إجماع عربي ودولي على دعم مخرجات قمة العلمين

أقلام – مصدر الإخبارية

إجماع عربي ودولي على دعم مخرجات قمة العلمين، بقلم الكاتب الفلسطيني سري القدوة، وفيما يلي نص المقال كاملًا كما وصل موقعنا:

واصلت وسائل الإعلام العربية والدولية اهتمامها في نتائج قمة العالمين وفي الوقت نفسه أشاد دبلوماسيون وإعلاميون َوأكاديميون ومثقفون عرب بمخرجات القمة الثلاثية المصرية الفلسطينية الأردنية التي عقدت بمدينة العلمين الجديدة بين الرئيس محمود عباس، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وجلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين، حيث تم التوافق على تعزيز جهود مصر والأردن نحو تقديم الدعم الكامل للدولة الفلسطينية ومساندة جهود القيادة الفلسطينية في الاستمرار في الدفاع عن الحقوق الفلسطينية على جميع الأصعدة والعمل على تأمين الحماية الدولية وحماية الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني.

قمة العلمين بحثت في السبل الكفيلة في دعم إقامة دولة فلسطينية مستقلة على الحدود التي تقرها الشرعية الدولية، كون أن الأردن ومصر تعملان على حشد الدعم الدولي لهذا الأمر، على الرغم من الأزمات الدولية التي مرت بها المنطقة إلا أن القضية الفلسطينية لا تزال هي القضية الأساسية وهذا ما يجب أن تدركه الولايات المتحدة والقوى الدولية الفاعلة فالجميع يعلم أنه لا استقرار في المنطقة دون إيجاد حل للقضية الفلسطينية.

انعقاد القمة يأتي في وقت هام، ومخرجاتها هي بمثابة خارطة طريق للمرحلة المقبلة إذ إن هناك اجتماعا لمجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري بداية الشهر المقبل، بالإضافة إلى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهناك أيضا قمة تنموية في موريتانيا، فلا بد من أن تكون القضية الفلسطينية ومستجداتها اليومية حاضرة وبقوة لمواجهة التحديات الصعبة وضمان وقف كل أشكال العدوان الغاصب وحان الوقت بأن تكون هناك رسالة عربية قوية للعالم أجمع مفادها بأن فلسطين عربية وستبقى عربية، والقدس هي عاصمة دولة فلسطين.

القمة الثلاثية بين قادة الدول الثلاثة بعثت بالعديد من الرسائل المهمة إلى أطراف إقليمية ودولية، من ضمنها ثبات الموقف العربي في التعامل مع النزاع العربي- الإسرائيلي، وأن البيان الختامي أكد ضرورة إنهاء الاحتلال للأراضي الفلسطينية، والدعوة إلى وقف كل أشكال الاحتلال الجديدة بالضفة الغربية والممارسات الإسرائيلية الغير المسؤولة.
وحملت القمة أيضا رسائل مهمة يجب أن تسهم في توحيد الصف الفلسطيني بالتزامن مع الجهود المبذولة على الصعيدين العربي والإقليمي لتوحيد الرؤى وإدانة الممارسات التي تقوم بها حكومة التطرف الإسرائيلية إذ تم التوافق على تعزيز جهود مصر والأردن نحو تقديم الدعم الكامل للشعب الفلسطيني وتعزيز مقومات صموده والعمل على إحياء عملية السلام للتوصل إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية وفق مرجعيات الشرعية الدولية.

ما تضمنه البيان الختامي للقمة يعكس التضامن والحرص العربي على تسوية القضية الفلسطينية، وضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية ضمن جدول زمني واضح واستعادة الشعب الفلسطيني لكامل حقوقه المشروعة، بما في ذلك حقه في تقرير المصير، وفي تجسيد دولته المستقلة وذات السيادة على خطوط الرابع من حزيران/ يونيو لعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين وفق قرارات الشرعية الدولية، وتحقيق حل الدولتين وفق المرجعيات المعتمدة.

وقد أكدت القمة أن السبيل الوحيد لتحقيق السلام ونجاح كافة الجهود في تحقيق أهدافها هو تنفيذ قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن ذات الصلة، وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقوقه غير القابلة للتصرف، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتجسيد دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية، بما يحقق حل الدولتين المستند لقواعد القانون الدولي والمرجعيات المتفق عليها والمبادرة العربية للسلام.

أقرأ أيضًا: مجموعة فتية التلال الاستيطانية.. بقلم سري القدوة

الانتخابات: دوافع ومؤشّرات

مقال- طلال عوكل

انتهى اجتماع الأمناء العامين في مدينة العلمين الجديدة المصرية نهاية الشهر المنصرم إلى صفر نتائج، استناداً إلى الهدف الذي وقف خلف الدعوة وهو إنهاء الانقسام، وتحقيق توافق وطني لإجراء الانتخابات.
وإذا كانت الأحكام لا تستند إلى النوايا، وهو أمر ينطبق على الكل، فإن الرئيس محمود عباس هو الوحيد الذي حقّق هدفاً يبدو أنه سعى إليه، وهو تأكيد شرعيته، أمام العالمين العربي والدولي.
الكل تقريباً استجابَ إلى دعوته للقاء، وترأس وفداً لمنظمة التحرير الفلسطينية، بمعزلٍ عن وفد حركة فتح، وظهر بأنه أبُ الجميع، والذي يختم الاجتماع بالطريقة التي يُريد.
فشلُ “اجتماع العلمين” تركَ الأسئلة الحائرة مفتوحةً على من يتحمّل المسؤولية عن الفشل، وبدا وكأن الجميع، خصوصاً حركتي “فتح” و” حماس ” متساوون في المسؤولية.
ربّما كان هذا واحداً من الأسباب التي دفعت “حماس” لدعوة الفصائل ومنظّمات المجتمع المدني، وعديد الشخصيات العامة والكتّاب لبحث موضوع الانتخابات المحلية في قطاع غزة .
كان ذلك مهمّاً، لإظهار استجابة “حماس” لمطالبات ممثلي المجتمع الفلسطيني في قطاع غزّة، وكان بإمكانها أن تعلن موقفاً وحدها مشفوعاً بالموقف ذاته، من قبل “لجنة متابعة العمل الحكومي”.
تدرك “حماس” مدى عمق المأساة التي يعاني منها سكّان القطاع المحاصر وهي من موقفها المسؤول عن إدارة شؤون القطاع لا تستطيع أن تصم آذانها عن مطالبات المواطنين، وفي الحدود التي تستطيع الحركة القيام به لإظهار الجدّية.
حراك “بدنا نعيش” الذي جاب شوارع القطاع بالتزامن مع “اجتماع العلمين”، قدّم مُؤشّراً، لا يمكن تجاهل مطالبه، لا بدّ من ملاحظة الجُرأة التي تمتّع بها شباب الحراك، الذي كان سيعاود التحرّك مرّة أخرى، لولا أنّ الأجهزة الأمنية والشرطية اتخذت الإجراءات اللازمة لمنع التجمُّع، حتى لا تضطر الحركة لقمعه أو تركه بما يتسبّب في فوضى عارمة في القطاع.
تعامل “حماس” مع “بدنا نعيش” كان هو الآخر مفاجئاً من حيث المرونة التي اتّبعتها الشرطة في التعامل مع الحراك، ودون أن تسجّل أي حالة من الاعتقال السياسي، خلال أربع وعشرين ساعة، كانت الشرطة قد أفرجت عن كافّة المعتقلين وكل ذلك بخلاف التوقّعات والمواقف المسبقة التي اعتقدت أن أجهزة الأمن والشرطة ستقوم بقمعٍ شديد للشباب.
مباشرة، اتّخذت الأجهزة الحكومية في غزة، جملةً من الإجراءات القليلة، استجابةً لمطالب الحراك، ولذلك فإنّني أعتقد أنّ دعوة “حماس” الفصائل للاجتماع، والاتفاق على إجراء الانتخابات المحلية تأتي في سياق محاولات الحركة لتحسين واقع الحال، وتحسين صورتها في القطاع وأمام الرأي العام.
على أنّ فكرة القبول بإجراء الانتخابات كانت سابقة على الحراك وعلى “اجتماع العلمين”، ولكن تداولها كان دون مستوى اتّخاذ القرار. من بين أطراف عديدة سياسية ومجتمعية تابعت “الهيئة المستقلّة” ملفّ الانتخابات الطلّابية والمحلّية، من موقع المسهل لتحقيق توافقات وطنية جامعة بهذا الخصوص.
الهيئة في القطاع أجرت عشرات اللقاءات والاجتماعات مع الفصائل، والكتل الطلّابية وإدارات الجامعات، وتكلّلت جهودها بالنجاح في تحقيق اتفاقٍ شامل لإجرائها في الفصل الثاني من العام الدراسي القادم.
اتّفق الجميع على كلّ التفاصيل المتعلّقة بهذا الموضوع، سواء ما يتعلّق بحرّية النشاط الطلّابي، أو إجرائها على قاعدة التمثيل النسبي الكامل، أو الخارطة الزمنية لإجرائها في الجامعات، خصوصاً “الأزهر” و”الإسلامية” وسواهما.
بالرغم من ذلك لا تزال بعض الأطراف والشخصيات تشكّك في مصداقية الاتفاق، وتستند إلى النوايا والمواقف المُسبقة، للتشكيك في إمكانية إجرائها.
يبحث هؤلاء عن عظامٍ في الكرشة، ويتحدّثون عن إمكانية تعطيلها من خلال بعض التفاصيل، التي تعوّد النّاس أنّ الأطراف تحتفظ بها كـ”استدراكات”، بهدف التهرُّب من الالتزام.
“المستقلة”، أيضاً، تابعت موضوع الانتخابات المحلّية، ودائماً كانت تسمع آراء ومواقف إيجابية، وبالتالي فإنّ موافقة كافّة الأطراف على إجراء الانتخابات المحلّية في القطاع، تشكّل حالة نضج لا أعتقد أنّها مُعرّضة للارتداد.
لا بدّ من ملاحظة مُؤشّرات التغيير لدى حركة حماس إزاء الانتخابات، فلقد امتنعت سابقاً عن إجراء المحلّية منها، بدواعي ارتباطها بالانتخابات العامّة. لكن هذه الانتخابات لم يعد بالإمكان إجراؤها.
حاولت “حماس” إشراك أطراف أخرى في إدارة البلديات عَبر التعيين لكنها فشلت في ذلك، ولم يعد أمامها من خيارات سوى مواصلة التعيين، أو إجراء الانتخابات.
معلومٌ أنّ الانتخابات البلدية، لا تنطوي على أبعادٍ سياسية ذات علاقةٍ بالانقسام، والمصالحة، لكنها مُؤشّر على مصداقية الخطاب، الذي يتحدّث عن الاستعداد للشراكة، واحترام حقوق المجتمع في الاختيار.
وفي الواقع فإنّ البلديات في القطاع، باستثناء بلدية مدينة غزة، لم تعد قادرة على تلبية احتياجات المجتمع، كونها بلديات تابعة لـ”حماس”.. وبالتالي فإنّها لا تحظى بأيّ تمويلٍ خارجي.
إنّ إجراء هذه الانتخابات بعد سنواتٍ طويلة من غيابها في القطاع، والمُداومة على إجرائها في الضفة الغربية، ي فتح أملاً ولو محدوداً، بشأن تحسين واقع الحال في القطاع.
الآن الكرة في ملعب الحكومة برئاسة د. محمد إشتية، فإذا كان الكلّ جاهزاً للمشاركة، وإذا كانت لجنة الانتخابات المركزية جاهزة هي الأخرى، فإنّ الأمر ينتظر صُدور قرارٍ من الحكومة، حتى تكون الانتخابات جزءاً من التزام الحكومة، وليست معزولةً عن الانتخابات المحلّية في الضفة.
ستبقى الأسئلة المتشكِّكة مرفوعة إلى أن يصدر قرار الحكومة، وبدء الإجراءات العملية لتنفيذ ما تمّ الاتفاق عليه.

