آخر المطاف الناشط نزار بنات.. السلطة تصر على مسلسل الانتهاكات بحق معارضيها

خاص – مصدر الإخبارية

حالة من الغليان وردود أفعال محلية ودولية غاضبة، ومظاهرات بعشرات الآلاف خرجت بشوارع الضفة عقب وفاة الناشط نزار بنات على يد الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة في الضفة الغربية المحتلة أمس الخميس.

تفاصيل مفجعة كشفتها عائلة المغدور حول ظروف اعتقاله التي أفضت بوفاته، حيث قال عمار بنات ابن عم الراحل “إن قوة من أجهزة الأمن الفلسطينية، قامت بتفجير أبواب بيت عائلة بنات في مدينة دورا حيث كان الناشط نزار بنات متواجداً به، واقتحموه دون احترام حرمته، ثم قامت مباشرة بتوجيه ضربات من عتلة حديدية وهروات خشبية على رأس نزار بمجرد استيقاظه، وقاموا برش 3 علب غاز فلفل في وجهه”. وفق روايته.

وبيّن أن أجهزة الأمن قامت بتعريته من ملابسه، وضربه أثناء جره الى سيارة الاعتقال وشتمه وإهانة عائلته، وكانت الدماء تسيل منه طيلة الطريق للسيارة، بعدها توجهوا به الى جهة غير معلومة، قبل أن يصلهم نبأ وفاته.

الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، أكدت أنها باشرت بالتحقيق وجمع المعلومات حول حادثة وفاة الناشط نزار بنات، وستشارك في تشريح الجثمان من خلال طبيب شرعي منتدب من قبل الهيئة.

وقال الحقوقي في الهيئة المستقلة ” ديوان المظالم”، فريد الأطرش لـ”مصدر الإخبارية: إن الهيئة استمعت لشهادات أقرباء بنات وجميعها أكدت أنه تعرض لاعتداء واضح وصارخ من قبل أجهزة الأمن الفلسطينية التي اعتقلته.

وأوضح أن الشبهات جميعها تدور حول أجهزة الأمن الفلسطينية وهي الجهة التي قامت باعتقاله وعلى إثرها توفى.

اعتقالات السلطة لمعارضيها

تنفذ أجهزة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية بصورة مستمرة حملات اعتقالات تعسفية وانتهاكات بحق منتقديها ومعارضيها، وخصوصاً عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

حيث تعتمد السلطة الاعتقال والحبس لمعاقبة المعارضين ومنعهم من القيام بفضح ممارساتها وكشف فسادها، وذلك باعتمادها على قوانين فضفاضة تجرّم بها أي نشاط، عدا عن إهانة المعتقلين وتهديدهم والاعتداء عليهم بوحشية.

وفي الوقت الذي فيه تشكل الاعتقالات على خلفية التعبير السلمي عن الرأي انتهاكات خطيرة لقانون حقوق الانسان، أكد تحقيق لمؤسسة هيومن رايتس ووتش أن السلطة الفلسطينية تضيق بشكل مستمر على معارضيها.

ووثق التحقيق انتهاكات السلطة التي كان أبرزها اعتقال النشطاء والموالين لحماس أو الجماعات الموالية لحماس بشكل منتظم على أساس انتمائهم أو تعبيرهم السياسي، حيث اعتقلت أجهزة أمن السلطة المواطن أسامة النبريصي (38 عاماً) 15 مرة منذ أن أنهى حكماً بالسجن 12 عاماً لدى الاحتلال 2014، كانت أولها بعد يومين فقط من إطلاق سراحه، بسبب مشاركته في كتلة حماس السياسية أثناء وجوده بالسجن، وفقاً للتحقيق.

كما نفذت السلطة عشرات الاعتقالات بسبب الانتقاد على منصات التواصل الاجتماعي، والتي يعتمد عليها الفلسطينيون بشكل متزايد لمشاركة آرائهم، والتواصل مع بعضهم البعض، وتنظيم النشاطات.

وأشار التحقيق إلى أن أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، أرسلت 10 أفراد أمن إلى منزل الناشط عيسى عمرو في الخليل في سبتمبر/ أيلول 2017، بعد ساعة من استخدامه “فيسبوك” لانتقاده اعتقال صحفي ودعوته السلطة إلى احترام حرية التعبير، حيث اتهم بالتخطيط لانقلاب، و”إثارة النعرات المذهبية”، و”إطالة اللسان على مقامات عليا”، وتهديد “النظام العام للدولة”.

ممارسات وحشية أثناء الاعتقال

وكشف تحقيق هيومن رايتس ووتش المبني على 147 مقابلة أن إساءة معاملة وتعذيب المحتجزين الفلسطينيين أمر روتيني، حيث تمارس المخابرات، والأمن الوقائي وضعية الشبح في مراكز الاحتجاز.

ونقل التحقيق عن علاء زعاقيق، المعتقل من قبل الأجهزة الأمنية في أبريل/ نيسان 2017 على خلفية نشاطاته الجامعية مع الكتلة الإسلامية، قوله “إن عناصر المخابرات أجبروه على الوقوف لفترات زمنية طويلة مع فتح ساقيه في وضعية شبه القرفصاء، وفي وقت لاحق، على أصابع قدميه، مع حبل يشد يديه إلى الخلف”.

