من يوميات الإغلاق الجزئي وجنون كورونا.. بقلم مصطفى ابراهيم

مقال رأي -مصدر الإخبارية

 بقلم مصطفى إبراهيم

كان الإعلان عن حظر الحركة يومي الجمعة والسبت متأخراً، ولاقى نقد وسخط الناس المتعودين على التسوق والتسكع يوم الجمعة، مع أن الازدحام المروري المسائي لم يكن بسبب التسوق، بل هي عادة للتجول وفرحة الناس على بعض.

الإعلان عن حظر الحركة أسعدني، وكأني أردت العودة للتكيف مع الإغلاق المسائي خلال الفترة الماضية، وعدم الخروج من المنزل، وممارسة حرية التباعد الاجتماعي.

مع أن الحكومة والجهات المختصة تكاسلت في فرض القيود على التباعد الاجتماعي والتعليمات الصارمة التي اتخذتها خلال الموجة الأولى من عدوان كورونا الغاشم الذي عاد يضرب بهمجية أكبر، من دون مواجهة حقيقية من الناس والجهات المختصة، واتخاذ إجراءات وتدابير وقائية بإغلاق المدارس والأسواق والمساجد والتي أقيمت بها صلاة الجمعة، برغم حظر الحركة، والحفلات، وسهرات الأفراح والليالي الملاح، وبيوت العزاء والاحضان والقبلات.

صباح السبت فرصة للمشي على البحر، إلا أن موعداً آخر غير مكان المشي من البحر إلى المشي داخل المدينة، وكان بإمكاني الذهاب بالسيارة واستغلال علاقاتي، فأفراد الشرطة المنتشرين على مفترقات الطرق والحواجز يتعاملوا مع الناس الذين يتحركوا بالسيارات قليلة العدد برفق، وكانوا يسألونهم إلى أين ويتركوهم يذهبوا وشأنهم.

إلا أنني فضلت المشي وخرجت من البيت الساعة العاشرة متوجهاً إلى المكتب لحضور جلسة طعن امام محكمة قضايا الانتخابات، والتي استوطنت الطابق السابع من مكتبنا، وحشر زملاء لنا معنا في الطابق السادس والخامس، الطعن تقدمت به حركة حماس ضد إسقاط اسم الأسير حسن سلامة المدرج اسمه للترشح ضمن قائمة “القدس موعدنا”، وأجلت القضية للحكم صباح اليوم التالي الأحد بعد جملة من الاعتراضات والدفوع الشكلية والموضوعية، إذ تبين أن حركة حماس لم تقدم اعتراضاً أمام لجنة الانتخابات المركزية.

إنما استندت إلى رسالة كانت قد وجهتها إلى لجنة الانتخابات تطالب السماح لها بإدراجه ضمن القائمة استثناءً لعدم ورود اسمه في سجل الناخبين النهائي أسوة بأهل القدس، والذي استدركته بعد تقديم الطعن، وتقدمت لاحقاً بطلب رسمي للجنة الانتخابات، الأمر الذي يشير إلى رد المحكمة لهذا الطعن شكلاً وبالتالي اضحى على حركة حماس ان تقدم طعنا جيدا بناء على رد اللجنة على الاعتراض التي تقدمت به لاحقاً.

جلسة المحكمة كانت مفيدة ومملة وبطيئة وطويلة أيضاً، إذ اضطر محامي الدفاع ولجنة الانتخابات المركزية لتقديم مرافعاتهم ببطيء شديد، وكأنهم في حصة لغة عربية ويلقنوا الأطفال في الصف الأول قطعة إملاء.

والسبب أن كاتب المحكمة يدون الجلسة بخط يده، ولا يستخدم الحاسوب، ويبدو أن السلطة القضائية، او من امر بتشكيل المحكمة لم يكن على يقين بإجراء الانتخابات او لم تصله التكنولوجيا ليوفر جاهز حاسوب وكاتب قلم للمحكمة، بدون على الحاسوب، او مقر مستقل للمحكمة تتوفر به جميع مستلزمات المحكمة.

خرجت من المحكمة إلى مكتبنا في الطابق السادس وجلست مع المحامين في انتظار قرار الحكم ومداولات المحكمة التي اجلت النطق بالحكم في اليوم التالي “اليوم الأحد”.

الكاتب مصطفى إبراهيم: موقف إسرائيل من الانتخابات الفلسطينية

غادرت المكتب لزيارة حفيدتي شادن، وهي فرصة للاستفراد بها واللعب معها، وتوجهت مشياً لبيت يافا وحسام وشادن، المشي في شارع عمر المختار بدون ضجيج الباعة وابواق السيارات متعة، مع أنني أفضل أحياناً المشي في الزحمة وبين الناس، لكن أحكام كورونا وحبي للبحر والمشي على الشاطئ.

المشي في شوارع غزة الخالية من الناس ومن أي ضجيج متعة للتعرف اكثر على المدينة والهدوء غير المعتاد.

بعد قضاء ساعة مع شادن عدت للبيت مشي، وكانت أخبار صعود نسب الزيادة الضوئية في أعداد مصابي كورونا تتوارد، وتبعث على القلق برغم حصولي على الجرعة الأولى من اللقاح، إلا أن الخشية والقلق من الإصابة يزداد.

وظلت الاخبار تتوارد حول أن الأرقام المنشورة لا تعبر عن حقيقة الغصابات التي قد تكون أضعاف الأرقام المعلنة وأن كثير من المصابين لا يبلغوا عن إصابتهم. وأن عدد أيضا من المصابين لا يلزموا بالحجر المنزلي وان التزموا بعدم الخروج من المنزل، إلا أنهم يمارسوا حياة الاختلاط العائلي بدون أدنى مسؤولية أخلاقية أو ضمير.

اختلطت أخبار كورونا الضوئية، باستمرار أخبار وتحليلات والهجوم المستمر بالصواريخ من جميع فصائل المقاومة وبناتها وجاراتها ببيانات نسخ لصق على ناصر القدرة وتصريحاته، ويبدو أنه سيكون وقود الدعاية الانتخابية، واستخدام جميع الأسلحة المصنعة محلياً وتعريته وطنياً.

سترافقنا كورونا إلى ما بعد بعد رمضان وعيد الفطر والانتخابات الرئاسية، وفرض حالة الطوارئ على كورونا والتي لم تستطع وقف زحفها، أو حتى وقف الهجوم بهدنة أو تهدئة على ناصر وتصريحاته، التي أصبحت العنوان الرئيسي للدعاية الانتخابية وتجلياتها من مخزون مستودعات الانقسام والكراهية والتخوين والاقصاء.

 الانتخابات لإنتاج شرعية شكلية بقلم مصطفى إبراهيم