تل الزعتر: عن إيفا وبعض الأيام

بقلم- أيهم السهلي:

لم يكن يوجد في المخيم فلسطينيون فقط، بل سكن فيه لبنانيون وسوريون، كانوا يعملون بالقرب منه، بالإضافة إلى عدد من المتضامنين الأجانب الذين عملوا في مجالات مختلفة في المخيم، منها الطب والتمريض. من بين هؤلاء كانت إيفا شتال، الممرضة السويدية التي تطوعت كممرضة في المركز الصحي  التابع للجبهة الشعبية في”تل الزعتر”. وتزوجت من المسؤول الصحي عن المستوصف التابع للجبهة الشعبية الشهيد يوسف حمد.

من السويد إلى “تل الزعتر”

كتبت إيفا عن تجربتها[2]: “أصبحت عضوة في الحركة اليسارية السويدية في الفترة من عام 1973-1974، ولعل الأسباب الرئيسية التي دفعتني إلى العمل في هذه الحركة اهتمامها بشؤون العالم الثالث. […] جاءت الصدفة وسمعت أن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين فاتحت الحركة اليسارية السويدية (ك.ف.م.ل.) أن تزودها بعدد من الأطباء والممرضات وفي الحال قررت أن أغتنم الفرصة رغم أني حقيقة لم أكن أعرف عن طبيعة هذه المهمة سوى القليل جداً ولكنها كانت بالنسبة لي – وهذا ما حدثت نفسي به- فرصة لأرى وأقوم بعمل ما […] وأُخبرت أن العمل في مستوصف الجبهة داخل مخيم تل الزعتر لا تدفع عنه أجور وأننا سنعيش مع عائلة فلسطينية عادية وتحت نفس الظروف التي يعيشونها، كما أُبلغت أن نفقات السفر إلى هناك نتحملها نحن.”[3] وتضيف إيفا عن استقبالها من جانب العائلة التي أقامت عندها: “الجو بارد جداً ولذلك كان جميع أفراد العائلة يشكلون سوراً حول الموقد، وفجأة نهضت امرأة ترتدي ملابس تشبه ملابس البدو، واتجهت نحوي بسرعة وضمتني إلى صدرها وعانقتني بحرارة لفترة طويلة وقالت لي بصوت رحب: ‘هذا بيتك الآن، وأنا أمك… أنت هنا واحدة منا وسنساعدك بكل طريقة يمكننا القيام بها’ […] أما أول رجل قابلته عند وصولي إلى تل الزعتر فكان ‘يوسف حمد’ مسؤول الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لشؤون المستوصفات التابعة لمخيمات اللاجئين في لبنان، والذي رافقني إلى عائلتي الجديدة.”[4]

تطورت علاقتها بيوسف حمد، فأحبا بعضهما، وتصفه بأنه كان “مستقيماً وأميناً”. تقول إنها اتفقت مع يوسف على أن لا يعلنا خطبتهما إلا للعائلة التي تقيم إيفا ببيتها، لكن “الخبر انتشر بسرعة فتوافد أصدقاء يوسف علينا، وأخذوا يقرعون الطبول ويرقصون على أنغامها رقصات شعبية فلسطينية في حين شارك سكان البيوت القريبة في التعبير عن فرحهم بالرقص على السطوح. كان المنظر بهيجاً غمرني بسعادة لم أذق طعمها من قبل. ولكن الحرب تجددت مبكراً…”[5] لاحقاً، انتقل يوسف إلى مخيم شاتيلا، بعد أن كلّفته قيادة الجبهة الشعبية بمهمة سياسية هناك، “تقضي المهمة أن يرتب لقاءات سياسية وحلقات دراسية وأُخرى للتوعية داخل بيوت المخيم.” وفي مخيم شاتيلا أقاما حفل الزفاف. في مطلع سنة 1976، شنت القوى اليمينية اللبنانية هجوماً على “تل الزعتر”، والذي استمر بضعة أسابيع، دُمّر خلاله الكثير من المنازل في المخيم. “لم نستطع، لا يوسف ولا أنا، أن نتحمل البقاء بعيداً عن أحداث مخيمنا الأول، تل الزعتر بالنسبة لزوجي المكان الذي عاش فيه أيام صباه، وبالنسبة لي المكان الذي تعرفت فيه على الطيبة والأصدقاء الحقيقيين. وقررنا العودة إلى مخيم تل الزعتر بالسرعة الممكنة.”[6]

13 حزيران 1976

عاشت إيفا وزوجها مع أهالي المخيم الظروف كلها، القصف والقنص والقتل، كانت منخرطة في عملها في المستوصف. وهنا لم تعد فقط متطوعة، بل أصبحت واحدة من أهل المخيم، وتتحضر لتكون أماً لطفل فلسطيني، “الطفل الذي كنا نتوقع أن نرزق به أضفى في كثير من الأحيان المسرة في قلوبنا وداعب آمالنا في سعادة مؤقتة على الأقل وسط ذلك الجو المشحون.”[7] “في أوائل شهر حزيران اشتد القصف الصاروخي على تل الزعتر وخاصة في الليل، كانت الشظايا تتطاير في كل اتجاه فاضطر السكان لحشر أنفسهم في الملاجئ حيث لا ماء ولا طعام.”[8]

تصف إيفا حياة المخيم مع اشتداد القصف عليه بأنه كان مرعباً، وتضيف أنهم اضطروا إلى تحويل المرضى من “المستوصف إلى مدرسة أغلقت منذ زمن طويل كان يقع في أسفلها ملجأ حولناه إلى ملجأ للجرحى فقط. غير أن مثل هذا الإجراء لم يكن سوى حل وقتي، فهذا الملجأ الصغير لا يسع أكثر من 12 سريراً بينما يزداد عدد الجرحى باستمرار نتيجة القصف المكثف.”[9]

كانت إيفا تعيش مع يوسف في بيت أهله، ويضم البيت أيضاً شقيقته وداد وأشقاءه الثلاثة، وكانت والدته توفيت قبل 6 أعوام، أما والده فأُجبر على البقاء في المعمل الذي يعمل فيه منذ شهر شباط/فبراير 1976، والذي يبعد عن المخيم نحو كيلومترين، لوجود القوات اليمينية في الطريق، ولم يُعرف سوى أنه أُسر هناك، ولم يُعرف مصيره فيما بعد. غادر أشقاء يوسف إلى الملاجئ، وبقيت إيفا وزوجها في منزل العائلة الذي لم يعد آمناً. بعد أيام، تمكن يوسف من المجيء إلى المستوصف، وأخبر إيفا أنهما سيعيشان مجدداً مع بقية العائلة في منزل جديد أكثر أماناً. لم يكونا يلتقيان كثيراً منفردَين، كانت هي في المستوصف في معظم وقتها، وهو في عمله كمسؤول طبي في المخيم، لذا، قررا أن يلتقيا في منزلهما القديم مرة واحدة، قبل الانتقال إلى الشقة، هذه الليلة كانت الأخيرة: “كان اللقاء في بيتنا القديم مشحوناً بالعواطف والأحاسيس.. تعانقنا وجلسنا على الأرض فترة طويلة وتحدثنا عن كل ما حدث وعن طفلنا الذي سنرزق به، وشعرنا بالنعاس وتهيأنا لننام […] وقبل أن ننام قال يوسف: من المحتمل أن نموت الليلة. ولم أهتم بما قال فتلك عبارة أصبحت تردد على لسان كل فرد من سكان تل الزعتر.”[10]

قُصف المنزل، وتذكر إيفا أنها استيقظت ثلاث مرات في تلك الليلة على أصوات القصف “الألوان الخضراء، والحمراء، والصفراء تختلط مع بعضها البعض واشتعلت نار حادة قرب ساقي الأيسر. شعرت في حينها أني ويوسف قد طرنا في الفضاء. ثم ساد المكان سكون تام وخيّم ظلام حالك على البيت وصرخت: ‘يوسف… يوسف’ ولكنه لم يجب، حاولت أن أحرك نفسي باتجاهه لكني لم أقدر، ذراعي اليمني فقدت الحركة فحاولت أن أحرك ساقي اليسرى لكنها كانت خاملة تماماً… حركت يدي اليسرى وأمسكت ذراعه وسحبتها إلي وهززتها، وصرخت: ‘يوسف… يوسف’ ولكنه لم يجب ولم يتحرك.”[11]

في هذه الليلة، استشهد يوسف حمد، وبُترت اليد اليمنى لزوجته، واستشهد جنينها، فقد كانت حاملاً في شهرها الرابع. هذه السيدة كانت إيفا ستاهل، وفي المخيم حملت اسم سميرة حمد، وعاش معها هذا الاسم حتى اليوم. يقول الدكتور يوسف عراقي: “جاؤوا بها بعد إصابتها مباشرة، إلى المستشفى، وجهها مغبر، وذراعها اليمنى تتدلى ومعلقة بكتفها ببقايا الجلد فقط. والدم ينزف بغزارة من كتفها، كانت بيدها اليسرى تحاول إيقاف النزيف من ساقها اليسرى،

كان هناك جرح كبير ينزف، وكسر في عظمة الفخذ اليسرى، كانت إيفا حاملاً في شهرها الرابع، وتسأل بإلحاح عن زوجها يوسف، وتطلب مني إعطاءها إبرة مورفين، من شدة الألم، حاولت تهدئتها، وأعطيتها إبرة مسكنة للأوجاع وبعد فحصها، أخبرتها أن ذراعها بحاجة لعملية بتر فوق الكوع، وكان هذا رأيها أيضاً. أنزلتها لغرفة العمليات، وأرسلت في طلب الطبيب السويدي[12] – الذي كان يعمل مع زوجته وإيفا في مستوصف الجبهة الشعبية، الذي دُمر نتيجة القصف، لوقوعه في أول المخيم – ليساعدني في العملية، وذلك بحكم أنها مواطنة سويدية، وليطّلع على وضعها. ونجحت العملية التي أجريناها لإيفا.”[13]

تم إخبار إيفا باستشهاد زوجها يوسف حمد، “كان همها الاحتفاظ بالجنين، كذكرى من زوجها الذي أحضروه إلى المستشفى وكان قد فارق الحياة. وعرفت من إيفا أن قذيفة سقطت على بيتهم في تلك الليلة.”[14]

نُقلت إيفا إلى قسم النساء، وتمكن أفراد من الصليب الأحمر الدولي من الوصول إلى المخيم لنقلها من المستشفى، لكنها رفضت وقررت البقاء في المخيم. وفي 3 آب/أغسطس، وصلت قافلة من الصليب الأحمر الدولي إلى المخيم، كان من المقرر أن تنقل 50 جريحاً، إلا إن الطاقم الطبي في المخيم تمكن من إقناع المسؤولين عن القافلة بنقل 91 جريحاً وطفلاً “أرسلنا إيفا مع الدفعة الأولى، والعديد من الأطفال الذين يعانون من الجفاف.”[15]

تمكنت القافلة من الوصول إلى بر الأمان، تقول إيفا: “كنا 91 جريحاً، وكانت جروحهم خطيرة. […] لم أكن سعيدة على أية حال، لأني كنت أفكر بالثلاثين ألف إنسان في تل الزعتر.”[16]

22 حزيران 1976

في هذا اليوم الذي سُمّي بيوم الهجوم الكبير على المخيم، نقلت وكالات الأنباء الخبر التالي: “صرّح مصدر عسكري في القيادة المركزية لحركة المقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية بما يلي:

منذ فجر اليوم، ومخيمي تل الزعتر وجسر الباشا والقلعة وحي النبعة يتعرضان لقصف مدفعي وصاروخي ورماية رشاشات ثقيلة من القوات الفاشية المتمركزة في المنصورية والحازمية والفنار وفرن الشباك والأشرفية والبراد اليوناني والمدينة الصناعية […] واستخدم الجانب الانعزالي في القصف مدافع 160ملم و120ملم و155و81ملم وصواريخ أرض أرض، وقامت القوات المشتركة بالرد على مصادر النيران الانعزالية وتعاملت مع مرابض مدفعيتها واستطاعت أن تدمر بعضها[…]”[17]

