قرار الجنائية

كيف ستضغط “إسرائيل” على الجنائية الدولية لإبطال قراراتها بخصوص فلسطين؟ (تقرير خاص)

خاص- مصدر الإخبارية

على مدار السنوات الماضية، سعت “إسرائيل” لاستعمال كامل قدراتها الدولية وعلاقاتها مع الحلفاء للضغط على المحكمة الجنائية الدولية والتدخل في شؤونها عبر عدد من الأدوات، خاصة لإبطال قراراتها بخصوص فلسطين.

وقبل نحو عشرة أيام أصدرت المدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية، قراراً يقضي بأن المحكمة لها ولاية قضائية على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967م وهي قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، ما يمهد الطريق للتحقيق في جرائم حرب فيها.

وهذا القرار يعني أنه “قد يجد مواطنون إسرائيليون أنفسهم في قفص الاتهام في لاهاي، ويُحتمل أن يشمل الأمر كبار السياسيين والضباط العسكريين”.

هذا الأمر فتح المجال مجدداً أمام “القوة الإسرائيلية” التي تحاول التدخل في عمل المحكمة وإعاقته عبر أدواتها المختلفة، مستغلةً بذلك نفوذاً دولياً لها، حيث لا تخفي دولة الاحتلال وعبر لسان مسؤولين فيها قلقها من المحكمة الجائية.

جرائم حرب غزة

محاولات متعددة لإبطال قراراتها بخصوص فلسطين 

عبّر عن محاولات التدخل تلك، ما أفاد به موقع “والا” العبري، نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين كبار أن “إسرائيل تنوي خلال الأيام القادمة التوجه إلى عشرات الدول في العالم ومطالبتها بتوجيه رسالة سرية إلى المدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا، تطالبها بعدم المضي قدما بفتح التحقيق ضد إسرائيل للاشتباه بقيامها بتنفيذ جرائم حرب”.

ولفت الموقع إلى أن “وزارة الخارجية الإسرائيلية أبرقت اليوم الأحد رسالة سرية إلى عشرات السفارات الإسرائيلية في أنحاء العالم، تتضمن تعليمات يجب تنفيذها بما يخص قرار محكمة الجنايات الدولية”، لإبطال قراراتها بخصوص فلسطين.

وأشار مسؤولون إلى أن “الرسالة تضمنت تعليمات حساسة بشكل خاص، وهي تشجيع هذه الدول على ممارسة ضغوطات على المدعية العامة. كما تضمنت رسالة إضافية مفادها أنه في حال فتح تحقيق من هذا القبيل ضد إسرائيل فإن الأمر سيخلق أزمة ديبلوماسية مع السلطة الفلسطينية والتي لن تسمح بأي تقدم بالعلاقات بين الجانبين”.

وفي السياق نفسه، نقلت الإذاعة العبرية العامة عن “مسؤولين أمنيين إسرائيليين” توضيحهم أن إسرائيل قد اتفقت مع دول مشاركة في عضوية محكمة لاهاي الجنائية، على منحها إنذاراً مسبقاً بحال قررت اعتقال “قادة إسرائيليين” فور وصولهم إلى هذه الدول والتبليغ عن تقديم طلب لاستصدار أمر اعتقال ضدهم، وسعت لإبطال قراراتها بخصوص فلسطين.

نتنياهو

محاولة لإبطال قراراتها بخصوص فلسطين

لمواجهة قرار المحكمة أيضأ، وضع “الباحثون الإسرائيليون” عدة خطط أبرزها؛ ما قدمه الباحث في مركز القدس للأبحاث والدراسات، ألان بيكر بعد يوم واحد من صدور القرار، حيث اقترح حملة دبلوماسية، بحيث تتولى وزارة الخارجية والعدل التنسيق مع حكومة الرئيس الأميركي بايدن، لهدف الوصول إلى (الإضرار بالمحكمة الجنائية نفسها) لأن أمريكا و”إسرائيل” ليستا عضوين في المحكمة.

