها فهذه الخيمة.

ويقول كريم لـ”شبكة مصدر الإخبارية” إن الخيمة لها أهداف كثيرة ومن أهمها استضافة عائلات تنزح من شمال غزة، ونوفرها لهم كمسكن لعدة ليالي حتى يجدوا خيمة أخرى أو مكان، وأيضًا هي مكتب لنا كفريق نجتمع فيها، ثالثًا عنا شبه يومي أمسيات فيها كفريق وجيران من النازحين في الخيام هنا.

ويشير إلى أن خيمة المعلبات أخذت معنا جهد ووقت طويل، ما يقارب أسبوعين، تم جمع فوق ال10 آلاف معلبة، استخدمنا منهم قرابة الـ 3 آلاف معلبة.

ويكمل قوله: “واجهتنا صعوبات مثل الإسمنت وهذا غير متوفر بالسوق، ووصلنا فكرة بأننا دمجنا اليوم بين الطبيعة والواقع اللي نحنا فيه، اليوم سما وأرض وعنا بحر، فدمجنا الزلف والرمل، وحاولنا أن نعبر عبر اللافتات بكلمات عن الحرب وفلسطين والنزوح وعلقناها على الخيمة”.

ويُؤكد أن الخيمة ليست مجرد مأوى، بل هي رمز للإبداع والأمل، وتقف شاهدة على قوة الإرادة والتعاون في أصعب الظروف.

الطفل علي ميمة.. نجا من تحت الأنقاض وحيدًا وظل عالقًا بالفقد

خاص- مصدر الإخبارية

لم يجد الطفل علي ميمة (6 سنوات) أي إجابات شافية لأسئلته عن عائلته التي استشهدت في قصف لمنزلهم شمال قطاع غزة، وكل ما كان يجده هو المراوغة في الجواب، دفعه ذلك وكل ما مر به اللجوء للعنف فقد صار عنيفاً ومؤذياً لنفسه، يبكي بـ “هستيرية” وتصيبه “نوبات غضب”، ويصر على البقاء وحيداً إذا رأى أحداً من أقارب أهله أو أصدقائهم، هكذا وصفت ميمة حال ابن شقيقتها سلام.

كعادتها كما في كل حرب تشن على قطاع غزة، عاشت الصحفية سلام ميمة (30 عامًا) أيامها الأخيرة، في تاريخ 10/10/2023 تحديدًا الساعة الثانية فجرًا كانت هي الخبر، وتم استهداف البيت المجاور لبيتها مما أدى تدمير منزلها التى تقطن فيه في منطقة الفالوجا (الاتصالات) شمال القطاع.

ولم تتمكن عائلة سلام من معرفة كل هذا إلا في ساعات الفجر الأولى بسبب انقطاع التيار الكهربائي والإنترنت، فذهبت عائلتها إلى منزلها لتتأكد من الخبر حيث كان القصف في كل مكان.

تقول هند ميمة شقيقة سلام لـ”شبكة مصدر الإخبارية“: ” لم نشعر كيف وصلنا لمنزل سلام ولكن الحقيقة كانت أقوى من أي شيئ فما سمعناه كان أقل مما شاهدته حيث منزلها المكون من 4 طوابق مدمر ومن شدة القصف وجدنا زوج أختي سلام محمد المصري ملقي بجانب البيت جثة هامدة، أيقنت لحظتها بأن سلام وأولادها الثلاثة هادي ذو ٨ سنوات وعلي 6 سنوات وشام إذا الـ3 سنوات بأن مصيرهم مجهول تحت الأنقاض”.

لحظات الأمل والنجاة بعد 35 ساعةً

تضيف هند أنّ بدأت رحلة معاناتنا في محاولة انتشال شقيقتي وأطفالها من تحت الأنقاض، وأرسلنا عدة مناشدات للدفاع المدني ولكن دون جدوى بسبب كثرة الاستهدافات في شمال القطاع لم تتمكن سيارات الدفاع المدني من الحضور، الأمر الذي دفع جميع أفراد العائلة بالعمل بأقل الإمكانات والأدوات المتوفرة بالحفر تحت الانقاض، وهكذا مر اليوم الأول لها تحت الركام نجهل ما حل بها.

وتتابع أن “وفي اليوم التالي وبالرغم من القصف الكثيف في شمال غزة إلا أن أبي وأخوتي وبعض الأقارب أصروا للعودة لمنزل سلام لمحاولة فعل شيء ما، فجأة وأثناء التنقيب سمعوا صوتاً من تحت الركام كان صوت سلفة أختي قالت بلهفة الذي يتشبث بالحياة (أنا عايدة أنا عايشة ) بدأ الجميع بالتهليل وأن هناك أمل ان يكون الجميع بخير، بذلوا جهدهم لإخراجها من تحت الركام حية بعد أكثر من 24 ساعة وهنا تجدد الأمل في إيجاد سلام لربما حية”.

وتردف ميمة أنه “بعدما أخبرتهم بأنها سمعت صوت أنين فاستمروا بالحفر حتى اليوم التالي هو 12/10 إصرار أفراد العائلة وأملهم بإخراج الجميع من تحت الركام كان تحدي للصوت القصف والطائرات في سماء شمال غزة، وبالفعل بدأ الأمل يتحقق حيث كنت واقفة أراقب ربما تتحقق أمنيتي بسلامة سلام وأولادها الثلاثة، استمر الحفر وفي حوالي الساعة 11 صباحًا تم انتشال علي ابن أختي سلام الأصغر في حالٍ يرثى لها”.

وتكمل قولها: “دون أن أشعر ركبت معه سيارة الاسعاف فقد مكث تحت الأنقاض أكثر من 35 ساعة متعب وحيد خائف وجائع حيث تم نقلنا إلى مستشفى الأندونيسي ومن هناك تم تحويله إلى مستشفى الشفاء إلى قسم العناية المركزة نظراً لخطورة حالته وتدهورها وعندما أنظر إليه الآن لا أصدق أنه نجا من كل ما مر به على الأقل جسدياً فقد مكث في العناية المركزة 3 أيام ومنع من الطعام والشراب؛ نظراً لوجوب إجراءه عدة عمليات ولكن لم يكن الموضوع سهل أبداً نظراً لعدم توفر الأسرة والإزدحام الشديد بسبب كثرة الإصابات أثر الاستهدافات الوحشية للاحتلال”.

كان المصابين ملقون بين الممرات وكانت الطواقم الطبية تعمل بكل ما واتوا من إمكانات شاهدت الكثير من المصابين أيقنت أن ما يحدث لغزة هو قتل مع سبق الإصرار وإبادة بالمعني الحقيقي كل لحظة كان يصل المئات من المصابين والقتلي ومعظمهم أطفال ونساء، وفق تعبيرها.

وقرر الأطباء إجراء 3 عمليات لعلي فقد كان يعاني من قطع في أوتار اليد وخلع بالكتف ومشكلة أخرى في الرأس وتكللت بالنجاح.

“وين أمي وأبي وأخي … كيف سنخبروه”؟

ومن هنا بدأت معاناة جديدة مع علي فقد وجدَ نفسه صفر اليدين وتدمرت أحلامه وفقد ماضيه ومستقبله وعائلته وكل ما كان يملك دون أن يدري كيف سرق منه الموت أعز ما يملك كان لديه الكثير من التساؤلات “وين أمي وأبوي واخواتي؟ ..طيب دارنا؟ وألعابي؟”، لم أملك القدرة على إخباره الحقيقة طمأنته أنهم بخير وينتظرون خروجه، وفق قول هند ميمة.