أما ما كان على الأرض فهو كالتالي: “بدأت القذائف تتساقط على مخيم تل الفقراء، محدثةً دوياً يصم الآذان. الجدران تتمزق أشلاء. الزجاج يتطاير مع دوي كل انفجار. وترتفع شدة الانفجارات. قذائف من مختلف العيارات […] بيوت المخيم تتهاوى الواحد إثر الآخر، 70% من بيوت عاصمة الفقراء دُمرت في اليوم الأول.”[18]

عن هذا اليوم، يقول الدكتور يوسف عراقي “الثلاثاء الثاني والعشرون من حزيران 1976، كنا على موعد غير متوقع مع الهجوم الكبير على المخيم من قبل القوى الانعزالية. تلك الليلة كنا نسهر كالعادة لساعة متأخرة. كان طبيعياً أن يحدث قصف ليلي متقطع على المخيم، وكان جميع السكان يقضون الليل في الملاجئ.”[19]

أما الدكتور عبد العزيز اللبدي، فكتب عن هذا اليوم: “بدأ القصف الساعة السادسة صباحاً، وقد كان الموعد مناسباً لنا جداً، إذ إن الناس اعتادوا أن يناموا في الملاجئ ولا يغادرونها إلا بعد وضوح النهار. حمدت الله أن القصف كان متأخراً، وكان المخيم خالياً، والمستشفى خالياً إلا من الممرضين، والمرضى المقيمين طبعاً.”[20]

ذاكرة ليست للنسيان

“في النهاية أريد منك أنت الذي تقرأ قصتي هذه، أن لا تكتفي بالقول إنها قصة رهيبة، وإنما أريدك أن تحاول أن لا تنساها. حاول أن تكون واحداً من الذين يعلنون احتجاجهم على هذه المآسي التي يتعرض لها الناس الأبرياء… وحاول قبل كل شيء وبعد كل شيء أن تتفهم قضية شعب بلا وطن.”[21]

[1] كان مخيم تل الزعتر، أو “معسكر الكرامة”، أو “مخيم الدكوانة”، بحسب تسمية “الأونروا”، يقع في المنطقة الشرقية الشمالية من مدينة بيروت، تحيط به منطقة الدكوانة وسلاف من الشمال، وسن الفيل وحرش تابت من الغرب، وجسر الباشا والحازمية وجزء من معامل المكلس من الجنوب، والمكلس والمنصورية وعين سعادة ومار روكز من الشرق.

[2] انظر: “مذكرات الممرضة السويدية إيفا ستاهل”، في:

أ.أحمد الزعتر (أبو أحمد الزعتر)، “تل الزعتر الرمز والأسطورة” (د. م.: الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين/اللجنة السياسية الإعلامية المركزية، 1977)، ص 249 – 250.

[3] المصدر نفسه.

[4] المصدر نفسه، ص 251.

[5] المصدر نفسه، ص 253.

[6] المصدر نفسه، ص 255.

[7] المصدر نفسه، ص 260-261.

[8] المصدر نفسه، ص 259.

[9] المصدر نفسه.

[10] المصدر نفسه، ص 264.

[11] المصدر نفسه.

[12] الطبيب لارسن وزوجته والطبيبة أجنيتا.

[13] يوسف عراقي، “يوميات طبيب في تل الزعتر” (حيفا: د. ن.: ط 3، 2016)، ص 25-26.

[14] المصدر نفسه، ص 26.

[15] المصدر نفسه، ص 73.

[16] الزعتر، مصدر سبق ذكره، ص 281.

[17]المصدر نفسه، ص 63.

[18] المصدر نفسه، ص 64.

[19] عراقي، مصدر سبق ذكره، ص 25.

[20] عبد العزيز اللبدي، “يا وحدنا: أوراق من تل الزعتر” (د. م.: م.ت.ف. الإعلام الموحد، د. ت.)، ص 97.

[21] الزعتر، مصدر سبق ذكره، ص 282.

عن المؤلف:

أيهم السهلي: صحافي فلسطيني من مدينة حيفا، ولد في مخيم اليرموك ويقيم ببيروت.

اقرأ أيضاً: عامر حليحل.. حكايات وحكايات مع الخشبة!

عامر حليحل.. حكايات وحكايات مع الخشبة!

بقلم- يوسف الشايب:

بدأت حكاية الفنان عامر حليحل مع خشبة المسرح من قريته “الجش” في الجليل الفلسطيني المحتل العام 1948، حين اكتشف طفلاً في ثمانينيّات القرن الماضي، أن ثمة علاقة عشق ما بينه وبينها.

كان في الثامنة من عمره حين اعتلى “المسرح” في قريته، وتحديداً في المناسبات والأعياد، فقد كان من الحافظين للنكات، والقادرين على انتزاع الضحكات من سكّان مسقط رأسه، لتتوطد علاقته بالخشبة، وتصبح ضرورة لعامر الطفل، ومن ثمّ عامر المُراهق، الذي توّجه لدراسة المسرح في جامعة حيفا، متبوعاً بأحلام كانت تراوده، وهي ببساطة أنه يريد أن يقدّم مسرحاً في فلسطين يشبه ما كان يقدّمه، وقتذاك، النجم عادل إمام.

“ربّما لنجومية عادل إمام، ولكن لكونه فنّاناً قديراً، فأعماله الدراميّة، رغم أن الجمهور لا يوليها الكثير من الاهتمام كما الكوميديا التي يقّدم، وهو ما ينطبق على أفلامه، رائعة ومُلهمة”، مُضيفاً: ما بعد مسرحيتيّ “مدرسة المشاغبين” و”شاهد ما شافش حاجة”، كان النجم المتوّج على عرش المسرح، وهما المسرحيّتان اللتان ربّما لم يكن متاحاً للمشاهد العربي، وخاصة الفلسطيني، الاطلاع على غيرهما، في زمن ما قبل “الستلايت”.. عامر الطفل والمُراهق أحبّ في مرحلة ما المسرح لأجل أن يكون عادل إمام بنسخته الفلسطينية.

لكن الالتقاء مع المادة المسرحية العالمية في الجامعة، غيّرت الوجهة لديه.. “ليس تقليلاً من عادل إمام وتجربته المهمّة، لكن لكوني اكتشفتُ أن ثمّة مناطقَ وخاناتٍ أخرى في عالم المسرح، الذي هو إرث بشريّ عميق وكبير وواسع، شعرتُ سريعاً أنني جزء منه، خاصة أنه عالم مغناطيسي، ومحفّز للبحث والغوض في مساحات مختلفة ومتنوعة”، والأهم “أنني اكتشفتُ أن المادة الإنسانية الفلسطينية هي ما أريد أن أقدّمه إلى العالم، بغض النظر إن كنتُ سأحظى بنجوميّة عادل إمام، أم لا”.

غسّان كنفاني في جامعة حيفا

وكشف عامر حليحل لـ”منصة فلسطين الثقافية”، أنه، وفي خضم دراسة الأعمال الكلاسيكيّة العالمية، كطالب تمثيل في جامعة حيفا، قدّم ومجموعة من زميلاته وزملائه، وفي حالة غير مسبوقة وغير ملحوقة في الغالب، مسرحية “رجال في الشمس” عن رواية الروائي والأديب الشهيد غسّان كنفاني.. “لأول مرّة في جامعة إسرائيلية تُقدّم مادة مسرحيّة فلسطينية بطاقم أكمله من الفلسطينيّات والفلسطينيّين، وبالعربية، ما أحدث ضجّة كبيرة داخل الجامعة وخارجها، حتى أن رئيس قسم المسرح وغيره خسروا وظائفهم إثر العرض.. كان ذلك في نهاية تسعينيات القرن الماضي.. شكّل العرض حالة غريبة، بل غريبة جدّاً، خاصة مع ما حقّقته من نجاحاتٍ كبيرة، فلأول مرّة يشعر الطالب الفلسطيني، بغض النظر عن تخصّصه، أن ثمة ما يعبّر عنه داخل الجامعة، وسط تدفّق كبير لحضور العمل المسرحي الذي كان يُفترض أنه مشروع داخل القسم أو الكلية على أوسع تقدير”.

ولفت حليحل إلى أن النصّ كان من إعداد المرحوم رياض مصاروة، وإخراج منير بكري، وتمثيله بالإضافة إلى: أشرف برهوم، وإيهاب سلامة، وشادي فخر الدين، وآمال قيس، ولمى زريق، وميشيل سخنيني الذي رحل بحادث سير.

واعتبر حليحل مسرحية “رجال في الشمس” بنسخة الطلاب الفلسطينيين في قسم المسرح بجامعة حيفا، نقطة تحوّل بالنسبة له، خاصة أنه في خضم الانشغال بعالم المسرحي الكلاسيكي لم ينسَ ورفاقه الهدف الوجداني والمعنوي الذي يجب أن يقود مشاريعهم المسرحية خاصة، والفنيّة عامة، ما بعد المرحلة الجامعيّة، مدركاً أنه لابد من البحث عمّا يعبّر عنه وعنهم من موادٍ تخرج أعمالاً مسرحيّة على الخشبة.

ما بعد التخرّج

وكان حليحل ما بعد تخرّجه ضمن مجموعة ليس لها “أب ولا أم في المسرح”، فالخيارات بالنسبة لهم كفلسطينيين صَمد أجدادهم على أرضهم، كانت قليلة، فإمّا اللجوء إلى العمل في المسارح الإسرائيلية والانخراط فيها، وهو ما يرفضه، علاوة على كونه في حال كان رغم رفضه من حيث المبدأ، ليس إلا خياراً مؤقتاً لاعتبارات تتعلق بأن القائمين على هذه المسارح لا يعنيهم الفنان العربي، أما الخيار الثاني فكان انتظار العمل مع فرق مسرحية أو مسارح عربيّة جلها صغيرة ومحدودة الإمكانيّات، وبالتالي فإن فرص التطوّر إن حدثت بالأساس تبقى ضئيلة، أما الخيار الثالث فقام على المبادرة، وهو ما كان.

“شكراً”

وفي إطار الطريق الذي اختطه حليحل وبعض رفاقه لأنفسهم، كان عرض “شكراً”، وهو عبارة عن اسكتشات مسرحية كوميدية ناقدة ولاذعة، قدمه وخرّيجات وخرّيجون جدد مثله، وبات عرضاُ مركزيّاً، تدفق إليه الجمهور بشكل كبير، دون أن يكون مُؤطّراً ضمن فرقة أو مؤسسة يَخرج باسمها، وكان ذلك في العام 2005، و”شكّل بالنسبة لنا إشارة بأننا يمكن أن نقدّم وننجح ولو بجهودنا الشخصية، وبأن الجمهور سيلتف حولك إذا ما قدّمت عملك بإخلاص ومحبّة ومهنيّة، وبما يلامس نبض الجمهور”.

“ليس بالضرورة أن تبتعد عمّا يمسّ الجمهور لتكون فنّاناً، فثمة نقطة التقاء بينك وبين الجمهور يجب أن تواصل البحث عنها على الدوام، فأيّ عمل بلا جمهور لا يساوي شيئاً، ولكن دون البحث للاتكاء على الخانة المريحة، أو ما هو سائد في السوق، إن جاز التعبير، فمع البحث عن نقطة الالتقاء هذه، ثمة بحث عن طريقة تقديم المضمون الذي يعكس ذلك، بحيث يشعر المشاهد أن ثمة صلة بينه وبين ما نقدّم، وبأنّ هناك أيضاً مجهوداً وتفكيراً وراء ما نقدّم، فمن حق الجمهور الحصول على وجبة فنيّة يستحقها، وله مساحته فيها عبر التفاعل معها”.

