صلاح خلف والعمري وأبو الهول

31 عاماً على اغتيال رموز الثورة الفلسطينية.. صلاح خلف وأبو الهول والعمري

خاص – مصدر الإخبارية 

في الرابع عشر من كانون الثاني (يناير) عام 1991، غيبت رصاصات الغدر ثلاثة من أبرز قادة ومؤسسي حركة “فتح”، وهم صلاح خلف “أبو إياد” عضو اللجنة المركزية لفتح، وهايل عبد الحميد “أبو الهول” عضو اللجنة المركزية، وفخري العمري “أبو محمد” أحد المساعدين المقربين لأبي إياد، خلال حضورهم اجتماعاً في منزل أبو الهول في مدينة قرطاج بتونس.

شمس القادة الثلاثة غابت عن الحياة، لكنها بقيت مشعة في ذاكرة الفلسطينيين يستذكرونهم كلما حلّت الذكرى وفي جميع مواقف النضال والكفاح، ويتخذون منهم رموزاً قلما أنجبت الأرحام مثلهم.

ويصادف اليوم الذكرى الواحدة والثلاثون لاستشهاد ثلاثة من قادة حركة “فتح” في عملية اغتيال جماعية بتخطيط من الموساد الإسرائيلي، وفي هذا التقرير نذكر أهم محطاتهم النضالية والتاريخية التي جمعتهم طيلة حياتهم كما جمعهم الموت:

الشهيد صلاح خلف “أبو إياد”

الشهيد صلاح خلف “أبو إياد” هو أحد أبرز قادة وأهم مؤسسي حركة “فتح”، ولد في مدينة يافا عام 1933، وعاش فيها طفولته، إلى أن جاءت نكبة عام 1948.

بعد أحداث النكبة ، وبعمر الـ 15 عاماً هُجر “أبو إياد” وعائلته قسراً إلى قطاع غزة، عن طريق البحر، واستقر فيها مع أسرته، وأكمل تعليمه الثانوي حتى عام 1951.

التحق صلاح خلف بعد مرحلة تعليمه الثانوية، بكلية العلوم التابعة لجامعة القاهرة، وفي نفس عام التحاقه، التقى ب”ياسر عرفات”، الطالب في كلية الهندسة آنذاك، وتوطدت العلاقة بينهما بعد تأسيس الاتحاد العام لطلبة فلسطين.

عام 1957، تخرج صلاح خلف من كلية دار العلوم/ قسم الفلسفة، وحصل على دبلوم تربية وعلم نفس وعاد إلى قطاع غزة للتدريس، إلى جانب عمله السري في تجنيد مجموعات من الشباب المناضل وتنظيمهم في غزة.

وبعدها بأعوام قليلة، تحديداً عام 1959، انتقل “أبو إياد” إلى دولة الكويت للعمل مدرساً، وكانت فرصة له ولقادة آخرون أمثال ياسر عرفات، وسليم الزعنون وفاروق القدومي، وكمال عدوان وأيو يوسف النجار، وغيرهم ممن كانوا في بلدان مختلفة، لتأسيس حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح”.

يعتبر “أبو إياد” أبرز أعضاء اللجنة المركزية وأكثرهم قدرة على اتخاذ القرارات الجريئة، ومن أبرز قراراته التي اتخذها باسم اللجنة المركزية لحركة فتح قرار تعيين ياسر عرفات ناطقاً رسمياً باسم فتح، عام 1968 لقطع الطريق أمام طامعين في قيادة فتح مع غياب أبو عمار، تم نشر القرار في وسائل الاعلام دون علم رفاقه في اللجنة المركزية، الذين اثنوا على القرار وأيدوا توقيته بعد سماع حجته.

وبعدها برز اسم صلاح خلف، كعضو في اللجنة المركزية لحركة “فتح”، ثم عمل مفوضاَ لجهاز الأمن فيها، وتولى قيادة الأجهزة الخاصة التابعة للمنظمة.

والقيادي الراحل من أبرز المحاورين على المستويات الفلسطينية والعربية والعالمية، وكان يسمى على النطاقات النخبوية في حركة فتح ب”جارنج” فلسطين نسبة للدبلوماسي السويدي المشهور “جارنج” وذلك لقدرته الفائقة على صياغة التوجهات والاستراتيجيات وبناء التحالفات وإدارة التفاوض بشكل فائق الحكمة.