وتقول ميمة: “في تاريخ 16/10 تقرر خروجنا من المستشفى وتوجهنا إلى دير البلح حيث نزحت عائلتي قبل يومين بناءً على تعليمات جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي أمر سكان شمال قطاع غزة بالتوجه إلى جنوب الوادي، أما بالنسبة لسلام أختي وطفليها هادي وشام فقد تم انتشالهم أموات من تحت الركام بتاريخ 13/10″.

وتضيف بحسرة أنّه بدأت معاناة علي تتفاقم فقد استقبله الجميع بالبكاء وبين كل الوجوه لم يجد أثراً لأفراد عائلته فكانت صدمته كصفعة مدوية جعلته يربط الأحداث ويدرك ما يخشى حدوثه، لقد علم أنه فقد كل شيء ولكنه كان ينكر، لم يشأ أن يصدق.

وتكمل ل”مصدر الإخبارية”: “سمعناه يحدث أصدقائه دار جيرانا وقعت على دارنا وصارت زي البسكوتة وشكلوا أهلي راحوا فيها، وازداد إلحاحه يوماً بعد يوم ليرى عائلته أو يحدثهم وكنا نختلق الأعذار فتارةً نخبره أنّه لا يوجد شبكة اتصال وتارةً نخبره أن الطريق مغلقة ولم يمتلك أي منا الشجاعة الكافية لمواجهته بالحقيقة المؤلمة”.

ووصفت علي بأنّه كان قبل الحرب كثير الحركة والابتسامة اجتماعي كل العائلة تحبه، كان هو وأخيه هادي كأنهم توأم لا يفارق أحدهم الآخر حتى عندما كانت سلام تشتري لهم الملابس فتكون متطابقة، مردفًة: “الكلام كثير عنهم ولكن في القلب غصه عندما تنتاب علي حالة الغضب، لا يمكن أن أصف الحالة النفسية التى يمر بها فهي صعبة جدًا وفي تدهور مستمر”.

وأصبح كثير التعلق بجده “والد والدته”، ويذهب معه إلى كل مكان كظله فهو يخاف إن أفلت يده مرة أن لا يعود أبداً كما فعل أهله.

وتتابع هند “في مرة من المرات بينما كان علي يرافق جده-كعادته- وانا معهم شاهد طفلة في عمر أخته شام تلعب لفتتني نظراته لها كانت غريبة ومُحملة بالوجع وأول مرة ينطق اسم اخته شام فقال (زي عروسة شام) وبعد عودتنا إلى البيت بدأ بالصراخ والبكاء الهستيري دون أن ينطق بكلمة واحدة وأصر على البقاء وحيداً في الغرفة واستمر في نوبة حزنه ٣ أيام يرفض الطعام أو الحديث مع أي شخص غير جده”.

عن الأم سلام وأحلامها الموؤدة

وتقف هند وعائلتها حائرين كيف سيخبرون علي الحقيقة التي يرفضنا عقله وأنهم على يقين بأنه يعرف انه لا يمكن أن يرى هادي وشام ووالدته ووالده مرة ثانية فقد سرق الموت عائلته وتركه وحيدًا يصارع مستقبله المجهول.

وتشير إلى أنّ علي مثال حي لمعاناة أطفال غزة الذين فقدوا كل شيء، وسرقت الحرب منهم أهلهم وذويهم و أحلامهم ومستقبلهم وماضيهم ولا يعلمون هل سينالون فرصة البدأ من جديد.

“اسمحوا لي أن أقتطع من الزمن لحظات لأخبركم عن فقيدة قلبي سلام كانت حقاً رائعة بتفاؤلها وحيويتها وأحلامها فقد كانت كباقي الأمهات تحلم أن ترى فلذات أكبادها يكبرون أمام أعينها وهي تحفهم بالحب والاهتمام”، هكذا وصفت هند شقيقتها سلام.

وتقول: “كانت تتمنى سلام أن يكون طفلها هادي طبيباً فلطالما تحدثت لي عن حلمها ذاك (نفسي أشوفه دكتور يا هند) وما زالتُ لا أصدق كيف سرقها الموت مبكراً قبل أن تتمكن من تحقيق ما كانت تحلم به حالها حال الكثيرين من نساء غزة.

وتطالب ميمة أما آن لهذا العالم أن يتحرك ويكسر صمته أمام الإبادة الجماعية لسكان غزة ويرحم هؤلاء الأطفال.

شهيد الجوع والجفاف.. يزن الكفارنة كيف تحول الجسد الصغير لهيكل عظمي؟

خاص- مصدر الإخبارية

“ما حدا بموت من الجوع” هذه الكلمات شائعة بين الأشخاص والجميع يُصدقها بأن الجوع ليس سببًا في الموت، لكن إسرائيل استخدمت الجوع سلاحًا لقتل الفلسطينيين في قطاع غزة.

ونتيجة المجاعة والجفاف في غزة، ارتفعت حصيلة الضحايا إلى 27 شهيدًا، من بينهم الطفل يزن الكفارنة.

“كل يوم كنت بشوفه قرب من الموت متحسرًا عليه، لا يحرك جسده ويوم بعد يوم بضعف عظامه كلها ظهرت كجثة تتحلل كل ساعة” بهذه الكلمات بدأ والد الطفل يزن الكفارنة الذي استشهد بسبب سوء التغذية.

واستشهد الطفل يزن الكفارنة (10 أعوام) شهيد لقمة العيش جوعًا، بعد نفاد الغذاء الذي لم تستطع عائلته توفيره له لشحه في الأسواق مع الارتفاع الجنوني لبعض السلع الغذائية.

وتحول جسد الطفل لهيكل عظمي، نظرًا لسوء التغذية ونقص بالأدوية والعلاجات اللازمة، نتيجة حرب الإبادة والتجويع التي شنها جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر الماضي 2023.

يقول والد يزن لـ”شبكة مصدر الإخبارية” إن طفله كان يُعاني من مرض “ضمور العضلات”، وسابقًا تابعنا حالته بشكل جيد من خلال اتباع حمية غذائية للحفاظ على صحته.

ويضيف أنّه منذ بداية الحرب وفرت له بشكل خاص السلع الغذائية والأدوية الخاصة به، لكن بعد مرور 6 أشهر على الحرب بدأت جميعها تنفد من الأسواق وإن توفرت لم أستطع شرائها.

وينوه إلى أنّه قرر البحث عن أغذية بديلة له مثل الحلاوة بدلًا من الفواكه لكن دون جدوى، موضحًا أنّ الأسواق يتواجد فيها فقط المُعلبات وهي أيضًا غير مناسبة لوضعه الصحي.

ويُؤكّد أنّ غزة لا يتوافر بها الغذاء ولا الدواء حيث تدهورت صحته، لافتًا إلى أنّهم توجهوا به إلى المستشفى ولكن دون جدوى، لأن المستشفيات أيضًا خالية تمامًا من الأدوية.

ويشير إلى أنّ حين بدأت صحة يزن بالتدهور وظهرت العظام بصورة أوضح ويفقد جسده العضلات بشكل سريع وصادم.

رحلة النزوح

قررت عائلة يزن النزوح من بيت حانون شمال قطاع غزة إلى مخيم النصيرات إذ بدأت حالته الصحية تتدهور، مع نفاد الغذاء الذي لم تستطع توفيره له لشحه فى الأسواق مع الارتفاع الجنوني لبعض السلع التي تُباع بأسعار باهظة.

ومن ثم نزحوا إلى رفح جنوب القطاع إلى مستشفى أبو يوسف النجار بعد معاناته مع المرض، واضطرت عائلته بمناشدة الأطباء والجهات المختصة بالوقوف إلى جانب يزن للبقاء على قيد الحياة.

