السلطة التي أذلّت شعبها.. بقلم: مصطفى إبراهيم

مقال رأي – مصدر الإخبارية

كتب المحلل السياسي والكاتب مصطفى إبراهيم مقالاً حول صفقة اللقاحات التي أبرمتها السلطة الفلسطينية مع الاحتلال الإسرائيلي، بعنوان: السلطة التي أذلّت شعبها.

وقال إبراهيم: “الحقيقة أن السلطة الفلسطينية التي تصر على إدارة ملف الإعمار في قطاع غزة، وفشلت في إدارة ملفات عديدة لن يكون آخرها ملف جائحة كورونا وفضيحة صفقة تبادل اللقاحات مع الاحتلال الإسرائيلي، غير مؤهلة لإدارة الشأن العام وإعادة الإعمار في القطاع.

وهي مجرد إدارة مدنية لا تستطيع قيادة موارد اقتصادية، ولا تصلح أن تقود بلدية، واقتصرت مهمتها على إدارة المال العام بفشل يتبعه فشل من أشخاص متهمين بالفساد، ويلهثون خلف مصالحهم على حساب المصلحة العامة وقضايا الناس.

توهّمنا بعد العدوان أننا قد نستطيع التخلص من ركام وآثار الدمار الذي خلفه الانقسام، وإعادة الإعمار بالاتفاق وطنياً، ورفض السلطة الفلسطينية شروط دولة الاحتلال وأن السلطة هي التي يجب ان تدير ملف الإعمار وزعمها أن ذلك لتقوية التيار المعتدل في صفوف الفلسطينيين، وكأن السلطة وقيادتها كانوا ينتظرون من يمنحهم الفرصة للعودة للمشهد السياسي بعد تخليها عن مسؤولياتها تجاه الفلسطينيين أثناء هبة القدس والعدوان على غزة، وفرض سيطرتها وشروطها من بوابة أوجاع وآلام غزة.

وجاءت صفقة اللقاحات لتؤكد عدم أهلية السلطة الفلسطينية وعدم قدرتها على إدارة الفلسطينيين سياسياً وحتى إدارياً، وراحت تنفي عن نفسها عبء المسؤولية عن الصفقة الفاسدة بانتهاء صلاحية اللقاحات ومؤكدة مهارتها في التدليس، وهي ليست المرة الأولى التي تفوح منها شبهات الفساد وغياب الشفافية في موضوع اللقاحات عندما وزعتها في شهر آذار الماضي على الحبايب والمقربين، ولولا اندلاع موجة الغضب في فلسطين والشعور بالعار والخزي، لأنَّ السلطة لم تستطع تقدير خطورة هذه الصفقة وغياب الاجابات ومن المسؤول عن هذه الكارثة؟

وحسب مصادر مطلعة أن قضية تبادل اللقاحات بين الحكومة الفلسطينية ووزارة الصحة من جهة ودولة الاحتلال من جهة أخرى مطروحة على طاولة البحث منذ شهر مارس/آذار الماضي.

وأن وزارة الصحة أجرت اتصالات وبذلت جهود مع شركة فايزر التي تنتج اللقاحات للحصول على اللقاحات المتوفرة لدى دولة الاحتلال، من خلال الشركة مقابل الحصول على اللقاحات التي ستحصل عليها السلطة التي كانت على علم بأن صلاحيات اللقاحات لدى الاحتلال الإسرائيلي تنتهي خلال شهري يونيو/حزيران الجاري وتموز/ يوليو القادم.

علماً أن شركات إنتاج اللقاحات التي بدأت بإنتاجه شركة فايزر كانت الأولى وصنعته للاستخدام الطارئ، يعني لمدة قد لا تتجاوز الاربعة أشهر، ولم تحدد مدة صلاحية طويلة قد تصل لسنة أو أكثر.

وعليه فإن اللقاحات التي تم التفاوض عليها مع دولة الاحتلال قد تكون أنتجت خلال شهر 12 من العام الماضي وتم استيرادها مباشرة، وقد تكون صلاحيتها قد انتهت قبل التاريخ الذي أعلن عنه.

وعلى ضوء ذلك وفي حال تم إجراء عملية تبادل اللقاحات في شهر اذار/مارس الماضي، فإن هذه معضلة أيضاً في ظل احجام المواطنين الفلسطينيين حول أخذ اللقاح، وهل تستطيع السلطة الزامهم على تطعيم 90 ألف مواطن خلال فترة قصيرة؟ وكيف كانت تستطيع لو كان التبادل في حينه لما أثار هذا الجدل، واستلام اللقاحات بنفس شهر تاريخ انتهاء صلاحيتها.

وهناك تصريحات بعودة السلطة للتفاوض على لقاحات جديدة أكدتها تصريحات وزير الأمن إلامن الإسرائيلي بيني غانتس، الذي قال: إنه سعيد أن السلطة الفلسطينية ستعود لاتفاق اللقاحات.

اقرأ أيضاً: اشتية يعلن تشكيل لجنة للتحقيق في قضية اللقاحات ويتحدث عن إعمار غزة

كل ذلك يثير الشك والتساؤلات والتأكيد والنفي والتخبط في ادارة الملف سياسياً واعلامياً، والأخطر هو مدى إمكان قيام السلطة بعملية التطعيم للمواطنين؟ إضافة إلى أداء السلطة الإعلامي ومن كشف الاتفاق وسائل الاعلام الإسرائيلية عن تاريخ انتهاء صلاحيتها، فالتخبط الإعلامي الذي جرى وإعلان عن وزيرة الصحة، ومن ثم تصريح وزارة الخارجية بتكذيب دولة الاحتلال وصولاً لقرار إلغاء الصفقة.

الأزمة ليست سياسية، إضافة إلى أنها ازمة فساد وغياب الشفافية هي أزمة أخلاقية وإعلامية، وهي دراسة حالة تدرس في الإعلام والتواصل وطريقة التعامل مع المواطنين باحتقار وغطرسة، تعبر عن عقلية ديكتاتوورية وحكم استبدادي في التعامل مع الناس.

لم يعتد الفلسطينيين على هذا الحال من الانكسار الذي أوصلتهم اليه قيادتهم والذل الممارس بحقهم إلى هذا الحد، واستمرار الفاسدين واصحاب المصالح في افقار المواطنين، وفشلت دولة الاحتلال بإذلالهم.
وفي ظل فقدان الثقة بالنظام السياسي وغياب المصداقية والشفافية، وأن فضيحة صفقة اللقاحات الفاشلة ألحقت أضراراً فادحة بالفلسطينيين.

ومع ذلك فإن تشكيل لجنة تحقيق مهم، الغرض منه إظهار الحقيقة، على أن تتوفر فيها ضمانات الاستقلالية والنزاهة والكفاءة”.