دلالة المسمى التاريخي في هيئة صاروخ بالستي

بقلم: محمد جرادات

أزيح الستار عن صاروخ خيبر بعد أيام من انقشاع غبار معركة وصلت صواريخها حتى مستوطنات بيت المقدس، وجاء في خاتمتها شكر إيران على لسان قائد المعركة وفارسها الحاج زياد النخالة، وهو شكر يتكرر عقب كل صاروخ يخرج من غزة أو لبنان.

خيبر أكبر من ملحمة تاريخية دينية، ومسماها العسكري اليوم في هيئة صاروخ إيراني يختصر الدين والتاريخ وتحديات الواقع، ويلخصه كأداة مكثفة في تفعيل معادلات الصراع الممتد منذ أن قلع علي بن أبي طالب باب حصن خيبر اليهودي بذراعيه قبل 1400 سنة، ليدشّن معالم أمة اتخذت القدس قبلتها الأولى منذ بواكير مبعثها.

لخّص المسمّى الإيراني لهذا الصاروخ تحديات الأمة وأسس وحدتها، وهو العابر للمكان بمسافة ألفي كم، بزمن وقتي لا يتجاوز 12 دقيقة، ليحطّ في أكناف بيت المقدس، بهامش خطأ لا يتجاوز مترين، حاملاً شحنة غضب من عيني الإمام، رغم ما كان فيهما من رمد يوم فتح حصون خيبر، ليتولد منهما رأس حربي متفجر يزن 1500 كغم.

أزيح الستار عن خيبر في نسخته المعاصرة، بما تجاوز الدرس الديني والأثر التاريخي إلى الصراع العسكري القائم، وقد تفتحت شهية هرتسي هاليفي؛ المسمى رئيساً لأركان “الجيش” الإسرائيلي، محاولاً استعادة هيبة الردع الإسرائيلية، وهو يهدد بضربة وشيكة لإيران، وقد تأكّلت غداة حربه الفاشلة على الجهاد الإسلامي في معركة “ثأر الأحرار” قبل أقل من أسبوعين.

لم يخطر في بال مؤسس علم الكيمياء جابر بن حيان قبل 1300 سنة، وهو تلميذ الإمام جعفر الصادق، الحفيد الخامس لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من ابنته الزهراء، أن علومه في الكيمياء والفلك والهندسة والفلسفة ستجد أثرها المباشر في خاصة عباد الله، أصحاب البأس الشديد، حملة الراية السوداء التي بشر بها خاتم الأنبياء فيما روي عنه، لتخرج من خراسان حتى تحط في إيلياء، وقد ظلل بها قوله تعالى للعرب وهم أصحاب الرسالة الأولى: {وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ}، ليتلقفها حينئذ قوم سلمان الفارسي، بحسب جزم صحاح المسلمين في رواياتهم عن خاتم المرسلين، فإن الدين لو كان في الثريا لناله رجال من فارس.

كيماوية جابر، كما فلسفته الرسالية، تعانقتا معا لتجدا طريقهما في دكّ حصون خيبر المعاصرة، أو هكذا يُفترض تبعاً لمسمى الصاروخ الإيراني، فهو أداة عسكرية عابرة للحدود، حملت اسماً مزج بين القتال والفكر عبر سفر الزمان.

وقد أزيح عنه الستار بعد أيام من انقشاع غبار معركة وصلت صواريخها حتى مستوطنات بيت المقدس، ليأتي في خاتمتها شكر إيران على لسان قائد المعركة وفارسها الحاج زياد النخالة، وهو شكر يتكرر عقب كل صاروخ يخرج من غزة أو لبنان ليدك خيبر المقامة على أطلال التغريبة الفلسطينية والعربية والإسلامية.

أطلق هاليفي تهديده لإيران، ودعا نتنياهو إلى اجتماع مجلس وزراء حربه، وبدأ الإعلام العبري يتحدث عن حرب يوم القيامة على كل الجبهات، في ظل مناورة عسكرية تستمر أسبوعين من الشمال والوسط حتى الجنوب، وقد حملت اسم “الضربة القاضية”، بما يشبه الاستعداد للعدوان على إيران بمشاركة أميركية أو من دونها. وقد ظهر ما يشبه الإجماع الإسرائيلي على أولوية الصراع مع إيران، في ظل تنامي مشروعها النووي، باعتباره خطراً وجودياً على الكيان برمته.

انعكست التهديدات الإسرائيلية بوتيرتها المفاجأة على الاقتصاد لينخفض الشيكل بشكل لافت. في المقابل، ردت إيران بالكشف عن صاروخها المطور عن نسخ ثلاث سابقة، الذي يغطي كامل الأرض الفلسطينية المحتلة، عبر سمات التهرب من الرادار وعدم اكتشافه من قبل الدفاعات الجوية، بسبب انخفاض المقطع العرضي للرادار، بما يشمل سرعة الإعداد والإطلاق، ما يجعله سلاحاً تكتيكياً، إضافة إلى كونه سلاحاً استراتيجياً.

بين قدرة الصاروخ التكتيكية في المناورة وثباته الاستراتيجي، ثمة أساس يأتي من عبق التاريخ وصورة راسخة في المخيلة الإسلامية بإجماع مذاهبها التي اختلفت في كثير من مفاصل التاريخ، ولكنها اتفقت بشكل تام على رؤية الإمام علي وهو يقتلع باب خيبر، وإن اختلف المؤرخون في وزن هذا الباب الذي اقتلعه علي بذراعيه: هل يقدر على حمله 40 رجلاً أم 7 رجال!

كان باباً ثقيلاً استعصى كسره لأيام متصلة من القتال، حتى استقدم رسول الله رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، فكان واسطة عقد آل بيت النبوة، ليقطع رأس ملك خيبر وقائدها العسكري مرحب بن أبي زينب.

إجماع التاريخ عبر زاويته الدينية في فتح خيبر مفصل نادر في التراجيديا الإسلامية الراهنة، لكنه نافذة أمل حقيقية تنبع من بأس ذراعي علي وقد صلب عودهما في حضن بيت النبوة، كما تصنع غزة صواريخها في غمرة حصار مطبق بيد أهلها، وهناك في إيران خرج صاروخ خيبر بيد صناعها وخبرائها، وقد نُقش على فولاذه المتفجر اسم الشهيد حسن طهراني؛ مؤسس صناعة الصواريخ في إيران، الذي اغتاله “الموساد” الإسرائيلي عام 2011، ليأتي هذا الإنجاز رغم القيود المفروضة على أنشطة إيران المتعلقة بالصواريخ بموجب قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2231.

وقعت الحرب الإسرائيلية القاضية أم لم تقع، فإن خيبر بوزنه المتفجر يترقب ساعتها، وهو يتمتع بسرعة فائقة في التجهيز، وبقدرته على الإصابة بشكل نقطوي ودقيق، ولا يحتاج إلى توجيه المرحلة النهائية، وهو يحتفظ بجاهزيته لمدة 3 سنوات، تبقى في حدود معادلة الصبر الإستراتيجي في العقل الإيراني، وهي معادلة يمكنها كيّ الجرح في مواجهة الميدان الممتد عبر البحار والتعقيدات الأمنية، إلا أن يطال عصب برنامجها النووي، محطّ أفق جيلها المستقبلي، إذ يتهيأ خيبر ليصنع عصراً يمكن للأمة بعده أن تنخرط في ملاحم لتصلّي الفجر جماعة في القدس وأكنافها.

تركيا الحائرة بين الشرق والغرب

أقلام – مصدر الإخبارية

تركيا الحائرة بين الشرق والغرب، بقلم الكاتب الفلسطيني رجب أبو سرية، وفيما يلي نص المقال كاملًا كما وصل موقعنا:

