إضراب المعتقلين بين الصراحة والشعارات

غزة _ مصدر الإخبارية

كتب مصطفى إبراهيم

لن توقف دولة الاحتلال الاسرائيلي عن ممارسة سياسة الاعتقال الاداري ولن تتوقف عن الاعتقالات اليومية التي تمارسها وتستخدمها كسياسة واداة  لفرض السيطرة والهيمنة ضد الفلسطينيين، وهي مركب أساسي للمنظومة العسكرية الاستعمارية، من الاضطهاد والتنكيل لقمع الفلسطينيين واخضاعهم وحرمانهم من الحرية والرقابة المستمرة والعقوبات الجماعية، التي كرستها دولة الاحتلال في سياق تاريخي منذ احتلالها لفلسطين لكسر إرادة الشعب الفلسطيني وردعه.

ولن يتوقف المعتقلين الإداريين عن الإضراب الفردي احتجاجا على اعتقالهم الإداري التعسفي، والذي قد يصل لسنوات طويلة بدون حجج وأدلة أو تقديم لائحة اتهام أو محاكمة، في مخالفة جسيمة لقواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان.

فجّر إضراب المعتقل الإداري هشام أبو هواش قضية المعتقلين الإداريين بشكل خاص، والمعتقلين بشكل عام، ومدى قدرة الفلسطينيين على مواجهة الاحتلال ومقاومته بأدوات مختلفة، ونجح أبو هواش في معركته التي استمرت ١٤١ يوما بالإنتصار على الاحتلال، ويعود الفضل له في كسر إرادة الاحتلال ومساندة ومناصرة الشعب الفلسطيني، وتضامن الكثيرين حول العالم، وتهديد فصائل المقاومة الفلسطينية لدولة الاحتلال بشن هجوم عسكري إذا ما أصاب المعتقل أبو هواش مكروه، واحتمال استشهاده جراء إضرابه.

وخشية من استشهاده، وافقت دولة الاحتلال بعد معاناة وألم أبو هواش، وخوف من تصعيد عسكري لم بتعافى قطاع غزة بعد من آثاره الكارثية، على اقتراح حل وسط قدمته مصر  لإطلاق سراحه في السادس والعشرين من شهر شباط( فبراير)  القادم  مقابل وقف إضرابه عن الطعام.

انتهت معركة أبو هواش، لكن لم تنتهي مقاومة الفلسطينيين ومعاركهم ضد الاحتلال.

وهناك معارك قادمة لا نعرف ميعادها أو زمانها ومن الذي سيفجرها من المعتقلين الإداريين، مع أنه في هذه الأثناء، تثار قضية تدهور الوضع الصحي للمعتقل ناصر أبو حميد المصاب بالسرطان والمحكوم بالمؤبد وينتمي لحركة فتح.. قضية إنهاء أبو هواش إضرابه عن الطعام على إثر الوساطة التي قامت بها مصر والسلطة بواسطة جهاز المخابرات العامة أثارت جدل في الساحة الفلسطينية حول من الذي تدخل في تلك الوساطة والإتهامات، التي وجهت للسلطة الفلسطينية في متابعة قضية أبو هواش.

وما يتم تداوله من أخبار خاصة بعد أن نشر تلفزيون فلسطين خبر يقول بتوجيهات من الرئيس محمود عباس ومتابعة حثيثة من رئيس جهاز المخابرات ماجد فرج تم  إنهاء ملف الأسير هشام أبو هواش، الحقيقة وحسب معلوماتي أن رئيس جهاز المخابرات فرج كان أحد الوسطاء في قضية أبو هواش، لكن التعامل مع إضراب الأسير بأنه ملف وتم انهاؤه هذا إهانة مثيرة للسخرية من القائمين على التلفزيون وخطاب إعلامي غير وطني ولا يليق بالأسرى ونضالاتهم.

بالعودة للوضع الصحي للمعتقل أبو حميد والمحكوم بالمؤبد، ومن المتوقع أن يحدث تصعيد ومواجهات في الضفة الغربية نظرا لوضعه الصحي الخطير، وقضيته مختلفة عن أبو هواش المعتقل إدارياً وينتمي لحركة الجهاد الإسلامي التي هددت وفضائل المقاومة في غزة بتصعيد الأوضاع عسكريا اذا ما أصابه مكروه!

والسؤال الذي يدور في اذهان الناس، هل ستنتصر فصائل المقاومة في غزة المعتقل أبو حميد، أم سيترك لمصيره وحده؟

الواقع والذي يخشى كثيرون الحديث بجرأة وبصراحة حول الإضرابات الفردية التي يقوم بها المعتقلين الإداريين وتدهور أحوالهم الصحية، حتى قيادة الفصائل لا تستطع التصريح بذلك خاصة بمطالبة  فصائل المقاومة بالرد بتهديد بإطلاق الصواريخ من غزة وتهديد دولة الاحتلال بإطلاق سراح المعتقلين الإداريين المضربين عن الطعام.

تدرك الفصائل أن الإضراب حق وهو وسيلة احتجاجية من المعتقلين ضد اعتقالهم ادارياً، كما تدرك ان تكلفة وثمن تصعيد عسكري ضد الاحتلال كبيرة وثمنها ضحايا ودماء ومعاناة وأزمة جديدة، قد تفقد الصواريخ مضمونها وقوتها كسلاح ردعي قد يشكل توازن رعب في أوقات وظروف محددة.

يعاني قطاع غزة أوضاع كارثية، والخشية من اندلاع مواجهة عسكرية جديدة قائمة في كل لحظة وكادت تندلع مواجهة عسكرية، وتمكنت مصر من النجاح، وربما تأجيلها وقد وقعت احداث الاسبوع الماضي على الحدود واطلاق صواريخ البرق قد تكون مرتبطة .بإضراب ابو هواش، وقد تكون لها علاقة مباشرة بعدم التزام دولة الاحتلال بإعادة الإعمار وإنهاء صفقة الأسرى والإسرائيليين المحتجزين لدى المقاومة.

قضية أبو هواش وكذلك أزمة المعتقل أبو حميد وآلاف الأسرى الفلسطينيين تكشف عن خيبة الأمل لدى الفلسطينيين وحقيقة البحث في الحلول الفردية، وتجزئة قضاياهم، وعدم قدرتهم على مقاومة الاحتلال موحدين ضمن استراتيجية وطنية لمقاومة الاحتلال وسياساته وعدم الاستفراد بهم واشغالهم بالبحث عن حلول  فردية وآنية.

هناك فجوة واضحة ومفهومة، ويبدو أنها صعبة الجسر بين تطلعات الناس وقدرات وشعارات الفصائل وعدم قدرتها على تنفيذها إلى حقيقة وفرض معادلات على دولة الاحتلال.

المطلوب إعادة جسر الفجوة بمصارحة الناس بشفافية وأولياتهم وقدرات الفصائل، فالاحتلال مستمر بسياساته، والاعتقال الاداري لن يتوقف.

وفي وقت ما قريب قد يصاب أبو حميد بمكروه أو في الأيام أو الأشهر القادمة ربما يعلن أحد المعتقلين الإضراب عن الطعام وستتدهور حالته الصحية، وإذا لم تستطع الفصائل الإيفاء بوعودها وشعاراتها قد تؤدي خيبة الأمل المتوقعة إلى فقدان الثقة في اقرب مواجهة.