وخلال اعتقالها لمعارضيها تعتمد السلطات عدة تكتيكات أخرى لمعاقبتهم وثنيهم، ومنها مصادرة أجهزتهم الإلكترونية، وترك التحقيقات مفتوحة، وإجبار المحتجزين على التعهد بعدم المشاركة في نشاطات معارضة مستقبلية، عدا عن الدخول إلى هواتفهم النقالة وحسابات وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بهم.

في هذا الشأن قال الصحفي من نابلس طارق أبو زيد، أنه أعطى كلمة سر حسابه على فيسبوك لعناصر الأمن الفلسطيني، كي يتوقفوا عن تعريضه لوضعية الشبح وضربه في مايو/ أيار 2016، عندما كان محتجزًا في السجن، بسبب نشره تقرير حول تعذيب السلطة الفلسطينية. وبعد أن اعتقلته المخابرات مرة أخرى في أغسطس/ آب 2017، حققوا معه حول عدة منشورات على فيسبوك كانوا قد طبعوها.

اقرأ أيضاً: خيمة عزاء للناشط نزار بنات بغزة ومطالب بلجنة تحقيق محايدة (فيديو)

في ذات الوقت كثيراً ما تطلق السلطة الفلسطينية سراح المحتجزين بدون إسقاط التهم عنهم، حتى تبقى التهم تهدد المحتجزين السابقين وتستخدم كذريعة محتملة للاستدعاءات أو الاعتقالات المستقبلية.

ويعد قانون العقوبات وقانون الجرائم الالكترونية، الصادر في 2017 والمعدل في 2018، بمثابة منح السلطات صلاحيات واسعة لرصد وتقويض النشاطات الالكترونية، واحتجاز المعارضين والتحقيق معهم كإجراء عقابي.

من ناحية أخرى تقول الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق الإنسان إن السلطة تواصل انتهاكات حقوق الإنسان، والتي يعد أبرزها “الاعتقال السياسي، وتقييد حرية الرأي والتعبير، وتقييد المشاركة السياسية، من خلال عدم الجدية في إجراء انتخابات عامة، والتوقيف على ذمة المحافظين في الضفة”.

وتؤكد الهيئة أن تكرار حالات سوء المعاملة والتعذيب في مراكز التوقيف ما زال مستمراً، وبخاصة خلال فترة التحقيق، بهدف انتزاع اعتراف من المتهمين.

140 انتهاكاً من السلطة الشهر الماضي وآخرها قضية الناشط نزار بنات

تواصلت انتهاكات أجهزة السلطة بالضفة خلال مايو الماضي بكافة أشكالها، من التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي، وملاحقة المقاومين، واعتقال المواطنين على خلفية العمل النقابي وحرية الرأي والتعبير، إلى تعذيبهم في السجون والتنكيل بهم.

لجنة أهالي المعتقلين السياسسين في الضفة رصدت في تقريرها الدوري عن شهر أيار/ مايو ارتكاب أجهزة السلطة (140) انتهاكاً بحق المواطنين، توزعت كالآتي: (37) حالة اعتقال، (28) حالة استدعاء، (9) عمليات مداهمة لمنازل وأماكن عمل، (2) حالات لم تلتزم فيها الأجهزة الأمنية بقرار المحكمة الإفراج عن معتقلين سياسيين، (32) حالة قمع حريات، (1) حالة تنسيق أمني مع الاحتلال، (15) حالة محاكمات تعسفية، فضلاً عن (16) حالة اعتداء وتعذيب وانتهاكات أخرى.

ورغم التصعيد الإسرائيلي الكبير ضد القدس والمسجد الأقصى إلا أن أجهزة الأمن ساهمت بطريقة فعالة في ملاحقة المقاومين، والوصول للمركبة التي استخدمها الأسير منتصر شلبي في تنفيذ عملية زعترة، وقامت باقتحام منزله والتحقيق مع عائلته.

وخلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، منعت الأجهزة الأمنية مسيرات شعبية من الوصول لنقاط الاحتكاك مع الاحتلال، كما اعتقلت عدد من المشاركين في المسيرات الشعبية نصرة للقدس ودعماً لغزة.

وقبيل وبعد قرار تأجيل الانتخابات العامة، هاجمت أجهزة السلطة عدداً من منازل المرشحين للانتخابات التشريعية واعتقلهم وخاصة مرشحي قائمة المستقبل التابعة لتيار الإصلاح الديمقراطي، عدا عن مهاجمة منزل الناشط الشبابي نزار بنات، خلال تلك الفترة.

وشكلت محافظة رام الله والبيرة، الأعلى على صعيد انتهاكات السلطة خلال مايو بواقع (60) انتهاكًا، تلاها محافظة الخليل بواقع (40) انتهاكًا.

كما طالت انتهاكات السلطة (14) أسيراً محرراً، (6) معتقلين سياسيين سابقين، (17) انتهاكاً بحق طلبة جامعات، (6) بحق صحفيين، (27) بحق ناشط شبابي أو حقوقي، (7) بحق موظفين، (1) بحق محامي، (2) بحق داعية.