تعيدنا مناسبة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية للسؤال حول علاقة السياسة بالجغرافيا، ذلك أن واحدة من أهم سمات تركيا، الدولة الجارة الأكثر قرباً للعرب، هي كونها تقع ما بين الشرق والغرب، حيث ظلت تركيا، ربما كما هو حال روسيا، إلى حد ما، ضائعة أو تراوح ما بين الشرق والغرب، الغرب المسيحي، والشرق الإسلامي، والغرب الديمقراطي والشرق المستبد. وفي حقيقة الأمر، أن ما يرجح ذهاب تركيا إلى الشرق أو الغرب، هو مصالحها، فإن وجدت في الشرق ضالتها اقتربت منه لدرجة أن تندمج فيه، وإن وجدت في الغرب مصلحة لها، سارعت إليه، وهكذا يمكن القول: إن تركيا قد حققت من موقعها الجغرافي الوسط ما هو إيجابي متمثلاً بالتنوع، لكن ما هو سلبي في نفس الوقت، من اضطراب ما، يذهب بها مرة بعيداً عن الشرق، ومرة أخرى بعيداً عن الغرب.
وبعد حروب طاحنة مع بيزنطة، دولة الغرب الشرقية في العصور الوسطى، على طريق تحقيق الطورانية التركية، أقامت تركيا دولتها القومية، التي بقيت في حالة عداء أو صراع مع الغرب المسيحي، كما هو حال روسيا، التي ظلت تدين بالأرثوذكسية مقابل كاثوليكية وبروتستانتية الغرب الأوروبي، فيما تركيا أكثر ابتعاداً عن الغرب الأوروبي من حيث اختلافها في الدين وليس في المذهب وحسب، ولهذا وجدت نفسها تذهب إلى الشرق حيث تحقق لها الطموح الإمبراطوري على حساب العرب، حين احتلت كل دولهم الحالية، فيما ظهر بعد ذلك على شكل الدولة العثمانية التي كانت تضم إلى جانب تركيا (الأناضول) العرب وبلغاريا فقط.
وظلت الدولة العثمانية أهم دولة في تاريخ تركيا، من حيث اتساعها وقوتها التي أظهرتها كدولة عالمية، تعززت خلالها ملامحها الدينية الإسلامية التي تجمعها مع الشرق العربي/الإسلامي، وإن كان ذلك لم يكن كافياً لتجد توافقاً ما مع إيران الدولة المسلمة الجارة، لكن التي تفترق عنها في المذهب، وربما لهذا السبب، أي كون إيران تدين بالمذهب الشيعي وهو مذهب الأقلية العربية، مقابل المذهب السني الذي تدين به تركيا وتدين به الأغلبية العربية، هو الذي جعل تركيا أقرب للعرب، من إيران، وجعلهم يقبلون استعمارها لهم لمدة أربعة قرون متواصلة.
لكن الحال تغير بعد الحرب العالمية الأولى، فتركيا التي كانت متحالفة مع ألمانيا، خسرت تلك الحرب، وخسرت معها كل مستعمراتها العربية، وهكذا انكمشت من إمبراطورية عظمى إلى مجرد دولة شرق أوسطية عادية، وكان لهذه النقلة تبعاتها، التي دفعت بتركيا نحو الغرب، حيث انضمت إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، واعترفت بإسرائيل كأول دولة مسلمة تفعل ذلك، وبقيت الوحيدة طوال عقود، وترافق ذلك مع نقلة نوعية داخلية، رفعت من شأن الطورانية أو القومية التركية، حيث قام مصطفى كمال أتاتورك، أي أبو الأتراك، بتتريك الثقافة التركية، فشطب الحرف العربي، واستبدله بالحرف اللاتيني، وأعلن فصل الدين عن الدولة، وأقام دولة عسكرية، بعد أن أعلن حل الخلافة.
وقد ظلت تركيا أسيرة لأرث أتاتورك حتى ستينيات القرن الماضي، حتى ظهر عدنان مندريس الذي قاد معارضة سياسية لحزب أتاتورك الذي حكم تركيا بشكل منفرد، إلى أن نجح مندريس في تولي رئاسة الحكومة، مطلع خمسينيات القرن الماضي إلى أن أطاح به بانقلاب عسكري وأعدم على أثره في مطلع ستينيات القرن الماضي، حيث أعاد الجيش فرض هيمنته على الحكم، مع ملاحظة أن النظام السياسي التركي كان برلمانياً، لا يتمتع به رئيس الدولة بالصلاحيات التي يتمتع بها رئيس الحكومة.
وخلال عقدَي سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي تداول الحكم، في ظل حكم الجيش الفعلي، كل من سليمان ديميريل، قائد حزب العدالة وزعيم حزب الطريق القويم، أي المحافظ أو اليمين السياسي، مع بولنت أجاويد زعيم حزب الشعب الجمهوري، أو اليسار السياسي.
طبعاً لا بد من ملاحظة تأثر تركيا مثل كل دول العالم، بحقبة حركات التحرر خلال خمسينيات وستينيات القرن الماضي، ثم انتهاء الحرب الباردة، منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي، حيث ظهر الإسلام السياسي، لا ليحل مكان اليمين السياسي في مواجهة اليسار الذي بقي يمثله حزب الشعب الجمهوري، وحسب، ولكن ليواجه دولة الجيش العميقة، لكن بحذر أكثر مما أبداه الإخوان العرب، في مصر على سبيل المثال، حيث رفع حزب الرفاه الذي تزعمه نجم الدين أربكان، شعار الحكم الإسلامي في ظل الدولة العلمانية، حيث نجح أربكان في تولي رئاسة الحكومة عام 1996، كأول حكومة ذات توجهات إسلامية.
ورغم أن الجيش الحاكم الفعلي في تركيا، قام بإسقاط أربكان بعد عام، إلا أن إسلاميي تركيا غيروا من جلودهم أكثر من مرة، وظلوا في الحكم خلال أكثر من عقدين من الزمان، وذلك في ظل حكم برلماني، كما أشرنا، يحكمون أحياناً عبر واجهة غير صريحة في انتمائها الديني، إلى أن تقدم رجب طيب أردوغان، الذي كان زعيم الحزب الإسلامي، لكنه جلس في الكواليس مقدماً عبد الله جول تلميذ أربكان، وعضو حزب الرفاه، الذي رغم ذلك كان يختلف قليلاً مع أربكان، حيث قام مع أردوغان بقيادة حركة تجديدية داخل التيار الإسلامي، ومن ثم التنافس مع حزب الفضيلة عام 2000، وصولاً إلى إعلان حزب العدالة والتنمية عام 2001.
هكذا يمكن القول: إن جول وأردوغان، رغم أنهما اختلفا مع أربكان، إلا أنهما ورثا عنه قيادة الإسلاميين على طريق الحكم، وكان ذلك منذ العام 2002، وكان لأردوغان الدور الرئيس حيث كان رئيساً لبلدية إسطنبول المدينة الأهم في تركيا، حيث تولى رئاسة الحكومة أولاً جول، ومن ثم أردوغان الذي يصف نفسه بأنه ديمقراطي محافظ، من العام 2003 إلى العام 2014، سعى خلال ذلك العقد من الزمان الذي تولى فيه رئاسة الحكومة إلى أن ينتقل بتركيا لنظام رئاسي أكثر مركزية، وفعلاً تولى في ذلك العام رئاسة الدولة.
هكذا يمكن القول: إنه بعد أتاتورك، يبدو أردوغان، لسببَين، أهم شخصية سياسية في تاريخ تركيا الحديث، والسبب الأول أنه أكثر من جلس على المقعد الأول لأكثر من عشرين سنة، نصفها كرئيس حكومة والنصف الثاني كرئيس دولة بصلاحيات واسعة، بعد أن قام بالتحالف عام 2017 مع حزب الحركة القومية اليميني في استفتاء دستوري لنقل نظام الحكم من برلماني إلى رئاسي تنفيذي، وهكذا حكم أردوغان خلال ولايته الثانية كرئيس دولة بصلاحيات مركزية ما بين عامَي 2018 – 2023، بعد أن كان رئيساً للدولة بصلاحيات شكلية ما بين عامَي 2014 – 2018.
في هذه الانتخابات التي جرت منتصف هذا الشهر، ورغم أن أردوغان وحزبه قد فازا بانتخابات الرئاسة والبرلمان، إلا أنهما واجها ليس منافسة قوية من المعارضة وحسب، ولكنهما، اضطرا فيما يخص انتخابات الرئاسة أن يخوضا جولة ثانية، (وذلك يحدث للمرة الأولى في تاريخ تركيا) فازا بها بشق الأنفس، وفي الانتخابات البرلمانية فازا بـ 321 مقعداً شاركهم فيها حزب الحركة القومية المعارض الذي تحالفوا معه ليشكلوا قائمة “تحالف الجمهور” ويشكلان معاً يمين الوسط السياسي، مقابل 213 للمعارضة.
أي أن تركيا تبدو منقسمة سياسياً، خاصة حول قضايا اللاجئين والسياسة الخارجية، وبعد تضخم بلغ 50%، وبعد زلازل وقعت هذا العام وأودت بحياة 50 ألف شخص مع التسبب بدمار هائل، والحقيقة أن تحدي حكم الإسلاميين المتواصل منذ عقدين، قد بدأ بشكل جدي وصاخب، منذ أربعة أعوام، أي منذ نجح أكرم أوغلي في الفوز برئاسة بلدية إسطنبول، التي تعتبر مهمة جداً، لتحديد وجهة تركيا السياسية المقبلة، رغم فوزهم بمعظم البلديات ومنها بلدية العاصمة، وقد يعود ذلك إلى أن تولي أردوغان نفسه رئاسة بلدية إسطنبول، قبل ثلاثة عقود، مهد له الطريق لتولي رئاسة تركيا، والآن هناك خمس سنوات أمام أردوغان وحزبه، عليهما خلالها أن يساهما في إرساء تداول حقيقي للسلطة وإلا سيجري إقصاؤهما من الحكم.

أقرأ أيضًا: إسرائيل بعد رمضان.. بقلم الكاتب رجب أبو سرية

في ذكرى تأسيسها.. هل يُمكن إعادة بناء منظمة التحرير، وكيف؟

أقلام – مصدر الإخبارية

في ذكرى تأسيسها.. هل يُمكن إعادة بناء منظمة التحرير، وكيف؟، بقلم الكاتب الفلسطيني جمال زقوت، وفيما يلي نص المقال كاملًا كما وصل موقعنا:

مرت منظمة التحرير منذ تأسيسها بقرار من الجامعة العربية بمراحل أساسية، حيث تمكنت الفصائل المسلحة بعد هزيمة حزيران من تحويل منظمة التحرير الفلسطينية إلى ائتلاف جبهوي عريض يجسد الوحدة الوطنية ويستند إلى التعددية في اطار تبني استراتيجية الكفاح المسلح. وكانت معركة الكرامة نقطة مفصلية لتصبح المنظمة عنواناً أساسياً لمواجهة العدوانية والاحتلال الإسرائيليين، وبإقرار البرنامج المرحلي فتحت المنظمة الباب لقرار قمة الرباط للاعتراف بها كممثل شرعي وحيد وعضويتها في المنظمات الإقليمية والدولية كدول عدم الانحياز والقمة الأفريقية، ومن ثم في الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية. إلّا أن أبرز هذه الإنجازات، تمثل بتشكيل الجبهة الوطنية في الأرض المحتلة من بعض فصائل المنظمة وشخصيات الوطنية، بتاريخ 15-8-1973، وقد تبنت برنامجًا واقعيًّا مستندًا إلى قرارات الشرعية الدولية لحل الصراع الفلسطيني والعربي الإسرائيلي، ورفعت بعد حرب تشرين 1973 شعار إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة ، أي في الأراضي الفلسطينية المحتلة في العام 1967، وحق العودة للاجئين الفلسطينيين وفقاً للقرار 194، وخوض الانتخابات البلدية عام 1976 بشخصيات موالية للمنظمة لتكريس وجودها العلني، إلا أن سلطات الاحتلال قامت بإبعاد أبرز رموزها، وتعرض آخرون لمحاولات اغتيال .

رغم محاولات عدد من الأنظمة العربية إعادة السيطرة على المنظمة، ومساندة ما عرف بجبهة الرفض ولاحقاً الإنقاذ، إلّا أن حرص الزعيم عرفات على احتواء كافة فصائلها تحت راية المنظمة شكل ركيزة أساسية لصون وحدة المنظمة والوحدة الوطنية بشكل عام . وبتنامي دور المنظمة ونجاحها في معالجة وحل التباينات السياسية بين قواها الأساسية عبر الحوار الوطني الذي كان يسبق انعقاد دورات المجلس الوطني للمنظمة، تعاظم هذا الدور داخل الأرض المحتلة. فرغم حرب عام 1982 ضد المنظمة والوجود المسلح لقوات الثورة الفلسطينية في لبنان، واضطرارها للخروج إلى شتات العواصم النائية وصحاري العرب، إلا أن قوى المنظمة التي تجذرت بشبكات تنظيمية وجماهيرية ونقابية، قادت الانتفاضة الكبرى التي اندلعت في ديسمبر عام 1987، والتي تميزت بطابعها الشعبي الديمقراطي العميق، فأعادت بناء الحاضنة الكفاحية والشعبية لمنظمة التحرير، حيث تشكلت قيادة الانتفاضة الموحدة من فصائل المنظمة الرئيسية” فتح والديمقراطية والشعبية والحزب الشيوعي” لتعود منظمة التحرير مجدداً كلاعب أساسي رغم التحولات الإقليمية والدولية العاصفة في بداية التسعينيات.

الدروس المستخلصة

الدروس الذي يُمكن استخلاصها بعجالة من هذا المسار تتلخص في أن منظمة التحرير تمكنت من صون الهوية الوطنية وأصبحت تعبر عن الكيانية السياسية للشعب الفلسطيني وممثله الشرعي الوحيد بفعل أولاً وحدتها و إصرارها الدائم على تأكيد وتجسيد وحدة الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده، وثانياً نجاحها في بلورة برنامج القاسم المشترك برنامج العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وتغليب التناقض الرئيسي مع الاحتلال على التباينات الداخلية بترسيخ التعددية السياسية في اطار ائتلافها العريض كجبهة وطنية، واعتماد الحوار الوطني الديمقراطي في معالجة تبايناتها الداخلية، وثالثاً وهو الأهم حرصها الدائم على تعزيز حاضنتها الشعبية وقاعدتها الاجتماعية.

في مواجهة هذه الإنجازات سعت حكومات الاحتلال الإسرائيلي المتعاقبة إلى تقويض وتفكيك مكانة المنظمة، باعتبارها تعكس ليس فقط وحدة التمثيل بل وضمان ترابط الحقوق الوطنية لشعبنا، فبعد أن فشلت في خلق بدائل هزيلة كروابط القرى وغيرها، حاولت تمكين حركة الاخوان المسلمين في مواجهة المنظمة، وظلت دوماً تنفخ في نار التباينات الداخلية سيما بين التيارين الوطني والإسلامي.

فشل أوسلو وتراجع مكانة المنظمة

لقد أدت مرحلة مسار أوسلو و مخرجاتها إلى المس الجدي بمكانة منظمة التحرير، حيث تخلت عن التعددية السياسية، كما انجرفت نحو اقصاء المعارضة من داخل المنظمة ومن خارجها عن عملية صنع القرار الوطني، بالإضافة إلى فشلها في بلورة رؤية سياسية تضبط طبيعة المرحلة الناشئة واستحقاقاتها للربط بين مهمات التحرر الوطني التي لم تستكمل بعد، ومتطلبات البناء الديمقراطي لمؤسسات السلطة الناشئة، وقد جرى تضخيم دور السلطة على حساب مكانة ودور المنظمة كعنوان للتحرر الوطني و الوحدة الوطنية لشعبنا في مختلف تجمعاته داخل الوطن وفي الشتات . الأمر الذي أدى في السنوات الأخيرة ليس فقط لتهميش المنظمة واختصارها بالرئيس الذي بات، سيما بعد الانقسام وحل المجلس التشريعي و رفض تنظيم انتخابات عامة، يستحوذ على كل السلطات دون استثناء ، وتحولت اللجنة التنفيذية لمجرد هيئة دون استشارية، حيث لا يؤخذ حتى برأيها وليس فقط لا يُلتزم بقراراتها.

