إعلام الاحتلال يكشف خفايا محاولة اغتيال خالد مشعل قبل 22 عام

القدس المحتلةمصدر الإخبارية

عرضت ليلة أمس الأحد القناة الـ13 بالتلفزيون الإسرائيليّ حلقةً جديدةً من برنامج التحقيقات الاستقصائيّ “قائمة التصفية”، التي أعدّه وأنتجه مُحلِّل الشؤون العسكريّة، ألون بن دافيد،وناقشت حلقة الأمس مُحاولة الاغتيال الفاشِلة للرئيس السابِق للدائرة السياسيّة في حركة (حماس)، خالد مشعل في العاصمة الأردنيّة، عمّان، وذلك في الـ25 من شهر أيلول (سبتمبر) من العام 1997 .

وشمل التحقيق مقابلات وأحاديث مع قادة المؤسسة الأمنيّة في كيان الاحتلال، وتحديدًا أولئك الذين كانوا مسؤولين عن عمليات الاغتيال والتصفية لشخصياتٍ عربيّةٍ وفلسطينيّةٍ.

ويُمكِن القول والفصل أيضًا إنّ مُشاهدة حلقة الأمس تؤكِّد لكلّ مَنْ في رأسه عينان على أنّ العمليات الاستشهاديّة التي نفذّتها (حماس) داخل ما يُطلَق عليه الخّط الأخضر، وبشكلٍ خاصٍّ في مدينتي تل أبيب والقدس، والتي أوقعت مئات القتلى والجرحى، دفعت نتنياهو إلى الطلب من (الموساد) تنفيذ عمليةٍ ثأريّةٍ واغتيال أحد الشخصيات المركزيّة في (حماس).

وبحسب قائِد الموساد آنذاك ياتوم فقد اقترح (الموساد) تصفية قائدٍ من الحركة في دولةٍ بعيدةٍ جدًا عن الكيان، دون أنْ يكشِف عن اسمه، ولكنّ الاقتراح رُفِضَ لأنّ نتنياهو أراد شخصيّةً معروفةً جدًا يؤدّي اغتيالها إلى زعزعةٍ كبيرةٍ في (حماس)، وبالتالي وقع الاختيار على خالد مشعل ، الذي كان يُقيم في ذلك الحين في عمّان، وذلك على الرغم من أنّه بعد اتفاق السلام بين إسرائيل والأردن، المعروف باتفاق (وادي عربة) صدرت الأوامر في تل أبيب بعدم تنفيذ عمليات اغتيالٍ في المملكة الهاشميّة.

تفاصل محاولة اغتيال خالد مشعل

وكُشِف النقاب خلال الحلقة عن أنّ المسؤول في (الموساد) عن العلاقات مع الأردن، والذي كانت تربطه علاقاتٍ حميميّةٍ جدًا مع الملك الراحِل حسين، والذي لم يُنشَر اسمه، كان قد قدّم تقريرًا إلى المسؤولين عنه قبل خمسة أيّامٍ من مُحاولة الاغتيال الفاشِلة جاء فيه أنّه اجتمع إلى الملك حسين، وقام الأخير خلال اللقاء بينهما بتقديم اقتراحٍ لإسرائيل من قادة حركة (حماس)، الذي كانوا يُقيمون في المملكة مفاده أنّ الحركة معنية بالتوصّل لهدنةٍ طويلة الأمد مع كيان الاحتلال، لمدّة 10 أعوامٍ على الأقّل.

وتابع قائلاً إنّه قام على عجلةٍ من أمره برفع التقرير إلى الجهات ذات الصلة، نافيًا في الوقت عينه أنْ يكون على علمٍ بأنّ عناصر الموساد كانوا قد دخلوا الأردن لتنفيذ عملية اغتيال خالد مشعل ، كما قال للتلفزيون العبريّ، الأمر الذي كشف عن مدى البلبلة والارتباك في جهاز (الموساد) بسبب العمليات الاستشهاديّة لحركة حماس، كما أشار المسؤول إلى أنّه لولا مُحاولة الاغتيال لكان تغيَّر وجه الشرق الأوسط بسبب العرض الذي تلقّه من الملك حسين حول الهدنة بين حماس وكيان الاحتلال.