ويردف والد يزن المكلوم أنّه مكث في المستشفى 11 يومًا فقط على الأوكسجين والمحاليل، مضيفًا أنّ الأطباء فقدوا الأمل من حالته بسبب عدم توفير العلاج والغذاء المناسب له.

كان يأمل والد يزن انقاذ نجله لاستكمال علاجه في الخارج، أو يسمح الاحتلال بإدخال الأغذية والأدوية إلى غزة، قائلًة: “يزن مش لحاله في الكثيرين سيفقدوا حياتهم مثله بسبب الوضع الكارثي الذي وضعنا الاحتلال به وكأنه يقصد موتنا بالقصف والجوع وعدم العلاج”.

ويُؤكّد أنّ الأطفال والسيدات والرجال جميعهم فى غزة معرضين للموت البطيئ يوميًا، مردفًا أن وضع الطفل مثل وضع الرجل حيث نموت من الجوع والقصف، وسوء التغذية والمجاعة الموجودة ستقضي على كل أطفال غزة.

ويقول: “ما حدث مع يزن سيحدث لأطفال غزة، لأننا نعيش جرائم إبادة حقيقة يومية”.

ويناشد دول العالم كافة بضرورة الوقوف مع أبناء الشعب الفلسطيني وإيقاف الحرب الشرسة، منوهًا إلى أنّ عدد كبير من سكان القطاع من أطفال ورجال ونساء حياتهم مهددة ومعرضة للخطر والموت.

ويدعو العالم إلى ضرورة التحرك لوقف هذه الإبادة المفروضة على كل أطياف المجتمع الفلسطينى من أطفال وشيوخ ونساء أيضًا.

وظهر فيديو للطفل يزن الكفارنة في مستشفى أبو يوسف النجار إذ تحول جسده إلى هيكل عظمي قبل وفاته بيوم.

بدوره، قال المتحدث باسم وزارة الصحة د. أشرف القدرة إنّ الاف الأطفال يعانون من مضاعفات خطيرة نتيجة عدم توفر انواع الحليب الخاص بهم شمال غزة.

وأكّد القدرة أننا فقدنا 27 طفلًا نتيجة سوء التغذية وعدم توفر أي نوع من حليب الأطفال شمال غزة.

وفي أكثر من مناسبة، حذرت الأمم المتحدة، من مخاطر المجاعة التي تهدد حياة كل سكان غزة وخاصة في شمال القطاع.

وأفادت الوكالة أن 4 من كل 5 أشخاص الأكثر جوعًا في العالم موجودين في قطاع غزة اليوم.

ودعت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف”، إلى إدخال المساعدات الغذائية، مشددة على أن الأطفال الفلسطينيين يواجهون المجاعة والحرمان.

غلاء الأسعار.. حروب الغزيين اليومية في محاولة توفير لقمة العيش

خاص- مصدر الإخبارية

بصدمةٍ وذهول تتابع خولة سالم غلاء الأسعار في أسواق دير البلح، سيما الخضروات والسلع الأساسية وسط قطاع غزة، قائلة: “الأسعار مش طبيعية لو معنا مال قارون كله مش حتكون بهاد الشكل”.

حالة من السخط

وتضيف الأربعينية التي نزحت من مخيم جباليا شمال غزة منذ شهر تشرين الثاني (نوفمبر) ساخطًة أنّ الأسعار مرتفعة جدًا ولا نستطيع توفيرها خاصة أن زوجي وأولادي باتوا عاطلين عن العمل.

وتشير إلى أنّها كل أسبوع تتجول في سوق البلد نعبر عن صدمتنا به، فكيلو الملوخية أصبح ب30 شيكلًا، والليمون ب25 شيكلًا، وكيلو الخيار ب10 شيكل، مردفًة أنّ الكيلو الواحد لا يكفي لعائلتي ولكن اضطر للشراء بأكثر من كيلو حتى يكفي أسبوع على الأقل.

وتبين خولة أنّ أسعار الخضروات كانت معقولة جدًا، ولكن بعد نزوح الآلاف ارتفعت الأسعار بشكلٍ جنوني، لافتًة إلى أن الخضار لا غنى عنها ولا نستطيع العيشَ بدونها.

وتُؤكّد أنّ عدم مراقبة الأسعار من قبل الجهات الحكومية هو ما زاد من ارتفاعها، داعيًة إلى الوقوف بشكل فوري أمام هذه الكارثة التي حلّت على المواطنين.

وكما خولة سالم، فالحاج سعيد أبو شقفة يُعاني أيضًا من ارتفاع أسعار الخضروات التي أرهقت جيوبه، خاصةً أنه لا يوجد حلًا آخر عنها.

لا بديل سوى الشراء

يقول أبو شقفة (65 عامًا) ل”شبكة مصدر الإخبارية”: “في الأسبوع الواحد صار السوق يكلفني 1000 شيكل لشراء الطعام والمستلزمات الضرورية لعيلتي وهذا أمر غير طبيعي، فكنت في الأيام العادية أتذمر عشان السوق يكلفني 300 شيكل، فكانت هذه الأيام الماضية جنة بالنسبة للي بنعيشه بالحرب.

فالحاج الستيني نزح برفقة عائلته من منطقة النصر غرب قطاع غزة في أواخر أكتوبر 2023 إلى الزوايدة وسط القطاع، بعد تهديد الاحتلال بتنفيذ اجتياح بري وإرغامهم على النزوح إلى الشمال.

ويتابع أنّ لا خيار له سوى الشراء، ولكن ما يثير الغضب هو رفض البائع التنازل عن شيكل واحد، منوهًا إلى أنّه يضطر لأكل المعلبات التي يستلمها من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “أونروا” أو شرائها من السوق.

ويُطالب أبو شقفة بوقفة جدية مع المواطن واتخاذ قرارات صارمة في من يرفع الأسعار خاصة وأن نصف المتواجد في الأسواق مساعدات التي كانت من المفترض تكون لنا بشكلٍ مجاني.

الجميع يدفع الثمن

يقول بائع الخضروات محمود الطهراوي، إنّه يتابع بكل ثانية ردود فعل الناس سواء من تعابير وجوههم أو كلماتهم ومنهم من يدعي على نفسه بالموت بسبب عدم قدرتهم على الشراء، فالبعض يضطر لشراء أقل كمية من الخضار لسد احتياجاته.

ويؤكّد الطهراوي ل”شبكة مصدر الإخبارية” أنّ ارتفاع الأسعار لم نحددها نحن، بل حسب توفر الخضروات لعدم قدرة المزراعين الذهاب إلى أراضيهم، خوفًا من استهدافهم من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي.

ويضيف: “الوضع صعب جدًا على الجميع ولا أحد ينجو من هذه الأسعار فالبائع والمستهلك يدفعون الثمن، فتخيل أن يصل سعر كيلو السوق إلى 70 شيكلًا وصار لالي 4 أشهر لم أتذوقه حتى اللحظة”.

ويعرب محمود عن أمله بأنّ يسمح الاحتلال بعودة المزراعين لأراضيهم، لتوفير الخضروات في الأسواق لتعود الأسعار إلى طبيعتها.

اقرأ/ي أيضاً: مجزرة الطحين.. دقيق معجون بدمِ الشهداء

مجزرة الطحين.. دقيق معجون بدمِ الشهداء

خاص- مصدر الإخبارية

اضطر الآلاف من الشبان وكبار السن الخروج من محافظتي غزة والشمال من منازلهم بسبب المجاعة منذ فترة طويلة، متوجهين إلى شارع الرشيد على شاطئ بحر غزة، مساء يوم الأربعاء الماضي آملين بالعودة إلى أهاليهم وأطفالهم بأكياس الطحين لسد جوعهم.