واقع المنظمة الراهن هو نتاج للمغامرة، دون ضوابط أو مسارات بديلة، برصيد المنظمة وانجازاتها، في مسار التسوية دون أي مراجعة رغم ما لحق بها من فشل ذريع، وما زالت القيادة المهيمنة مصرة على المضي بطريق الفشل هذا بلا قاع ، كما أنه لا يمكن عزل هذا الواقع عن حالة الانقسام الذي حوّل الخلاف السياسي إلى صراع مدمر على السلطة والتمثيل، وبات يهدد أساسات الكيانية الوطنية الجغرافية والسياسية والتمثيلية بعد أن شكلت المنظمة ولسنوات طويلة التعبير الأهم عن هذه الكيانية. هذا بالإضافة لتخلي أطراف الحركة الوطنية المنضوية في اطار المنظمة عن دورها الكفاحي ضد الاحتلال، واستحواذ حركة حماس على هذا الدور كوسيلة للسيطرة على التمثيل، الأمر الذي تكشفه مواقف حماس من الحروب الثلاث الأخيرة التي شنتها حكومات الاحتلال المتعاقبة ضد حركة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة.

وبالرغم من ذلك كله، فما زالت منظمة التحرير تشكل في الوعي العام ذاكرة النهوض الوطني والكفاح المسلح والانتفاضات المتعاقبة في مواجهة نكبة التهجير ومحاولات طمس الهوية وتصفية الحقوق ، وأن أي بحث جدّي لمعالجة الأزمة الداخلية التي تعصف بالقضية الوطنية لا يُمكن لها أن تحظى بفرص النجاح دون معالجة واقع و دور و مكانة منظمة التحرير، وأن إعادة بنائها، رغم تباين الظروف التاريخية بين نشأتها و ما تتعرض له اليوم من تفريغ محتواها وطابعها الائتلافي، ما زالت ممكنة شريطة ضبط هذه العملية بأولويات دحر الاحتلال على أساس استراتيجية متكاملة للصمود والمقاومة الشعبية. فالتجربة الفلسطينية تؤكد أن الاحتكام للحوار والديمقراطية كان دوماً بمثابة الضمانة التي يُمكن من خلالها المضي في اعادة بناء الائتلاف الوطني على قاعدة التمسك بالحقوق الوطنية، والقطع مع التنازلات التي استقطعتها إسرائيل مجانا من خلال مسار أوسلو الذي لم يكن بالنسبة للاحتلال أكثر من دفرسوار لإجهاض الانتفاضة الكبرى ونتائجها ، والعودة مجدداً للانقضاض على مجمل حقوقنا الوطنية ومصيرنا في هذه البلاد .

مدخل اعادة بناء المنظمة

إن المدخل الحقيقي لاستعادة وحدة ودور منظمة التحرير يتطلب وقبل كل شيء اسقاط ثقافة الانقسام والاقصاء والهيمنة والاستحواذ ، والعودة لخيار الوحدة والديمقراطية ، وما يتطلبه ذلك من مرحلة انتقالية لترميم العطب الذي تعاني منه الحركة الوطنية. ويبدو أن هناك ممراً اجبارياً انتقاليا لتحقيق ذلك من خلال اجبار قوى الانقسام التوافق على حكومة كفاءات انتقالية مفوضة وفقاً للقانون الأساسي لضمان القيام بكل ما من شأنه تثبيت صمود الناس والعودة للمسار الديمقراطي بالتحضير لإجراء الانتخابات العامة وفق جدول زمني كافٍ ومتفق عليه، لإعادة الحياة السياسية بعيداً عن الهيمنة والملاحقات السياسية وإلغاء كافة القوانين بقرار التي تتناقض مع حرية التعبير والتنظيم ،و بالتوازي مع ذلك الالتزام بما سبق وتم التوافق عليه في اجتماعات تحضيرية بيروت “يناير 2017” لجهة مشاركة حركتي حماس والجهاد في صنع القرار الوطني الذي بات ضرورة تحريره من التفرد والانقسام أولوية عليا لا يمكن القفز عنها، تمهيداً لمجلس وطني جديد يجدد انتخاب قيادة تضم مختلف ألوان الطيف السياسي والاجتماعي في مختلف تجمعات الشعب الفلسطيني بما في ذلك أبناء شعبنا داخل الخط الأخضر .

هكذا يُمكن إعادة الاعتبار لمنظمة التحرير ولدورها ومكانتها، بما في ذلك مراجعة برنامجها الوطني وفقاً لطبيعة الصراع وأشكال النضال الملائمة لهذه المرحلة.

هذا الطريق الذي لا بديل عنه، لا يُمكن تعبيده سوى باستنهاض وتنظيم دور جميع الفئات الاجتماعية المستعدة للانخراط في ائتلاف شعبي عريض ضد الاحتلال والانقسام والفساد بكل أشكاله، ومن أجل تجديد بنية الحركة الوطنية وضمان استعادتها لمسار يضع التحرر الوطني كأولوية عليا مترابطة مع المسار الديمقراطي الذي يعيد القضية برمتها للشعب الفلسطيني الحصن المنيع لهذه القضية المقدسة.

أقرأ أيضًا: الرد الوطني على انكار الشعب الفلسطيني.. بقلم: جمال زقوت

تحرير منظمة التحرير.. بقلم أيمن أبو ناهية

أقلام – مصدر الإخبارية

تحرير منظمة التحرير، بقلم الكاتب الفلسطيني أيمن أبو ناهية، وفيما يلي نص المقال كاملًا كما وصل موقعنا:

أبدأ من حيث انتهى مؤتمر فلسطينيي أوروبا (مستقل)، الذي طالب في بيانه الختامي بإعادة إصلاح منظمة التحرير على أسس ديمقراطية، لتكون بالفعل المظلة التي يستظل بها الكل الفلسطيني، يبقى السؤال الجاثم على صدور الفلسطينيين، كيف يمكن لمنظمة التحرير أن تحافظ على نفسها كحركة تحرر وطني وهيئة حاكمة؟ وكيف ستندمج حماس والجهاد الإسلامي في هياكل منظمة التحرير بعد عقود من الإقصاء؟ نتوقف قليلًا عن الإجابة على هذا السؤال لنتعرف بداية على الهدف الأساسي الذي من أجله أنشئت منظمة التحرير ومراحل الهدم الممنهجة التي لحقت بها طوال السنوات السابقة، إذ من المعروف أنها أنشئت في عام 1964 بقرار من المجلس الوطني الفلسطيني في مؤتمره الأول بالقاهرة، بهدف إعداد الشعب الفلسطيني عسكريًا وإنشاء الصندوق القومي الفلسطيني، واعترف بها كممثل شرعي للشعب الفلسطيني في الأماكن المختلفة، وبناء عليه أخذت المنظمة على عاتقها تحرير فلسطين، كيف؟ عبر ”الكفاح المسلح” كخيار استراتيجي وشامل استنادًا إلى جميع قوى وإمكانات الشعب الفلسطيني وفصائله الوطنية في سياق وحدة وطنية، وتمثيل جميع مكونات قوى المقاومة الفاعلة، وبالفعل جسَّدت المنظمة في العقد الأول من عمرها (1964- 1974) قيمها ومبادئها الحقيقية ممثلة بإنجاز هدف التحرير، لكن المهم هو تطبيق هذه المبادئ على أرض الواقع، فهل فعلًا سارت المنظمة على هذا المسار، أم انحرفت عن مسارها من قبل المستحوذين عليها وهي حركة فتح؟

الإجابة على هذا السؤال والسؤال السابق يذكرنا بعام 1974، الذي تبنت فيه المنظمة برنامج “النقاط العشر”، الذي مثَّل محطة أولى وفاصلة في انحراف المنظمة عن البرنامج الوطني الجامع الحقيقي ممثلًا بالميثاق الوطني الفلسطيني، في وقت سيطرت حركة فتح بانقلاب أبيض على المنظمة ورئيسها الأول أحمد الشقيري، إذ مثلت استقالته فرصتها بالاستحواذ كليًا على منظمة التحرير وباتت لها كلمة الفصل في كل ما يصدر عنها، ومع مرور الوقت تحولت المنظمة إلى مجرد أداة لدى فصيل من أجل تنفيذ مشروعه السياسي الخاص، وبالتحديد في ما يتعلق بمشروع التسوية وصولًا إلى اتفاق أوسلو، بعد أن أفرغت المنظمة من مضمونها وهدفها الأساسي، وأصبحت المنظمة عبارة عن “خاتم” في يد شخص وفي أفضل الأحوال في مجموعة من المقربين والمستشارين للسلطة القائم عليها حركة فتح لتقديم تنازلات باسم الشعب الفلسطيني المغيب تمامًا عن قضاياه.

وعلى أثر تطويع المنظمة لأجندات فتح، فقد مُهِدَ لاتفاق أوسلو عام 1993 منذ إعلان وثيقة استقلال دولة فلسطين على جزء من أرض فلسطين التاريخية، في انعقاد الدورة الـ19 للمجلس الوطني الفلسطيني بالجزائر عام 1988، إذ اعترفت المنظمة بالاحتلال، دون استفتاء الشعب الفلسطيني، الذي كان لا يزال منتفضًا، ولعل المفارقة الغريبة أن (إسرائيل) لم تعترف بالمنظمة (وليس دولة) إلا بعد أن غُيرت بصورة رسمية الجمل والعبارات الموجودة في ميثاق المنظمة الداعية إلى القضاء على (إسرائيل) مقابل محاربة المقاومة، ونبذت الكفاح المسلح، وأكثر من هذا، فقد دمجت منظمة التحرير مع السلطة تحت عباءة مركزية وتنفيذية فتح، الأمر الذي أدى إلى عزل المنظمة فعليًّا عن الشتات الفلسطيني، ما يعني خضوعها لقرارات السلطة وسياساتها، وهذا يعني موافقتها على التنسيق الأمني مع الاحتلال، الذي بموجبه محاولة القضاء على المقاومة.

إن إصلاح منظّمة التحرير ليس مطلب حماس فقط، بل معظم القوى السياسيّة الفلسطينيّة، مثل حركة الجهاد الإسلامي، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، لكون هذه المنظّمة لا تعكس حقيقة سياسات القوى السياسية وطموحاتها على الأرض، بل هو مطلب لعامة الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، وبالرجوع إلى مطلع هذا المقال، فيعد مؤتمر فلسطينيي أوروبا أحدث نسخة استفتاء فلسطيني على مستقبل منظمة التحرير، وتجديدًا لمؤتمر أمناء الفصائل بين رام الله وبيروت في عام 2022، الذي طالب بإصلاح منظمة التحرير، والسؤال الذي يطرح نفسه، لماذا يطالب الفلسطينيون في كل مؤتمر وكل نقاش أو حوار سواء انعقد من قبل فصائل فلسطينية أو من عامة الشعب الفلسطيني في الداخل أو الخارج بإصلاح المنظمة؟

تعد منظمة التحرير أسيرة بيد السلطة، وكأنما أسرت الشعب كله، وهذا يفسر السبب وراء رفض عبّاس عقد الإطار القيادي المؤقّت للمنظّمة الذي يمهد إلى عمليّة الإصلاح، الذي كان يجب أن يتمَّ منذ ثلاثة عقود من وجود السلطة، التي لم تحقق أيًا من وعودها لشعبها، فلا دولة ولا عاصمة ولا حق عودة، وهي غير قادرة على حماية نفسها ولا شعبها من الاحتلال، بل تتعاون معه أمنيًّا، لذا حان الوقت للإعلان بأن السلطة قد عفا عليها الزمن، فهي ببساطة غير مناسبة للأجيال الفلسطينية الحالية والمقبلة التي تتطلع إلى حقها في المشاركة السياسية والديمقراطية، وهي مطالب ترفض السلطة الأخذ بها، بدليل فوز حماس بالانتخابات التشريعية في عام 2006 هو مثال واضح على عدم قدرة السلطة على حماية الخيارات الديمقراطية للفلسطينيين حتى لو جاءت بانتخابات حرة ونزيهة.