“ذياب” و”المونودراما”

وشكّلت مونودراما “ذياب” التي كتبها علاء حليحل وأخرجها سليم ضو، محطة مهمة بالنسبة لحليحل لجهة التعمق أكثر في طبيعة العلاقة الفردية مع الخشبة ومع الجمهور في “المونودراما”، فحرّكته بحماسة لهذا العالم.

ولفت حليحل إلى أن هناك “من يلجأ إلى المونودراما باعتبارها أقلّ كلفة من ناحية إنتاجية، لكني أرى أنها لا تقل بأدواتها وأدائها عن أي عمل مسرحي متعدد الممثلين، وليس أي عمل يمكن أن يُقدم منفرداً، فثمة أعمال تتطلب أن تُنتج كمونودراما على عكس غيرها، فهي ليست شرطاً، خاصة أنها مسرحيّاً أكثر صعوبة، من حيث الحفاظ على الحدث، وتقديم حالة من التوازن ما بين السرد الذي هو محوريّ فيها، وما بين الأداء”.

“الهوتة” والتفوّق على الذات

ويتميّز حليحل بتجسيد السرد في أعماله المونودراميّة كافة، فلا ثرثرة، ولا وقوع في فخ الابتعاد عن الأداء المسرحي لجهة الإلقاء، أو القص بالطريقة الحكواتية، والتي يُطلق عليها، في كثير الحالات، توصيف “مونودراما”، وما هي بكذلك، فعمله الفردي “الهوتة”، الذي كتبه وجسّده وعرضه، مؤخراً، ضمن فعاليات مهرجان “وين ع رام الله” بنسخته الرابعة عشرة، ويتناول الحروب بمفهومها العام، والحروب الجوّانية أيضاً، يشكل، برأيي، نقلة نوعيّة على مستوى الموندراما، ليس في مشوار حليحل فحسب، بل فلسطينياً وعربياً وإقليمياً، بل ودون مجاملة أو تردد، يُنافس عالميّاً.

ويبدو أن حليحل منشغل على الدوام بتقديم ما يجعله يتفوّق على نفسه.. يقول: يؤرقني في كل عمل تقديم الجديد، فكلّ عمل أقدمه لابد أن أقدّم لنفسي أولاً ما هو مختلف عمّا قدمته في السابق، ليكون مُبرّراً لي قبل الآخرين تقديم عمل جديد بالأساس، وإلا فإنني أسكن المنطقة المريحة، ولا أريد ذلك، لأنها في النهاية منطقة قاتلة للفنّان، لذا أنا دائم البحث عن تجديد ذاتي.

وتابع لـ”منصة فلسطين الثقافية”: أؤمن بأنّ على الفنّان طوال الوقت التعرّف على حدوده، بل وتجاوزها.. على الفنان أن يحاول استفزاز نفسه، وإلا بقي يدور في ذات الدوائر، وهذا ما ينطبق، بالنسبة لي، تقنيّاً لجهة التمثيل الفردي في “المونودراما”، فبدأتْ تتسع مساحات الحوار على حساب السرد، بحيث تتناوب الشخصيّات التي أتقمصها في جسد واحد على الحديث دون إشارات أو فواصل واضحة إلى التنقّل ما بينها، وتظهر ضمناً بالتجسيد، وهي تقنية صعبة للغاية.

سير ذاتية على الخشبة

وقدّم حليحل في مشواره العديد من السير الذاتية بطرائق مسرحية عدّة، أحدثها مونودراما “طه”، ويعرضها أيضاً، مساء اليوم، في إطار مهرجان “وين ع رام الله” بنسخته الرابعة عشرة، وعلى خشبة المسرح البلدي، وكتبها من وحي سيرة الشاعر الفلسطيني طه محمد علي، وقبلها كان قدّم شخصية نجيب نصّار في مسرحية “صاحب الكرمل”، وقبلهما جسّد شخصية “الظاهر عمر الزيداني” في مسرحية “قناديل ملك الجليل” عن رائعة الروائي إبراهيم نصر الله، ومن إنتاج المسرح الوطني الفلسطيني (الحكواتي).

وعن ذلك قال حليحل: ما حدث إبّان النكبة جعلنا مشغولين فقط بنتائجها، ونسينا فنيّاً، أو مسرحيّاً، أنّنا كنّا بشراً بغض النظر عن الاحتلال وعن النكبة، وهو تاريخ لم يتم معالجته فنيّاً بالشكل المطلوب، بل لم يتم التطرق إليه، بحيث لم نُظهر بالشكل الكافي طبيعة ما كانت عليه فلسطين قبل عام 1948، فتاريخ فلسطين أكبر وأعرق وأقدم بكثير من النكبة على مأساويّتها ومأساوية تبعاتها المستمرة، وهو ما عمدتُ إلى التأكيد عليه من خلال تجسيدي لشخصيّات بعينها من حقب تاريخية متعددة، تعكس ذلك التاريخ، وإنسانيّة الفلسطيني وحضارته أيضاً، فالعودة إلى مثل هذه الشخصيّات مهم لأفهم نفسي، وحضوري في هذا العالم، كعامر وكفلسطيني.

محمود درويش

وثمّة علاقة خاصة يلحظها من يتابع مسيرة حليحل المسرحية والفنيّة عامة مع نصّ محمود درويش الشعري، وهو ما تجلّى مؤخراً، حين قاد رفقة مجموعة من الفنانين لوحة أدائية تحاكي قصيدة “مأساة النرجس ملهاة الفضة” بلازمتها الشهيرة “الأرض تورث كاللغة”، في حفل افتتاح النسخة الرابعة عشرة من مهرجان “وين ع رام الله”، وكذلك المشاركة الخاصة له في أداء نصوص درويشية في العرض الختامي الفلسطيني الأميركي لمهرجان رام الله للرقص المعاصر تحت عنوان “أرى لا أرى”، قبل أشهر قليلة.

“علاقة المسرح بالشعر لا انفصام فيها، فالمحطات التأسيسية للمسرح في العالم كان لها علاقة مباشرة مع الشعر، وعلاقة قصائد درويش مع الناس كانت واضحة خاصة في المراحل المتقدمة، فهو لا يكتب لنفسه، ورغم أنه لا يخطاب الجمهور مباشرة، لكن ثمة وعي في التوجه لديه بأن هناك جمهوراً يتلقى نصوصه هذه، وذلك لكونه كان شاعراً جماهيرياً ربّما، بحيث ارتبط بظهور كبير على المنصّات المختلفة أمام جمهور في ومن كل أنحاء العالم، وهذا انعكس برأيي على طبيعة ما يكتب، أي النفس المسرحي في قصائده أو الروح المسرحية، كما أن قصائده لطالما حملت أسئلة ذات بعد إنساني عميق وكوني، علاوة على حرفة الكلام لديه، التي هي من أعلى المستويات في الشعر العربي، فمَلكة الكلام لديه تختلف عمّن سواه، دون التقليل من الآخرين، لجهة تطوّر اللغة وتطويعها، ولجهة المواضيع التي يتناولها، والبعد الإنساني في قصائده، وبحثه الدائم عن الأسئلة ما يتقاطع مع كينونة المسرح، وكذلك حضور الفعل في نصوصه، والذي هو صديق الخشبة”.

حلم “ريتشارد الثالث”

وما بعد “الهوتة”، والنسخة الفرنسية التي بدأ عرضها على المسارح الباريسيّة وغيرها من مونودراما “طه”، كشف حليحل لـ”منصة فلسطين الثقافية” أنه يعدّ لعرض جديد مع فرقة سراج بعنوان “الجبل”، كتبه الروائي والكاتب علاء حليحل، وهو عبارة عن مغناة لا تخلو من حبكة دراميّة مختلفة وخاصّة، كما كشف أنه يعمل على تقديم مشروع لطالما تأجل لأكثر من مرّة، ويتعلق بتقديم “ريتشارد الثالث” إحدى روائع شكسبير، ولكن كعمل منفرد (مونودراما)، وبطريقته الخاصة، فهو “مغرم بتجسيد هذه الشخصية منذ كنتُ طالباً في الجامعة، باعتبارها شخصية مركبّة للغاية”، لافتا إلى أن “ريتشارد الثالث” هي المسرحية الأكثر إنتاجاً لشكسبير في العالم منذ كتبها، على عكس المتوقع والسائد الذي يشير إلى أن “هاملت” هي من تحمل هذا السَبَق.

اقرأ أيضاً: ثلاث قنابل موقوتة تنتظر الجيش الإسرائيلي

ثلاث قنابل موقوتة تنتظر الجيش الإسرائيلي

أقلام _ مصدر الإخبارية

بقلم| جمال زحالقة 

اضطر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى إصدار بيان مشترك مع وزير الأمن، يوآف جالانت، جاء فيه أن “رئيس الحكومة ووزير الأمن يعملان بتعاون وثيق ويقدمان الدعم الكامل لرئيس الأركان وضباط الجيش، لضمان أمن الدولة ومواطنيها”.

جاء ذلك بعد شيوع أخبار “صراخ” نتنياهو على رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال هرتسي هليفي، وتوبيخه القيادات العسكرية، بسبب الأنباء عن تراجع جهوزية الجيش، مطالبا بمنع التسريبات عن حالة الجيش، وبالقيام بما هو لازم لجعل الجيش جاهزا.

لقد حاول نتنياهو الامتناع عن إصدار بيان كهذا لأنّه غير راض عن قيادة الجيش، ولكن التصريحات المتتالية لمقربيه ولقيادات في الائتلاف الحكومي ضد المؤسسة الأمنية، حشرته في الزاوية وجعلته يخرج عن صمته، ويدعم الجيش، من دون أن يدين أو يتطرّق إلى الهجوم عليه.

لقد وصل الشرخ الإسرائيلي الداخلي إلى الجيش، الذي تضرب به حملات رفض الخدمة يسارا، وتصريحات بعض قادة الائتلاف الحكومي والمستوطنين يمينا.

وبدا هذا الأسبوع أن هذا الجيش بدأ يفقد من قدسيته ومكانته، إضافة إلى تواصل التراجع في جهوزيته وتماسكه الداخلي، وإلى انخفاض المعنويات والمزيد من تآكل الردع. وفي ظل تواصل تنفيذ مشروع “الانقلاب القضائي”، تطلق القيادة العسكرية صرخات استغاثة بطلب وقفه لأنّه يدمّر الجيش، فيرد عليها اليمين السياسي والإعلامي بأن هذا بمثابة “انقلاب عسكري” على حكومة منتخبة.

ومع صعوبة المأزق الحالي للجيش الإسرائيلي، الذي يعصف بقوّات الاحتياط الجويّة والبرية والبحرية والمخابراتية، وحتى القوات النظامية ذاتها، فإن المقبل أصعب بكثير وبما لا يقاس، وقد تصل الأمور إلى شرخ داخلي أعمق وأوسع بكثير، وإلى أزمة دستورية غير مسبوقة، تضع الأجهزة الأمنية أمام خيار الانصياع، إما لأوامر الحكومة أو لقرارات المحكمة، التي قد تقدم على إلغاء كل أو بعض قوانين “التعديلات القضائية”.

المحكمة أم الحكومة؟

بعد قرار الكنيست، في الشهر الماضي، تمرير قانون “إلغاء حجّة المعقولية”، الذي يلغي الرقابة القانونية على التعيينات والقرارات الحكومية، قُدّمت عدّة التماسات إلى المحكمة العليا لإلغاء القانون، لأنّه غير دستوري. وقررت القاضية إستير حيوت رئيسة المحكمة، إجراء المداولات في أيلول(سبتمبرر)  المقبل، بمشاركة جميع قضاة المحكمة العليا الـ15، نظرا لأهمية الموضوع.

وفي عدّة مقابلات لوسائل إعلام أجنبية، ورغم الإلحاح في السؤال، رفض نتنياهو الالتزام مسبقا بالانصياع لقرار المحكمة، وتهرّب قائلا، إن المحكمة تعرف أن لا صلاحية لها بإلغاء قانون أساس له مكانة دستورية.

