الأمم المتحدة

الخطاب الفلسطيني في الأمم المتحدة.. خِطابة (مقال رأي)

مصدر الإخبارية- نور السويركي

من الواضح أن الرئيس أصبح مولعاً بالخِطابة فقط، ولذلك يظن أنه ينجو من تساؤلات الشارع الفلسطيني حينما يختتم الخطاب الفلسطيني في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة للدورة 76، بعبارة شعبوية: ” حلو عنا والسلام عليكم ” ، بينما يزيد الأمر سوءاً عندما تصبح عبارته الختامية موطئ مقابلات عدة قد يتعرض لها الدبلوماسيون الفلسطينيون حول القصد والهدف (كما حدث سابقاً) قبل أن يُسألوا عن الخيارات السياسية المطروحة في خطاب لا جديد يقال فيه ولكنه قديمٌ يُعاد، وفي هذا مؤشر واضح على عقم النظام السياسي و مؤسساته عن التنفيذ.

ولأن خياراتنا باتت معروفة فخلال سبع أعوام تحديداً منذ العام 2015 حين سبق الخطاب حملةٌ من الترويح غير المسبوق قيل حينها أن الخطاب سيكون ” قنبلة”، تجدد طرح كل من: أهمية استئناف المفاوضات على أساس حل الدولتين محذراً من تقويض هذا الحل وتداعياته، ضرورة عقد المؤتمر الدولي للسلام، عدم مواصلة الالتزام بالاتفاقات الموقع عليها والتلويح بسحب الاعتراف بإسرائيل، التوجه إلى مجلس الأمن و الرباعية الدولية والمحاكم الدولية، أهمية الاعتراف بالدولة الفلسطينية والحصول على العضوية الدائمة، طلب الحماية الدولية، أهمية استمرار الدعم الانساني و الاقتصادي.

تبدلت خلال هذه الأعوام ثلاث إدارات أمريكية ورئيسي حكومات اسرائيلية، بينما لم يتبدل في حالتنا السياسية شيء، الاختلاف الذي طرأ كان موقع القضية الفلسطينية كأولوية واختلاف موازين القوى الفاعلة فيها، والذي كان واضحاً أننا نحتل الحلقة الأضعف، ولهذا بحث الرئيس الفلسطيني عن قوة موازية وتحديداً منذ عهد ترامب، مما استدعاه للمطالبة ب احياء دور اللجنة الرباعية الدولية مراراً وتكرراً ففي العام 2018 عندما قال “الولايات المتحدة لم تعد شريكاً وحدها وعندنا الرباعية الدولية” واليوم يطالب بعقد مؤتمر دولي للسلام ” تحت رعاية اللجنة الرباعية الدولية فقط وليس غيرها”.

المضحك المبكي لهذا العام أن خيارات الرئيس بدت متناقضة مع سياق الخطاب ذاته، فإسرائيل التي أشهد الرئيس العالم عليها بعدم التزامها القانوني، مستخدماً فعل التحدي ” أتحداكم إن كنا اخطانا” في العام 2018 و “أتحدى إن كنا رفضنا مبادرة حقيقية وجادة” 2021، وضعها أمام خيارين، الأول أن يقوم الفلسطينيون بتقرير المصير من خلال العودة الى قرار التقسيم 181 ، أو أن المعطيات والتطورات على الأرض ستفرض الحقوق السياسية الكاملة المتساوية للجميع على ارض فلسطين التاريخية في دولة واحدة، بينما طالب المجتمع الدولي بعقد مؤتمر دولي للسلام وزاد على هذا بوضع سقف زمني لإنهاء الاحتلال على حدود 1967 بما فيها القدس الشرقية مدته عام واحد، مبدياً الاستعداد خلاله على ترسيم الحدود وإنهاء جميع قضايا الوضع النهائي، ثم أعاد التلويح بخيار سحب الاعتراف بإسرائيل إن لم يحدث ذلك!.

يتسلسل الرئيس في طرح خياراته وكأنها “شكة دبوس” بينما يعلم و نعلم أن السياق الفلسطيني و الدولي الحالي أضعف من أن يعمل عليها، فعن أي قوة اجبارية فلسطينية أو دولية يمكن أن تخضع لها إسرائيل لتختار أو لترضخ!، وعن أي خيارات قابلة للتحقق دون مراعاة موازين القوى الحقيقية ولا قواها الفاعلة، وعن أي خطاب حقيقي يمكننا الحديث إذ فقد هذا النظام السياسي احترامه ومصداقيته، فهو يلوح بيدٍ مبتورة بالانقسام والانتهاكات الداخلية و العجز المالي والفساد وفقدان الشرعية، و الأهم بالتنصل عن الصمود أمام خيارات وضعها بنفسه كما حدث مع خيار وقف التنسيق الأمني الذي طالما لوح به على ذات المنصة!.

Exit mobile version