ويمكن القول إن المنظمة بحاجة لتحريرها من القيود المفروضة عليها، وإرجاعها لأهدافها وصيرورتها التي انطلقت من أجلها أساسًا بإعادة بنائها، وإنهاء حالة التفرد والاستقصاء من قبل المهيمنين عليها، بل يجب إنهاء حالة التناقض في تركيبتها التنظيمية التي تسير عليها في ظل وجود فصائل فلسطينية صغيرة لا تحظى بقبول أو حضور جماهيري شعبي على حساب فصائل فلسطينية تمتلك عشرات آلاف العناصر عدا عن القواعد الشعبية وهما حركتا حماس والجهاد الإسلامي، حتى يمكن القول إنها -أي منظمة التحرير- تمثل جميع الفلسطينيين وهذا أكيد سيعزز من شرعيتها.

أقرأ أيضًا: منظمة التحرير الفلسطينية وحماية الحقوق الوطنية

دلالات المناورات العسكرية بين الاحتلال وحزب الله

أقلام – مصدر الإخبارية

دلالات المناورات العسكرية بين الاحتلال وحزب الله، بقلم الكاتب الفلسطيني عدنان أبو عامر، وفيما يلي نص المقال كاملًا كما وصل موقعنا:

بين التهديدات المتزايدة والتدريبات العسكرية المحيطة بدولة الاحتلال، وتلك التي تصدر عنها، يظهر جيشها في حالة اضطرارية لإعادة حساب مساره، خاصة وأن جنود الاحتياط الذين أنهوا في الأيام القليلة الماضية وظائفهم العملياتية على الحدود الشمالية، تتحدث التقارير الإسرائيلية أنهم عادوا إلى بيوتهم مضطربين.

لافتة تبدو هذه الانطباعات الجديدة من نوعها، ولا سيما وأن ذات جنود الاحتياط يتحدثون عن نقص المعدات الشخصية للقتال، ومركبات الدوريات غير المحمية، ونقص الذخيرة، بل إنهم يذكرون أن ما يصفونه بالغطاء الاستخباراتي التكتيكي، ومستوى الخطر على القوة في مواجهة التهديد المحتمل، الذي يرونه بأم عيونهم كل يوم، من حيث تواجد مقاتلي حزب الله على السياج الحدودي، وهي إشارات يجب أن تشعل أضواء التحذير الساطعة في مقر هيئة الأركان لجيش الاحتلال.

ما من شكّ أن القيادة العسكرية لجيش الاحتلال في الميدان على علم بهذا الوضع، لكنها تظل كما يبدو عاجزة، على الرغم مما وصل إليها من تقارير تفيد بعودة الجنود من تدريباتهم في المنطقة الشمالية، وتحوم حولهم أجواء من القلق للغاية بشأن مستوى التجهيزات التي يوفرها لهم الجيش، ولا سيما في أحد القطاعات الأكثر تفجّرًا واشتعالًا، وهي الحدود اللبنانية.

يتداول الجنود الإسرائيليون على بعض منصات التواصل، والأحاديث للمراسلين العسكريين، ما يقولون إنها حالات الضعف والنقص في الاستعداد للطوارئ، وإمكانية استدعائهم لاقتحام الأراضي اللبنانية، جزئيًّا أو كليًّا، ولا سيما وأن الحزب أجرى في الأيام الأخيرة سلسلة من التدريبات العسكرية الكبيرة على الحدود، بهدف تسليط الضوء على الذكرى الثالثة والعشرين للانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان، وقد عد في حينه، وما يزال، خروجًا سريعًا مهيناً للاحتلال من هذه المنطقة الأمنية التي شكلت له عامل استنزاف قرابة عشرين عامًا.

مع العلم أن تباهي الفريقين بقدراتهم العسكرية، وتكثيف مناوراتهما القتالية، بما في ذلك دعوة وسائل الإعلام وترويج الصور ونشر التدريبات بهذه الطريقة الدعائية اللافتة، ليس متأكدًا أنه متجه نحو الحرب، لأن من يستعد لها يفعل ذلك بهدوء، وهذا التقييم تدعمه المخابرات الإسرائيلية.

على الرغم من ذلك فإن الاحتلال لا يستهين بالحزب، لأن قدراته القتالية وترسانته الصاروخية تردع الاحتلال فعلًا، وهذا ليس محل خلاف جدي بين الإسرائيليين أنفسهم، حتى بعد رؤية ما فعله في العدوان الأخير ضد غزة، مما قد يرجح فرضية أن الحزب، وإن بدا مردوعًا عن الحرب، وفق التقدير الإسرائيلي، لكنه ليس كذلك حين يثير التوتر في حوادث صغيرة، طالما أنه يقدّر أنها لن تؤدي للحرب.

أقرأ أيضًا: فرحة تهزُّ أركان الاحتلال النووي.. بقلم عدنان أبو عامر

منظمة التحرير الفلسطينية وحماية الحقوق الوطنية

أقلام – مصدر الإخبارية

منظمة التحرير الفلسطينية وحماية الحقوق الوطنية، بقلم الكاتب الفلسطيني سري القدوة، وفيما يلي نص المقال كاملًا كما وصل موقعنا:

ما من شك ان الأولوية في هذه المرحلة الحساسة والدقيقة هي تصليب وتقوية الجبهة الداخلية وانخراط الجميع في وحدة وطنية شاملة في إطار منظمة التحرير ومحاصرة وعزل كافة الأصوات والظواهر الشاذة التي تسعى للنيل من وحدة نضال شعبنا وصموده الأسطوري في القدس وسائر الأراضي الفلسطينية المحتلة وأراضي عام 1948 والوقوف وقفة رجل واحد من اجل دعم المشروع الوطني وحماية المسيرة النضالية ووضع حد لكل من تسول له نفسه بالعبث والتخريب، فالمؤامرة شديدة ومتعددة الأطراف ومتشعبة وتحتاج للوحدة الوطنية والحرص من قبل الجميع على دعم الجهود الوطنية وحماية الشعب الفلسطيني.

منظمة التحرير الفلسطينية أثبتت في كل المحطات أنها القادرة على المضي قدما في تحقيق اهداف الشعب الفلسطيني الوطنية والمتكاملة وعملت على حماية الإنجازات الوطنية وحافظت على الحقوق التاريخية الفلسطينية ودافعت عنها واستطاعت بتضحيات مئات الآلاف من الشهداء والجرحى والأسرى الحفاظ على استقلالية القرار الوطني ليكون نابعا من صميم الإرادة الوطنية الحرة للشعب الفلسطيني وانتزعت حقها بتمثيل شعب الشعب الفلسطيني فكانت هي الدولة وليست حزبا بالدولة في كافة وحصلت على الاعتراف العالمي بالدولة الفلسطينية وعاصمتها مدينة القدس وكرست هذا الاعتراف بالانضمام للعديد من المنظمات الدولية الفاعلة وفي مقدمتها المحكمة الجنائية الدولية.

منظمة التحرير التي قدمت مئات الآلاف من الشهداء والأسرى وعلى رأسهم الرئيس الشهيد ياسر عرفات لا تحتاج شهادة من أحد وأن أي مواقف لمن كانوا يتجاهلون الدور الوطني للمنظمة وإثارتهم للتوتر في العلاقات الوطنية ودعوتهم لبث الفرقة في صفوف الشعب الفلسطيني يعد ويشكل تجاوزا للدم الفلسطيني وأكبر هدية للاحتلال ويهدف الي تعكير صفو العلاقات الداخلية الوطنية التي تنامت في ظل الصمود المقاوم والتضحيات للشعب الفلسطيني وخاصة خلال الحرب الأخيرة والعدوان على قطاع غزة.

بات من المهم والضروري من كافة قوى وفصائل منظمة التحرير إدانة السلوك العنصري الذي يحمل بذور الفتنة ويعزز الصراع الداخلي والعمل من قبل جميع الفصائل التحرك لإسكات كل ابواق الفتنة والحفاظ على الأجواء الإيجابية التي تطالب بتحقيق الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام وحماية إنجازات الشعب الفلسطيني الوطنية والالتفاف حول منظمة التحرير والدفاع عن المشروع الوطني الفلسطيني وحماية الدولة الفلسطينية وأن منظمة التحرير ستبقى تدافع عن القضية الفلسطينية رغم كافة التحديات.

اصبح الحاجة الفعلية لتفعيل وتطوير منظمة التحرير ضرورة ملحة وباتت أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى من خلال تنفيذ قرارات المجلسين الوطني والمركزي والإسراع باتخاذ ما يلزم من إجراءات عملية لصالح تعزيز دور مؤسساتها كونها العنوان الوحيد للشعب الفلسطيني أينما وجد ومن اجل تفويت الفرصة لهؤلاء التجار الذين يتاجرون بالدم الفلسطيني مستهدفين النيل من المشروع الوطني وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.

منظمة التحرير لم تنتزع شرعيتها من خلال التوسل مع بعض الأطراف الإقليمية او البحث عن طرق للالتفاف عن الشعب الفلسطيني وإنما بتمثيل الشعب الفلسطيني وتكون حريصة على عدم العودة إلى مربع الصراع والتخوين والتكفير لأن هناك مسؤولية وطنية عالية تجاه المعاناة الفلسطينية في ظل المناخ الدولي الذي فرضته القضية الفلسطينية على الأجندة الدولية وحالة التضامن الغير المسبوق مع الشعب الفلسطيني على المستوى الدولي والعربي والتي تجسدت بنضالات وتضحيات مئات الآلاف من شعبنا وهى من كتبت بالدم اسم فلسطين عاليا في سماء العالم.

أقرأ أيضًا: الإسرائيليون يتظاهرون ضد حكومة نتنياهو

كتب هاني المصري: مستقبل السلطة والخليفة والخلفاء

مقالات – مصدر

كتب هاني المصري:

تدور في الساحة الفلسطينية والدوائر المهتمة بما يجري في فلسطين حوارات تستهدف مصير السلطة ومستقبلها، في ظل فشل برنامجها السياسي، والصراع الدائر على الخليفة والخلفاء، وبعد تبوء الحكومة الكهانية سدة الحكم في إسرائيل، خصوصًا بعد طرح عدد من وزرائها عدم صحة استمرار السلطة، حتى لو كانت تمثل سلطة حكم ذاتي محدود تحت السيادة الإسرائيلية؛ لأن وجود سلطة واحدة تمثل الهوية الوطنية الفلسطينية الواحدة مرفوض من قبلهم، ويطرحون ضرورة تفكيك السلطة إلى إدارات محلية، واحدة في الخليل، وثانية في نابلس، وثالثة في رام الله.. وهكذا؛ حيث تتنافس مع بعضها، وتكون كلها مرتهنة للاحتلال.

في المقابل، ترى أغلبية فلسطينية (63%)، وفق الاستطلاع الأخير للمركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، الذي صدر في آذار 2023، أن السلطة الفلسطينية أصبحت عبئًا على الشعب الفلسطيني، بينما قالت نسبة 57% أن بقاء السلطة مصلحة إسرائيلية، فيما يعتقد ما نسبته 52% أن مصلحة الشعب حل السلطة أو انهيارها.