هو يعرف طبعا أن هناك مبدأ قضائيا عاما يقضي بحق المحكمة إلغاء “تغيير غير دستوري للدستور”، وقد جرى استعماله في عدّة دول، ولكن هذا لا يمنع وزراء في حكومة نتنياهو من التصريح سلفا بأن الحكومة ترفض تدخل المحكمة في القوانين الأساس ذات الطابع الدستوري.

إذا قررت المحكمة فعلا إلغاء القانون، ورفضت الحكومة قبول قرارها، فسوف تنشأ أزمة دستورية من الوزن الثقيل.

وهناك شبه إجماع لدى القيادات الأمنية السابقة، التي تعبّر إلى حد كبير عن الأجواء في الجيش والموساد والشاباك، بأن الخيار يجب أن يكون الامتثال للمحكمة وللقانون، وليس للحكومة ولقراراتها.

وقد صرّح رئيس الموساد السابق تمير فيردو، ردّا على سؤال في القناة 12 الإسرائيلية السبت الماضي، بأن على رئيس الموساد أن “يسلّم المفاتيح” لنتنياهو إن هو رفض الانصياع لقرار قضائي. وذهب بعضهم إلى أكثر من ذلك في الإصرار على أن على القيادات الأمنية أن تقف مع المحكمة ضد الحكومة، جهارا وعلنا، مبدئيا وعمليا، حتى لو أدّى ذلك إلى صدام مع الحكومة.

أكثر ما يقلق النخب العسكرية الإسرائيلية هو سقوط الحماية التي توفّرها المحكمة العليا الإسرائيلية لجرائم الحرب، وفقا لمبدأ “الاستكمال” في القانون الدولي

هناك مؤشّرات قويّة بأن المحكمة قد تلغي القانون، خاصة أن المستشارة القضائية للحكومة رفضت الدفاع عنه أمام المحكمة، وهذا الموقف له وزن وتأثير كبيران على القضاة.

وإذا دخلت الدولة الصهيونية في أزمة دستورية بين الحكومة والمحكمة، فإن الأزمة في الجيش والمخابرات ستكون مضاعفة، خاصة أن النخب الأمنية ترى نفسها ملزمة بالامتثال للقرارات القضائية والدفاع عنها، وهي تعتبرها معركتها الأخيرة، إن هي خسرتها انتهى أمرها.

قانون الإعفاء من التجنيد

الاسم الرسمي لهذا القانون هو “قانون التجنيد”، لكنّه في الحقيقة ينص على إعفاء الشباب اليهود، الذين ينتمون إلى التيار الديني التوراتي (الحريديم) من الخدمة العسكرية، حتى يتفرّغوا للدراسة الدينية، ويثير هذا القانون غضبا كبيرا في صفوف المعارضة وأوساط واسعة في الشارع الإسرائيلي، لما يعتبرونه عدم الإنصاف في توزيع الحمل، فهناك إعفاء لمجموعة، وفرض خدمة عسكرية إجبارية على مجموعة أخرى.

وترد عليها قيادة الأحزاب الدينية بأن “دراسة التوراة تحمي شعب إسرائيل لا أقل من الخدمة العسكرية”، وقدّمت قانونا يمنح دارسي التوراة مكانة وحقوق الخادمين في الجيش. ويتوقّع المحللون الإسرائيليون أن تمرير قانون “الإعفاء من الخدمة” سيثير غضب الجنود، ويشجّع ظاهرة التهرّب من الخدمة الإلزامية، ويمنح الشرعية لرفض الخدمة. ويبدو أن قيادة الجيش حذّرت نتنياهو من تداعيات هذا القانون، فسارع، بعد اجتماعه معها، الأحد الماضي، إلى الاجتماع بقيادة الأحزاب الدينية التوراتية، واقترح عليها إدخال تعديلات إلى القانون للتخفيف من حدّة تأثيره “السلبي” على الجيش وعلى الوحدات القتالية.

نتنياهو لا يستطيع تأجيل سن القانون، فسريان مفعول القانون السابق انتهى مطلع تموز(يوليو) الماضي، ولا إعفاء لأحد من الخدمة العسكرية، والشباب المتدينون (الحريديم) يعتبرون بحكم القانون “هاربين من الخدمة”، وما يمنع اعتقالهم هو إجراء مؤقت بناء على قرار حكومي خاص.

الأحزاب الدينية التوراتية ترفض أي تعديل في القانون، وهي تربط دعمها لمشروع “التعديلات القضائية”، بتمرير قانون “الإعفاء من التجنيد” مع ضمانات قانونية ملزمة تمنع المحكمة من إلغائه.

كما تصر هذه الأحزاب على البدء بسن هذا القانون مع مطلع الدورة الشتوية للكنيست في تشرين الأوّل (أكتوبر) المقبل.

من المؤكّد أن تمرير هذا القانون سيزوّد الاحتجاجات بالمزيد من الوقود، ويزيد التوتّر القائم ويثير مشاكل جديدة في الخدمة العسكرية في الدولة الصهيونية.

قانون تعيين القضاة

في مقابلاته الصحافية مطلع هذ الشهر صرح بنيامين نتنياهو بأن حكومته تنوي سن “قانون تعيين القضاة”، ولن تطرح غيره من قوانين “التعديلات القضائية. وحدد شهر كانون الأول (ديسمبر) المقبل للشروع في سنّه، معربا عن أمله، ومشكّكا في الوقت نفسه، بإمكانية التوصل الى توافق مع المعارضة بشأنه.

وينص القانون المقترح على منح الحكومة سلطة مطلقة على تعيين القضاة، عبر تغيير تركيبة لجنة تعيين القضاة.

والهدف القريب لحكومة نتنياهو هو تعيين قضاة محافظين في المحكمة العليا لضمان أغلبية غير ليبرالية فيها. هذا القانون تحديدا هو أكثر ما يثير الاحتجاج والمعارضة، لأنّه يعني عمليا ورسميا القضاء على استقلالية القضاء، ويمنح الائتلاف حريّة سن قوانين بلا رادع الخشية من إلغائها.

وقد أكّد عدد كبير من ضباط وجنود الاحتياط أنهم يرفضون الخدمة في حال مرت قوانين “التعديلات القضائية” وفي مقدمتها هذا القانون تحديدا، ولكن أكثر ما يقلق النخب العسكرية الإسرائيلية هو سقوط الحماية التي توفّرها المحكمة العليا الإسرائيلية لجرائم الحرب، وفقا لمبدأ “الاستكمال” في القانون الدولي. وينص هذا المبدأ على عدم تدخل المحاكم الدولية في حال توفّر محليا قضاء مستقل وقوي وعادل، ويخشى الطيارون وجنود وضباط القوات البرية والبحرية، من أن المحاكم الدولية ستفسّر ما يحدث في إسرائيل بأنّه إسقاط لمبدأ الاستكمال، ما قد يعرّضهم للملاحقة والمحاكمة بتهمة ارتكاب جرائم حرب، لن يكون من الصعب إثباتها في محاكمات عادلة.

يعاني الجيش الإسرائيلي من أزمة حادّة، وهي مرشّحة للمزيد من التفاقم تبعا للتطوّرات المقبلة، ويبدو أن ظاهرة رفض الخدمة أوسع وأشد مما يجري نشره في وسائل الإعلام، وهذا ما قاله أكثر من معلّق عسكري في الأيام الأخيرة.

فإلى جانب الذي يعلنون موقفهم ويوقّعون على العرائض، تنتشر ظاهرة الرفض الصامت بحجج مختلفة. ما يحدث في الجيش الإسرائيلي هذه الأيام هو تطوّرات غير مسبوقة، وهناك من يعتبرها أصعب أزمة يمر بها منذ تأسيسه. الجيش في الدولة الصهيونية ليس مجرد ذراع أمني، بل هو الذي يعرّف الهوية ويرسم حدود المواطنة “الكاملة” مقابل المواطنة المنقوصة، ولغة الجيش متغلغلة في المجتمع بكل مستوياته، وقيمه ومفاهيمه هي السائدة. وإذا وصل الانقسام الإسرائيلي إلى صفوف الجيش، فهذا دليل دامغ على عمق الشرخ وشدّة مأزق الدولة والمجتمع. السؤال قصير المدى هو هل سيدفع النخب الإسرائيلية إلى مغامرة عسكرية في محاولة لرأب الصدع؟ والسؤال على المدى المتوسّط هو هل سيؤدّي كل هذا بالمجتمع الإسرائيلي إلى إعادة التفكير في النزعة العدوانية الإجرامية لجيشه؟ الأجوبة تبقى احتمالية، ولكن المؤكّد أن أزمة بهذا العمق وبهذه السعة لا يمكن أن تمر بلا أثر كبير على المدى البعيد.

عن القدس العربي

عن توقّعات موت العلمانية في إسرائيل

أقلام _ مصدر الإخبارية

بقلم| أنطوان شلحت

مع استمرار الأزمة التي تشهدها إسرائيل على خلفية ما يوصف بأنه “انقلاب قضائيّ” تدفع قدما به الحكومة الحالية، تتكرّر الحاجة إلى تأكيد أن قوة التيار اليمينيّ الاستيطانيّ القومي والديني، الذي تشكّل أطيافه ائتلاف هذه الحكومة، تشهد تصاعدًا مستمرًا منذ نحو عقدين، ما يؤجّج مساعيه إلى الهيمنة والتحكّم أكثر فأكثر في وجهة إسرائيل المستقبلية من طريق إنجاز موضوعين رئيسيين: الأول، حسم الصراع مع الفلسطينيين، ولا سيما ما يرتبط بمستقبل الأراضي المحتلة منذ 1967 بما يؤول إلى مأسسة الضم ونظام الأبرتهايد، والثاني، ترسيخ هوية الدولة وطابعها “دولة قومية يهودية”.

ولا يخفي الناطقون بلسان هذا التيار غايتهم هذه منذ أعوام، فمثلًا قبل ثمانية أعوام نُشر تقرير موسّع في صحيفة “مكور ريشون” اليمينية تحت العنوان الموحي “بعد بضعة أجيال: هل نحن في طريقنا إلى دولة دينية؟”، أشير فيه، من ضمن أمور أخرى، إلى أن هذا السؤال هو المركزي الذي يشكّل هاجس أوساط مهتمة بمستقبل إسرائيل وسيرورات تطوّرها الديموغرافي والاجتماعي، كما أنه يستبطن أسئلة ثانوية أخرى منها: هل سيصبح المتديّنون أغلبية في الدولة؟ وهل سيتلاشى المجتمع العلماني ويختفي؟ وهل باتت إسرائيل في مستهلّ سيرورةٍ ستنتهي بهجرة كثيفة للعلمانيين؟

لعل أكثر ما يستدعينا لأن نستعيد هذا التقرير أن التساؤلات السالفة جرى طرحها على مجموعة من المثقفين وعلماء الاجتماع والحاخامات اليهود الإسرائيليين، ولدى جمع إجاباتهم عليها، واستمزاج مواقفهم وآرائهم، خلصت كاتبة التقرير إلى أن حصيلة ذلك إبراز “المأساة العلمانية كما تتجسّد أمامنا، وهي تكمن في الخوف من يومٍ مقبلٍ تصبح فيه العلمانية غير ذات معنى أو أهمية، وتتحوّل إسرائيل إلى دولة شريعة أصولية يديرها متديّنون”! بما يستدعي، بل يحتّم، في نظرها، طرح سؤال آخر: هل سيبقى ثمّة علمانيون في إسرائيل بعد 20 عامًا؟، أو هل يمكن الحديث، منذ الآن، عن موت العلمانية في إسرائيل؟

ومثلما أشار كاتب هذه المقالة مرارًا، لا يمكن الحديث عن مجتمع دولة الاحتلال وما يعتمل في داخله من تحوّلات بمعزل عن السياق السياسي العام. ووفقًا لهذا التقرير، ترتبط التحوّلات المُشار إليها بالتطرّف القوموي ـ اليميني المتصاعد باستمرار، إلى جانب اعتداءات وانتهاكات أخرى تطاول سلطة القانون وحقوق الأقليات، غير أن بيت القصيد هو تأكيد بعضهم أن هذه التحوّلات ناجمة عن تصاعد قوّة المواطنين العرب وازدياد وزنهم، ما يدفع كثيرين من اليهود إلى البحث عما يصفونها “هوية مميزة” و”قاسما مشتركا واسعا”، علاوة على ما في ذلك من ردّة فعل على الوضع الأمني.

