نازحون أونروا

“مللنا علب السردين” … نازحون في فصول الأونروا المدرسية ظروف إنسانية صعبة

دعاء شاهين-مصدر الإخبارية

يعيش الثلاثيني محمد غباين وعائلته في فصل دراسي بإحدى مدارس الأونروا في قطاع غزة، بعد أن قصفت إسرائيل منزلهم للمرة الثالثة خلال الحروب المتكررة على القطاع.

لم يجد غباين ملاذًا آمنًا لعائلته حين اشتد القصف على منزله في منطقة العطاطرة بالشمال الغربي لقطاع غزة، سوى مدارس الأونروا، حينها كان يُحضّر نفسه وعائلته لاستقبال العيد، لكن بدلًا من ذلك استقبلتهم صواريخ طائرات الاحتلال وألسنة النيران المحيطة بهم من كل جانب وكأنما زلزال ضرب المنطقة آنذاك.

يقول غباين: ” بدأت طائرات الاحتلال تقصف بجوار المنزل بشكل مرعب، تملكني الخوف على عائلتي، حاولت قدر المستطاع نقلهم وهم نائمون والبعض هرب حافيي القدمين، ولم نأخذ أي شيء من أغراض المنزل سوى ملابسنا التي كنا نرتديها”. يكمل “وسط اشتعال القصف بدأنا نزحف باتجاه المدارس حيث كل أقاربنا في المنطقة نفس حالتنا لا بدائل أخرى أمامنا”.

يضيف “بقيت في مدارس النزوح طيلة أيام العدوان الـ11 على القطاع، محاولًا تهدئة عائلتي بأننا سنعود للمنزل قريبًا، خاصة أن بعض أطفال يعانون من اضطرابات نفسية طيلة أيام العدوان، وكنا متخوفين جدًا من انتقال عدوة كورونا”. لكن حتى الآن لم يعود محمد.

يعيش وفق ما وصف ظروف إنسانية صعبة جدًا في مدارس النزوح، برفقة عائلته المكونة من 7 أفراد في فصل واحد، تفصل بينهم أوراق الوسائل التعليمية عوضًا عن الجدران، دون مراعاة لأدنى متطلباتهم الرئيسية.

“مللنا علب السردين” أي الأسماء المعلبة، يشرح محمد حالته المعيشية، لكنه لفت أن الوكالة منحتهم فراش للنوم وأغطية ووفرت لهم المياه والكهرباء.

يتابع النازح، “تفتقد عائلتي لكل معايير الخصوصية، خاصة زوجتي كونها لا تستطيع رفع الحجاب عن رأسها بتاتًا ولا تخرج من الفصل، بسبب الاكتظاظ الذي كان بالمدارس”.

كما أكد على حاجته للسكن في منزل بالإيجار، مطالبًا الوكالة والجهات المسؤولة بتعويضه بدال إيجار، أو إعادة إعمار منزله.

ووفق إحصاءات المركز الإعلامي الحكومي في غزة، يوجد 16800 وحدة سكنية غير صالحة للسكن بغزة، إضافة لـ خمسة أبراج سكنية دمرت خلال العدوان الأخير على غزة والذي استمر 11 يومًا.

في الفصل المجاور لعائلة غباين، تجلس عائلة رحمة الساعي (35 عامًا) كانت تلاعب طفلها الصغير، لتخفيف حدة بكائه، فلا مكان آخر يستريح فيه سواء بين جدران الفصل، في ذات الوقت تراعي زوجها المسن والذي يعاني من أمراض مزمنة لتوفير العلاج بعد أن فقده خلال العدوان تحت ركام منزله المقصوف.

هربت رحمة من شرق الشجاعية إلى مدارس النزوح، كحال باقي العائلات التي تسكن على الحدود الشرقية لقطاع غزة، تحت وطأة القصف حيث يتكرر نفس السيناريو معهم في كل عدوان على القطاع.

“نزحت من منزلي خوفًا على زوجي المريض وطفلي، ولم أجد سوي أبواب المدارس التي فتحت لنا، كون كل شيء كان مهدد بالقصف في العدوان، ولا آمان، لكن هي الأخرى غير صالحة لنا، تقصد -مدارس النزوح- “. وفق قولها.

كما تتابع شارحة حالتها المعيشية بالنزوح “نفتقر للكثير من الرعاية، وأغراض المسكن الأساسية، حتى غاز الطهي غير موجود، لأصنع لطفلي رضاعة صناعية حين يجوع ويظل يبكي طويلًا”.

تكمل “أحيانًا أحتاج لطهي بعض الطعام لزوجي المريض ليتناول الدواء فلا أستطيع وأستبدل ذلك “بـعلب “السردين، رغم أنها مضرّة له لأنه يعاني من “حساسية”، وأريد النوم في منزلي بهدوء وأشعر بالأمان مع عائلتي”. موضحة” لكن منزلي مدمّر بالكامل ولا يصلح للسكن”.

وتشكو رحمة من قلة النظافة والرعاية الصحية، كذلك عدم حصولهم على أي معلومات تفيد بتوفير لهم بدال إيجار، أو إيجاد مساكن لهم وإعادة إعمار منازلهم.

بدورها قالت ميلينا شاهين المتحدثة باسم الاعلام بالأونروا بغزة، “إن مدارس الأونروا فتحت أبوابها لقرابة 66 ألف نازح من مناطق مختلفة بالقطاع، ولكن بعد العدوان بدأ جزء منهم يعود لبيته، حتى انخفض عددهم إلى 300 شخص باقون حتى اللحظة”.

وأشارت ميلينا أن العائلات النازحة في المدارس، لا تصلح منازلها للسكن كونها تدمرت بالكامل، مؤكدة على وجود مساعي حثيثة من الأونروا لتوفير أموال لهم بدال إيجار.

كما أوضحت أنه حتى الآن لا يوجد أي معلومات تفصيلية عن موعد توزيع الأموال عليهم، كون ميزانية الأونروا لازالت تنتظر تبرع الجهات المانحة، ونوّهت إلى أنها تعمل حاليًا على حصر الأضرار بالتعاون مع وزارة الأشغال كونها تمثل جزء من خطة إعادة الإعمار بغزة.

في معرض حديثها لفتت شاهين، إلى أنه عقب حرب 2014، أعدت الأونروا 50 مدرسة في مناطق مختلفة من غزة لاستقبال النازحين في أوقات العدوان.

وردًا على الشكاوى المقدمة بتقصير الأونروا تجاه النازحين إلى مدارسها، أجابت ” تكمن مسؤولية الأونروا في توفير المأوى لهم فقط”. مضيفة “ومع ذلك جُهزت بمياه الشرب ومولدات الطاقة والبنية التحتية الملائمة لاستقبالهم”.

كما ذكرت ولوجود بعض التحديات التي واجهتهم وهي تزامن توافد النازحين مع تفشي فايروس كورونا، هذا بدوره يزيد الأعباء وأخذ الاحتياطات اللازمة لحمايتهم.

ويعيش النازحين الفارين قسرًا إلى مدارس الأونروا، أمل العودة إلى منازلهم ليكملوا حياتهم بأمان وسلام بعد انتهاء العدوان على القطاع، وتوفير متطلباتهم الإنسانية.

 

Exit mobile version