في هذا المقال، نحاول أن ندرس هذا الموضوع من جوانب عدة، مركزين على مستقبل السلطة، وهل ستنهار، أم تُحل، أم تتحول إلى دولة، أم يتم تغيير وظائفها لتستجيب للمصلحة الوطنية الفلسطينية؟

برنامج النقاط العشر وفكرة السلطة

بدأت فكرة السلطة في برنامج النقاط العشر، الذي أقره المجلس الوطني في العام 1974؛ إذ جاء في النقطة الثانية منها “تناضل منظمة التحرير بكافة الوسائل، وعلى رأسها الكفاح المسلح، لتحرير الأرض الفلسطينية، وإقامة سلطة الشعب الوطنية المستقلة المقاتلة على كل جزء من الأرض الفلسطينية التي يتم تحريرها”، وهي أخذت شكل سلطة حكم ذاتي كما جاء في معاهدة كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل في العام 1979، بعد مسيرة بدأت بزيارة أنور السادات إلى القدس وإلقائه خطابًا أمام الكنيست الإسرائيلي.

وتطورت فكرة السلطة الوطنية المقاتلة على كل شبر يتم تحريره إلى إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967، على أساس إنهاء الاحتلال بانسحاب القوات الإسرائيلية، بوصف الدولة شكلًا من أشكال تجسيد حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، ووصلت الفكرة إلى إقرار وثيقة الاستقلال لدولة فلسطين في العام 1988.

ساعد بقوة على ميلاد فكرة الدولة الفلسطينية في الضفة الغربية، بما فيها القدس، وقطاع غزة، بدء مسيرة سياسية بعد حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973، وتصور إمكانية أن تقود إلى معاهدات سلام عربية مع إسرائيل تشمل انسحاب إسرائيل من الأراضي العربية المحتلة العام 1967.

استندت فكرة الدولة الفلسطينية إلى قرار التقسيم 181 الصادر عن الأمم المتحدة في العام 1947، وينص على قيام دولة عربية على نحو 44% من أرض فلسطين، ودولة يهودية على نحو 55%، على أن تبقى القدس تحت حكم دولي خاص على 1% من أرض فلسطين.

حكومات إسرائيل لم توافق أبدًا على قيام دولة فلسطينية

لا بد من التأكيد بشكل قاطع أن الحكومات الإسرائيلية لم توافق حتى في العصر الذهبي لعملية السلام على هدف إقامة دولة فلسطينية، وهذا يفسر لماذا لم يتضمن اتفاق أوسلو حتى ولو مجرد إشارة أو تلميح إلى الدولة الفلسطينية، بل كان هناك تقدير فلسطيني عربي ومن بعض الأوساط الدولية (تبين بعد النتائج الحاصلة أنه مجرد وهم) بأن مفاوضات الوضع النهائي المنصوص عليها في الاتفاقيات الفلسطينية الإسرائيلية التي كان من المفترض أن تنتهي بعد خمس سنوات من المرحلة الانتقالية، وتحديدًا في أيار 1999، ستتوصل إلى اتفاق نهائي يشمل القضايا الأساسية: القدس، والحدود، والأمن، والمستوطنات، واللاجئين، ولم تشمل إقامة دولة فلسطينية، وكان من المتوقع والطبيعي أن يؤدي انتهاء الفترة الانتقالية إلى وقف هذا المسار وبناء مسار جديد.

بل إن إسحاق رابين الذي كان رئيسًا للحكومة الإسرائيلية، والحاصل على جائزة نوبل للسلام، قال في آخر خطاب ألقاه في الكنيست قبل اغتياله، إن اتفاق الوضع النهائي سيتضمن كما يرى صيغة أكثر من حكم ذاتي وأقل من دولة، وكان قد أوضح أن الكيان الفلسطيني الذي سيقام بعد الاتفاق النهائي سيكون على 50% من مساحة الأراضي الفلسطينية المحتلة العام 1967، وعندما قيل له إن هذا لن يوافق عليه الفلسطينيون، قال: “حينها فليحتفظ كل طرف بما لديه”.

وافقت القيادة الفلسطينية على إقامة السلطة الفلسطينية ضمن صيغة الحكم الذاتي على أمل بأنها ستتحول إلى دولة بعد مضي الفترة الانتقالية، والتوقيع على الاتفاق النهائي؛ لأن في هذا وفق تقديرها يحقق مصلحة إسرائيلية كون إقامة الدولة الفلسطينية ستكون الجسر الذي ستعبر عليه إسرائيل لتطبيع علاقاتها بالدول العربية، وما حصل أن الدولة الفلسطينية لم تقم فعليًا على الأرض، بل هي حق طبيعي للفلسطينيين، واعترفت الأمم المتحدة بها بوصفها عضوًا مراقبا، بينما استغلت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة المفاوضات ومسيرة السلام، ليس من أجل صنع السلام وإقامة دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل، وإنما من أجل مواصلة خلق الحقائق الاحتلالية والاستيطانية والعنصرية التي تقضي على إمكانية قيام دولة فلسطينية، وتجعل الحل الإسرائيلي هو الحل الوحيد المطروح والممكن عمليًا، وأنجزت التطبيع مع عدد لا بأس به من الدول العربية من دون انسحاب إسرائيلي من الأراضي الفلسطينية والسورية المحتلة.

حل الدولتين ولد ميتًا

الاستنتاج الرئيسي مما حصل أن إقامة الدولة الفلسطينية وما اصطلح خطأ على تسميته “حل الدولتين” لم يكن مطروحًا على طاولة الحكومات الإسرائيلية والإدارات الأميركية، بل ولد مثل هذا الحل ميتًا، ولم يمت بعد فشل عملية السلام كما يقال.

حتى إدارة الرئيس بيل كلينتون لم توافق على إقامة دولة فلسطينية، في حين جاءت موافقة الرئيس جورج بوش الابن على مبدأ الدولة الفلسطينية، كما جاء في خارطة الطريق الدولية العام 2003، التي نصت على إقامة دولة فلسطينية ذات حدود مؤقتة وانتقالية، وعندما اعترفت الأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية لم تعترف الإدارة الأميركية في عهد باراك أوباما ومعظم الدول الأوروبية بها، ولا في عهد دونالد ترامب الذي وافق على دولة فلسطينية في صفقة العصر، التي طرحها ضمن صيغة تؤدي إلى تصفية القضية الفلسطينية من مختلف جوانبها، مع تسمية الحكم الذاتي الواقع تحت الاحتلال دولة فلسطينية، وهي لا تملك من مقومات الدول سوى الاسم.

لقد استغلت عملية السلام والحديث عن حل الدولتين لقتل أي إمكانية لإقامة دولة فلسطينية، لدرجة وصلنا إلى وضع ترفض فيه الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، خصوصًا التي رأسها بنيامين نتنياهو، وهي استغرقت معظم العقدين الماضيين، مجرد عقد مفاوضات؛ لأنها تعتقد بعدم وجود شريك فلسطيني، وأنها باتت في وضع قادرة فيه على فرض السيادة الإسرائيلية على كامل الأرض الفلسطينية التي هي حق حصري لليهود، وعندما كان مسؤول إسرائيلي يتحدث عن حل الدولتين كان يفعل ذلك من قبيل الخداع وبما هو نوع من المناورة، أو يعد بشي لا ينوي أو لا يقدر على تحقيقه.

مصادر شرعية السلطة

إذا انتقلنا مرة أخرى إلى السلطة الفلسطينية، نرى أنها استمدت مصادر شرعيتها عند قيامها مما يأتي:

أولًا: من اتفاق أوسلو وعملية السلام الذي بات اتفاقًا دوليًا مقرًا في الأمم المتحدة، مع أنه ينتهك المبادئ الحاكمة في القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.

ثانيًا: من مصادقة المجلس المركزي الفلسطيني على اتفاق أوسلو، مع ملاحظة أن إقرار مثل هذه الاتفاقيات مفترض أن يكون من المجلس الوطني، المرجعية العليا الفلسطينية لمنظمة التحرير، ولكن الاستعجال من جهة والخشية من وجود معارضة قوية في المجلس الوطني من جهة أخرى، لم تجعل المجلس الوطني يعقد ليقر أو يرفض الاتفاق، ليصار إلى عقده بعد ذلك لإقرار تعديلات أساسية مع الميثاق الوطني تنسفه نسفًا لكي ينسجم مع اتفاق أوسلو، مع أن هذه التعديلات لم تستكمل إجراءاتها القانونية.

ثالثًا: حصل اتفاق أوسلو والسلطة الفلسطينية المنبثقة منه على شرعية شعبية، من خلال إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في العام 1996، وتجديد هذه الشرعية بإجراء الانتخابات الرئاسية في العام 2005، والتشريعية في العام 2006، وخالفت نتائجها التوقعات؛ مم أدى إلى الانقلاب عليها، من خلال اعتقال عشرات النواب وبعض الوزراء، ومقاطعة حكومة “حماس” التي رأسها إسماعيل هنية، وحكومة الوحدة الوطنية التي شكلها أيضًا هنية، وصولًا إلى الانقسام الفلسطيني الذي وقع في حزيران 2007، وما زال يتعمق باستمرار، وأدى إلى قيام سلطتين متنازعتين تحت الاحتلال المباشر وغير المباشر، وأولوية القائمين عليهما مصالح السلطتين التي تطغى على أي شيء آخر، ترتبط إحداهما بالتزامات محددة وتلتزم الأخرى بتفاهمات، ولكن الصيغة الحاكمة لعلاقة كل منهما بالاحتلال هدوء مقابل أمن وتسهيلات، وكل خروج عن هذه الصيغة يعرض صاحبه للعدوان والعقاب.

وإذا نظرنا إلى مصادر الشرعية للسلطة، نجد أنها تبخرت في معظمها؛ حيث إن خيار المفاوضات واتفاق أوسلو وعملية السلام وصل إلى طريق مسدود. أما خيار المقاومة فمعطل بالتهدئة التي تتعارض مع المقاومة المفتوحة، ويظهر ذلك في الكارثة التي نعيشها منذ سنوات من دون رؤية وإستراتيجيات فاعلة ومستمرة، وبلا عملية سلام، مع ترديد المقولة البائسة عن التمسك بحل الدولتين التي لا تعني شيئًا سوى التغطية على ما تقوم به إسرائيل من فرض للحل الإسرائيلي من دون مفاوضات، وتكرار أن المقاومة هي الخيار، وهي مجرد وسيلة وليست هدفًا.

إسرائيل قتلت اتفاق أوسلو و”حل الدولتين”

قتلت إسرائيل اتفاق أوسلو كما قتلت ما يسمى “حل الدولتين”، وتريد تعميم الانقسام وتعميقه وإضعاف السلطتين لإخضاعهما للشروط والإملاءات الإسرائيلية، وبدلًا من أن يؤدي كل ذلك إلى تحميل إسرائيل المسؤولية عن هذه الجرائم، وإلى تخلٍ فلسطيني مماثل عن هذا الاتفاق والتزاماته، وتبني خيار أو برنامج جديد التزامًا بقرارات الإجماع الوطني والمجلسين المركزي والوطني المقرة منذ آذار 2015، جرى استمرار التمسك باتفاق أوسلو والتزاماته السياسية والاقتصادية والأمنية من جانب واحد؛ الأمر الذي أدخل السلطة في مرحلة أكثر خطورة من المرحلة السابقة.

كما أدى إلى الانقسام، وقيام سلطة في القطاع تخوض جولة مواجهة ثم تهدئة، وهكذا دواليك، من دون القدرة على كسر الدوامة الجهنمية التي تعيش فيها المقاومة، فالانقسام ليس مجرد كلمة تقال، بل خنجر في ظهر القضية الفلسطينية.