على المستوى الخاص بالعلاقة الداخلية بين اليهود، المحور الأهم هو محور العلاقة بين المتدينين والعلمانيين. وفي هذا الصدد، المقاربة السائدة بين المتدينين اليهود هي أن السبب الأبرز للتحوّل نحو التديّن يتمثل في الشعور بالخواء والملل في عالم العلمانية. وصاحب هذه المقاربة هو أحد مفكّري الصهيونية الدينية، الحاخام والأكاديمي موشيه راط، الذي يشدّد على أن ما ينعته بأنه “اليسار العلماني” حكم الدولة طوال عشرات الأعوام، وإن خسر فيبدو أن ثمّة سببا وجيها لذلك! ويضيف: “إننا نرى في أوروبا أيضا أنه كلما اتّسعت العلمنة والإلحاد تضاءلت معدّلات الولادة، بينما يهاجر العرب إلى هناك ويسيطرون!”.

وردّا على سؤال آخر عما إذا كان يعتقد إن إسرائيل ليست في حاجة إلى علمانيين، قال راط: “لا أعتقد أننا في حاجة إلى علمانيين. وبنظرة إلى الوراء، يمكن القول كما قال الحاخام كوك إن دور العلمانية كان ضروريًا في المرحلة التي لم تكن فيها اليهودية قادرةً على تدبّر أمور إدارة الدولة والجيش… أما وقد أصبح المتدينون يحتلون جميع هذه المواقع، فبالإمكان القول إن العلمانية قد أنهت مهمّتها التاريخية. كل ما قامت به يستطيع القيام به اليوم أشخاص متديّنون… وأعتقد أن العلمانية في العالم أجمع استنفدت ذاتها، ونظرًا إلى أنها تقود إلى نوع من التدمير الذاتي، يبدو من الأجدى الانتقال إلى المرحلة التالية”!

عن مجزرة تل الزعتر

أقلام – مصدر الإخبارية

نشر الكاتب والمخرج محمود صباغ على صفحته على فيس بوك ما كتبه يوسف عراقي عن مجزرة تل الزعتر في 12 أغسطس (آب) 1976.

في الصباح كنت أنوي الذهاب إلى المستشفى لإحضار بعض كتبي من هناك، وفجأة دوى قصف ليس ببعيد عنا. وجاء محمود وأحمد الممرضان ليخبراني أنهما جاءا من المستشفى ولم يستطيعا الوصول لأن الفاشيين قد طوقوه وقتلوا كل من كانوا هناك: الجرحى، والأهالي الذين كانوا يستعملون قسما منه كملجأ.

وكنا ما زلنا في دوامة الاتفاق، وطلقات الرصاص والقذائف تنطلق، إنها خدعة وليس اتفاقا. وتنشب معركة كبيرة عند مركز الطوارئ بين المقاتلين، والمركز يكتظ بالجرحى والنساء والأطفال الذين حضروا للاحتماء عندنا، ولكن.

وبينما كنا و (الدكتور) عبد العزيز (اللبدي) والممرضون نحاول ترتيب أمر نقل الجرحى من المركز إلى بناية مجاورة إذا بأعداد من مقاتلي الفاشيين كانوا قد وصلوا لنا من جهة الشمال من محاور الدكوانة. وطلبوا منا التقدم. سرنا ومعنا جرحانا نحملهم على ما توفر من حمالات وأبواب خشبية وتوجهنا, بعد أن أخبرونا أن الصليب الأحمر ينتظرنا. وكان خروجا إلى الموت.

كانت أعداد من الناس والأطفال بدأت تخرج، وكان الممر إجباريا. سرت والطبيب السويدي وزوجته وكان الممرضون يتبعونني, وهم يحملون الجرحى. أوقفنا اثنان من الفاشيين إلى الحائط بعد أن أمروا جميع الممرضين والأطباء أن يقفوا إلى الحائط، وشعرت أنها لحظاتنا الأخيرة. يريدون أن يطلقوا النار علينا. وفيما هم منشغلون في الحديث, دعوت الممرضين إلى التحرك بسرعة والاختفاء بين جموع الأهالي الخارجين. وأخبرت من كان حولي منهم بأن يقلع المريول الأبيض وشارة الهلال والصليب لأنني عرفت أمرا يدبر للطاقم الطبي. ولكنا لم نستطع تفادي الحواجز الكثيرة.

وبدأ الوضع يصبح أكثر خطورة كلما تقدمنا، والفاشيون يطلقون النار فوق رؤوسنا وبين أرجلنا. وكانوا يفتشون ويأخذون كل ما نحمل من ساعات ونقود حتى وصلنا طريقا إجباريا وكانت هناك أعداد من المسلحين الفاشيين. أوقفونا جميعا بعدما عرفوا أنني الطبيب وأن الممرضين معي. وحاولوا إطلاق النار علينا فورا جميعا. وفجأة أحد مقاتلي الفاشيين قد تقدم نحوي، ويناديني د. يوسف، يوسف.

لقد تعرف علي وأخذ يعرفني بنفسه. وأنا من هول ما أشاهد لم أستطع النطق. وذكرني بأنني أجريت له عملية جراحية وأنقذته بينما كان في حالة خطرة ذات يوم عندما أحضر إلى المستشفى قبل الحصار الأخير. حاول إنقاذي, ولكن الفاشي الآخر كان يريد إطلاق النار وجرت مشاجرة بينهما, وفجأة يبرز من الباب وجه مألوف إنه الملازم راجح. وهو من جيش التحرير الفلسطيني الذي كان داخل المخيم. هرع إلي وعانقني. وحسم الموقف وقدم نفسه على أنه ضابط سوري. حاولت جاهدا السعي لإنقاذ الممرضين والجرحى ولكن من دون جدوى.

قادوني إلى مدخل البنايات حيث أجلسوني ليمر أمامي الشريط، المجزرة. كنت أسمع أصوات الصيحات تنطلق من خلف البناية بعدها شاهدت الفاشيين وقد أوقفوا الممرضين طابورا، اثنين اثنين وأمروهم بالسير إلى الأمام حيث لم أستطع رؤيتهم. ولم أنس نظرات خالد ذلك الممرض المتطوع كانت عيناه تقول الكثير لي ولكنني لم أستطع عمل أي شيء. وأحضروا الأطباء السويديين إلى الداخل. بعد قليل خرج أحد الفاشيين يحمل بندقية كبيرة وسمعت صليات كثيفة وصراخا، وخيم بعدها الهدوء. وكان هناك ممدوح وخالد وصبحي وبقية الممرضين ويقينا أنهم أطلقوا عليهم النار جميعا.

مر شريط المجزرة أمامي رهيبا. كانوا يأخذون الأهالي جماعات ليطلقوا النار عليهم. وكان أحد الفاشيين ضخم الجثة. وقد تعتعه السكر. يحمل سكينة كبيرة ملطخة بالدماء. ويأتي كل بضع دقائق ليمسح السكينة الملطخة بدماء الأهالي بقميص من كان يجلس عند الباب منهم. لقد كان يذبح كما يذبحون الغنم. وبعدها يبدأ التفتيش في جيوب الضحايا عن أشياء. لقد كان منظرا رهيبا وقذرا في لحظة تتجمد فيها العاطفة. كانوا يأخذون من الناس كل شيء.

ونيس الجريح مصاب برجله. وكان خارجا على عكازتين ورجله في الجبس. انهالوا عليه ركلا بأقدامهم ثم رموه أرضا. ومن بنادقهم الخمس زرعوا جسمه بالرصاص. كنت في هذه اللحظة أفكر بالدكتور عبد العزيز وباقي الممرضين. فإني لا أعرف مصيره. بعد حوالي 45 دقيقة تقريبا. جاءنا مسؤول الأمن الفاشي مع أحد عناصره ليأخذنا أنا والطبيبين السويديين والضابط السوري. وكان خروجا رهيبا. ومشينا في الطريق المؤدية خارج المخيم. تبلغ حوالي 300 متر ولكن كانت أطول طريق في حياتي.

كانت جثث الأهالي الأبرياء متناثرة في ذلك الطريق، كانت هناك جثث الشيوخ، وجثث الأطفال. ورأيت جثة امرأة حامل وقد أطلقت عليها النار في بطنها. والدم ينزف منها. وتتوالي الجثث أمامي والطريق تطول وتطول. وفي نهاية الطريق كانت هناك آلياتهم والفاشيون يتلذذون بمنظر القتلى. أخذوني في سيارة إلى مقر القيادة، وهناك أدخلت إلى مكتب الشيخ أمين الجميل. نظر إلي هازئا وقال بعد أن قدمت إليه بأنني طبيب المخيم “أنظر تقولون إنني فاشي ويدي ملطخة بالدماء وها هي نظيفة”.

بعد أن سلموا علي غسلوا أيديهم بالكحول. كانوا ينظرون إلي كما لو أني قادم من كوكب آخر، لم يكونوا ليصدقوا أن هناك بشرا داخل المخيم. كانوا يظنون أنهم يقاتلون أشباحا، فالمخيم كان مدمرا كليا. أين الناس إذا؟ أين المقاتلون؟ كانوا يسألون أسئلة ساذجة. وهناك رأيت الصليب الأحمر الدولي. أخبرت مندوبهم أن الدكتور عبد العزيز -ومعه مجموعة ممرضين- كان يتبعني ولم أعد أعرف مصيره. وفورا اتصل بجهاز لاسلكي، وتحركت سيارة إلى منطقة الدكوانة لإنقاذ عبد العزيز والممرضين, كان هناك جمع من الصحفيين ومراسلي وكالات الأنباء ينتظرون، أجروا معنا لقاء بعد جهد جهيد لأن الفاشيين كانوا لا يريدون الإدلاء بأي تصريح، كانوا يريدون التكتم علينا حتى لا يعرف مصيرنا.

وبدؤوا معي التحقيق وحضر أحدهم:

– أنا الدكتور ريشا… مسؤول الإقليم الطبي.

– أهلا وسهلا.

– الدكتور يوسف أنت متهم بالتمييز في معاملتك بين الفلسطينيين واللبنانيين، والمسيحيين والمسلمين.. كنت لا تسعف اللبنانيين وتسحب منهم الدم حتى الموت لتعطيه للفلسطينيين. وضحكتُ لهذا الادعاء.. وكانت أعصابي في تلك اللحظة غير متوترة.. كنتُ أتكلم بهدوء.. كنت مسبقا قد حسمت قضية الحياة والموت، ولذلك قلت له:

– أنت تعرف ما هو سبب وجودي هنا.. لقد أنقذني أحدكم لأنني ذات يوم أجريت له عملية جراحية وأنقذته, وهذا دليل كاف على عدم تمييزي بين الناس.

– هناك شخص يعرفك وهو هنا في الغرفة المجاورة ويشهد بأنك كنت تميز ولم تسعف قريبه ذات يوم حتى مات. كنتُ واثقا من نفسي تماما، ولذلك شعرت أنهم يخوضون ضدي حربا نفسية خاسرة، وقلت له:

– أنا مستعد للمواجهة، ولكن عندي بعض الأمور سأواجهكم بها.

