في اليوم العالمي لحرية الصحافة لـ مصطفى إبراهيم

مقال رأي – مصدر الإخبارية

مصطفى إبراهيم

نحتفل بـ اليوم العالمي لحرية الصحافة، هذه المهنة التي تصفها السلطات الحاكمة في فلسطين بقلة الأدب والمحرومة الحقوق، وتمارس سياسة التهميش بحق الصحفيين وإخفاء دورهم الاجتماعي في المجتمع، وتتسع دائرة التهميش وحقوقهم المسلوبة، من السلطة والمؤسسات التي يعملون بها.

ويعيش الصحفيين وضع صحي واقتصادي واجتماعي وسياسي خارج عن السيطرة، وقيدت السلطات الحاكمة حرية الصحافة بالاستبداد لإحكام قبضتها على الأوضاع الداخلية. وبدلاً من السماح لوسائل الإعلام بالمساهمة في نشر المعلومات الموثوقة والاضطلاع بدورها كسلطة رابعة، اختارت الحكومات السير في تقويض حرية الصحافة وعدم السماح بالحق في الحصول على المعلومات بحرية، مفضلة تعبئة كل طاقاتها لتقويض حرية الصحافة.

الانقسام الفلسطيني والتجاذب السياسي واستغلال السلطتين الحاكمتين والمتنازعتين على السلطة للصحافيين، وغياب النقابات التي تدافع عنهم واحترام حقوقهم.

تميزت فلسطين خلال سنوات الانقسام المستمرة بأنماط وأشكال مختلفة من الانتهاكات، الضرب والاستدعاء والحجز والمنع من العمل، وحال الصحافة في فلسطين كحال الفلسطينيين المحرومين من الحقوق وتسلب وتقمع يومياً من ثلاث سلطات، أولها دولة الاحتلال الإسرائيلي، التي قتلت أكثر من 100 صحفي فلسطيني خلال خمسة عقود، وتقمع حرية الصحافة، واستهداف الصحفيين الفلسطينيين ومؤسساتهم الصحفية، حيث الاستدعاءات والاعتقالات التعسفية والسجن والتعذيب وحرمانهم من عملهم، والتغطية الإعلامية وتقييد حقهم في حرية الحركة والتنقل، وقتلهم.

وثانيها السلطتان الفلسطينيتان في الضفة الغربية وقطاع غزة تمارسان انتهاكات مختلفة بحق الصحافة والصحفيين.

سنوياً ترصد منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية عشرات الانتهاكات ضد الصحفيين والمؤسسات الصحافية وتتعرض الحريات الصحافية والصحافيين لانتهاكات مست حقهم في العمل.

اقرأ أيضاً: حول قرار تأجيل الانتخابات لـ مصطفى إبراهيم

وفي سياق الحديث في اليوم العالمي لحرية الصحافة ذكرت منظمات حقوق الإنسان في تقريرها السنوي الذي نُشر في العشرين من شهر نيسان/ أبريل الفائت تقول منظمة “مراسلون بلا حدود” إن حرية الصحافة عانت “تدهوراً كبيراً” منذ انتشار جائحة كورونا في جميع أنحاء العالم، وهي معلومة ليست بجديدة على القطاع الإعلامي الذي عانى فوق أزماته السابقة، أزماتٍ جديدة خلال العام الماضي.

لكنّ المنظمة تقدّم أرقاماً وإحصاءات واضحة، تشير إلى مدى احتضار الصحافة تحت وطأة وباء كورونا والقمع والاستبداد.

فقد رسم المؤشر العالمي الجديد لحرية الصحافة الذي تصدره المنظمة، والذي يقيم أوضاع الصحافة في 180 دولة، صورة قاتمة وخلص إلى أن 73 بالمئة من دول العالم تعاني مشكلات خطيرة مع الحريات الإعلامية تشير المنظمة إلى أنّ الدول استخدمت جائحة الفيروس “ذريعة لمنع وصول الصحفيين إلى المعلومات والمصادر والتقارير في هذا المجال”.

سجلت “مراسلون بلا حدود” تدهوراً صارخاً في حريّة العمل الصحافي، كاشفةً عن معوقات تعترض سبل التغطية الإخباريّة. ففي سياق الأزمة الصحية، بات من المستعصي على الصحفيين الوصول إلى مكان الأحداث ومصادر المعلومات على حد سواء. وتشير دراسة أجرتها المنظمة إلى صعوبة متزايدة أمام الصحافيين للتحقيق في المواضيع الحساسة والكشف عنها.

المحزن أن فلسطين المحتلة من الدول التي تقع في قاع المؤشر العالمي لانتهاك حرية الصحافة، وهي من الدول التي لا تحترم حقوق الانسان، وتمارس أجهزتها الأمنية التعذيب والاعتقالات على خلفية سياسية، وتقمع الحريات العامة وحرية الرأي والتعبير ولا تحترم الصحافة والصحفيين، وتضع قيود على عمل الصحافيين وتعتقلهم وتمنع حرية التجمع السلمي والحق في التظاهر والاعتصام، وقائمة الانتهاكات طويلة.

وعلى الرغم من كل تلك الانتهاكات القديمة الجديدة في فلسطين لم تتم مساءلة منتهكي حقوق الصحفيين، ولم يصدر أي تحقيق جدي، وإن صدر يبقى داخل أروقة أجهزة الأمن، ولم نشهد محاسبة للمعتدين، ما يعزّز ظاهرة الإفلات من العقاب، وانصاف الضحايا من الصحفيين.