“للأسف نتيجة المجاعة اضطررت للذهب مثل بقية الفلسطينيين المتواجدين في شمال القطاع إلى دوار النابلسي الواقع على شارع الرشيد من أجل الحصول على المساعدات التي تدخل بدون ترتيب لعدم قبول الاحتلال التعامل مع شرطة غزة كي تؤمن دخولها”، هكذا سرد الكاتب الفلسطيني يسري الغول النازح في مخيم الشاطئ غرب غزة رواية ما حدث ل”شبكة مصدر الإخبارية”.

مخاطرة بالحياة مقابل كيس الطحين

كان الغول من الذين خاطروا بحياتهم من أجل الحصول على كيس من الطحين، ووصل إلى دوار النابلسي الواقع بشارع الرشيد، وباتوا ينتظروا في الظلام الدامس دخول المساعدات إلا أن جيش الاحتلال الإسرائيلي قام بالخروج لهم بالدبابات وطائرات المسيّرة “كواد كابتر”.

يقول يسري: “نذهب كل يوم إلى دوار النابلسي بعد أن بات لدينا أمل بالحصول على مساعدات كغيرنا، لكن الاحتلال يقوم بتهديدنا بعبارة انتظرونا غدًا على ما يبدو كان تهديدهم بتنفيذ مجزرة الطحين، ويشتموننا لكن نضطر على التحمل بسبب الجوع”.

 ويتابع بصوتٍ مرهق أنّ ما جرى على الدوار النابلسي هو أمام منطقة شحيبر معرض السيارات قام جيش الاحتلال بإطلاق النار بشكل كثيف، بالإضافة إلى دخول الدبابات إلى مكان يقف فيه الآلاف من الشبان والنساء وكبار السن.

 قام الجيش بدهسم وقتلهم بدمٍ بارد هناك الكثير من الجثث وأتوقع أن يرتفع عدد إلى 200 شهيد نتيجة هذا الاستهتار بحياة الإنسان الفلسطيني الباحث عن حريته وكرامته، وفق حديث الغول.

نجاة من رصاص الاحتلال

“مولود جديد للي برجع حي حتى لو ما جاب طحين، هاي كانت أول مرة وآخر مرة”، هذه الكلمات الأولى التي وصفها الشاب العشريني محمد عويص بعد نجاته من رصاص الاحتلال أثناء تواجده على دوار النابلسي من أجل الحصول على كيس طحين لعائلته.

يقول عويص ل”شبكة مصدر الإخبارية” إنّ جيش الاحتلال يُطلق الرصاص الحي، ومن ثم تقوم الدبابات بتمشيط الشارع وتُطلق النار على كل شيئ متحرك، وتتراجع ومن ثم تتدخل شاحنات المساعدات.

ويتابع: “فجأة بتلاقي نص مليون إنسان طلعوا على كم شاحنة، وإنت وحظك ممكن تاخد أو تنفعص بين الزحمة أو تندهس تحت الشاحنة”.

ويُضيف “طلعنا على الساعة 2 بالليل من مخيم جباليا مشي لدوار النابلسي، مسافة تزيد من 9 كيلو متر، قعدنا نستنى بين ركام المنازل ولقينا ناس مولعين نار من البرد لحد الفجر،  وفجأة دخلت دبابتين مسافة كيلو متر وصاروا يطلقوا نار بشكل عشوائي”.

ويردف: “هربنا لحد دوار  17 قبل الشاليهات، وأطلقوا قذيفتين على المباني اللي كنا فيهم، بعدها رجعوا انسحبوا للنابلسي”.

ويُؤكّد أنّ فرص النجاة من الزحمة وتدفق الناس وحتى إنه حد يضربك ويقوم برميك تحت الشاحنات معجزة.

قرار مصيري كأنّه النهاية

“حملني الجوع الغير مسبوق لأتخذ قرارًا مصيريًا كما عشرات الآلاف من المواطنين على مختلف الأعمار والصفات بالتوجه إلى بوابة الموت المسماة كذبًا بوابة دخول المساعدات” بهذه الكلمات استهل أحمد المقيد عن مجزرة الطحين.

يُوضح المقيد ل”شبكة مصدر الإخبارية” أنّ الحقيقة القرار كان أُسرياً بامتياز حيث حصل على تأييد الجميع فهم لم يتذوقوا طعمًا للخبز منذ 2 يناير الماضي، وهذا ما جعلنا جميعًا نتناسى الخطر المحدق من الخروج ليلًا ثم السير مسافة 30 كيلو مترًا ذهابًا وعودة عوضًا عن خطر الموت على تخوم بوابة النابلسي.

ويكمل قوله: “بكثير من الدعاء والنظرات المترددة بين الخوف والأمل تم توديعي لدرجة أشعرتني أنها النهاية”.

ويتابع أنّه دقت القلوب ومع دقات التاسعة مساء مضيت إلى البحث عن لقيمات لأطفالي الجوعى، في الطريق كانت سيول جارفة من الناس تتدفق إلى ناحية بوابة الموت يتجهزون بزجاجة مياه وغطاء خشية البرد لا يعيرون انتباهًا لأزيز الطائرات وفوهات المدافع.

ويسرد المقيد أنّ عند الوصول كان الناس ينتشرون على الشريط الساحلي وعلى مسافة 3 كم من دوار الميناء حتى النابلسي ويُشعلون النيران ويتبادلون أطراف الحديث وعلت أصوات بعض الباعة المتجولين على أزيز المُسَيرات.

ويشير إلى أنّه عند الرابعة فجرًا انطلقت صلية رصاص من الدبابة فسرها الناس أن الشاحنات قد اقتربت فعليكم الابتعاد عن البوابة ولكن الغريب أنها خلفت إصابات في المحيط الذي أقف به، هذه الإصابات جعلتنا نتراجع للوراء، ثم تقدمت الدبابة وبدأت المقتلة.

ويُؤكّد أن هذه اللحظة لم يعد الطحين هدفًا لي بل النجاة، لكن المُبهر أن الآلاف تقدموا نحو الشاحنات وسط هذا الخطر غير آبهين بالنتيجة.

ويضيف أحمد: “أقبل الصباح وعُدت أدراجي دون تحقيق هدفي بجلب الطحين وخلال الطريق كان مئات الأهالي بنتظرون عودة أولادهم على المفترقات لا ينتظرون الطحين بل يأملون بعودتهم سالمين”.

حياة الخيام بغزة.. وجه آخر للموت البطيء

خاصمصدر الإخبارية

ماما غطيني بكمان بطانية الثلاثة ما بكفوني، أصابعي كالثلج رح أموت من البرد، دخلت هذه الكلمات من الطفلة حلا “5 سنواتوالدتها مريم أحمد كالسكين في قلبها، بعد تعثر محاولاتها كافة لتدفئتها.

تعيش مريم أحمد “35 عامًاوهي أم لأربعة أطفال، داخل خيمة من النايلون والخشب على شاطئ بحر دير البلح وسط قطاع غزة، بعد أن نزحت من منزلها في حي النصر غرب القطاع بسبب العدوان الإسرائيلي على غزة منذ السابع من أكتوبر 2023 الماضي.

تقول الثلاثينية لشبكة مصدر الإخبارية“: “كل يوم أحاول تدفئة أطفال سواء بسحب الأغطية عني ووضعها عليهم أو أضع أيديهم بالقرب من فمي ولعب الرياضة ولكن سرعان ما يتوقف مجرد التوقف.

المعاناة لا تتوقف

تصف أم نادر الحياة في الخيم كالجهنمبسبب البرد القارس خاصة ساعات الليل، وعدم القدرة على اشتعال الفحم أو الحطب داخل الخيمة خوفًا من حدوث حريق خاصة أنّ أطفال حركتهم مُفرطة.