وسردتُ له مجموعة ممن يصفهم حسب الدين والجنسية.. فقاموسهم مليء بتلك المصطلحات. و(أبلغته) كيف أجريتُ لهم عمليات جراحية وكيف أنقذتُ حياتهم وأوصلتهم إلى ذويهم سالمين.. وواجهته بالأسماء.. سردتُ عليه قصة الجريح الذي أصيب في رأسه برصاصة اخترقت عينه وكادت أن تكون قاتلة، وكيف أجريت له العملية وكيف أن المقاتلين تبرعوا له بالدم.. كنتُ دائما أسألُ عن مصير الدكتور عبد العزيز، وأقاطع حديثهم لأسأل عنه, ويقولون: لا تخف, سيحضر.

وحوالي الساعة الثانية بعد الظهر, أحضروه.. ووجهوا له نفس الأسئلة التي كانت وجهت لي في غرفة أخرى. عرفتُ ذلك فيما بعد, وكانت تجول في خاطري في تلك اللحظة مصير الأخوات الممرضات.. لقد قتلوا مجموعة من الممرضين أمام ناظري، وقتلوا جميع من حملنا من جرحى.

كنتُ أفكر في مصير بهاء التي كانت بجانبي وكانوا يطاردونها.. وفريال وقد حملت لي الحقيبة.. وفاديا التي لم أرَها منذ خروجنا من مركز الطوارئ. وتمر أمامي الهواجس وأتخيلهم جميعا وقد قتلوا.. وكذلك الدكتور عبد العزيز.

كانت الساعة الثالثة بعد الظهر عندما شاهدت قوات الأمن العربية وكنا في انتظارهم منذ التاسعة صباحا.

ومن على شرفة الغرفة كنت أشاهد مظاهر الابتهاج ليس بالانتصار، بل بالنزعة السادية. يتلذذون بمنظر السحل والذبح والقتلى. ويحضر الدكتور حسن صبري الخولي ممثل الجامعة العربية ويتفاوض مدة طويلة مع أمين الجميل. لإخلاء سراحنا. وفي السادسة مساء استقللنا سيارة الدكتور حسن صبري الخولي. يقودها الشيخ أمين الجميل بنفسه. عبر المنطقة الشرقية حيث الحواجز الكثيرة التي بلغ عددها 12 حاجزا. من سلم من المجزرة على مداخل المخيم قتل وسحل على هذه الحواجز.

وصلنا منطقة المتحف وهي الخط الأخضر الفاصل بين طرفي بيروت. وهناك نزل أمين الجميل. كان منظرا رهيبا لتلك الحواجز وتلك الجثث. ولا أعرف ماذا حل بي لو لم يكن أمين الجميل معنا. علني كنت ضحية السكين التي طالت الكثيرين وجثثهم مترامية على جانبي الطرقات.

نتابع سيرنا إلى بيروت الغربية ونحن غير مصدقين أننا أفلتنا من قبضة الفاشيين. وكان مندوب الصليب الأحمر قد سبقنا ونزل من سيارته. ركض باتجاهنا, وكان بيني وبينه عناق طويل.

يوسف عراقي/ 12 آب 1976

(عن صفحة محمود صباغ على الفيس بوك)

اقرأ أيضاً: بيان للجبهة الديمقراطية في ذكرى مجزرة تل الزعتر

ميدالية باروخ غولدشتاين الذهبية!

أقلام – مصدر الإخبارية

ميدالية باروخ غولدشتاين الذهبية!، بقلم المختص في الشؤون الإسرائيلية توفيق أبو شومر، وفيما يلي نص المقال كاملًا كما وصل موقعنا:

اقتحمت مجموعة من أنصار الحاخام، إليعزر بيرلند يوم 4-8-2023 الدير المسيحي، ستيلا ماريس في حيفا، وقاموا بالصلاة أمامه ثم داهموه، وعبثوا بمحتوياته، وأساؤوا إلى رعاته، بادعاء أن الدير مقام فوق قبر النبي إيليا. للأسف، مر هذا الخبر علينا كما مر غيره مئات المرات!

إليكم قصة هذا الحاخام كما وردت في الصحافة الإسرائيلية: «أدين، إلعيزر بيرلند وهو الحاخام الحسيدي من طائفة، (شوفو بانيم)، المولود عام 1937 بتهمة ارتكاب جريمتي قتل شابين يهوديين، إحداهما لشاب عمره 17 سنة جرى اختطافه، ثم قتله وهو، نسيم شتريت عام 1986م والشاب إبراهام إدري على يد (فرقة العفاف الدينية) التي يقودها الحاخام إليعيزر نفسه! وأدين الحاخام أيضا في قضايا التحرش الجنسي والرشوة والتهرب من الضرائب، وغسيل الأموال، سجن 18 شهرا، كان يعد المصلين بالشفاء من الأمراض إذا منحوه خمسة آلاف شيكل إلى عشرين ألف شيكل. كان يأمر أتباعه بضرب الناس بادعاء مخالفتهم الشريعة». (يديعوت أحرونوت 17-10-2021).

المجرم، إليعزر هو مدير المدرسة الدينية التي تضم 1500 طالب، لها فرع في البلدة القديمة في القدس، هرب من التهم القضائية إلى أميركا وإيطاليا وسويسرا، ثم وصل المغرب ثم طرد منها عام 2013، وسافر للقاهرة، ثم جنوب إفريقيا، طالبت المحكمة الإسرائيلية بتسليمه، غير أنه هرب بواسطة طائرة خاصة مملوكة لأحد أتباعه إلى زمبابوي، ألقي عليه القبض في مطار أمستردام في أيلول 2014، ثم أطلق سراحه، وافقت المفوضية الأوروبية على تسليمه لإسرائيل!

هذا الحاخام الهارب من عشرات التهم فهم أهداف الحكومة الإسرائيلية اليمينية، ولكي يحصل على البراءة من كل التهم السابقة، فإنه اليوم يشارك في مطاردة الفلسطينيين المسيحيين، لنفيهم وتدمير مراكز عبادتهم!
للتذكير فقط فإن التخصص الأول لترحيل الفلسطينيين المسلمين احتكره زعيم العنصريين، إيتمار بن غفير الحفيد الفكري لمائير كاهانا، والحاخام يهودا غلك المختصين بنسف المسجد الأقصى لإقامة الهيكل الثالث مكانه، فهما يركزان جهودهما على ملف المسجد الأقصى بتنظيم مسيرات العنصرية!

أخيرا، إليكم شروط الحصول على الميدالية الذهبية، وهي ميدالية باروخ غولدشتاين الذهبية سفاح الحرم الإبراهيمي عام 1994 وهي تمنح للفائزين في آليات نفي غير اليهود من أرضهم بقتلهم وتشريدهم واغتصاب ممتلكاتهم، وهي:

الشرط الأول: إن ينضم الراغب في نيل الميدالية الذهبية إلى فرق الإجرام والعنصرية، مثل فرقة دفع فاتورة الثمن، أو زهران المستوطنات، أو شبيبة التلال الاستيطانية، أو عصابة لافاميليا، ولهبا، هذه العصابات تحظى بالحصانة! من أبرز جنود هذه العصابات، أليئور عزاريا قاتل الشهيد، عبد الفتاح الشريف 2016 أمام عدسات الكاميرات وهو أعزل، عزاريا اليوم يجوب إسرائيل كبطل تاريخي! أما أحدث مجرم فهو، يحيائيل إندور قاتل الشاب البريء قصي جمال معطان في برقة يوم 4-8-2023. اعتقلته شرطة بن غفير، غير أن أنصاره تجمعوا أمام المستشفى والسجن وهتفوا: (حرروا البطل)!

أما الشرط الثاني فهو، أن يتولى المدانون المجرمون من الحاخامين والمتطرفين تنفيذ الاعتداءات على مراكز العبادة، بأن يحرقوا المساجد والكنائس، ويشجعون طلابهم على البصق في وجه الكهنة المسيحيين في الشوارع العامة وأن يداهموا بيوت الفلسطينيين، في فجر كل يوم يحرقون ممتلكاتهم!

أما الشرط الثالث للحصول على الأوسمة ومحو كل التهم الجنائية للمجرمين الفارين من القضاء، والحصول على الحزام الأسود في الإجرام، والنجاح في انتخابات الكنيست القادمة، هو غزو الأرض المملوكة للفلسطينيين واغتصاب البيوت من مالكيها الأصليين وطردهم، مثلما فعلوا حين طردوا عائلة «صب لبن» الفلسطينية من القدس منذ أيام قليلة، ومن يرغب في الحصول على كأس بطولة إسرائيل في أولمبياد الاستيطان، عليه أن يغتصب أرض الفلسطينيين ويقيم عليها بؤرة استيطانية جديدة!

أقرأ أيضًا: كتب توفيق أبو شومر: لماذا يبصقون علينا؟!

جو بايدن وقلق الخروج من البيت الأبيض

مقال- رجب أبو سرية

منذ العام 1980، دخل البيت الأبيض الأميركي سبعة رؤساء، هم على التوالي: الجمهوريان رونالد ريغان وجورج بوش الأب، والديمقراطي بيل كلينتون، والجمهوري جورج بوش الابن، والديمقراطي باراك أوباما، والجمهوري دونالد ترامب، ثم الديمقراطي جو بايدن، ومنذ ذلك الوقت، وحتى دونالد ترامب، نجح الرؤساء الجمهوريون والديمقراطيون باستثناء جورج بوش الأب في انتخابات الولاية الثانية، حيث لم يخفق منذ الديمقراطي جيمي كارتر الذي مكث في البيت الأبيض رئيساً مدة ولاية واحدة ما بين عامي 1976 – 1980، سوى جورج بوش الأب، وربما كان السبب في ذلك، هو أن نجاحه في خلافة رونالد ريغان، بتوليه الرئاسة ما بين عامي 1988 – 1992، كان تجاوزاً للتقليد الثاني، وهو إضافة إلى نجاح الرؤساء في انتخابات الولاية الثانية، التداول ما بين الحزبين الكبيرين، بتولي كل منهما الرئاسة مدة ولايتين متتابعتين، ثم تولي الحزب الآخر الرئاسة تالياً.

يلاحظ ارتباطاً بتلك الفترة التي عرفت بذلك استقراراً وتداولاً عادلاً للسلطة ما بين الحزبين الأميركيين، أن عقد الثمانينيات، أي خلال حكم ريغان، شهد سباق التسلح ما بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي في ذلك الوقت أوجه، حيث أطلق الرئيس المحافظ ريغان الذي كان يمثل المحافظين الجدد ما سمي حرب النجوم، والتي كانت آخر فصل من فصول الحرب الباردة بين الدولتين العظميين، حيث شهد عهد جورج بوش الأب انتهاء الحرب الباردة بتفكك الاتحاد السوفياتي وانهيار منظومة الدول الشيوعية التي كان يقودها كقطب عالمي، وهكذا فإن العقود التالية قد شهدت استقرارا – كما أسلفنا – ذلك أن قيادة العالم قد سجلت للولايات المتحدة، خلال السنوات ما بين عامي 1990 – وحتى 2016 على وجه التقريب، أي العام الذي تولى فيه ترامب الحكم.

قبل ذلك شهدت ثلاثة عقود تداول السلطة ما بين كلينتون، جورج بوش الأب، وباراك أوباما، بواقع ولايتين لكل منهما، لكن ولاية ترامب بدأت بمحاولة منه لكسر شوكة كوريا الشمالية، لكنه سرعان ما حول بوصلته بتشجيع إسرائيلي إلى إيران، حيث تراجع عن الاتفاق الدولي الذي كان قد وقعه أوباما عام 2015، أي خلال العام قبل الأخير من وجوده في البيت الأبيض، مع مجموعة الدول التي سميت الخمس +1 مع إيران في إشارة إلى الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، وفي محاولة من ترامب لكسب التنافس الاقتصادي بين بلاده والصين، جاء إلى المنطقة العربية، حيث طالب بمئات مليارات الدولارات، كذلك رفع من قيمة الضرائب على البضائع مع حلفائه، بمن فيهم أوروبا وكندا، وجاءت جائحة كورونا لتثقل كاهل الاقتصاد الأميركي، وتجعل من قدرته على البقاء أولاً لعقود قادمة أمراً غير مؤكد.