ومنذ عام 1970 تعرض “أبو إياد” لأكثر من محاولة اغتيال، وأصدر كتاب (فلسطيني بلا هوية) عام 1978 على شكل سلسلة من اللقاءات مع الصحفي الفرنسي “اريك رولو” حيث حاول نفي أي علاقة له بمنظمة أيلول الأسود.

في 14 يناير 1991، اغتاله الموساد الإسرائيلي على يد العميل لديه “حمزة أبو زيد” بتخطيط وتوجيه من صبري البنا زعيم منظمة أبو نضال في تونس في عملية اغتيال جماعية طالته واثنين من قيادات “فتح” نكمل الحديث عنهم فيما بعد.

الشهيد هايل عبد الحميد “أبو الهول”

ولد هايل عبد الحميد الملقب بـ “أبو الهول” عام 1937 في مدينة صفد المحتلة، وفي عام 1948 هُجر مع عائلته إلى سورية، والتحق في إحدى مدارس دمشق، وعرف عنه نشاطه وتفاعله في التظاهرات والتجمعات التي كانت تنظم في المناسبات الوطنية.

بدأ “أبو الهول” شبابه ساعياً لتشكيل تجمع تنظيمي للاجئين الفلسطينيين في سورية، وأسس منظمة “عرب فلسطين”، لتنسجم مع التوجهات القومية السائدة آنذاك، في وقت حظرت سورية التنظيمات السياسية.

عام 1957 قاد القيادي الراحل أبو الهول حراكاً فلسطينياً للمطالبة بمنح اللاجئين الفلسطينيين نفس الحقوق المدنية للمواطنين السوريين، باستثناء جواز السفر، حفاظاً على الهوية الوطنية الفلسطينية وتحقيقاً لكرامتهم، ونجح في إقرار المطلب من قبل البرلمان السوري برئاسة أكرم الحوراني حينها.

وفي عام 1960 انضمت منظمة “عرب فلسطين” التي أسساها “أبو االهول” في سورية، إلى الإطار التنظيمي لحركة “قتح” والذي كان يتهيأ للاعلان عن انطلاقته كفصيل مسلح.

كان أبو الهول أحد مؤسسي أذرع حركة فتح بألمانيا والنمسا– كما شارك في تأسيس حركة “فتح” بالقاهرة سنة 1964، وشغل موقع أمين سر التنظيم في القاهرة. وفي سنة 1972 أصبح معتمد حركة “فتح” في لبنان.

تولّى هايل عبد الحميد أيضا مسؤولية الأمن والمعلومات لحركة “فتح” إلى جانب صلاح خلف “أبو إياد”، وعمل مفوضا لجهاز الأرض المحتلة بعد استشهاد خليل الوزير “أبو جهاد”، إضافة إلى مسؤولياته في جهاز الأمن، واستمرّ في ذلك حتى تاريخ استشهاده.

الشهيد فخري العمري “أبو محمد”

ولد فخري العمري “أبو محمد” في مدينة يافا المحتلة، عام 1936، وهو من أوائل الشباب المناضل الذين تفرغوا للعمل في الثورة الفلسطينية.

شارك العمري  في أول دورة أمنية أوفدتها حركة “فتح” إلى القاهرة، وشارك في تأسيس جهاز الأمن والرصد في الأردن مع الشهيد أبو إياد، وعمل في قيادة جهاز الأمن للثورة الفلسطينية، وشارك في قيادة عدد من العمليات الخاصة والنوعية.

أثر الشهيد صلاح خلف في فخري العمري بشكل كبير فقد أسهم أبو إياد إسهاما كبيراً في نشر الفكر الوطني تمهيدا لتأسيس حركة فتح، كما عمل على استقطاب الشباب الوطني ليكون نواة التأسيس لحركة وطنية فلسطينية خالصة هي حركة فتح.

وفي هذه الفترة تبلور الفكر الثوري لدى العمري الذي كان مولعاً أيضاً بالرياضة، الأمر الذي مكنه من تنظيم العديد من الشباب الوطني الباحث عن الحرية، من خلال النوادي الرياضية، والذين أصبحوا بعد ذلك نواة الخلايا العسكرية التابعة لفتح في الأراضي المحتلة.

وعمل الشهيد العمري مسؤولاً أمنياً رفيعاً، وكان الرجل الثاني في جهاز الأمن الموحد الذي يترأسه أبو إياد، واغتيل بعد أن تلقى حوالي ثلاثين رصاصة ضمن مساعيه لحماية الشهيد أبو إياد.

Exit mobile version