مخاطر تأجيل الانتخابات على الحالة الفلسطينية؟

صلاح أبو حنيدق- مصدر الإخبارية:

يترك تأجيل الانتخابات الفلسطينية أثاراً واضحة على مجل الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في فلسطين، في ظل تواصل الانقسام والحصار الإسرائيلي، والحاجة لتجديد الشرعيات للمؤسسات الوطنية، وعلى رأسها المجلسين التشريعي والوطني، ومنصب الرئاسة.

ومن المتوقع أن يعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس غداً الخميس خلال اجتماع للقيادة الفلسطينية تأجيل الانتخابات، إلى موعد غير محدد بسبب عدم الحصول على رد من الاحتلال الإسرائيلي بشأن السماح بإجرائها في مدينة القدس المحتلة.

ويجمع محللون سياسيون على أن تأجيل الانتخابات يترك أثاراً وخيمة على القضية الفلسطينية ووحدة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية، ومواقف العالم تجاه حقوقه الوطنية، وتمثيل قيادته محلياً ودولياً، ومنح الثقة لها.

استمرار الانقسام

ويقول المحلل السياسي مخيمر أبو سعدة، إن من أبرز عواقب تأجيل الانتخابات هو استمرار الانقسام الفلسطيني الداخلي، كون التوافق السابق على عقدها بين الفصائل، كانت صيغة، ومقدمة لإتمام الوحدة بين غزة والضفة، وافشال محاولات الفصل بينهما.

ويضيف لـ”مصدر“، أن التأجيل يعني أيضاً استمرار حركتي فتح وحماس بتحميل كل منهما للأخر مسئولية عدم اجراء الانتخابات وبقاء الانقسام لسنوات أطول.

غياب لمنصب الرئيس حال وفاة أبو مازن

ويشير أبو سعدة إلى أن ما يزيد من الأمر خطورة، هو في حال غياب الرئيس محمود عباس عن المسرح السياسي سنجد أنفسنا في حالة من الفوضى، كون أبو مازن هو رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، والسلطة الوطنية الفلسطينية، وليس له نائب، وعلى الأقل في حال وجود مجلس تشريعي، يكون رئيس المجلس رئيساً مؤقتاً.

ويلف إلى أنه في ظل حل المجلس التشريعي مؤخراً من قبل المحكمة الدستورية، فإن أي غياب للرئيس عباس سيؤدي لحالة من الفوضى السياسية في فلسطين.

تعميق لأزمات غزة

ويؤكد أبو سعدة أن التأجيل يعني أن القضايا والمشاكل التي يعاني منها الفلسطينيون وتم تأجيلها في اجتماع الفصائل بالقاهرة لبعد الانتخابات ستشهد تأجيلاً لأجل غير مسمى وإشعاراً أخر، لاسيما الأزمات الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية التي سعاني منها سكان قطاع غزة مثل البطالة والفقر والكهرباء، ورواتب الموظفين، والمعابر.

وينوه أبو سعدة أن التأجيل قد يدفع الدول الأوروبية لتخفيض حجم مساعداتها المالية المحولة لخزينة السلطة الفلسطينية، حال تبين أن إسرائيل وافقت على إجرائها، والسبب في التأجيل هو الرئيس محمود عباس وحركة فتح.

استمرار للتفرد بالقرار الوطني

بدوره يؤكد المحلل ناجي الظاظا، أن تأجيل الانتخابات يمثل استمرار لحالة التفرد بالقرار الوطني الفلسطيني، وتجاوز وجود 36 قائمة انتخابية تُمثل توجهات سياسية واجتماعية واقتصادية ووطنية، وترغب بأن تلعب دور بارز في قيادة مؤسسات السلطة الفلسطينية، وتلبية رغبات الفلسطينيين في شتى أماكن تواجدهم.

ويقول الظاظا لـ “مصدر” إن ما يدلل على حالة الرفض للتأجيل من قبل تلك القوائم هو تهديدها بالقيام بحراك ميداني وشعبي للتأكيد على رفض ذلك، يشمل كافة المناطق الفلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس.

ويضيف أن الهبة الشعبية في القدس من أجل باب العامود وما تلاها من إسناد من قطاع غزة والضفة الغربية، كان في طياته رسائل واضحة بأن هناك غضب من سلوك السلطة، وتدعم حق المقدسيين في المشاركة بالانتخابات، وعدم الاستسلام للقرارات الإسرائيلية، والاتجاه نحو فرض الانتخابات على أرض الواقع، دون الاكتراث لضغوط قادة الاحتلال.

تغير في الخارطة السياسية

وبين الظاظا أن ما قامت الفصائل الفلسطينية من تصعيد وحالة اسناد عسكري لأهالي القدس كانت مؤشر واضح أن هناك خارطة سياسية قد تغيرت، وأن خوف حركة فتح من خسارة الانتخابات، وخشية إسرائيل من فوز حركة حماس في الضفة الغربية، أصبح معلماً يراه الجميع.

حالة وطنية رافضة

وتوقع الظاظا أن يكون هناك حالة وطنية رافضة للتأجيل، لها تداعياتها السياسية وميدانية وشعبية لأنه لا يمكن لأحد أن يقول إن التأجيل لستة أشهر، أو عام هو أفضل للوضع السياسي في مدينة القدس، أو لإجراء الانتخابات، على اعتبار أنها حق وطني تم اقراره بتوافق جميع الفصائل الفلسطينية في القاهرة، وما تلاه من مراسيم رئاسية، وصولاً لأنه لم يتبقى سوى 48 ساعة لبدء الدعاية الانتخابية.

وشدد أن الانقسام الداخلي الذي كان مقرراً أن ينتهي بعد إتمام الانتخابات سيبقى، مما سيدفع بالأحزاب الفلسطينية لإنهائه بقرار وطني إذا لم ترغب قائمة فتح بالمشاركة بالانتخابات، منوهاً إلى أن هناك قوائم أخرى بحركة فتح تريد المشاركة بالنظام السياسي الفلسطيني، وبالتأكيد سيكون لها خطط لفرض إراداتها عبر النظام الجامع الوطني، وربما يتجاوز الأمر لتشكيل كيان فلسطيني للتخلص من تفرد الرئيس عباس وحركته بالسلطة.

مصير المرشحين المستقلين

وتساءل الظاظا عن مصير المرشحين الذين استقالوا من مناصبهم ووظائفهم بغرض الترشح للانتخابات، مؤكداً أنهم قد حرموا من مصادر رزقهم، ومكانتهم الوظيفية.

وتبرر حركة فتح الرغبة بتأجيل الانتخابات برفض إسرائيل السماح لأهالي القدس بالمشاركة بالانتخابات التشريعية في 22 مايو/أيار المقبل.

وتشكل الانتخابات، حسب خبراء بالشأن الإسرائيلي، خطراً على إسرائيل من حيث أن إجرائها في كامل الأراضي الفلسطينية بما فيها القدس يعني اعترافا واضحاً بأن الفلسطينيين لهم أحقية بالمدينة المقدسة، وأن نجاحها قد يؤدي لوحدة النظام السياسي الفلسطيني وإنهاء الانقسام الداخلي للأبد.