لا تقف المعاناة فقط داخل الخيمة على البرد، بل هناك أشياء عدّة منها الانتظار الطويل من أجل دخول الحمام، والمرض، وعدم أخذ راحتهم في الحديث مع زوجها الذي يسمعها المواطنين المحيطين بجانب خيمتها.

تردف مريم أنّها أنها عانت الأمرين داخل وخارج الخيمة، قائلة: “أُصيب أطفال بنزلة معوية ولم يتوقف الاستفراغ والاسهال خمس دقائق وعند العودة إلى الحمام لازم استنا نصف ساعة أو أكثر بسبب الطابور ووجود حمام واحد فقط للخيام“.

وتضيف: “حتى لو دخلت الحمام ما بخلوني الناس أكثر من خمس دقائق داخل الحمام، هاد الحال مش عليا لحالي بل على جميع الأمهات، بضطر أخلي أولادي يعملوها على حالهم لأني مش قادرة ألاقي حل لالهم“.

وتتابعأنا بعيش في مأساة ومش لحالي للأسف هاد اللي مهوّن عليا هاي الحياة التي انفرضت علينا جميعًا، مضيفًة: “تصدقي نفسي أشوف الحمام والدوش ونتحمم زي العالم والناس“.

وتأمل مريم بأنّ تنتهي الحرب من أجل عودتهم إلى منزلهم الذي لم يعلموا بأنه قصف أم بقي على حاله، والعودة لحياتهم الطبيعية.

محاولات العيش رغم مرارة العيش

أما خالد صالح فهو الآخر أب لستة أولاد، يعيش داخل خيمة في حل تل السلطان غربي مدينة رفح جنوب قطاع غزة، لم تختلف معاناته كثيرًا عن مريم.

يصف الأربعيني الحياة في الخيمة كالسجين الذي حُكم عليهِ بالإعدامالذي يُعافر من أجل الدفاع عن نفسه ولكن عبث لا أحد يسمعهُ.

يقول لشبكة مصدر الإخبارية“: “لأول مرة كنت أدعي ما يكون في منخفضات جوية عشان مياه الشتاء أغرقت خيامنا وملابسنا وأغطيتنا كان وقتها صعب علينا ومش عارف تنقذ حالك ولا غيرك“.

ويضيف أنّلم تقف المعاناة بس على إغراق الخيام وكمان لما تطلع بدك تستخدم الحمام ومياه الشتاء تنزل علينا ساعة وأكثر قدامك 30 شابًا ومن وراك نفس العدد، بطلع بحسره وبقول إلى أي حال وصلنا ومتى حيتوقف“.

ويتابع ساخطًا أنّه أُصيب بسبب التلوث وعدم الاستحمام كما كان مُسبقًا بالكبد الوبائي، فالمرض أيضًا بحاجة إلى عناية خاصة منها النظافة والطعام، ولكنه لم يستطع وبدأ يزداد على وجهه وعيناه اللون الأصفر الغامق.

رغم مرارة العيش داخل الخيام، إلا أنه يُكافح من أجل توفير لقمة العيش لعائلته حاله كحال النازحين.

وين بدنا نروح هاجس النازحين في رفح حيث الملاذ الوحيد المهدد بغزوٍ وشيك

خاص- مصدر الإخبارية

تعدّ مدينة رفح ملاذ النازحين وأكثر المناطق في قطاع غزة اكتظاظًا، فمنذ بداية العملية البرية الإسرائيلية على القطاع في الـ27 من تشرين الأول “أكتوبر” الماضي، طلب جيش الاحتلال من المواطنين التوجه من شمال ووسط القطاع إلى الجنوب، بزعمه أنها “مناطق آمنة”، لكنها لم تسلم من القصف استشهد على إثرها المئات من المواطنين، كما أن قوات الاحتلال تستعد حاليًا لتنفيذ عملية برية فيها، ومن المرجح أن يكون لمثل هذه العملية عواقب وخيمة على أكثر من مليون شخص محصورين في مساحة تبلغ 63 كيلومترًا مربعًا عقب موجات متتالية من التهجير الجماعي.

وقد وضعت “إسرائيل” أنظارها مؤخرًا على رفح، الملجأ الأخير المتاح لسكان الساحل الأكثر اكتظاظًا بالعالم، فصعدت من هجماتها على المدينة الواقعة في أقصى جنوب غزة، وهددت بغزو بري وشيك.

وتحت تهديد المزيد من الدمار الشامل والموت، وبسبب الافتقار إلى الخيارات، بات السؤال عن المكان الذي سيؤويهم “وين بنا نروح”؟ أكثر ما يقلق السكان والنازحين، حول مصيرهم المقبل والذي لازال الجواب عنه “ضبابيًا”.

بعد رفح.. لا رفاهية للاختيار!

على باب مدرسة القدس، يجلس الحاج محمد سعيد على إحدى كراسي المدرسة ويده على خده تظهر عليه ملامح العجز والقهر على ما يحدث بعد تهديد الاحتلال بالدخول البري إلى رفح يتساءل: “وين بدنا نروح نزحت ثلاث مرات منذ بداية الحرب على غزة”.

يقول الستيني لـ “شبكة مصدر الإخبارية”: ” أنا نزحت من مخيم جباليا شمال غزة مع عائلتي وأحفادي إلى خان يونس جنوب القطاع بعد أن طلب الجيش النزوح إلى الجنوب الذي ادعى بأنه آمن ولكن مع القصف المستمر نزحنا إلى النصيرات لأننا لم نستطيع إيجاد منزل للعيش فيه”.

ويضيف أنّه بعد شهر وأكثر طلب الجيش مرة أخرى النزوح إلى دير البلح وسط قطاع غزة؛ لأنه يريد دخول المنطقة بريًا لاستكمال عمليته العسكرية عقب الشمال.

يستكمل الحاج أبو تامر قصة نزوحه المرّة التي أنهكت جسده الذي يُعاني من عدّة أمراض منها الضغط والسكر، قائلًا: “بطل فيا طاقة أنا متحمل عشان أولادي كل يوم بكابر على حالي لأني أنا الأب والمسؤول عنهم جميعًا”.

ذهب سعيد إلى مدرسة القدس بعد يومين من النوم في الشوارع، وفق ما قاله لمراسلتنا، نظرًا لارتفاع أسعار إيجار الشقق المنزلية وعدم توفر الخيام بشكل فوري، واستقر داخل إحدى الصفوف التي تتواجد به عائلة أخرى مُسبقًا.

ويردف أنّه بعد شهر هدد جيش الاحتلال بدخول رفح بعد نهاية عمليته العسكرية بخان يونس، أصبح لدينا هوس السؤال: “وين بدنا نروح بعد رفح”.

“وين بدي أروح مع عيلتي، أنا جسدي أنهكه التعب والبرد لأني غير مستقرة في مكان، لا يوجد مكان آمن بنموت في اليوم ألف مرة بسبب أوضاعنا الصعبة” بهذه الكلمات عبرت خولة قاسم بعد أن هدد الاحتلال دخول رفح ونزوح المواطنين مرة أخرى.

تقول خولة 32 عامًا لـ”شبكة مصدر الإخبارية” التي نزحت من الشجاعية شرق قطاع غزة، إلى مدينة إنّها أُرغمت على النزوج مع زوجها وأشقائه ووالدته وأولادها الأربعة بعد دخول الجيش إلى منطقتهم وطلب منهم الخروج من منزلهم دون أخذ ملابسهم وأوراقهم الثبوتية.

