استمرار إغلاق الأسواق الأسبوعية بغزة يتسبب بمأساة لآلاف العمال

خاص- مصدر الإخبارية

يعاني الفلسطيني إبراهيم الموسى، الذي يسكن مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، وقت تفكيره في توفير احتياجات أسرته المكونة من تسعة أفراد، فبعد مرور أكثر من 250 يوماً على إغلاق الأسواق الأسبوعية بسبب انتشار فيروس كورونا في غزة، لا زال الموسى حتى الحين بلا فرصة عمل تمكنه من تحصيل المال اللازم لتلبية احتياجاته.

يقول في حديث لمصدر الإخبارية: “أغلقت الحكومة الأسواق الأسبوعية منذ مارس/ آذار الماضي، وأعادت فتحها مرة أخرى بعد نحو شهرين، وبعدها عادت وأغلقتها في نهاية شهر أغسطس/ آب الماضي، وعلى الرغم من عودة الحياة إلى طبيعتها في الوقت الحالي، إلى أن الحكومة لا زالت ترفض فتح الأسواق، بحجة عدم استقرار الحالة الوبائية”، مبيّناً أن الحكومة بهذه القرارات تتجاهل احتياجاتهم وتتغاضى عن مسؤوليتها تجاههم، لاسيما وأنها لم توفر لهم حتى هذا الوقت بديل.

إغلاق الأسواق محطم للآمال

ويعد الموسى، واحد من آلاف البائعين الذين يعملون في الأسواق الشعبية الأسبوعية داخل قطاع غزة، الذين تضرروا من إغلاق تلك الأسواق وفقدوا مصادر رزقهم، حيث كانوا قبل الإغلاق يتنقل بين محافظات القطاع يومياً يحملون بضاعتهم ويبيعونها للمواطنين بسعرٍ معقول يناسب وضعهم المعيشي.

وكان أهالي قطاع غزة، يرتادون الأسواق الأسبوعية يومياً حسب مكان سكنهم، ويشترون من هناك ما يحتاجونه من ملابس وأثاث منزليّة ومواد غذائية وغيرها، حيث يعتقدون أن الأسعار في تلك الأسواق أقل نسبياً من تلك المقدمة من قِبل المحلات التجارية، ويرجع السبب في ذلك إلى أن أغلب البائعين في تلك الأسواق هم من تجّار الجملة والموزعين، وأمر آخر متمثل في عدمِ دفع التجار في تلك الأسواق لمبالغ طائلة كمصاريف تشغيلية، على خلاف المتاجر الثابتة.

ويعيش في القطاع ما يزيد على مليوني فلسطيني، يعانون أوضاعاً اقتصادية ومعيشية متردية للغاية، جراء الحصار الإسرائيلي المتواصل منذ 2007، فاقمها تفشي جائحة كورونا، ويتلقى 4 أشخاص من بين كل 5 في القطاع مساعدات مالية، بحسب إحصاء للمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان ومقره جنيف، أصدره نهاية يناير/ كانون الثاني الماضي.

الشاب رامي الغرة، الذي يسكن في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، يقول لمصدر الإخبارية، إنه بدأ العمل في الأسواق الشعبية منذ أن كان طفلاً برفقة والده، حيث يبيعون الملابس خلال جميع أيام الأسبوع، ومنذ إغلاق الأسواق، انقطع عن عمله، وصار غير قادر على توفير احتياجاته الشخصية البسيطة، موضحاً أن ذلك الإغلاق أثر عليه بشكل كبير، ودمر خطته المستقبلية في الزواج، الذي كان من المفترض أن يتم قبل نهاية العام الماضي، لكن عدم وجود المال الكافي حال دون ذلك.

واليوم الأحد، حرص الشاب الغرة، على التواجد منذ ساعات الصباح الباكر بالقرب من المجلس التشريعي الفلسطيني، حيث تجمع هناك العشرات من أصحاب البسطات العاملين في الأسواق الأسبوعية للمطالبة بإعادة فتحها، ولإعلاء صوتهم للمسؤولين المعنيين بقضيتهم، ويلفت خلال حديثه إلى أن مشاركته في وقفة الاحتجاج تلك، جاءت بعد أن استنفد كل الخيارات التي يمكن أن توفر له بديلاً لرزقه.

ضررٌ كبير للعمال

وتنقسم أيام الأسبوع في غزة، بين الأسواق على النحو الآتي، “سوق السبت” وهو خاص بمحافظةِ رفح، و”سوق الأحد” يفتح أبوابه أمام المواطنين في محافظة شمال غزة، و”سوق الاثنين” من نصيب سكان مخيم النصيرات، و”سوق الثّلاثاء” الواقع داخل حدود مدينة دير البلح، و”سوق الأربعاء” وهو خاص بأهل خانيونس من شرقها إلى غربها، و”سوق الخميس” مكانه في مخيم البريج، و”سوق الجمعة” يعد أكبر الأسواق وأهمها، كونه يقع شرق محافظة غزة.

والجدير ذكره أن تقرير صدر خلال شهر أكتوبر/ تشرين أول، عن الاتحاد العام لعمال فلسطين، قدّر عدد العمال المتضررين من الجائحة بنحو 140 ألف عامل، بصورة مباشرة وغير مباشرة، رغم عودة العمل جزئياً لقطاعات عمالية مختلفة، مبيّناً أن معدل خسارة العمال لرواتبهم وصل لنحو 40 مليون دولار، فيما فقد آلاف العمال وظائفهم بصورة مؤقتة نظراً لتعطل الحركة، يضافون إلى ربع مليون متعطل عن العمل في القطاع المحاصر.

وعلّق رئيس الاتحاد العام لعمال فلسطين سامي العمصي على موضوع استمرار إغلاق الأسواق الأسبوعية، في تصريحات صحفية سابقة قائلاً: “إن الأسواق الشعبية تشكل فرصة عمل لآلاف المتعطلين عن العمل، في ظل ارتفاع معدلات البطالة خصوصاً في فئة الشباب وخريجي الجامعات في السنوات الأخيرة”، مبيّناً أنه لا توجد إحصائية ثابتة بأعداد العاملين في الأسواق الشعبية، إلا أنها تشكل رافداً اقتصادياً مهماً ومصدر رزقاً لآلاف العائلات في القطاع، في ظل ارتفاع معدلات الفقر وانعدام الأمن الغذائي في صفوف السكان.

وطالب العمصي بضرورة تحرك الجهات الحكومية لتعويض هؤلاء المتعطلين في ظل استمرار حالة الإغلاق وعدم وجود موعد ثابت لإمكانية عودة الحياة لوضعها الطبيعي قبل انتشار جائحة كورونا.