بالإضافة إلى ذلك، تبينّ أنّ عملاء الموساد، الذين دخلوا للأردن لتنفيذ الاغتيال استخدموا جوازات سفرٍ كنديّةٍ، وبحسب الخطّة التي كشف النقاب عنها في البرنامج ميشكا بن دافيد، قائد وحدة الاغتيالات (كيساريا) في الموساد، فقد تمّ اختراع مُصلٍ سامٍ يقتل الإنسان خلال مدّةٍ أقصاها أربعة ساعات بعد إدخاله لجسمه، وبعد المصادقة على الخطّة من قبل المُستوى السياسيّ، انتقل الموساد إلى التنفيذ، ولكن بعد إدخال السمّ القتِل في جسم مشعل، كُشِف أمر عملاء الموساد، حيثُ تمّ اعتقال اثنين منهم، فيما تمّ تهريب أربعة آخرين بمنْ فيهم قائد العمليّة إلى مبنى سفارة تل أبيب في عمّان، على الرغم من أنّ الملك هدّدّ باقتحام السفارة عسكريًا وإعدام العميلين اللذين اعتُقلا بأيدي المُخابرات الأردنيّة، كما قال بن دافيد للتلفزيون العبريّ.

فشل عملية الاغتيال

بعد فشل العملية، قال رئيس الموساد آنذاك للتلفزيون كان همّه الوحيد إعادة العملاء من الأردن بأيّ ثمنٍ، وبالتالي عندما اقترح رئيس الموساد السابِق، إفراييم هليفي، الذي استُدعي على عجلةٍ من أمره للعودة لإسرائيل، عندما اقترح إطلاق الشيخ أحمد ياسين، رفض نتنياهو، وقال له أعطني اقتراحًا ثانيًا، وفي تلك اللحظات كان مشعل يُصارِع الموت لأنّ السمّ القاتِل بدأ يقضي على جسمه، وعليه أمر نتنياهو شخصيًا بإرسال المصل المُضّاد للأردن مع الطبيب، الذي اخترع المصل القاتِل لإنقاذ حياة قائد حماس، وفعلاً وصل الطبيب الإسرائيليّ إلى المستشفى وعالج مشعل وأنقذ حياته، حيث قال ميشكا بن دافيد للتلفزيون: “إنّه لولا ذلك لكان مشعل في عداد الأموات”.

وأكّد جميع المسؤولين، الذين تمّ الحديث معهم علانيّةً وسرًا أنّ الملك حسين شعر بالخيبة والذلّ من تصرّفات الإسرائيليين الذي وقّعوا معه على اتفاق السلام وخانوه، وبناءً عليه، وافقت إسرائيل على إطلاق سراح الشيخ ياسين ونقله للأردن، وفقًا لطلب الملك حسين، وبعد وصوله بطائرةٍ إسرائيليّةٍ خاصّةٍ للعاصمة عمّان، تمّ أطلاق سراح العميلينْ الاثنينْ المُحتجزينْ بالمُعتقل الأردنيّ وسُمِح لهما وبقية أعضاء الخلية بالعودة للكيان، وتحديدًا بعد أنْ تدّخل شخصيًا في القضيّة الرئيس الأمريكيّ آنذاك، بيل كلينتون.

وأقّر رئيس الموساد ياتوم خلال اللقاء التلفزيونيّ معه أنّه تمّ ارتكاب أخطاءٍ جسيمةٍ خلال التحضير للعملية وتنفيذها، لافِتًا إلى أنّه كان يجِب أنْ يرفض تنفيذ العملية على الأراضي الأردنيّة والمسّ شخصيًا بالملك حسين، كما كشف البرنامج عن الخلافات العميقة داخل جهاز الاستخبارات حول العملية وانعكاساتها، وكان لافِتًا الكذب الذي استخدمه (الموساد) عندما قال إنّ محاولة اغتيال مشعل، كان المرّة الأولى التي يتّم فيها استخدام السمّ لاغتيال شخصيّةٍ فلسطينيّةٍ، علمًا أنّ إسرائيل اعترفت في العام 2006 باغتيال الشهيد البطل وديع حدّاد، من مؤسسي حركة القوميين العرب والجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين عن طريق السمّ في الـ28 من شهر آذار (مارس) 1978 بالعراق.