على الرغم من كل ما كان على اتفاق أوسلو من ملاحظات جوهرية تجعل توقيعه خطوة خاطئة وخطيرة منذ البداية، فإنه أنتج عملية سياسية فيها التزامات متبادلة، قامت الحكومات الإسرائيلية باختراقها، ولكنها وافقت على عودة قيادات وكوادر وأفراد وعائلات أعضاء منظمة التحرير والفصائل المنتمية إليها، وأعادت انتشار قواتها من مناطق (أ) و(ب)، ونقلت صلاحيات الإدارة المدنية (العسكرية) إلى السلطة، وكان من المفترض تطبيق النبضة الثالثة التي تشمل إعادة انتشار القوات المحتلة من معظم المناطق المصنفة (ج)، ولكن هذا لم يحدث، وبدلًا من المراجعة الفلسطينية للمسار بشكل جدي وبناء وحدة على أسس صلبة وتعددية وشراكة حقيقية، تم الاستمرار في تطبيق الالتزامات الفلسطينية من جانب واحد، وهذا أوصل السلطة في رام الله إلى التكيّف مع الواقع الجديد بدلًا من رفضه؛ ما جعلها تصبح أكثر وأكثر جزءًا من المنظومة الأمنية الإسرائيلية، وهذا يفقدها ما تبقى لها من شرعية. كما أوصل السلطة في غزة إلى الارتهان إلى الأموال القطرية التي تمر بموافقة إسرائيلية، وتخفيف الحصار عن قطاع غزة حينًا وتشديده حينًا آخر وفق رغبات ومصالح حكام تل أبيب.

شرعية مؤسسات المنظمة المجوفة وهمية

هنا، لا ينفع التغطي بالشرعية التي تمنحها مؤسسات منظمة التحرير للسلطة أو لعملية الانتقال القادمة لا محالة عاجلًا أم آجلًا؛ لأن عملية تجويف هذه المؤسسات وتقزيمها وإعادة هندستها جرت على قدم وساق، من خلال انتهاكات لا حدود لها للنظام الأساسي للمنظمة، الذي ينص على أنها تمثل الشعب الفلسطيني كله، وعلى ضرورة تشكيل مجلس وطني جديد؛ لأن مدة المجلس القديم انتهت، إضافة إلى تفويض المجلس الوطني لصلاحياته للمجلس المركزي بصورة مطلقة وغير محددة بمواضيع أو بوقت، وحل المجلس التشريعي بشكل غير قانوني وتفويض صلاحياته للمجلس المركزي، وعقد جلسة غير قانونية للمجلس المركزي لتمرير تعيينات غير قانونية، وفي ظل عدم دعوة قوى أساسية، ومقاطعة قوى مؤسسة للمنظمة، والمضي في هذا الطريق من دون إجماع أو توافق وطني.

الشرعية الشعبية مفقودة

أما الشرعية الشعبية، فهي لم تعد موجودة، بدليل عدم عقد الانتخابات الرئاسية منذ العام 2005، والانتخابات التشريعية منذ العام 2006، والأهم أن ما نسبته 77% من الشعب تريد من الرئيس الاستقالة، وفق الاستطلاع المذكور، كما أن نسبة 68% من المستطلعين يؤيدون تشكيل مجموعات مسلحة، و68% مع إجراء انتخابات عامة. إضافة إلى ذلك، هناك الانقسام البغيض الذي يسحب الشرعية من كل من ساهم فيه ويقاوم إنهاءه واستعادة الوحدة الوطنية، ولا يوجد توافق وطني للحصول على شرعية وطنية توافقية، فالانقسام يتعمق ويسير نحو الانفصال؛ إذ بين الاستطلاع أن 75% غير متفائلين بإنجاح المصالحة.

مستقبل السلطة بين الانهيار والحل وقيام سلطات متعددة وتغيير وظائفها

تأسيسًا على ما سبق، نستطيع أن نفهم ونفسر حالة الضعف المتزايد الذي تمر بها السلطة، وتزايد احتمال حلها أو انهيارها في ظل أن إسرائيل تقوم بكل ما من شأنه إضعاف السلطة، من خلال الاقتحامات اليومية للمدن الفلسطينية، واغتيال واعتقال من تريد، وإضعاف صلاحيات السلطة، وخصم الأموال الفلسطينية تحت ذرائع مختلفة، فهي لم تعد حريصة على استمرار السلطة كما كانت من قبل، فإسرائيل كانت ولا تزال بحاجة إلى السلطة أولًا وأساسًا؛ لأنها تجسد جسمًا سياسيًا قانونيًا يعفي الاحتلال من مسؤولياته عن الاحتلال وعن التوصل إلى حل، وثانيًا بسبب الالتزامات التي تقوم بها السلطة، لا سيما الالتزامات الأمنية، ومن دون أن تكون شريكًا ولا مرحلة على طريق قيام دولة فلسطينية.

آراء إسرائيلية عدة حول مصير السلطة

هناك في إسرائيل آراء عدة حول مستقبل السلطة، مثل الرأي الذي عبر عنه رئيس أركان جيش الاحتلال أخيرًا، وهو يمثل الجيش والدولة العميقة؛ إذ قال إن قيام السلطة بإدارة شؤون السكان أفضل من الفوضى أو من سيطرة “حماس”، وهذا يعني أن صاحب القرار حتى الآن يريد بقاء السلطة، ولكن ضعيفة وتحت إمرته.

وهناك رأي آخر عبر عنه كل من الوزيرين بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، الذي لا يرى ضرورة لاستمرار السلطة؛ لأن استمرارها بوصفها سلطة واحدة يعطي أملًا للفلسطينيين بإقامة دولة فلسطينية، ويعرض إسرائيل لمطالبات وضغوط دولية لتحقيق حل الدولتين، وهذا مرفوض منهما ومن قطاع يتزايد من المسؤولين من الجناحين القومي المتطرف والديني المتطرف الحاكمين حاليًا، حتى لو قامت الدولة الفلسطينية على جزء من الأرض المحتلة بلا سيادة، ومن دون القدس وعلى حساب قضية اللاجئين.

الصراع على الخلافة

أما العامل الآخر الذي يمكن أن يقوض السلطة، ويساهم في انهيارها، إذا لم يجد حلًا، وهو عدم حل مسألة الخلافة والخلفاء، والصراع الدائر حولها الذي قد يصل إلى تحقق سيناريو الفوضى والاقتتال؛ إذ لا توجد آلية قانونية معترف بها ومتوافق عليها وطنيًا لنقل السلطة في حال حدوث شغور في منصب الرئيس، وهناك رفض من المجموعة الحاكمة لإجراء انتخابات مدعوم من الإدارة الأميركية والحكومة الإسرائيلية وأطراف عربية، وهناك مرشحون عدة لا يملك أحدهم قوة كافية تجعل القبول به من المؤسسة، والأهم من الشعب وقواه ونخبه سهلًا أو ممكنًا.

أما سيناريو توزيع وظائف الرئيس على أشخاص عدة، كما يدور في الكواليس، وليس على شخص واحد، سيكون وصفة للفوضى؛ لعدم وجود برنامج وطني، ولا توافق وطني، ولا مؤسسات قوية، فمؤسسات المنظمة معتلة ومهمشة وغير معترف بها من أوساط وطنية واسعة، ولا يوجد مجلس تشريعي حتى يحل رئيسه محل الرئيس في حال شغور المنصب لمدة ستين يومًا تجرى فيها انتخابات رئاسية.

كما لا توجد نية لإجراء الانتخابات؛ ما يعني أن احتمال تنصيب رئيس من الخارج بالاتفاق مع بعض الأشخاص ومراكز القوى سيناريو مطروح، ولكنه لن يقبل به الشعب، وحتى العديد من القوى ستعارضه؛ ما يفتح بوابة جهنم للصراع الداخلي، وهذا يمكن أن يحقق سيناريو الفوضى والاقتتال، وسيناريو تحول السلطة بالكامل إلى وكيل أمني للاحتلال.

تجدر الإشارة إلى أن السلطة في عهد الرئيس محمود عباس تحولت عمليًا مرة أخرى إلى النظام الرئاسي؛ إذ يمسك الرئيس بكل السلطات والصلاحيات، وجعل الحكومة في الكثير من القضايا والأحيان آخر من يعلم.

هناك سيناريوهات عدة، أضعفها سيناريو استمرار السلطة، كما هي الآن، بل مُطَالَبة حتى تدعمها حكومة الاحتلال أن تكون “سلطة لحد”، من دون زيادة ولا نقصان، بل إن سيناريو الفوضى وانهيار السلطة وتفككها إلى سلطات عدة ومراكز قوى تتصارع سيناريو لا يمكن تجاهله.

الخيار الوطني (تغيير وظائف السلطة وإعادة بناء مؤسسات المنظمة) مستبعد

طبعًا، هناك خيار آخر إذا أوقفت السلطة المسار البائس الذي تسير فيه (هذا مستبعد بحكم الوقائع والمصالح)، وقامت بتغيير وظائفها لتكون سلطة خدمية إدارية، وأداة لخدمة البرنامج الوطني وتعزيز مقومات الصمود والبقاء، ونقل مهماتها السياسية إلى المنظمة، التي تحتاج إلى إعادة بناء مؤسساتها لتضم مختلف الألوان السياسية والاجتماعية، ومن ثم التوجه إلى الانتخابات على مختلف المجالات والقطاعات، خصوصًا الانتخابات السياسية الوطنية، وهذا الخيار سيؤدي إلى تصعيد المواجهة مع الاحتلال الذي قد يعمل في هذه الحالة على حل السلطة، ولكن سيبنى في سياق المواجهة الوطنية بديل منها متمثل في منظمة التحرير الموحدة، وبناء أشكال ومستويات من السلطة من أسفل إلى أعلى، ومنن أعلى إلى أسفل؛ حيث تفرض على الاحتلال فرضًا واقعًا تولد فيه سلطة جديدة تكون هذه المرة جنين الدولة الفلسطينية العتيدة، أو مرحلة على طريق فرض شكل من الحل الذي ينسجم مضمونه مع شكله.

القيادة رهينة سياسة البقاء والانتظار

بدلًا من تغيير المسار، تستمر القيادة الرسمية بالتمسك بسياسة البقاء والانتظار من دون أمل كبير ولا طموح حتى باستئناف المفاوضات وعملية السلام؛ ما يجعل مسار التغيير مستبعد مع أنه يفتح طريق الإنقاذ الوطني، وهذا يقود إلى مزيد من التدهور باستمرار، وإلى صعوبة انطلاق عملية سياسية جادة الآن، وهذا ما يدركه الجميع، فمن دون نضال متعدد الأشكال بما في ذلك الكفاح من أجل الحقوق، وإدراك أن المرحلة ليست مرحلة حلول، بل صراع يهدف إلى خلق حقائق جديدة على الأرض وتغيير موازين القوى؛ لا يمكن إطلاق عملية سياسية جادة، وإذا جرت مفاوضات سيكون هدفها تكريس الحل الإسرائيلي وشرعنته، الجاري فرضه منذ عقود، ويتسارع فرضه في ظل تبوء حكومة في إسرائيل تظن أنها قادرة على حسم الصراع بسرعة، عبر الضم والتهويد والتهجير والعدوان بكل أشكاله.