نفقد أدنى مقومات الحياة

بصوت خافت ورجفة اليدين، تتساءل الثلاثينية: “وين بدنا نروح خايفة أروح دير البلح يهددوا بالدخول إليها، كانت رفح هي النقطة الأخيرة لنا بالنزوح إلا أنه تبين لالنا مشوارنا طويل في هذه الحرب”.

وتتابع أنّ هذه الحرب كانت الأشرس على غزة ولم نعشها لم قبل، غير أننا فقدنا القدرة على استكمال هذه الأيام الثقيلة ورؤية الدمار والشهداء وسماع صوت قصف بين الفينة والأخرى.

وتُكمل قولها إننا نريد وقف الحرب بأسرع وقت ممكن، لأننا نفقد أدنى مقومات الحياة بالإضافة إلى أننا خسرنا أعمالنا وبتنا ننتظر المساعدات الإنسانية لنا لإطعام أطفالنا على الأقل.

وتُؤكّد أنّ مدينة رفح مكتظة بالمواطنين أصبح عدد سكانها مليون ونصف، يعانون من الأمراض وبيئة غير صالحة بالإضافة إلى معاناتهم داخل الخيام خاصة في المنخفضات الجوية.

وتضيف أننا لا نعلم إلى متى سوف يستمر تهجيرنا القسري، وسط عدم اكتراث العالم عما يحدث بحقنا وبحق أطفالنا في غزة، مردفًة: نحن نعيش أصعب فترة في الحرب بسبب تهديد الاحتلال بدخول رفح وما مصيرنا بعد ذلك.

أعاد نزوح ما يقرب من مليوني شخص في غزة إلى الأذهان ذكريات النكبة، أو الكارثة، عام 1948 عندما تم تهجير 750 ألف فلسطيني قسرًا من منازلهم على يد الميليشيات الصهيونية لإفساح المجال أمام دولة “إسرائيل” المنشأة حديثًا.

ويعيش الفلسطينيون في غزة اليوم ما عاشه أجدادهم قبل أكثر من 70 عامًا، والخوف من عدم القدرة على العودة أبدًا هو جوهر اهتمامهم.

ودعت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف”، إلى حماية أهالي مدينة رفح جنوبي قطاع غزة الأكثر اكتظاظا بالسكان على وجه الأرض. وشددت، على “ضرورة حماية أهالي رفح الذين نزح العديد منهم عدة مرات بسبب الحرب، وليس لديهم مكان آمن للذهاب إليه”.

وتشهد مدينة رفح اكتظاظًا كبيرًا حيث يتواجد فيها ما لا يقل عن 1.4 مليون فلسطيني، بينهم أكثر من مليون نازح لجأوا إليها جراء عمليات الجيش الإسرائيلي شمال ووسط القطاع بزعم أنها “منطقة آمنة”.

وتتصاعد التهديدات الإسرائيلية بتنفيذ عملية برية في رفح الملاصقة للحدود مع مصر، رغم تحذيرات إقليمية ودولية متصاعدة من تداعيات كارثية محتملة.

ومنذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تتواصل الحرب على قطاع غزة بلا هوادة، مخلفةً 29692 شهيدًا غالبيتهم من الأطفال والنساء، وعشرات الإصابات، إلى جانب كوارث إنسانية وبيئية هائلة، ودمارًا يوازي قنابل نووية، وفق تقارير أممية وحقوقية.

ما السيناريوهات المتوقعة للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة؟

صلاح أبوحنيدق -خاص شبكة مصدر الإخبارية:

تحدث محللون سياسيون فلسطينيون ولبنانيون، عن السيناريوهات المتوقعة للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

وحذر هؤلاء المحللون في تصريحات لشبكة مصدر الإخبارية، من تصاعد جرائم الحرب الإسرائيلية حال استمرار الحرب مع الفصائل الفلسطينية لفترة أطول، لاسيما وأن قادة الاحتلال يهدفون إلى تسكين غضب الجهور الإسرائيلي وإعادة الثقة لهم بالجيش بعد الضربة الأولى التي تلقوها في اليوم الأول للحرب.

وتعرضت إسرائيل لضربة قوية في السابع من أكتوبر الجاري عقب اقتحام مئات المقاومين الفلسطينيين مستوطنات غلاف غزة، ومواقع الجيش والشرطة الموجودة بها، ما أسفر عن مقتل 1200 إسرائيلي ومستوطن وجرح الآلاف.

ورجح المحلل السياسي مصطفى الصواف، أن تستمر إلى أيام جديدة خاصة وأن الاحتلال الإسرائيلي لم يحقق أي من أهدافه التي يسعى لها، سوى قتل الأطفال والنساء الذين شكلوا نحو 60% من الشهداء.

وقال الصواف في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية، إنه “في مقابل القتل الإسرائيلي تواصل المقاومة الفلسطينية قصف الدن والمستوطنات الإسرائيلي، وتنفيذ العمليات في الداخل المحتل”.

وأضاف أن “الأيام القادمة تحمل مزيداً من الارهاب الإسرائيلي والذي سينهي بالبحث عن تهدئة”. مشيراً إلى أن الحديث عن التهدئة لا يزال مبكراً لكن في النهاية لا بديل عنها.

وأشار إلى أن الاحتلال يعيش أزمة وحالة من التخبط رغم تشكيله حكومة طوارئ علماً بانها ستواجه ضغطاً كبيراً من الشارع في ظل استمرار بقاء الأسرى الإسرائيليين في يد المقاومة الفلسطينية.

وأكد أن “الجهود الدولية والعربية مستمرة وقد تجدي نفعاً ولكن ليس في القريب العاجل ولكنها مستمرة وسيكون لها أثر على أرض الواقع”.

وشدد على أن “الاحتلال يفكر ألف مرة قبل الاجتياح للقطاع في ظل فشل قواته في مواجهة بضع مئات من المقاومين منذ السبت الماضي الموافق السابع من أكتوبر وحتى الان”.

ولفت إلى أن “الاحتلال يفكر فقط في التوغل لبضع مئات من الامتار على المنطقة الشرقية من القطاع لأنه يدرك أن دخول غزة بهدف احتلالها لن يجدي نفعا وسيكلفه ثمناً كبيراً فبدلاً من مواجهة ألف أو الفين من المقاتلين سيواجه مليونين يتعطشون لصيد جنوده إما بقتلهم أو اسرهم”.

ونوه إلى أن “الأوضاع على الجبهة الشمالية تأخذ شكلاً من التصعيد المتدحرج وسلوك الاحتلال على الارض سيحدد كيف سيكون سلوك حزب الله”.

ورأى الصواف أن “المقاومة تقود الآن اشتباكات قد تتطور بشكل أكبر مما قد يقود لاتخاذ قرار من قبل حزب الله في الدخول في معركة مع الاحتلال”.

بدوره، قال المحلل اللبناني محمد المصري، إن “يوم السابع من أكتوبر ليس كما قبله، وسيترك تغير استراتيجي في المنطقة والشرق الأوسط على صعيد الصراع مع إسرائيل”.

وأضاف المصري لشبكة مصدر الإخبارية أن “الضربة التي تلاقاها الجيش الإسرائيلي في السابع من أكتوبر عبارة عن تهشيم للعمود الفقري لدولة إسرائيل وصورة تفوقها العسكري وأنها صاحبة الجيش الذي لا يقهر”.

وأشار إلى أن “الحديث عن سيطرة على مستوطنات غلاف غزة لأكثر من 70 ساعة، ودخول مقاتلين وخوضهم اشتباكات من وقت لأخر يعكس حالة التخبط العسكري والاستخباري الإسرائيلي، وهو ما يبرر تكثيف الغارات على غزة”.

