مع القدس يتجدد الأمل لـ مصطفى ابراهيم

مقال رأي – مصدر الإخبارية

مصطفى إبراهيم

في الذكرى الثالثة والسبعين للنكبة لن نبقى لاجئين، ولاندفاع عن التاريخ فحسب بل أيضًا عن رواية وسردية أجدادنا وآبائنا الذين هُجروا قسراً من مدنهم وقراهم.

تتزامن هبة القدس وتحدي المقدسيين لعملية التطهير العرقي والترانسفير التي تحاول دولة الاحتلال تنفيذها من خلال سرقة بيوت حي الشيخ جراح، وتكرار لما جرى إبان النكبة وعمليات المحو والاحلال مع ما كتبه رئيس الوزراء الاول لدولة الاحتلال بن غوريون في وثيقة نشرتها صحيفة هآرتس وكُشف عنها حديثًا.

وقوله إنه “توجد حالات، وصل فيها لاجئو الرملة واللد إلى غزة عن طريق رام الله، لأنهم اعتقدوا أنه من غزة سيسهل عليهم العودة إلى الرملة واللد.” ويتساءل ما العمل؟ وجاءت الإجابة على سؤال “ما العمل” بأنه ينبغي “تنغيص عيشهم” دون كلل.

كذلك يجب تنغيص عيشهم في الجنوب ودفع اللاجئين شرقًا (إلى الأردن)، لأنهم لن يتوجهوا إلى البحر ومصر لا تسمح بالدخول.

ما يجري في حي الشيخ جراح ليس مجرد حدث، إنه صراع على الحق والذاكرة والسردية الفلسطينية. وسرقة ملكية تاريخية، ومحاولات مستمرة منذ قرن من الزمان.

ما يجري في القدس والأقصى والشيخ جراح هو إنضاج لاستمرار هبة شعبية مستمرة وهي الاستفتاء والانتخابات الحقيقية ضد قرارات القيادة المرتبكة، وتحدي الإرادة الصهيونية ومحاولاتها كسر وهزيمة الفلسطينيين.

هبة المسجد الاقصى وانتصار المقدسيين في باب العامود وتحدي ومواجهة القمع في المسجد الاقصى منحت الفلسطينيين والمقدسيين الثقة بأن المسجد الاقصى في ايدي المقدسيين الذين يخوضون معركة حقيقية للدفاع عنه.

والسيطرة هي للمقدسيين وليس لإسرائيل والأردن وحتى السلطة الفلسطينية الغائبة، السلطة الوحيدة هي سلطة المقدسيين الذي يخوضوا اشتباك حقيقي للدفاع عن ذواتهم ومسجدهم ومدينتهم ومواجهة السياسات الصهيونية العدوانية.

أثبت الشعب الفلسطيني أنه هو صاحب الدار والقرار في تقرير مصيره، ولن يستطع أحد التأثير في قضيته والمزاودة عليهم والحديث باسمهم، لا دول التطبيع والتتبيع، ولن يستطع حتى أصحاب الوصاية الوساطة ووقف مقاومة الفلسطينيين والدفاع عن أنفسهم.

لقد أظهرت هبة القدس وحدة الفلسطينيين في القدس والضفة وغزة والمقاومة التي يقوم بها الفلسطينيون، ومشاركة فلسطيني الداخل، يقلق المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، خاصة الاشتباك الميداني بين المقدسيين وشباب من فلسطيني الداخل مع المستوطنين في حي الشيخ جراح والمسجد الأقصى.

استمرار الفلسطينيين في مقاومة الاحتلال؛ وسياسة التطهير العرقي في القدس؛ وسرقة بيوت المقدسيين في حي الشيخ جراح؛ هي سياسات لا تزال سلطات الاحتلال الإسرائيلي تعمل على فرضها ضمن سياسة فرض الامر الواقع والقمع. ناهيك عن السياسات الاستيطانية والضم الزاحف في الضفة الغربية، وحصار غزة. كل ذلك يشكل عوامل لاستمرار النضال الفلسطيني ومقاومة الاحتلال.

وفي ضوء ما يجري من جرائم تطهير عرقي في القدس، بالمقابل انتصار الفلسطينيين على آلة القمع الاحتلالية في باب العامود يشكل فرصة هامة في مواجهة الاحتلال، والإمساك بزمام المشروع الوطني الفلسطيني عبر المضي قدما في إنهاء الانقسام وإتمام الوحدة الوطنية، والاستجابة لإرادة الفلسطينيين بالتغيير الديمقراطي في مؤسسات الشعب الفلسطيني.

لا بديل أمام القيادة الفلسطينية والفصائل سوى الاستجابة للإرادة الشعبية بالتغيير ووضع استراتيجيات نضالية لتعزير هبة القدس والروح الفلسطينية الوقادة في مقاومة الاحتلال، وتعزيز صمود الفلسطينيين واحترام حقوق الإنسان والحريات العامة، وفتح حوار وطني شامل بين مكونات النظام الفلسطيني لتريب الوضع الداخلي الفلسطيني وتعزيز الوحدة الوطنية.

القيادة والفصائل لا يحتاجون اعلان الحرب على إسرائيل، يكفي ان يستعيدوا ثقة الشعب، وأن يثقوا بالشعب الفلسطيني وإرادته وخياراته وقدراته. قضية القدس وحي الشيخ جراح فرصة لمواجهة إسرائيل ووقف التنسيق الامني واظهار وجها البشع والفاشية والعنصرية التي تمارسها بحق الفلسطينيين.

مع القدس يتجدد الامل في إعادة الاعتبار للمشروع الوطني، وبناء النظام الفلسطيني، واستعادة الروح الوطنية والمساندة الوطنية من قبل مكونات الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، إنه أمل في أن تشكل هبة القدس بوابة لاستعادة القضية الفلسطينية ألقها وحضورها عربيًا ودوليًا.

ولإبراز السياسات العنصرية الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين. لتكن القدس بوابة التغيير فلسطينيًا وعربيًا، فمع القدس يتجدد الأمل.