اقرأ أيضاً: هل نشهد نهاية السلطة الفلسطينية؟

مقاومة القوة الناعمة بحاجة إلى الدعم

أقلام – مصدر الإخبارية

مقاومة القوة الناعمة بحاجة إلى الدعم، بقلم الكاتب الفلسطيني طلال عوكل، وفيما يلي نص المقال كاملًا كما وصل موقعنا:

لا يرغب المجتمع الدولي في أن يرى إسرائيل، وهي تخلع أقنعة التجميل، التي تستخدم كوسيلة ليس أكثر، للادّعاء بأنّ دولة الاحتلال تنتمي إلى عالم قيم الديمقراطية.
الدول الحليفة لإسرائيل ظلّت تعمي شعوبها عن الحقيقة، بالقول، إن هذه الدول الصنيعة، هي واحة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، وذلك لتبرير التدفقات المالية والعسكرية لدولة تحتل أرض شعب آخر، وفق القرارات الدولية.
على أن التطور الطبيعي لدولة الاحتلال، يدفعها بقوّة نحو إزالة كافة الأقنعة التي تتستّر بها، وتبرر تلقيها الدعم من حلفائها لكي ينكشف الأمر واقعياً على دولة عنصرية فاشية لا تنسجم إطلاقاً مع قيم الديمقراطية.
بعد إقرار قانون القومية الذي يشكل الأساس القانوني لنظام عنصري، واصلت الحكومات المتعاقبة اتخاذ جملة من القوانين والإجراءات التي تؤكّد الطابع العنصري للدولة.
وبعد وصول الائتلاف “اليميني” الحاكم منذ بداية هذا العام إلى الحكم كشفت سياسات الحكومة عن طبيعتها الفاشية، وبذلك تكون قد أكسبت النظام السياسي للدولة، خصائص تعكس طبيعتها وتقدم نفسها للعالم، على أنها تشكل تهديداً للأمن والسلم في منطقة الشرق الأوسط، وبأنها دولة مارقة على التاريخ وعلى القانون الدولي.
حكومة بنيامين نتنياهو تتابع ما كانت تفعله الحكومات التي سبقت والتي وضعت منظمات المجتمع المدني الفلسطينية والإسرائيلية في المهداف.
كانت الحكومة السابقة قد أخرجت ستّ منظمات فلسطينية من بينها منظمات حقوق إنسان، عن القانون.
لم تتراجع إسرائيل عن إجراءاتها بحق تلك المنظمات، رغم الانتقادات والاحتجاجات الكلامية التي صدرت حتى من حلفائها الأميركيين والأوروبيين.
كان سلوك الحكومة الإسرائيلية، مؤشرا قويا على مدى الضيق الذي تتسبّب به لها منظمات المجتمع المدني، وخصوصاً منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية أساساً والإسرائيلية، أيضاً.
إسرائيل وظّفت إمكانيات مادية، وسياسية ودبلوماسية هائلة في ملاحقة منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية على المستوى الدولي، وقد ساعدتها في ذلك الولايات المتحدة. منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية الكبرى: “مركز الميزان”، و”الحق”، و”المركز الفلسطيني”، خضعت لعمليات تحريض واتهامات، بدعم الإرهاب لتحريض الدول الأوروبية المانحة على وقف دعمها لتلك المنظمات، وقد وجدت عمليات التحريض آذاناً صاغية من بعض الدول الأوروبية التي بدأت تفكر في تجنب هذا الصراع بتقليص تمويلها، وتحويله إلى قطاعات أخرى.
ما تقوم به إسرائيل لتجفيف التمويل عن منظمات حقوق الإنسان يشكّل شهادةً قوية لصالح الدور الكبير والتاريخي والفاعل الذي تقوم به تلك المنظمات في فضح الممارسات الإسرائيلية، ونحو تقديمها لـ”العدالة الدولية”.
لكبح هذا الدور الكبير، بادرت الحكومة الإسرائيلية لتقديم اقتراح قانون للكنيست يقضي بفرض ضرائب بمعدل 65% على التبرّعات التي تقدمها كيانات أجنبية بما في ذلك هيئات الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة للمنظمات غير الربحية الفلسطينية والإسرائيلية.
لا يخرج هذا التفكير من قبل حكومة نتنياهو عن نهجها الذي يؤدي بالضرورة إلى نزع كافة الأقنعة عن الديمقراطية الزائفة، إذ انه يكمل المحاولات الجارية لتحقيق الأهداف التي تقف خلف ما يُعرف بالانقلاب القضائي.
“المعارضة” الإسرائيلية التي تعود إلى الشارع من جديد، لا تختلف مع حكومة نتنياهو إزاء هذا العنوان، فهي كانت قد شنّت حرباً على منظمات المجتمع المدني، خصوصاً منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية.
وحتى لو أن “المعارضة” الإسرائيلية أدركت أبعاد مشروع القانون الجديد، بما أنّه جزء من الانقلاب الديمقراطي فإنها لا يمكن أن تقف ضد مشروع القانون لكونه يستهدف الفلسطينيين.
مشروع القانون الجديد، أثار ضجّة كبيرة، واعتراضات مهمّة من قبل الإدارة الأميركية، ودول من الاتحاد الأوروبي، وذلك انطلاقاً من رؤية هؤلاء للدور المهمّ الذي تلعبه منظمات المجتمع المدني في الدول التي تنتسب لمنظومة الديمقراطية.
تُقدّم ردود الفعل الأميركية والأوروبية على مشروع القرار الذي يتصل بمنظمات المجتمع المدني، دلالةً واضحة وأكيدة على قدرة هذه الدول، في التأثير على السياسات الإسرائيلية حين ترى ذلك ضرورياً، ما يعني أنّها متهمة بالتواطؤ والتستُّر ودعم سياسات وإجراءات الاحتلال الإسرائيلي.
تضطر حكومة نتنياهو لتأجيل تقديم مشروع القرار أمام الضغط الأميركي، الذي تعترف إذاعة الجيش الإسرائيلي بمدى أهميته.
تقول إذاعة الجيش، “سَلّم كبار المسؤولين في البيت الأبيض الأميركي رسائل إلى مكتب رئيس الوزراء نتنياهو مفادها.. إذا كنت مهتماً بالقدوم إلى اجتماع في واشنطن مع جو بايدن وكنت مهتماً بمساعدة من الرئيس لتعزيز (التطبيع) مع السعودية فقُم بإزالة مشروع القانون الذي من شأنه أن يُلحق الضرر بأنشطة المجتمع المدني من جدول الأعمال”.
تأجيل تقديم مشروع القانون، لا يعني إلغاءه، ولا يعني العودة عن الفكرة والهدف، ما يعني أنّ إسرائيل ستعود له في وقتٍ لاحق وظروفٍ مناسبة.
على الجانب الآخر، ينبغي على السلطتين في رام الله و غزة ، وأيضاً على فصائل العمل الوطني، أن تفهم الدرس، وأن تعيد النظر في سياساتها وإجراءاتها، التي تضيق مساحات العمل أمام منظمات المجتمع المدني.
لقد تعرّضت مؤسسات المجتمع المدني ومنها منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية إلى اتهامات لا أساس لها، وألقيت عليها، حجارة من الوادي الفلسطيني، وجرت محاولات لاحتوائها، أو خلق بدائل منافسة لها.
تحتاج منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية إلى الدعم السياسي والمادي والمعنوي، وهي تتابع هذه الأيام مبادرة لإنشاء تحالف دولي بما في ذلك منظمات حقوقية إسرائيلية، لتوسيع دائرة العمل دولياً لمحاصرة السياسات الإسرائيلية، وفضحها، وتعزيز التحولات من الرأي العام العالمي، وصولاً إلى تقديم مرتكبي الجرائم إلى منصّات العدالة.

أقرأ أيضًا: لا يمكن الاستمرار هكذا.. بقلم الكاتب طلال عوكل

الإسرائيليون يتظاهرون ضد حكومة نتنياهو

أقلام – مصدر الإخبارية

الإسرائيليون يتظاهرون ضد حكومة نتنياهو، بقلم الكاتب الفلسطيني سري القدوة، وفيما يلي نص المقال كاملًا كما وصل موقعنا:

عادت المظاهرات والاحتجاجات تتواصل ضد حكومة بنيامين نتنياهو وخطتها لإضعاف جهاز القضاء حيث تدخل في اسبوعها الحادي والعشرين في الوقت الذي أعلن فيه نتنياهو بعد إقرار حكومته الموازنة المثيرة للجدل في وقت سابق هذا الأسبوع أنه سيمضي قدما في إقرار خطته رغم المعارضة غير المسبوقة لها في الشارع الإسرائيلي.

وتظاهر عشرات الآلاف من الإسرائيليين في المدن الكبرى وعلى مفترقات الطرق وحملت التظاهرات الواسعة المطالبة باستقلال القضاء وأعلنوا عن رفضهم خطة حكومة نتنياهو المتطرفة الهادفة الى إضعاف القضاء بعد أن وسعوا احتجاجاتهم في الأسابيع الأخيرة لتشمل إقرار “موازنة الدولة”، وذلك في أعقاب تمرير حكومة نتنياهو للموازنة الأسبوع الماضي وكان المتظاهرين رفعوا يافطات كتب عليها شعارات من ضمنها: “نتنياهو، سموتريتش، بن غفير، تهديد للسلام في العالم”، و”حان وقت إسقاط الديكتاتور” و”حكومة العار”، و”بيبي (نتنياهو) فاقد للأهلية”.

وسعت حكومة التطرف الإسرائيلية منذ تشكيلها الى إجراء تعديلات جذرية على الأنظمة القانونية والقضائية لتقضي بشكل كامل تقريبا على سلطة المحكمة العليا للمراجعة القضائية وتعطي الحكومة أغلبية تلقائية في لجنة اختيار القضاة الأمر الذي تراه شريحة واسعة من الإسرائيليين استهدافا للديمقراطية وتقويضا لمنظومة القضاء.

ومنذ الإعلان عن الخطة في مطلع كانون الثاني/يناير، يتظاهر عشرات آلاف الإسرائيليين أسبوعيا للتنديد بالنص والحكومة التي شكلها نتنياهو في كانون الأول/ديسمبر وأعلن الأخير في 27 آذار/مارس “تعليق” الخطة لإعطاء “فرصة للحوار”، بعد اشتداد الاحتجاج وبدء إضراب عام ونشوء توترات داخل الائتلاف الحاكم، إلا أن منظمي التظاهرات الاحتجاجية رأوا في هذا الإعلان محاولة من الحكومة لاحتواء الاحتجاجات وطالبوا بإلغاء الخطة كليًا.

ويبقى المشهد السياسي الإسرائيلي يدلل بكل المقاييس على حجم الفشل الذي لحق بنيامين نتنياهو وتأثيراته على استمرار حكومته وان هذا الفشل سيغير الخارطة السياسية لدى حكومة الاحتلال خاصة بما يتصل بالقضية الفلسطينية كون ان نتنياهو استمر في تدمير عملية السلام وعمل بكل جهد لدعم الاستيطان وتهويد القدس وبات واضحا إن ما تسعى لممارسته حكومة التطرف هو تمرير مؤامرات التسوية على المقاس الإسرائيلي وبالتالي العمل على تصفية القضية الفلسطينية والمساس بحقوق الشعب الفلسطيني التاريخية وان أي حل للصراع في فلسطين لن يكون إلا عبر الحلول السياسية المتعلقة بإنهاء الاحتلال وإحقاق حقوق الشعب الفلسطيني المتمثلة في إقامة دولته على حدود عام 67 وعاصمتها القدس استنادا إلى قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي.

وفي ظل المشهد السياسي وما تشهده السياسة الإسرائيلية من أزمات متعددة وطبيعة اتساع المعارضة والتظاهر والإضراب بداخل المجتمع الإسرائيلي ضد حكومة التطرف أصبحت الان البوصلة السياسية تتجه نحو إدارة الرئيس الأمريكي بايدن وقدرته على احداث التغير المطلوب وإن أي حل سياسي تطرحه الإدارة الأميركية أو أي جهة كان ينتقص من حقوق شعب فلسطين المبنية على انهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين سيكون حلا مرفوضا وبات على الجميع ادراك الواقع الذي يعايشه أبناء الشعب الفلسطيني.

وفي ظل اتساع قاعدة المعارضة لنتنياهو وطبيعة السياسة الإسرائيلية الهادفة الى فرض واقع جديد يفرض بالقوة على شعب فلسطين هي مجرد أفكار واهية وكل المؤامرات الهادفة إلى خلق حالة جديدة بين المحتل وشعب تحت الاحتلال مصيرها الفشل وأن أساس المعركة مع الاحتلال هي معركة على السيادة الوطنية والأرض ووضع الاحتلال القائم.