ودعا الباحث لاستغلال، أن نائبة الرئيس الأميركي الجديد، كامالا هاريس، كانت من أشد المعارضين للمحكمة، عندما كانت عضواً في الكونجرس، وشاركتْ مع الجمهوريين قبل الانتخابات الأخيرة في التوقيع على رسالة وُجهت إلى المحكمة، وجاء في الرسالة: “يرفض الموقعون اعتبار فلسطين دولة، فهي لا تملك مواصفات دولة، كذلك فإن أميركا وإسرائيل دولتان ليستا عضوين في المحكمة، هاتان الدولتان لهما نظام قضائي عادل قادر على المحاكمة”.

وتطالب “إسرائيل” أيضاً بضرورة، التنسيق مع الرئيس بايدن، لتوقيع العقوبة على المحكمة، وعلى الفلسطينيين معاً، حيث كان مفروضاً أن تمنع المحكمة كل الجرائم على شاكلة الهولوكوست، غير أنها بدلاً من ذلك تعادي “إسرائيل”، وفقاً لادعاءات إسرائيلية.

وكذلك اتجهت “أوساط إسرائيلية” لنبش قرار أمريكا الذي صدر في عهد ترامب 13938 والقاضي بإغلاق مكاتب المحكمة، وعدم منح أعضاء المحكمة وأسرهم تأشيرات الدخول، وأن توقع عقوبات مالية على الفلسطينيين، وطالبت بلفت نظر محكمة الجنايات إلى أن هناك قضايا أهم، بخاصة، قضية مسلمي الإيغور في الصين الذين تنتهك الدولة حقوقَهم.

نائبة الرئيس الأميركي الجديد، كامالا هاريس

هل سيؤثر اختيار مدعي جديد على القرار؟

قبل عدة أيام، انتُخب المحامي والحقوقي البريطاني البارز كريم أحمد خان مدعياً عاماً جديداً للمحكمة الجنائية الدولية خلفاً للقاضية فاتو بنسودا التي فرضت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عقوبات بحقها، حيث سيقود خان تحقيقات الجنائية الدولية في أماكن مختلفة بالعالم.

وأفادت الإذاعة العبرية في وقتٍ سابق، بأن المدعي الجديد سيكون له تأثير كبير على قرار فتح تحقيق ضد “إسرائيل”، وضغطت الأخيرة خلف الكواليس على الكثير من الدول لدعم انتخاب كريم خان ليصبح مدعياً عاماً للجنائية الدولية بدلًا من بنسودا.

ولفتت إلى أن “تل أبيب” تنظر إليه بأنه شخصية براغماتية عندما يتعلق الأمر بموقف المحكمة، وأقل عرضة للسعي إلى تسييس أي قضية، كما أن بريطانيا والولايات المتحدة ودول أخرى تريد له أن يظفر بهذه الوظيفة.

كريم خان

ليست المرّة الأولى

في شهر آيار/ مايو عام 2020، قالت المحكمة الجنائية الدولية إن حملات التشويه الإسرائيلية التي تستهدفها بشأن حيادها “لن تؤثر في مجريات التحقيق بشأن فلسطين”، وذلك في ردٍ منها على حملات كثيرة شنتها إسرائيل ضدها، حيث بيّنت المدعية العامة السابقة في المحكمة فاتو بنسودا أوضحت في بيان نشرته عبر “تويتر”، أن “المحكمة تجري تحقيقها بشأن فلسطين على نحو محايد ومستقل، مؤكدة أن “الادعاءات التي يتداولها الاعلام الإسرائيلي لا أساس لها”.

وعام 2015 وحينما أصدرت المدعية العامة في المحكمة قراراً ببدء تحقيق في جرائم “إسرائيل” خلال الحرب على غزة عام 2014، بدا على السطح الكثير من العداء الذي يتحمله إسرائيل على تلك المحكمة وطاقمها، حيث صدرت العديد من التصريحات التي هاجمتها واتهمتها بالانحياز وهددت بأنها لن تسمح بمثول جنودها أو قادتها أمام تلك المحكمة.

وفي تلك الفترة، بدأ “رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير خارجيته حينذاك، أفيغدور ليبرمان”، الشروع في حملة للضغط على محكمة الجنايات لتلغي قرارها في التحقيق. واتصل نتنياهو مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري آنذاك، وطلب منه أن تتجند الولايات المتحدة لإحباط قرار محكمة الجنايات الدولية وتلغي حصتها في تمويل المحكمة.

المدعية السابقة بنسودا
Exit mobile version