برج الجلاء: رغم علمه بوجود مقرات إعلامية.. جيش الاحتلال استمر في تدميره

الأراضي المحتلة – مصدر الإخبارية

زعم جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه لم يكن يعلم بوجود مقرات لوسائل إعلام عالمية، بينها وكالة أسوشيتد برس وقناة الجزيرة، قبل قصف وهدم برج الجلاء في غزة، أثناء العدوان الأخير على غزة في أيار/مايو الماضي، وتبين أنه حتى بعد اتصالات أجراها صحافيون مع جهات عسكرية لدى الاحتلال وإبلاغها بوجود المقرات والصحافيين في المبنى، استمر جيش الاحتلال في الاستعداد لقصف المبنى وهدمه.

وبحسب صحيفة “هآرتس” اليوم، الإثنين، فإن “شعبة الاستخبارات، هيئة الأركان العامة وقيادة المنطقة الجنوبية (في الجيش الإسرائيلي) بدأت تتلقى معلومات حول وجود وسائل إعلام في المبنى، بعدما تلقى صحافيون تحذيرا بمغادرته في إطار إجراء ’إقرع السطح’. ورغم أن جهات أمنية إسرائيلية مختلفة حاولت منع الهجوم كونه سيلحق ضررا إدراكيا خطيرا، أوعزت قيادة الجيش للقوات بمواصلة الهجوم وتم إسقاط المبنى”.

لكن وحدة المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي قالت في تعقيب على تقرير الصحيفة إن “المعلومات الاستخباراتية حول وجود وكالات الأنباء في المبنى كانت معروفة”.

وأثار إسقاط المبنى المؤلف من 15 طابقا، في 15 أيار/مايو الماضي، انتقادات شديدة ضد الاحتلال من جانب وسائل إعلام في أنحاء العالم، كما أن الإدارة الأميركية لم تقتنع بتبريرات الاحتلال لهدم المبنى.

ووصف المسؤول عن تحقيق جيش الاحتلال حول التأثير الإدراكي للعدوان، اللواء في الاحتياط نيتسان ألون، قصف برج الجلاء بأنه كان “عملية عدائية إدراكية وهدف ذاتي”، بحسب الصحيفة.

وتلقى مواطنون تواجدوا في المبنى تحذيرات حول مهاجمة المبنى قبل قصفه وهدمه بنحو ساعة ونصف الساعة، من خلال اتصالات هاتفية ورسائل نصية بعثها جيش الاحتلال، ونقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة على التفاصيل قولها إنه في موازاة ذلك بدأ صحافيون بإطلاع جهات لدى الاحتلال بشأن الرسائل واستيضاح ما إذا كان جيش الاحتلال يعتزم مهاجمة المبنى.

وتابعت الصحيفة أن الصحافيين في مبنى الجلاء حاولوا إقناع جهات في جيش الاحتلال الإسرائيلي بمنع الهجوم أو السماح لهم بإخلاء مكاتبهم على الأقل. كذلك سعى مالك المبنى وجهات أخرى لدى الاحتلال وغزة إلى منع تدمير المبنى.

أقرأ/ي أيضاً: ضباط إسرائيليون يُعبرون عن ندمهم لقصف برج الجلاء لهذا السبب

وأضافت الصحيفة أن جهات أمنية حاولت نقل الرسالة إلى قيادة جيش الاحتلال الإسرائيلي، ووصلت المعلومات حول وجود مقرات لوسائل إعلام عالمية في المبنى إلى مكتب رئيس أركان الجيش، افيف كوخافي. “وطولب مسؤولون في شعبة الاستخبارات العسكرية بفحص المعلومات، وبعد وقت قصير أبلغوا بأنه ليس معلوما لهم وجود وسائل الإعلام في المبنى”.

وأشارت الصحيفة إلى أنه “في موازاة ذلك، ترددوا في جهاز الأمن الإسرائيلي بشأن مهاجمة البرج بالرغم من المعلومات الجديدة الواردة. وأفادت مصادر مطلعة على التفاصيل بأنه كان ما زال بإمكان رئيس اركان الجيش ورئيس شعبة العمليات وقف الهجوم، فهجوم من هذا النوع يتطلب مصادقة رئيس أركان الجيش، رئيس شعبة العمليات، قائد سلاح الجو والمستوى السياسي”.

وقرابة الساعة الثالثة بعد الظهر تقرر مهاجمة المبنى، وزعم مؤيدو الهجوم أن “وسائل الإعلام تستخدم كدرع واق بشري لحماس من أجل منع استهداف وسائل سايبر كانت موجودة في المبنى، وبينها أدوات تشويش GPS”.

وأضافت المصادر أن “المعلومات حول المبنى، كما كانت معروفة للجيش الإسرائيلي، لم تُنقل بكاملها إلى وزارة الخارجية وجهازها الإعلامي الذي عمل أثناء العملية العسكرية”. وانهار المبنى عند الساعة 15:17، إثر إنزال طائرات حربية إسرائيلية قنابل من الوزن الثقيل عليه.

جيش الاحتلال: “برج الجلاء استخدم لعمليات استخبارية”

وزعم الجيش الإسرائيلي بعد ذلك أن المبنى كان عبارة عن “قاعدة عمليات استخباراتية هامة” واستخدم لصنع أسلحة، وأن “ناشطي حماس والجهاد الإسلامي استغلوا التحذير قبل الهجوم من أجل إخراج معدات من المبنى”.

وفي إطار محاولات الجيش الإسرائيلي لتبرير الهجوم، زعم الناطق العسكري حينها، هيداي زيلبرمان، أنه “فحصنا أنفسنا وتأكدنا 100% من وجود موارد عسكرية تابعة لحماس في مبنى وسائل الإعلام في غزة”.

وأعلن البيت الأبيض أن على إسرائيل التأكد من سلامة الصحافيين ووسائل الإعلام، وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إن “استهداف مواقع إعلامية عشوائيا هو انتهاك للقانون الدولي”.

ونقلت الصحيفة عن مصدر مطلع على التفاصيل وعلى أداء الضالعين في قرار هدم المبنى، تأكيده على أن القرار بقصف برج الجلاء لم يكن نابعا من اعتبارات عسكرية بالضرورة. وشدد على أنه “كان واضح أن لا شيء يبرر بنظر العالم مهاجمة وسائل الإعلام الأجنبية. وكان معنى ذلك واضحا للجميع. والكثيرون في الجيش الإسرائيلي اعتقدوا أنه كان بالإمكان وقفه. وتم تنفيذ الهجوم لأنه في المستويين السياسي والعسكري شعروا أن حماس تصنع انتصارات إدراكية في القدس والمدن المختلطة وبحثوا عن صورة انتصار”.

وأشار مصدر آخر للصحيفة إلى أنه في تلك الفترة لم يعلموا في الجيش الإسرائيلي إلى متى سيستمر العدوان على غزة، وذلك على خلفية الهبة في القدس المحتلة والمدن المختلطة والبلدات العربية، “ولذلك بحثوا عن شيء ما يمكن أن يقدموه للجمهور الإسرائيلي، انتصار، حتى لو كان صغيرا”.

وأضاف المصدر نفسه أن “هذا كان في موازاة عملية المترو العسكرية (لتدمير أنفاق حماس) التي بدأت بشكل جيد، لكن بعد ذلك كان واضح أنها لم تنجح. وهذا هو السبب الذي دفع وحدة المتحدث العسكري إلى الإسراع في نشر الصور ومقاطع الفيديو للهجوم. ولم يدركوا في الجيش الإسرائيلي تبعات هذا الحدث، ونشروا صور الدمار كانتصار إدراكي”.