وبين أن “الحرب حالياً تحددها ثلاثة سيناريوهات الأول الإعلان عن تهدئة على إعتبار أن إسرائيل أسقطت المئات من الشهداء والاعلان عن التوجه لصفقة لتبادل الأسرى، وهذا السيناريو مستبعد حالياً، لأن ذلك يعني دق مسمار كبير في نعش الاحتلال ونهايته، ويحجمه أمام العالم”.

وتابع أن “السيناريو الثاني عبارة عن استمرار الاحتلال بفرض السيطرة على مستوطنات غلاف غزة والبدء باجتياح بري للقطاع، لأنه وفقاً للعقلية الإسرائيلية يعتبر هذا أقل شيء يمكن فعله حال أرادت إسرائيل استرجاع هيبتها التي داست عليها فصائل المقاومة”.

وأكد المصري، أنه “حتى لو احتلت إسرائيل غزة وجميع الوطن العربي فلن تستطيع ترميم صورتها التي انهارت أمام المقاتلين الفلسطينيين في السابع من أكتوبر”.

وشدد على أن “الاجتياح البري لغزة سيمتد إلى باقي الأراضي الفلسطينية المحتلة وفتح جبهات جديدة”. معبراً عن اعتقاده بان إسرائيل تحاول توسيع الحرب وليس حزب الله الذي يسعى لذلك، كون نتنياهو يعتقد بأنه حصل على فرصة مواتية للنيل من أعدائه وإشراك الولايات المتحدة في معركة ضد حزب الله وإيران”.

ولفت المحلل اللبناني إلى أن “السيناريو الثالث يرجح أن إسرائيل ستكتفي بالقصف ظناً بأنها ستقلب الشارع الفلسطيني على حماس وهذا أمر مستبعد كون حماس من نفس الشعب والكل موحد ضد إسرائيل”.

ورجح السيناريو الثاني القائم على الاجتياح البري، ودخول أطراف إقليمية أخرى بما يقود نحو نتائج مدمرة.

من جانبه، أكد المحلل عصمت منصور أن “الضربة القاسية التي تعرضت لها إسرائيل في اليوم الأول من الحرب، تأخذ السيناريوهات نحو التصعيد بكل أشكاله”.

وشدد منصور لشبكة مصدر الإخبارية على أن “قرار تجريد حماس من سلاحها وإضعافها من قبل إسرائيل أصبح جدياً”. معبراً عن أمله بألا تطول الحرب على القطاع.

وقال إن “الجيش الإسرائيلي سيواجه مقاومة شديدة والعديد من المفاجآت حال أقدم على اجتياح قطاع غزة برياً، لاسيما وأنها أثبتت تفوق المقاتل الفلسطيني في الأداء منذ اليوم الأول للحرب في حرب الشوارع”.

وأضاف أن “القصف الجوي الكثيف على القطاع منذ أيام يتوقع أن يكون تمهيداً للاجتياح البري”.

وأشار إلى أن “تطورات الحرب يحددها مدى توسع الاجتياح البري حال اتخاذ قرار بذلك وعمقه”. مبيناً أن “سيناريو الاجتياح البري أصبح محسوماً خاصة وأن الرأي العالم جرى تهيئته، والولايات المتحدة أكدت تأييدها الكامل، وأرسلت حاملة طائرات وذخيرة ووعدت بمستشارين”.

ولفت إلى أن “المجتمع الإسرائيلي أصبح موحداً خلف نتنياهو أيضاً في قرار الحرب في ظل تشكيل حكومة الطوارئ الجديدة”.

بعد وصولها المنطقة.. تعرف على حاملة الطائرات الأمريكية جيرالد فورد؟

صلاح أبو حنيدق- متابعة خاصة مصدر الإخبارية:

وصلت الليلة الماضية حاملة الطائرات الأمريكية، جيرالد فورد، وهي أكبر سفينة حربية نووية في العالم إلى شواطئ شرق المتوسط.

وتحمل جيرالد فورد 4539 جنديًا، ويعتبر وصولها إلى إسرائيل خطوة ردعية من قبل الولايات المتحدة لحزب الله اللبناني وإيران.

ويرافق حاملة الطائرات، سفينة الصواريخ الموجهة “نورماندي” بالإضافة إلى 4 مدمرات صواريخ أخرى.

وتعتبر “جيرالد فورد”، التي تحمل اسم الرئيس الثامن والثلاثين للولايات المتحدة الأمريكية، حاملة الطائرات الأكثر تقدما في البحرية الأمريكية، ويخدم فيها آلاف البحارة، وعلى متنها أكثر من 75 طائرة مقاتلة من طراز إف-35، وإف-35. 15 وإف-16، وطائرات هجومية من طراز A-10، وقاذفتين للصواريخ المضادة للطائرات، وصاروخين أرض جو من طراز رام، ومنظومتي رادار منفصلتين لتوجيه صواريخها وطائراتها من جهة، لتحديد مواقعها من جهة أخرى.

وتضم الحاملة أيضاً ثلاثة أنظمة أسلحة فالانكس، أي نظام دفاع نشط يعتمد على مدافع لتدمير القذائف والصواريخ والمدفعية التي تطلق عليها من مسافة قصيرة، و4 أنظمة رشاشات عيار 25 ملم (MGS) مصممة لحمايتها من السفن الصغيرة وأربعة أنظمة مدفع رشاش براوننج M2  وخمسة من عيار 0.5 بوصة لكل استخدام ممكن.

ويصل وزن “جيرالد فورد” إلى 100 ألف طن، ويمتد طوله إلى 337 مترًا، وعرض سطحه 78 مترًا.

وتسطيع الإبحار بسرعة 56 كم/ساعة (30 عقدة) بمساعدة مفاعلين نوويين. وبلغت تكلفة بناء حاملة الطائرات 12.8 مليار دولار.

وهذا لا يشمل تكلفة الصيانة السنوية البالغة 3 مليارات دولار وعملية البحث والتطوير نفسها لهذا الوحش البحري والتي تقدر أيضًا بحوالي 40 مليار دولار.

ويمكن للسفينة أن تعمل بمفردها في وسط البحر لمدة ثلاثة أشهر متتالية من حيث الغذاء وإمدادات الوقود ومعدات الطائرات.

سفينة نورماندي

وترافق حاملة الطائرات سفينة “نورماندي” (يو إس إس نورماندي) هي سفينة صواريخ موجهة تنتمي إلى ما يسميه الأمريكيون فئة تيكونديروجا.

وتم إطلاق نورماندي في عام 1989 وعادة ما ترسو في نورفولك بولاية فيرجينيا.

و في عام 1998، حصلت بالفعل على لقب “السفينة التي أطلق منها أكبر عدد من صواريخ توماهوك في البحرية الأمريكية”.

ويبلغ وزنها 9800 طن مع وزن الطاقم المكون من 330 رجلاً وامرأة، ويمتد طولها إلى 173 مترًا، وتعمل بأربع توربينات غازية من شركة جنرال إلكتريك تدفعها إلى سرعة حوالي 60 كم / ساعة (32.5 عقدة). وتتمركز على متنها بشكل دائم مروحيتان من طراز “سي هوك”، بالإضافة إلى ستة أنظمة رادار، كل منها لغرض مختلف، بما في ذلك مكافحة الحرائق والبحث الجوي والحرب المضادة للغواصات. يوجد على متنها نظامان للإطلاق العمودي (MK 41) يحتوي كل منهما على 61 خلية، والتي تحتوي على 122 صاروخ أرض جو، وصواريخ مضادة للطائرات، وصواريخ توماهوك وVLA المضادة للغواصات.