المهم أن ترامب الذي لم يحقق نجاحاً يذكر، سعى إلى إنهاء الصراع في الشرق الأوسط، لضمان تصويت اليهود الأميركيين، الذي ظلوا ومنذ عهود طويلة، وعبر اللوبي الصهيوني، يؤثرون كثيراً في حظوظ مرشحي الرئاسة والكونغرس، فيما صارت إسرائيل تالياً هي من يتحكم إلى حدود كبيرة في مستقبل الطامحين لدخول البيت الأبيض، لذا قدم ترامب نفسه كأكثر الرؤساء الأميركيين انحيازاً لإسرائيل، وبعد أن شهد العام 1992 ضغطاً صريحاً أميركياً إبان عهد جورج بوش الأب، الذي بإجباره اليميني الإسرائيلي المتشدد في ذلك الوقت رئيس الحكومة إسحق شامير على المشاركة في مؤتمر مدريد رغم الوجود الفلسطيني ضمن الوفد الأردني/الفلسطيني المشترك، أظهر قوة أميركا كزعيم للعالم، شهدت الأعوام التالية «صموداً» إسرائيليا في مواجهة الرؤساء الأميركيين الأقوياء، خاصة كلينتون وأوباما، اللذين حاولا التوصل للحل النهائي ما بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ففشلوا، في ظل حكومات إيهود باراك و بنيامين نتنياهو .

ورغم كل ما قدمه ترامب لإسرائيل، أولاً بنقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس ، متجاوزاً بذلك ما كان يقوم به الرؤساء الأميركيون منذ عقود، باستخدام حق الفيتو ضد قرار الكونغرس بالخصوص، ثم قبول القرار الإسرائيلي بضم الجولان، ثم سعيه المحموم لفرض صفقة العصر، وحين فشل عوضها باتفاقيات أبراهام، إلا أنه رغم ذلك فشل وهو الرئيس في الفوز بالولاية الثانية، وواضح أن ذلك يعود لأسباب داخلية، حيث لم يكف انحيازه لإسرائيل في إبقائه بالبيت الأبيض، ومثل هذا المصير يخشاه الرئيس الحالي جو بايدن وهو في سنته الثالثة من ولايته الأولى، لذا يسعى بشكل جدي ومحموم لدخول معترك الانتخابات وفي جعبته إنجاز ما، وذلك بعد أن أخفق في سياسته الخارجية، التي شهدت محطات بائسة، من سحبه القوات الأميركية بشكل مرتبك من أفغانستان، إلى إخفاقه بسبب الرفض الإسرائيلي في العودة لاتفاقية العام 2015 مع إيران، إلى إحراج إسرائيل له في كل ما تعهد به على الصعيد الفلسطيني، من إعادة فتح القنصلية بالقدس، إلى إعادة فتح مكتب م ت ف في واشنطن، إلى التسهيلات المعيشية وخفض العنف وصولاً لفتح الأفق السياسي.

ثم وقوعه في الورطة الكبرى الناجمة عن دعمه وانحيازه لأوكرانيا، بعد جر روسيا للحرب هناك، بهدف احتواء وإخضاع روسيا، للإبقاء على الصين وحيدة دولياً، ليتمكن منها لاحقاً، ذلك أنه بعد مرور عام ونصف العام على الحرب بين روسيا وأوكرانيا، صمدت روسيا، عسكرياً وداخلياً واقتصادياً، بل بدأت حتى بالتدخل في النيجر، في قلب أفريقيا بمنافسة الغرب مجدداً، على النفوذ الدولي، وليس أدل على ذلك من اللقاء الروسي الأفريقي الذي عقد الشهر الماضي في موسكو، على طريق قمة العشرين، وعشية قمة بريكس التي تضم روسيا والصين مع الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا، وينظر إليها العالم على أنها منافس دولي للغرب.

ومع صعوبة نجاح جو بايدن حتى في التقدم للانتخابات التي ستُجرى في شهر تشرين الثاني من العام القادم 2024، والتي قد تكون «كلاكيت ثاني مرة» أي نسخة مكررة عن السابقة، أي بينه وبين ترامب، في توسيع ملف اتفاقيات أبراهام، بضم السعودية، فإن التوصل للاتفاق مع إيران، ليس حول برنامجها النووي، ولكن التوصل لمقايضة خمسة أميركيين محتجزين لدى طهران منذ سنوات، مقابل فك التجميد بحق عشرة مليارات من الدولارات الإيرانية، قد يفضي إلى ما يمكن اعتباره نجاح بايدن في الفكاك من الأسر الإسرائيلي، الذي كبل يديه وقدميه، خاصة فيما يخص الملف الإيراني، حيث تعتبر إسرائيل إيران حالياً عدوها الأول، وهي تجعل منها فزاعة لإقناع الدول العربية – الخليجية خاصة، بعقد اتفاق التطبيع معها، وتجاوز شرطها بانسحابها من الأرض الفلسطينية والعربية المحتلة، حيث نجحت نسبياً مع الإمارات والبحرين.

قد يبدو الاتفاق ما بين واشنطن وطهران صغيراً وغير مهم، لكنه في حقيقة الأمر يعتبر مؤشراً بالغ الأهمية، فهو يأتي أولاً بعد تطبيع العلاقات بين إيران وكل من السعودية والإمارات، كذلك هو يأتي كرفض أميركي لمحاولة إسرائيل زج الجميع، بمن فيهم الأميركيون في دائرة العداء ومن ثم الحرب مع إيران، وربما أيضاً كرد أميركي على عدم انضمام إسرائيل للحلف الذي شكلته أميركا من الغرب الأوروبي ضد روسيا على خلفية الحرب مع أوكرانيا، والأهم هو ما أعلنت عنه إسرائيل نفسها – ربما لتضخم الاتفاق الأميركي الإيراني – من أنه شمل اتفاقاً غير رسمي، على تخفيض التخصيب الإيراني لليورانيوم.

المؤكد بالطبع، هو أن الاتفاق، الذي جاء موازياً لاتفاق كان مرتقباً منذ دخل بايدن البيت الأبيض، أي الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني، سيعتبر إنجازاً لبايدن في محاولته البقاء في البيت الأبيض، كذلك سيعني انتعاشاً للاقتصاد الإيراني، وإعلاناً أميركياً في نفس الوقت عن التوقف عن المراهنة على العقوبات الاقتصادية لإسقاط النظام الإيراني، أو إخضاعه للسياسات الأميركية في الشرق الأوسط، وهو في نفس الوقت لطمة على وجه إسرائيل، ومظهر من مظاهر الافتراق ما بين واشنطن وتل أبيب، حيث على إسرائيل خاصة حين ينجح مرشح في الدخول للبيت الأبيض وهو مناهض لها، أن تبدأ منذ اليوم الاعتماد على نفسها، دون الحماية العسكرية والسياسية والاقتصادية الكاملة من النظام العالمي.

السلام العادل واحترام حقوق الشعب الفلسطيني

أقلام – مصدر الإخبارية

السلام العادل واحترام حقوق الشعب الفلسطيني، بقلم الكاتب الفلسطيني سري القدوة، وفيما يلي نص المقال كاملًا كما وصل موقعنا:

استمرار حكومة التطرف الإسرائيلية عدوانها الشامل على الشعب الفلسطيني وهروبها من استحقاقات عملية السلام ورفضها التعامل مع متطلبات ونداءات المجتمع الدولي يؤكد إصرارها ومضيها في استهداف عملية السلام والوقوف في وجه قيام الدولة الفلسطينية ومحاربتها والعمل ضمن مخططها الاحتلالي من اجل توجيه ضربة قاتلة لجهود عملية السلام والتي تم التأسيس لها بالمنطقة وتدمير كل الفرص والمعطيات الماضية.

لن يكون هناك سلام دون احترام كامل لحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف بما فيها الحق في تقرير المصير حيث تتعرض فلسطين والشعب الفلسطيني الي أبشع مؤامرات التصفية من خلال فرض سياسات الضم والذي يعني سرقة المزيد من الأرض الفلسطينية ونهب الموارد الطبيعية والسيطرة على الحدود والمجال الجوي والحدود البحرية وتعزيز نظام الفصل العنصري والتنكر لحق فلسطين في الوجود والقضاء على احتمالات حل الدولتين بما يتطلب ردعا فوريا من قبل المجتمع الدولي.

بات من الواضح بأن الاحتلال يسعى الي القضاء على منظومة العمل الوطني والسياسي الفلسطيني ويهدف الاحتلال الي فرض حصار على السلطة الفلسطينية وتحويلها الي مجرد سلطة تقدم خدمات محلية للسكان وإصرار سلطات الاحتلال على الاستمرار بعمليات الضم والتي تهدف الى تدمير ممنهج للمؤسسات الفلسطينية وإفراغ عملية السلام من محتواها ومنع قيام الدولة الفلسطينية.

يسعى ويطمح الاحتلال الى دعم إدارات محلية في الضفة وقطاع غزة تكون بديلة عن منظمة التحرير الفلسطينية ولا قيمة سياسية لها وتعمل على خدمة الاحتلال والتعاون معه لفرض الهدوء بالمنطقة ودعم نظرية الاحتلال الأمنية والسياسية والعمل بكل الاشكال على توفير المناخ من اجل انهيار السلطة الفلسطينية وتدمر مقومات الصمود الفلسطيني لتعزيز مؤامرات الاحتلال وتدمير أي فرص لقيام الدولة الفلسطينية والاستقلال والتمسك بحق تقرير المصير وحل الدولتين وحقوق الشعب الفلسطيني وبالتالي يسعى الاحتلال وأجهزه مخابراته الي تدمير القدرة الفلسطينية ومقومات الصمود وسعيه المستمر لتنفيذ مؤامرات التصفية للقضية الفلسطينية.

حكومة الاحتلال وجيشها وقادة جرائم الحرب من الإسرائيليين يهدفون الي الهروب من استحقاقات السلام والإفلات من الملاحقة القضائية الدولية والي تصدير مواقفهم الزائفة للعالم من خلال إقامة كيان فلسطيني محلى والاستمرار في ممارسة مشاريع التصفية للقضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني وتطبيق خطة السلام المزعوم من خلال تنفيذ مخططات الضم وجرائم العدوان والمشروع الاستيطاني الاستعماري في اختراق فاضح للقوانين الشرعية الدولية وان الاحتلال اذا ما أقدم على تنفيذ مشاريع الضم فسيتحمل مسؤولياته كاملة عملا بميثاق جنيف الرابع لعام 1949 وإعادة فرض وإنتاج الاحتلال وفرض سياسة الابتزاز الإسرائيلية وواقع الاحتلال الجديد كخيار وحيد قائم في المنطقة.

يعمل الاحتلال العسكري إلى الإفلات من القانون والمحاكمة الدولية ويطلق التهديدات ويهدد بفرض عقوبات على أعضاء المحكمة الجنائية الدولية في محاولة من حكومة الاحتلال الإسرائيلي الهروب من المحاكمة التي تلاحق قادة الاحتلال على جرائم الحرب التي ارتكبوها بحق الشعب الفلسطيني وأن حكومة الاحتلال تهدف من وراء ذلك الي تصدير الازمات للعالم وممارسة العربدة والابتزاز الدولي مستفيدة من دعم الإدارة الامريكية للتغطية على جرائم الاحتلال والعدوان من خلال دعم المشروع الاستيطاني الاستعماري المستمر وسرقة الأراضي الفلسطينية والهادف الى تعزز نظام الفصل العنصري في ظل غياب القدرة الدولية على تنفيذ قرارات المجتمع الدولي المتعلقة بالقضية الفلسطينية بما فيها قراراته المتعلقة بحق تقرير المصير الفلسطيني.

أقرأ أيضًا: مجموعة فتية التلال الاستيطانية.. بقلم سري القدوة

Exit mobile version