التسويق الشبكي في غزة.. وعود بأرباح بنسبة 300% تنتهي بالنصب والاحتيال

صلاح أبو حنيدق- خاص شبكة مصدر الإخبارية:

حذرت أوساط رسمية الأسبوع الجاري سكان قطاع غزة من التعامل “بالتسويق الشبكي أو الهرمي” لما له من مخاطر على أموالهم ووقوع حالات “نصب واحتيال”.

ودعت وزارة الاقتصاد الوطني سكان القطاع للابتعاد عن هذه النشاطات وعدم الوقوع فريسة لشركات “النصب والاحتيال”، فيما طالب المجلس التشريعي بغزة الجهات الحكومية بملاحقة الأشخاص الذين يروجون “للتسويق الهرمي” و”يسرقون” أموال المواطنين تحت ذرائع الدخول بمشاريع استثمارية.

وأكد مختصون اقتصاديون، أن “التسويق الشبكي أو الهرمي” هو ظاهرة حديثة في قطاع غزة نشطت خلال العاميين الأخيريين، ويقوم على الترويج لمنتجات غير ملموسة بشكل تواصلي، بحيث يدعو المستهلك مستهلكين آخرين لشراء المنتج مقابل عمولة، ويحصل أيضاً المستهلك الأول على نسبة من العمولة في حالة بيع العملاء الأخرين للمنتج لأشخاص جدد بحيث يصبح المستهلك على قمة هرم ويصبح لديهِ شبكة من الزبائن المشتركين بأسفله.

خلط بين التسويق الهرمي والتجارة الإلكترونية

ويقول الاقتصادي أسامة نوفل، إن سكان غزة يخلطون بشكل كبير بين مفهوم التسويق الهرمي والتجارة الالكترونية وتداول العملات، لافتاً إلى أن التسويق الهرمي يقوم على شراء منتجات غير ملوسة، على عكس التجارة الالكترونية القائمة على شراء منتج ملموس ومعروف المصدر وقيمة سعره.

ويضيف نوفل في تصريح خاص لشبكة مصدر الإخبارية، أن السبب الرئيس في اقبال بعض سكان قطاع غزة على التسويق الهرمي هو حالة ” الطمع والجشع” من قبلهم، كون “رأس الهرم” يروج لهم بأنهم سيحصلون على نسبة أرباح تصل إلى 300% مقابل الترويج للمنتج.

ويشير نوفل، إلى أن التسويق الهرمي نشط في القطاع بين الأقارب والأصدقاء بدرجة أولى على مبدأ “الشجرة”، مما تسبب بمشاكل كبيرة بين أبناء الأسر الواحدة والانساب والأقارب.

وينوه نوفل إلى أن مخاطر التسويق الهرمي تنبع من كونها شبكة عنقودية يصعب مراقبتها من قبل أي جهة.

وبتابع” لقد نشطت إحدى السيدات مؤخراً في قطاع غزة بزعم أنها تملك شركة في دولة تركيا للتسويق الشبكي، لمنتجات مستحضرات تجميلية سعرها 2500 دولار، تبين أن ثمنها الأصلي في تركيا بين 20-30 دولار فقط، وقد تعامل معها الكثير من الأشخاص في القطاع”.

ويوضح نوفل، أن “السيدة تقدمت في العام 2020 بطلب للأجهزة الأمنية للحصول على ترخيص لتأسيس شركة ربحية بقطاع غزة في مجال “التسويق الشبكي”، وقد حققت الأجهزة بالأمر، وأحالته للجهات القانونية التي منعتها من العمل في القطاع، كونها لا تقوم على شيء ملموس، ومخالفة لقوانين التجارة الالكترونية”.

ويشير نوفل إلى أن الإشكالية ظهرت في قطاع غزة بعدما غرر بكثير من المواطنين، وبدأت الشكاوى تزداد حول عمليات “النصب والاحتيال”، مؤكداً أن اللوم الأكبر يقع على المواطنين لعدم بحثهم عن تفاصيل “التسويق الهرمي”، ورغبتم بتحقيق أكبر قدر من الأرباح، بناءً على استماعهم “لأوهام وأكاذيب”.

ويشدد نوفل أن سبب عزوف كثير من سكان القطاع عن التجارة الالكترونية التي تعتبر أكثر أمناً رغم انتشارها الكبير حول العالم، أن أرباحها محدودة.

استغلال مسميات رسمية من المحتالين

بدوره، يقول المحلل المالي والاقتصادي الحسن بكر، إن السبب الرئيس في وقوع كثير من الأشخاص في فخ الاحتيال هو استخدام كثير من “المحتالين” لمسميات سليمة ومعتمدة عالمياً في مجال التسويق الالكتروني على الانترنت، بهدف استدراج “الضحايا”، واقناعهم بفكرة العمل.

ويضيف بكر، أن التسويق الهرمي مبني على مخطط (بونزي سكين)، القائم على أن يكون شخص في أعلى هرم يندرج تحته عدة أشخاص جميعهم يحصلون على عمولة حال إدراج أشخاص جدد يكون أكثر المستفيدين الشخص الأعلى الهرم بعمولات أعلى.

ويوضح بكر، أن التسويق الهرمي اشتهر بالولايات المتحدة على يد شخص يسمى (بونزي)، وكان يعتمد على جمع أكبر قدر من المال وتوزيعه على شكل أرباح لتحفيزهم لجذب المزيد من الأشخاص وأصحاب رؤوس الأموال.

ويشير إلى أنه في فكرة التسويق الهرمي يحصل الأشخاص الذين في القمة على أكبر قدر من العوائد فيما يفقد نظرائهم في الأسفل أموالهم.

ونصح بكر سكان قطاع غزة بالبحث والاستفسار ودراسة تفاصيل أي فكرة عمل واستثمار عبر الانترنت قبل الدخول فيه تجنباً لأي خسارة لأموالهم.

وكان المختص الاقتصادي محمد أبو جياب كشف الأسبوع الماضي عن سفر سيدة فلسطينية من قطاع غزة إلى دولة تركيا؛ بعد قيامها “بالنصب والاحتيال” على عدة مواطنين من غزة بمبلغ 2 مليون دولار أمريكي تحت مسمى التسويق الشبكي.

وقال أبو جياب، إن “السيدة” قدمت عروض وهمية للمواطنين وشجعتهم عاطفياً للمغامرة بمبلغ بسيط من المال لشراء منتج معين بمبلغ بسيط، ومن ثم التسويق الوهمي وأقنعتهم بجلب أشخاص جدد للشراء على أمل الربح وتحقيق عمولة على كل شخص، وهكذا جمعت هذا المبلغ الكبير وسافرت للخارج.

وبيّن أبو جياب أن هناك الكثير من الحالات المعروفة الشهيرة بالنصب والاحتيال بتلك الآلية، وهناك حالات أخرى منتشرة غير معروفة، أدت لتدمير بيوت آمنة وانهيار أسر وقع فيها طلاق جرّاء هذا النصب والمغامرة غير محسوبة بالمال.