الأزمة الروسية الأوكرانية.. بين تصاعد نُذر الحرب ومحاولات احتوائها

تغطيات – خاص مصدر الإخبارية 

تصاعدت حدة الأزمة الروسية الأوكرانية مؤخراً، وتشير جميع المعطيات إلى احتمالية وقوع حرب دامية بينهما، خاصة بعد توالي سحب السفراء والدبلوماسيين الدوليين من البلدين.

وكان من آخر المؤشرات على تصاعد الأزمة، مطالبة سفارة أميركا في أوكرانيا من واشنطن الموافقة على مغادرة بعض موظفيها وأسرهم، في الوقت الذي تعد السلطات الألمانية فيه خططاً لإجلاء دبلوماسييها في كييف، وفق ما ذكرت وسائل إعلام أميركية وألمانية قبيل يومين.

ويتوقع مراقبون قرب شن روسيا هجوماً عسكرياً على جارتها أوكرانيا، فيما طلب الرئيس الأوكراني فولديمير زيلينسكي فرض عقوبات الآن على روسيا، قبل غزوها المحتمال لبلاده.

الاتحاد الأوروبي يناقش الأزمة الروسية الأوكرانية

وقال الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، جوزيب بوريل، إنه لا يوجد أي سبب يدعو الاتحاد لسحب موظفيه وأسرهم من أوكرانيا.

جاء ذلك في تصريح أدلى به للصحفيين، اليوم الإثنين، قبيل مشاركته في اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي لمناقشة التوتر الحاصل بين أوكرانيا وروسيا.

وأشار بوريل إلى استمرار التفاوض بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا بشأن الأزمة الأوكرانية.

وتابع قائلا: “وزير الخارجية الأمريكي (أنتوني بلينكن) سيبلغنا عن أسباب دعوة وزارته لرعايا الولايات المتحدة لمغادرة أوكرانيا، لكن الاتحاد الأوروبي لن يفعل الشيء ذاته، لأننا لا نرى سببا يدعونا للقيام بهذه الخطوة”.

ورداً على سؤال حول احتمالية بقاء موظفي الاتحاد الأوروبي وأسرهم في أوكرانيا، قال بوريل إن الاتحاد لم يتخذ قراراً واضحاً بهذا الخصوص حتى الآن.

ونقل موقع شبكة ” سي إن إن” الأمريكية إن سفارة أميركا في كييف طلبت من وزارة الخارجية السماح لها بمغادرة الموظفين غير الأساسيين في السفارة وأسرهم.

وأضافت، نقلاً عن مصدر مقرب من الحكومة الأوكرانية،  أنت واشنطن أخبرت كييف بأنها ربما تبدأ بترحيل بعض موظفي سفارتها الأسبوع المقبل.

وأفادت وسائل إعلام ألمانية أن برلين أعدت خططاً لإجلاء دبلوماسييها من أوكرانيا، في حال تطور الوضع أو تدهور.

وأعلنت الخارجية البريطانية، اليوم الاثنين، أنها ستسحب بعض موظفيها وأقاربهم من سفارتها في أوكرانيا، نظرا لـ “التهديد الروسي المتصاعد” في اجتياح كييف.

وجاء في بيان وزارة الخارجية البريطانية أنه “يجري سحب بعض موظفي السفارة وأفراد عائلاتهم من كييف رداً على التهديد الروسي المتصاعد”.

وقبيل يومين نصحت وزارة الخارجية البريطانية مواطنيها بعدم السفر غير الضروري لأوكرانيا، “لأن الأحداث تمضي سريعاً”.

كما حثت وزارة الخارجية البلجيكية المواطنين البلجيكيين على عدم السفر لأوكرانيا، ودعت الموجودين هناك للتسجيل في السفارة البريطانية.

وتصاعدت التطورات بين البلدين في ظل حشد روسيا آلاف من قواتها وعتادها العسكري المتطور على مشارف الحدود الأوكرانية، بداعي إجراء تدريبات، في وقت يتخوف الغرب وأوكرانيا من إقدام موسكو على غزة الأراضي الأوكرانية قريباً.

عقوبات قبيل اشتعال الحرب

وصرح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بأنه يؤيد فرض عقوبات على روسيا الآن، قبيل غزوها المحتمل لبلاده، مشدداً على أن العقوبات على روسيا لن تكون ذات أهمية بعد أن تفقد أوكرانيا كامل أراضيها، في حال نفذت موسكو الهجوم العسكري الذي يخضى الغرب وقوعه قريباً.

