مجزرة دير ياسين: الدليل التاريخي الأشهر على دموية وإجرام العصابات “الإسرائيلية”

ساره عاشور – مصدر الإخبارية 

يحيي الفلسطينيون اليوم الجمعة الذكرى ال73 لمجزرة دير ياسين، التي نفذتها العصابات الإسرائيلية، تحديداً عصابات “الأرغون” و”شتيرن”، وبدعم من البالماخ والهاغاناة، في فجر يوم التاسع من شهر أبريل/نيسان عام 1948، بهدف تهجير سكان القرية، ونشر الرعب في القرى والمدن الأخرى، والتي خلفت ورائها نحو 254 شهيداً، وفق مصادر فلسطينية.

تاريخ القرية المهجرة

كانت قرية دير ياسين تقع على تل يبلغ ارتفاعه 800 متر، وتبعد حوالي كيلومتر واحد عن النواحي الغربية للقدس المحتلة، كما بدأ الاستيطان اليهودي في القرية عام 1906، وكانت إحدى أهم منظومات الدفاع عن القدس بعد أن قامت قوات الإمبراطورية العثمانية بتحصين مرتفعاتها، إلى أن اقتحمتها قوات الجنرال اللنبي عام 1917، ما جعل المدينة المقدسة تسقط في أيدي الحلفاء.

اقرأ أيضاً: كي لا ننسى .. 72 عاماً على ذكرى مذبحة دير ياسين

 

تمتعت القرية الواقعة قضاء القدس، بموقعٍ استراتيجي هام، وحركة اقتصادية لافتة قبيل الانتداب البريطاني وبعده، كما شهدت دير ياسين، نمواً ديموغرافياً ملحوظاً حيث ارتفع عدد السكان من نحو 428 نسمة عام 1931، إلى 750 عام 1948.

كانت الطائفة اليهودية تعيش بأمان وسلام داخل القرية، إلى أن اشتعلت ثورة 1936-19939، التي أدت إلى تدهور العلاقات، خلال تلك الفترة، ولكن سرعان ما عادت المياه إلى مجاريها، واستمرت العلاقات طبيعية حتى حدود عام نكبة 1948.

تفاصيل مجزرة دير ياسين

يروي المؤرخون في تفاصيل مجزرة دير ياسين، التي وقعت يوم 9 أبريل عام 1948، على أيدي عصابتي الأرغون والتي كان يتزعمها “مناحيم بيغن” (انتخب رئيساً لوزراء إسرائيل في الفترة 1977-1983)، وعصابة شتيرن التي كان يترأسها “إسحق شامير” (انتخب أيضاً رئيساً لوزراء إسرائيل 1983-1992 بشكل غير متواصل)، وارتكبت المجزرة بدعم من قوات البالماخ.

الباحث في تاريخ هذه المجزرة يجد أنها حدثت بعد أسبوعين فقط من توقيع اتفاق سلام، طالب به رؤساء المستوطنات اليهودية، ووافق عليه أهالي قرية دير ياسين”، إلا أن أن الهجوم كان مفاجئاً مباغتاً كان الغدر شعاره الأول.

في فجر يوم المجزرة، بدأ الهجوم عندما اقتحمت قوات العصابات الصهيونية القرية المغدورة من جهتي الشرق والجنوب، ليفاجئوا سكانها الآمنون والنائمون في بيوتهم، لكن ذلك لم يمنع سكان القرية مقاومة الهجوم الغادر، ما دفع العصابات إلى الاستعانة بعناصر “البالماخ” الذين أمطروا القرية بقائف الهاون، ما جعل طريق القرية ممهداً لاقتحامها.

وفي تفاصيل المجزرة الأكثر ذكراً في كتب المؤرخين، أن عناصر العصابتين كانت تفجرا البيوت وتقوم بقتل أي شيء يتحرك، كما قاموا بإيقاف الأطفال والنساء والشيوخ والشباب على الجدران، ليعدموهم بدمٍ بارد.

ومن أوجه الإجرام التي قامت به العصابات اليهودية في تلك الفترة أيضاً عملها على تشويه جثث الشهداء ببتر أعضائها، وبقر بطون الحوامل مع المراهنة على جنس الجنين، في صورة عجزت كتب التاريخ عن وصف مدى بشاعتها وقسوتها.

كما قامت عصابات الإجرام باقتياد نحو 25 من رجال القرية داخل حافلات وطافوا بهم شوارع القدس كما كانت تفعل الجيوش الرومانية قديماً، ثم أعدموهم رميا ًبالرصاص، وفق ما رواه المؤرخون والشهود على تلك المجزرة.

وبحسب المصادر الفلسطينية، فقد راح ضحية المجزرة نحو 254 شهيداً، جلهم من الأطفال والنساء وكبار السن، فيما يرى مؤرخون فلسطينيون أن ضحايا المجزرة لم يزيدوا على الـ100، وأن الإحصائيات اليهودية تعمدت تضخيمها، لبث الرعب في نفوس باقي الفلسطينيين في القرى المجاورة لإجبارهم على الهروب من منازلهم.

لم تكتف العصابات الإسرائيلية بما اقترفته من وحشية في القرية المنكوبة بل قامت باستثمار المجزرة لبث الرعب في سكان القرى الفلسطينية المجاورة، حيث هاجر الكثيرون إلى بلدات عربية مجاورة، كما أدت إلى تأليب الرأي العام العربي ضد الاحتلال.

وبعد نحو عام من ارتكاب المجزرة، أقامت قوات الاحتلال احتفالات بالقرية المنكوبة حضرها أعضاء الحكومة الإسرائيلية، وحاخامات اليهود، لتخليد سقوط دير ياسين في أيدي الاحتلال.

وفي سنة 1980، أعاد الاحتلال الإسرائيلي البناء فوق المباني الأصلية للقرية، وأطلق أسماء العصابات الإسرائيلية (الأرغون وإتسل والبالماخ والهاغاناه) على أماكن فيها.

وحتى يومنا هذا تواصل المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية إخفاء تفاصيل المجزرة رغم مطالبات منظمات حقوقية بنشر وثائقها وصورها الموجودة في أرشيف الجيش الإسرائيلي بزعم أن نشرها قد يضر بعلاقات إسرائيل الخارجية مع أن العرف الإسرائيلي المتبع يتضمن الكشف عن مثل تلك الوثائق بعد مرور 73 عاما على وقوع أحداثها.