كما يوجد على متن السفينة أيضًا ثمانية صواريخ هاربون الموجهة بالرادار المضادة للسفن، ومدفعان من طراز مارك 45 ضد السفن الحربية والطائرات الكبيرة، ونظامان للرشاشات عيار 25 ملم (MGS)، و2-4 أنظمة مدفع رشاش ثقيل من طراز براوننج زيرو فايف، وسلاحين من طراز فالانكس. واثنين من أنظمة إطلاق الطوربيد تحت الماء.

المدمرات

فيما تنتمي المدمرات الأربع الأخرى جميعها إلى سلسلة البرق التي تحمل اسم الأميرال الأمريكي الذي اكتسب شهرة في الحرب العالمية الثانية.

يو إس إس توماس هودنر

وتقدر تكلفة كل منهما بحوالي 2 مليار دولار، أشهرهم يو إس إس توماس هودنر، حيث سُميت على اسم طيار البحرية توماس هودنر، الذي فاز بميدالية الشرف لمحاولته إنقاذ حياة زميله خلال الحرب الكورية.

تم إطلاقها في عام 2017 وعادة ما ترسو في مايبورت بولاية فلوريدا، لكنها خاضت بالفعل في مياه البحر الأبيض المتوسط ​​عدة مرات كجزء من التدريب.

وتزن 9217 طنًا، ويبلغ طولها 513 مترًا، ومثل نورماندي، يتم تشغيلها بواسطة أربع توربينات غازية من شركة جنرال إلكتريك.

وتصل سرعتها إلى 57 كم/ساعة (31 عقدة)، وتحمل حوالي 380 من أفراد الطاقم وعلى متنها نظام فالانكس واحد، ومدفع مارك 45 خفيف الوزن، ومدفعين من طراز M242 Bushmaster، وأربعة مدافع رشاشة ثقيلة من طراز M2 Browning Zero Five.

وعلى متن الطائرة، بالإضافة إلى طائرتي هليكوبتر من طراز “سي هوك” ومهبط وحظيرة، يوجد أيضًا نظام إطلاق عمودي واحد (MK 41) مزود بسبعة أنواع من الصواريخ: نوعان من صواريخ أرض جو، وصواريخ قصيرة وباليستية متوسط ​​المدى، وصاروخ اعتراض SM-6، وطائرات بدون طيار وصواريخ مضادة للسفن، وصاروخ مضاد للغواصات مطلق عموديًا، وصاروخ كروز توماهوك، وصاروخ متقدم مضاد للسفن أسرع من الصوت آر آي أم.

ويوجد أيضًا أنبوبان طوربيد ثلاثيان (مارك 32) يحملان ثلاثة أنواع من صواريخ الطوربيد خفيفة الوزن.

يو إس إس روزفلت

المدمرة الثانية هي، يو إس إس روزفلت، التي تحتوي على ترتيب مماثل من حيث حجم الذخيرة وسميت على اسم الزوجين الرئاسيين إليانور وفرانكلين روزفلت.

وترتكز السفينة في قاعدة روتا البحرية، وهي في الغالب أمريكية، على ساحل المحيط الأطلسي في إسبانيا. تم إطلاقها في عام 1999 ولها أيضًا تاريخ طويل نسبيًا في مياه البحر الأبيض المتوسط، بما في ذلك المطاردات الدرامية ضد القراصنة في الصومال والاستيلاء على ناقلة النفط الوهمية “مورنينج جلوري” جنوب قبرص التي كانت في طريقها إلى ليبيا.

ويبلغ وزنها 9300 طن، وتضم طاقمًا مكونًا من 380 فردًا ومروحيتين من طراز “العقاب ” MH-60R، ويبلغ طولها 155 مترًا وتسافر بسرعة 56 كم/ساعة (30 عقدة).

يو إس إس راماج

المدمرة الثالثة هي، يو إس إس راماج سميت على اسم نائب الأدميرال لوسون راماج، الحاصل على وسام الشرف في الحرب العالمية الثانية. مثل نورماندي، عادة ما ترسو في نورفولك.

تم إطلاقها في عام 1995 وتمكنت من المشاركة في العديد من العمليات كما حدث في ألبانيا في عام 1997 وقبالة سواحل الجبل الأسود بعد حوالي عامين.

بعد أحداث 11 سبتمبر، تم استدعاؤها إلى الساحل الشرقي للولايات المتحدة، لتوفير رادار موسع لمدينة نيويورك والمنطقة المحيطة بها عقب الهجمات الإرهابية، ثم أبحرت باتجاه بحر العرب للحرب في أفغانستان، بعد ذلك.

حيث واصلت محاربة الإرهاب البحري والقراصنة الصوماليين في منطقة القرن الأفريقي، وفي عام 2010 تم إرسالها للمساعدة في جهود البحث والإنقاذ عقب تحطم طائرة الخطوط الجوية الإثيوبية في البحر الأبيض المتوسط، حتى أنها رست لبعض الوقت في ميناء حيفا.

وبعد فترة عادت إلى البحر الأبيض المتوسط ​​خلال الحرب الأهلية السورية، من أجل نزع الأسلحة الكيميائية التي كانت بحوذة نظام بشار الأحد.

وتزن السفينة 9000 طن وتضم طاقمًا مكونًا من حوالي 280 فردًا، وهي مشابهة تمامًا في الأبعاد لأخواتها الأصغر سناً، ولكن لا يوجد بها سوى طائرة هليكوبتر واحدة متمركزة عليها.

وحتى من حيث الأسلحة والذخيرة الصاروخية، فهي تشبه إلى حد كبير أخواتها، لكن ميزتها هي الحرب الإلكترونية ووسائل مصممة لتعطيل الصواريخ المضادة للسفن البعيدة عن أهدافها.

ويوجد على متن السفينة “أجنحة حرب إلكترونية” تتضمن “أفخاخًا خداعية” تعمل بمساعدة أجهزة تشويش الأشعة تحت الحمراء، أو محاكاة ضوضاء السفينة، أو شرك طيران مقلد، أو عوامة عاكسة.

كما أن أنظمة الرادار الخاصة بها مثيرة للإعجاب وتتضمن رادار بحث جوي محوسب ثلاثي الأبعاد يستخدم أربعة هوائيات تكميلية لتوفير تغطية 360 درجة.

علاوة على ذلك، لديها 10 أنظمة رادار مختلفة أخرى للبحث السطحي والملاحة، وتجنب الألغام، والبصر الكهروضوئي، ومكافحة الحرائق، والحرب المضادة للغواصات باستخدام السونار أو المروحيات أو حتى الكابلات المقطوعة.

يو إس إس كارني

رابع المدمرات، يو إس إس كارني، وسُميت على اسم الأدميرال روبرت كارني الذي شغل منصب القائد الأعلى للبحرية الأمريكية خلال إدارة أيزنهاور.

تنطق من ميناء مايبورت بولاية فلوريدا، وتم إطلاقها عام 1994 وشاركت أيضًا في الحرب في أفغانستان ورست لفترة في البحرين.

وبعد نجاتها من إعصار تشارلي في عام 2004، استقبلت كضيفة شرف عندما تم إرسالها إلى منطقة البحر الكاريبي لإظهار التزام الولايات المتحدة تجاه شركائها الإقليميين.

وشاركت على مر السنين في المعارك ضد تنظيم داعش في ليبيا، وفي عام 2018 وقعت في خضم التوترات المتزايدة بين روسيا والولايات المتحدة بعد الإعلان الأمريكي عن لوائح اتهام ضد مواطنين روس للاشتباه في تدخلهم في الانتخابات الأمريكية عام 2016. حملة.

وتم إرسال كارني للقيام بدوريات حول البحر الأسود وإظهار التواجد.

اقرأ أيضاً: الأردن وتركيا تؤكدان على أهمية حل الدولتين ووقف المجازر بغزة

Exit mobile version