وعبّر زيلينسكي عن تمسك بلاده بالحل السلمي ورفضه الحرب التي ستواجه فيها بلاده أحد أقوى جيوش العالم، وستؤدي إلى خسائر فادحة بالأرواح، قد تصل إلى مئات الآلاف من كلا الطرفين، حد قوله.

وفي السياق ذاته، اتهم وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا، السبت الماضي، ألمانيا بتشجيع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد رفض برلين تسليم أسلحة إلى كييف التي تخشى غزواً روسياً.

وقال كوليبا إنه “على الشركاء الألمان التوقف عن تفويض وحدة الغرب تجاه روسيا”.

في تصريح جاء بعدما قالت وزيرة الدفاع الألمانية كريستين لامبرخت إن تسليم أوكرانيا أسلحة “لن يسهم في نزع فتيل الأزمة”.

ويأتي الموقف الألماني مخالفاً لما قامت به الولايات المتحدة وبريطانيا ودول البلطيق في الأيام القليلة الماضية بعدما أرسلت مساعدات عسكرية لأوكرانيا، شملت صواريخ مضادة للطائرات والدبابات، تحسباً لهجوم روسي على البلاد.

وقالت السفارة الأمريكية في كييف، إن واشطن أرسلت 90 طناً من الأسلحة والذخائر كمساعدات لأوكرانيا، كما قدمت مساعدة أمنية للبلد المهدد في العام 2021 بأكثر من 650 مليون دولار.

اتهامات روسية

وعلى النقيض، قالت وزارة الخارجية الروسية إن الولايات المتحدة تماطل في مناقشة مقترحات روسيا للضمانات الأمنية، منذ تسليمها إلى الجانب الأمريكي قبل أكثر من شهر.

ومن ضمن الضمانات  طالبة موسكو واشنطن وحلف شمال الأطلسي “ناتو” بعدم قبول عضوية أوكرانيا في الحلف، معتبرة ذلك تهديداً للامن القومي الروسي.

واعتبرت الخارجية الروسية أن نشر واشنطن تقريراً عن السياسة الروسية تجاه أوكرانيا “استفزاز صريح”.

وأتى تصريح الخارجية، قبيل اللقاء الذي جمع الجمعة الماضية، وزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأمريكي أنتوني بلينكن في جنيف.

كما نشرت الخارجية الأميركية تقريراً عما قالت إنها 7 روايات مضللة بشأن الأزمة مع أوكرانيا.

ووجهت موسكو اتهاماً لواشنطن ودولاً غربية بشن حملة دعائية لتصوير روسيا “على أنها دولة معتدية وعدوة لأوروبا المتحضرة”.

وعلى صعيد آخر، قال مصدر في إدارة الرئيس الروسي بوتين، يوم السبت الماضي، إن مستشارين سياسيين من روسيا وأوكرانيا وفرنسا وألمانيا سيعقدون محادثات بشأن شرق أوكرانيا.

وذكر المصدر أن المحادثات التي تجري ضمن ما يعرف بـ “صيغة نورماندي”، ستعقد في باريس الثلاثاء المقبل.

من ناحية أخرى، قبل وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو دعوة للقاء نظيره البريطاني بن والاس لمناقشة الأزمة على الحدود الروسية الأوكرانية، بحسب ما أعلن مصدر في وزارة الدفاع البريطانية، السبت الماضي.

وقالت وكالة الإعلام الروسية في وقت سابق، نقلاً عن مصدر دبلوماسي، إنه من المتوقع أن تزور وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس موسكو في فبراير(شباط المقبل)؛ لإجراء محادثات مع نظيرها الروسي لافروف.

وتشهد العلاقات بين الغرب وروسيا تراجعاً لأدنى مستوى منذ الحرب الباردة، بسبب توتر العلاقات في عدة ملفات دولية، ومن أبرزها الأزمة في شرقي أوكرانيا.

وتشهد أوكرانيا ومحيطها توتراً مستمراً مع الجارة الروسية منذ 8 سنوات، قُرعت خلالها مراراً طبول الحرب، بين البلدين تارة، وبين روسيا ومعسكر الغرب الداعم لكييف تارة أخرى.