ماريا مجزرة

قذفتها الصواريخ خارج منزلها… معجزة أنقذت الطفلة ماريا من مجزرة الشاطئ

دعاء شاهين-مصدر الإخبارية

يحتضن علاء أبو حطب طفلته الناجية الوحيدة ماريا ذات الخمسة أعوام، على ركام منزلهم المدمر بعد أن ارتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي مجزرة بحقهم في مخيم الشاطئ بالعدوان الأخير على القطاع.

انتهى العدوان الإسرائيلي الذي استمر 11 يومًا على القطاع، لكن لم تنته بعد آلام ومآسي الغزيين ممن فقدوا عوائلهم ومنازلهم التي باتت ركام ولم يتبقَ منها سوى ذكريات ممزوجة بالألم والحسرة.

جروح لم تندمل ندباتها بعد من مجزرة الشاطئ

فجر يوم الخميس بتاريخ 15 مايو الجاري، الذي صادف ثاني أيام عيد الفطر، كان أبناء علاء أبو حطب من ضمنهم ماريا، يلعبون في المنزل مع أبناء عمتهم أم صهيب الحديدي التي جاءت في زيارة خاطفة لبيت شقيقها لتعيّد عليه باستحياء تزامنًا مع بدء العدوان على القطاع، فكانت ضحكات الأطفال، أصواتهم تملأ المنزل، يلهون بألعابهم ومرتدين ملابس العيد التي لم يفرحوا بها.

وفجأة دون سابق إنذار، أغارت طائرات الاحتلال الإسرائيلي على منزل أبو حطب المكون من ثلاثة طوابق في مخيم الشاطىء المكتظ بالسكان، حيث المنازل متلاصقة ببعضها البعض، وقصفته بخمسة صواريخ بشكل متتالي، على رؤوس ساكنيه، وراح ضحيتها 10 شهداء بينهم 8 أطفال وسيدتين.

تم انتشالهم من تحت الركام، ولم ينجُ من تلك المجزرة سوى الرضيع عمر الحديدي وماريا أبوحطب ووالد كل منهما حيث تدخلت المعجزة الإلهية لإنقاذهم وإبقائهم على وجه الحياة ليكونا شاهدان على جرائم الاحتلال بحق عوائلهم.

علاء أبو حطب صاحب المنزل يروي ما حدث في صوت مختنق بالبكاء” ذهبت في ساعات متأخرة من يوم الخميس والذي كان يصادف ثاني أيام العيد، في ظل العدوان الإسرائيلي على القطاع، لشراء الخبز حيث كانت زوجتي وشقيقتي أم صهيب التي قد جاءت لمنزلي، يحضرن العشاء والأطفال يلعبون مع بعضهم، وأنا عائد للمنزل سمعت صوت قصف عنيف”.

يكمل أبو حطب بينما كان يربت على كتف طفلته ماريا فلم يبق لها سواه ” حاولت على زوجتي لأطمأن، لم يجب أحد”.

توجس قلب علاء القلق بشكل كبير، بدأ يقترب من مكان منزله وقدماه ترتجفان، حتى اقتربت أكثر، سمع صوت صراخ وسيارات الإسعاف، لكنه حينها لم يكن يعلم أن منزله المستهدف، بدأت قدماه تنقله إليه دون شعور، حتى وصل مكان المجزرة.

يضيف علاء “عندما وجدت أن الاحتلال قصف منزلي وعائلتي تحت الركام أصبت بهستيريا كبيرة لم أستوعب ما حدث كل أبنائي زوجتي وشقيقتي وأبناءها ذهبوا في رمشة عين، عشت كابوس كبير حتى الآن لم يغب عني”.

وفي الوقت الذي كان رجال الإسعاف والجيران ينتشلون أجساد عائلة علاء أبو حطب وشقيقته سمعوا صوت خافت يهمس ” ماما ” ثم يصمت حتى يعود مرة أخرى وينادي “ماما”، فتوجهوا إليه مسرعين لتتبع الصوت حتى وجدوا ماريا في ممر صغير بالمنزل المجاور لمنزلها وجاء والدها معهم، مؤكدًا أن ما حدث بالفعل معجزة حيث ماريا ابنته الوحيدة مازلت على قيد الحياة ولم تصب حتى بأي جروح.

أخذ علاء باحتضان طفلته الصغيرة ماريا والتي لم تبق له طائرات الاحتلال سواها، ليكونا سندان لبعض في الحياة متجرعان حسرة الفراق، ونجت ماريا بفعل ضغط الصواريخ التي قذفتها خارج المنزل بجوار جيرانهم، لوحدها دون أشقائها وأبناء عمتها حيث كانت تتابع أفلام الكرتون وتلعب معهم لحظة القصف.

والد ماريا الذي عاش وحيداً دون أهل أو أعمام أو حتى أقرباء، كانت تمثل له عائلته الصغيرة وأطفاله الأربعة الذي استهدوا وشقيقته الونيس الأكبر في الحياة، وهو الذي بمعتبرهما سكرها أيضًا، لكن الاحتلال لم يبق له أحد منهم فقضى على حياته علاء وأحلام عائلته مبكرًا، ليجعله يكمل باقي أيامه وحيدًا.

رغم ذلك يحاول علاء، جماع شتات نفسه برفقة طفلته الصغيرة ماريا التي لا زالت تسأل بعد انتهاء العدوان عن والدتها وأشقائها تريد أن تشاركهم اللعب كما سابقًا، فلا تجد أحدًا منهم سوى ركام منزلها.

يتابع علاء والد ماريا أن طفلته تعاني من صدمة كبيرة وحالة نفسية صعبة بعد استشهاد عائلتها، ولتخفيف عنها أحيانًا يأخذها في زيارة لبيت جدها والد أمها علها تجد من يلعب معها من الأطفال ويشاركونها الفرح للمساعدة في علاجها من الحالة النفسية التي لا زالت تعيشها.

عائلة أبو حطب، من بين 12 عائلة غزية، تم مسحهم من السجل المدني، جراء قصف إسرائيلي استهدف منازلهم في قطاع غزة، مرتكبًا مجازر بحقهم بشكل مباشر.

حيث تعرضت ثلاثة منازل في شارع الوحدة بحي الرمال إلى قصف أدى إلى استشهاد العائلات الثلاث (أبو عوف، والكولك، واشكنتنا)، البالغ عدد أفرادها 38 شخصاً، كما ارتكبت مجازر بعائلة الحديدي التي كانت تستضيفها عائلة أبو حطب في الشاطئ وعائلات أخرى في مدينة بيت حانون شمال قطاع غزة.

Exit mobile version