أقرأ أيضًا: دولة المستوطنين وإرهاب الاحتلال المنظم

عرسان وطنيان لفلسطينيي الخارج

أقلام – مصدر الإخبارية

عرسان وطنيان لفلسطينيي الخارج، بقلم الكاتب الفلسطيني محسن صالح، وفيما يلي نص المقال كاملًا كما وصل موقعنا:

انعقد يومي السبت والأحد (20–21 أيار/ مايو 2023) الملتقى الوطني الفلسطيني، الذي نظمه المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج في بيروت، بحضور نحو 140 شخصية وطنية فلسطينية قَدِموا من عشرات البلدان خارج فلسطين، وبمشاركة نخبة من أبناء الداخل الفلسطيني، وممثلين عن عدد من الفصائل الفلسطينية.

كما انعقد يوم السبت (27 أيار/ مايو 2023) مؤتمر فلسطينيي أوروبا في دورته العشرين في مالمو بالسويد، حيث شهد حضور نحو 15-20 ألف مشارك، في أضخم تجمع سنوي منتظم لفلسطينيي أوروبا على مدى الأعوام العشرين الماضية؛ ليؤكد الثوابت الفلسطينية، وعلى رأسها حق عودة اللاجئين إلى أرضهم وبيوتهم التي أُخرجوا منها.

الملتقى الوطني:
ناقش الملتقى الوطني على مدى يومين “الاستراتيجية الوطنية للحفاظ على الثوابت الفلسطينية”، التي وضعها المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج بين أيدي المجتمعين. وفي أجواء حضارية من النقاش الجاد المسؤول، شارك العشرات بمداخلاتهم ونقدهم واقتراحاتهم، وتم تحليل عناصر القوة والضعف للوضع الفلسطيني، والتحاور في الرؤية الاستراتيجية الداعية إلى التصدي للاحتلال الصهيوني، وتصعيد المقاومة، وتحقيق شراكات وطنية فعّالة، وتكامل الأدوار بين ساحات الوجود الفلسطيني في الداخل والخارج، بما يُعزّز وحدته، وبما يُمكّنه من حشد طاقاته في معركة التحرير؛ مع السعي لتطوير منظومة علاقات فلسطينية فاعلة عربيا وإسلاميا ودوليا.

وقد دعت الرؤية الاستراتيجية إلى تعزيز قدرات الشعب الفلسطيني وإمكاناته، ودعم مقاومته، وتكريس مركزية القدس، والإصرار على حق العودة، وبناء جبهة داخلية فلسطينية فعالة، وترتيب البيت الفلسطيني وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية وتفعيلها. ودعت إلى الارتقاء بالعمل الفلسطيني في الخارج، وفي الأرض المحتلة 1948، والاهتمام بتحرير الأسرى، وكسر الحصار عن قطاع غزة، والدفع بمزيد من الجهود لعزل الكيان الصهيوني، وتجريم احتلاله ورموزه في الإطار القانوني وفي البيئة الدولية.

هذه الرؤية التي توافَق عليها المجتمعون بعد نقاش مستفيض، وبعد إدخال عدد من التعديلات والتحسينات، تُشكّل أرضية مهمة للعمل الوطني ولاستنهاض الوضع الفلسطيني، كما تشكّل قاعدة التقاء مهمة لكل من يرغب في الانضمام والشراكة لخدمة المشروع الوطني الفلسطيني.

مؤتمر فلسطينيي أوروبا:
يعدّ هذا المؤتمر أحد أهم وأجمل “الأعراس” الوطنية الفلسطينية في الخارج. وعلى مدى عشرين عاما، تمكن من اجتذاب نحو 10-20 ألف فلسطيني سنويا، يلتقون في يوم واحد وفي مكان واحد من أرجاء أوروبا كافة؛ حيث يجتمع الأجداد والآباء والأحفاد، ويتعاهدون على حبّ فلسطين وعلى العودة إليها، وعلى الالتزام بالثوابت وعدم التنازل عن حقوقهم الكاملة في أرضهم المباركة، كل ذلك في أجواء وطنية جامعة مستوعبة لكل التيارات والشرائح الفلسطينية، مصحوبة بكلمات ومحاضرات ثقافية وبرامج تراثية وأزياء وأهازيج وأطعمة شعبية، في “عرس” وطني بامتياز، قَلّ نظيره عالميا.

اللافت هذا العام، الهجوم الذي قامت به قيادة السلطة والمنظمة وقيادات فتحاوية ضدّ هذا المؤتمر، وهو هجوم غير مبرر، ويفتقد للمصداقية، ومليء بالافتراءات والتضليل؛ فقط لأنه مستقل عنها ولا يعمل تحت وصايتها، مع ملاحظة أن هذا هو أصلا عنصرٌ أساسي في نجاحه.

أصدرت قيادة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير إثر اجتماعها في 4 أيار/ مايو 2023 تصريحا رفضت فيه المؤتمر؛ واتهمته زورا بالدعوة للانقسام “والإيحاء بخلق بدائل وهمية ومرفوضة في ظلّ العبث بالوضع الفلسطيني”.

وحذّر روحي فتوح، رئيس المجلس الوطني الفلسطيني والقيادي الفتحاوي، من مشاركة أي من أعضاء المجلس في المؤتمر، وهدّد بإسقاط عضويته، باعتبار المؤتمر “دعوة مشبوهة وبعيدا عن الشرعية الفلسطينية”!! أما حسين الشيخ، أمين سرّ اللجنة التنفيذية للمنظمة وعضو مركزية فتح (ومسؤول التنسيق مع الاحتلال)، فحذّر من المشاركة في المؤتمر، وادّعى أنه يهدف لضرب وحدانية تمثيل الشعب الفلسطيني من خلال منظمة التحرير، بينما زعم صبري صيدم، أمين سر مركزية فتح، أن مؤتمر فلسطينيي أوروبا يأتي ضمن “المخططات التصفوية لمنظمة التحرير”.

أحمد مجدلاني، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وأمين جبهة النضال الفلسطينية (المتوافقة مع فتح في برنامجها)، زعم بأن المؤتمر تمرير لأجندات “مشبوهة”، وأنه محاولة “مسمومة” لشقّ الجاليات الفلسطينية؛ بينما صعَّد أنور عبد الهادي، مدير دائرة العلاقات العربية في المنظمة، الهجوم على المؤتمر وأوغل في خياله، لدرجة اتهام المؤتمر بأنه “يخدم أجندات صهيونية، وأنّ الموساد هو من يُموّل المؤتمر”!!

وممن هاجموا المؤتمر فيصل عرنكي، رئيس دائرة شؤون المغتربين في المنظمة، وهو محسوب على الجبهة الديموقراطية، وأسامة القواسمي، رئيس لجنة المغتربين والجاليات في المجلس الوطني، وغيرهم.

لا يتسع هذا المقال المحدود للردّ بالتفصيل على الادعاءات والافتراءات كافة، التي تَفوَّه بها معارضو المؤتمر من قيادات في السلطة والمنظمة وفتح، ولكننا سنحاول وضع بعض النقاط على الحروف فيما يلي:

1- هذا المؤتمر طوال تاريخه “عُرسٌ” وطني جامع لأبناء الشعب الفلسطيني كافة في أوروبا، ولم يحدث أن رفض شرعية منظمة التحرير أو دعا لتشكيل منظمة بديلة، بل كان يشارك فيه سفراء وممثلون للسلطة. غير أن منصاته عبّرت عن النبض الحقيقي للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، في ضرورة إصلاح منظمة التحرير وتفعيل مؤسساتها واستيعابها للكُلّ الفلسطيني؛ وهو ما لا يكاد يختلف عليه اثنان. فلماذا حملة التشويه والافتراء من قيادات يُفترض أن تمتلك حدّا أدنى من المصداقية واحترام الذات؟!

2- إذا كان ثمة من أضعف ويضعف منظمة التحرير الفلسطينية، فهي قيادتها الحالية التي تهيمن عليها منذ عشرات السنوات، التي تحت ظلها انهارت مؤسسات المنظمة وفقدت فعاليتها، وتحوّلت المنظمة إلى أداة من أدوات السلطة الفلسطينية، ووُضعت في غرفة الإنعاش لتُستخدم فقط في وضع الأختام على سلوك وإجراءات وقرارات قيادتها؛ وهذه القيادة هي التي تقف حجر عثرة في وجه إصلاح المنظمة، وفي وجه دخول قوى فلسطينية كبيرة وفاعلة في عضويتها، وفي وجه أي انتخابات نزيهة وشفافة للشعب الفلسطيني، وهي التي تتجاهل فلسطينيي الخارج وجالياتهم، ولا تعبأ بهمومهم وتطلعاتهم!!

3- إذا كانت قيادة المنظمة والسلطة حريصة فعلا على العمل الوطني في أوروبا والخارج، فلتتفضل، وتحديدا مسؤولي دائرة شؤون اللاجئين في المنظمة ودائرة المغتربين في السلطة، بتقديم تقرير عن إنجازاتها في خدمة فلسطينيي الخارج، ونحن نعرف وهم يعرفون مدى البؤس الذي تعاني منه دوائرهم ومؤسساتهم. وثمة تحدٍّ بسيط هو بأن يكشفوا عن ميزانيتهم السنوية لدعم العمل وسط اللاجئين وفلسطينيي الخارج (أكثر من سبعة ملايين فلسطيني)، في مقابل ميزانية مكتب رئيس السلطة مثلا، أو ميزانيات القوى الأمنية المنسقة مع الاحتلال.

4- حذَّر قياديو السلطة والمنظمة وفتح من أجندات مشبوهة ومسمومة للمؤتمر، ومن شقّ الصف الفلسطيني، وضرب المنظمة!! ونحن نتساءل إذا كان هذا المؤتمر الوطني المتمسك بالثوابت، والمدافع عن حق العودة، الذي يضخ الروح الوطنية ويرفع معنويات فلسطينيي أوروبا ويربطهم بالقدس وفلسطين.. له أجندات كهذه!! فهل ما تقوم به قيادات المنظمة والسلطة من تنازل عن معظم فلسطين، وتنسيق أمني مع الاحتلال، ومطاردة للمقاومة وأبطالها، والمشاركة في مؤتمرات العقبة وشرم الشيخ، والاستمتاع ببطاقات “في آي بي” (VIP) التي يوفرها العدو، و”اختطاف” قيادة المنظمة رغما عن إرادة الشعب الفلسطيني، كل ذلك هو مواصفات “العمل الوطني” الذي يريده هؤلاء؟!

5- وإلى أولئك الذين تجرؤوا بالبهتان باتهام المؤتمر بأجندات صهيونية، وبتمويله من الموساد!! نقول لهم: هذا عيبٌ وجهل وإسفاف لا يجوز لأي مسؤول فلسطيني أن يقع فيه، وهو عدم احترام لعقول فلسطينيي أوروبا والفلسطينيين بشكل عام؛ فالكيان الإسرائيلي يطارد المؤتمر ويسعى لتشويهه ومنعه من العمل بكل طاقته، وهو للأسف مع ما يتوافق مع أجندة الناقمين على المؤتمر من قيادات السلطة والمنظمة. والمؤسف حقا أن تدخل السفارة الفلسطينية في السويد إلى جانب السفير الإسرائيلي هناك في الهجوم على المؤتمر.

نقول لهؤلاء الناقمين: إذا كان بيتكم من زجاج، فلا ترموا الناس بالحجارة، وإذا كنتم عاجزين عن العمل أو لا تريدون أن تعملوا، فعليكم أن توسعوا الطريق لمن يرغب بذلك، وعليكم أن تتحلوا على الأقل بـ”الصمت” حيث يرى الجميع بؤس أدائكم.

وأخيرا، نهنئ المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج، ومؤتمر فلسطينيي أوروبا على جهودهم وإنجازاتهم، ونتطلع للمزيد في خدمة شعبنا وقضيتنا وأمتنا على طريق التحرير والعودة.

Exit mobile version