تصدير محاصيل غزة… فرحةٌ للمزارع ونكبة على المواطن

خاص- مصدر الإخبارية

يتمتم المواطن الغزّي سعيد خضر (42 عاماً)، غضباً من ارتفاع أسعار محاصيل غزة الزراعية، فبعد جولةٍ صغيرة على بعض المحال التجارية التي تختص ببيع الخضار والفواكه، وجد أخيراً الفراولة الحمراء التي طلبتها منه ابنته قبل عدّة أيام، لكنّه تفاجئ بأنّ سعر الكيلو الواحد منها يبلغ 18 شيكل، وهو ثمنٌ مرتفعٌ جداً، إذا ما تم مقارنته بدخله اليومي الذي يتقاضاه جراء عمله كعاملٍ في ورشة حدادة، والذي لا يتجاوز في أحسن الأحوال الـ50 شيكل.

يقول في حديثٍ لـ “مصدر الإخبارية”: “لديّ أربعة أبناء وأعيش برفقتهم مع زوجتي ببيت العائلة، وبالكاد نستطيع توفير قوت يومنا بما أحصّله من أجر، والغلاء الذي تشهده بعض السلع الزراعية الأساسية، يشكل عامل إزعاجٍ لي ولكلّ الأشخاص محدودي ومعدومي الدخل”، مبيّناً أنّ أصحاب المحلات التي اعتاد على شراء كيلو الفراولة واحد منها خلال السنوات الماضية بحوالي دولار واحد، أخبروه أنّ السبب ارتفاع أسعارها، يعود لقيام المزارعين بتسويق كامل منتجهم منها خارج القطاع.

ويبلغ معدل الفقر في قطاع غمزة 75 % وفقاً لآخر البيانات الصادرة عن وزارة التنمية الاجتماعية. وتعتمد أكثر من 80% من الأسر الغزّية على المساعدات، ووصلت نسبة البطالة في القطاع بحسب آخر إحصاءات مركز الإحصاء الفلسطيني إلى 53%، وفي تقرير نشرته اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار في بداية العام الحالي، ظهر أنّ حوالي 70% من المواطنين يعانون من انعدام الأمن الغذائي في القطاع خلال عام 2019، بارتفاع واضح عن سابقه نسبة تقترب من الـ 5%.

وليس صنف الفراولة هو الصنف الغزّي الوحيد الذي يتأثر سعره، بحالة المعابر وحركة التصدير للخارج، فكثير من الأصناف الأساسية، التي تابع أسعارها مراسل “مصدر الإخبارية”، تشهد بين الفترة والأخرى تغيّر، تبعاً لأمر السماح بالتصدير، ومن تلك المنتجات مثلاً، البندورة التي يرتفع سعرها لحوالي دولار ونصف في حين التصدير، وتكون أقل من نصف دولار في الأوقات التي تمنع إسرائيل فيها خروجها عن المعابر، وكذلك الأمر في صنف الخيار، والفلفل الحلو، والحرّاق، والباذنجان وغيرها، والبصل الذي أدى عدم السماح باستيراده هذا العام لارتفاع متواصل بأسعاره.

ويوضح المزارع أكرم أبو خوصة الذي يمتلك أرضاً زراعية بمساحة واسعة، في منطقة غرب مدينة بيت لاهيا شمال قطاع غزّة، أنّه تعرض خلال السنوات الماضية لخسائر كثيرة جراء منعه من تصدير محاصيل أرضه وبعض الأصناف التي يزرعها، مبيّناً أنّ إسرائيل تسمح لهم بين الوقت والآخر بالتصدير، وفي ذلك الحين، لا يكون أمامهم سوى الاتجاه للأسواق الخارجية لتعويض خساراتهم.

ويتابع: “نحن كمزارعين نعلم أن القدرة الشرائية لدى المواطنين ضعيفة، وكثير منهم بالكاد يجد قوت يومه، لكنّنا في ذات الوقت لا نستطيع تحمّل الخسارات المتتالية، لأنّ مالنا ينفذ وقدراتنا تُستنفذ، دون وجود أيّ جهة تدعم عملنا”، لافتاً إلى أنّهم طلبوا الجهات الرسمية عدة مرات، بتثبيت أسعار الأصناف، بحيث تناسب المزارع والمستهلك، لكنّ الأمر لم ينجح تحت مبررات الظروف الاقتصادية الصعبة، التي يعيشها القطاع.

من جانبها، تقول المواطنة سعاد عوض (37 عاماً)، إنّ أمر ارتهان توافر بعض المنتجات المحلية بحركة التصدير والتسويق للخارج، سيئاً على المواطنين مهما كانت فائدته للمزارعين لأن الأوضاع الصعبة للناس لا تحتمل أي زيادة بالأسعار، منوهةً إلى أنّها ليست ضد فكرة دعم المزارع الفلسطيني، الذي صمد كثيراً وواجه التحديات والاعتداءات الإسرائيلية خلال التصعيدات وفي أوقات مسيرات العودة، لكنّها ضد فكرة أنّ يتم دعمهم على حساب قوت المواطن البسيط.

بدوره، يروي الناطق باسم وزارة الزراعة أدهم البسيوني لـ “مصدر الإخبارية”، أّنّ أسعار المحاصيل في غزّة، تكاد تكون مقبولة في كثير من أوقات العام، وفي أحيان تكون أقل من تكلفتها الإنتاجية، ويعود السبب في ذلك بحسب حديثه إلى اتساع المساحات المزروعة بالأصناف المتنوعة، ولضعف القدرة الشرائية لدى المواطنين كذلك، مؤكداً أنّ الفترات التي يشهد فيها القطاع عملية تصدير لبعض الأنواع، تشهد ارتفاعاً عادياً في الأسعار، لأنّ العرض يقل في السوق، وتنعدم المنافسة بين التجار.

وفي مؤتمر صحفي سابق نبه وكيل الوزارة إبراهيم القدرة، إلى أنّ وزراته تعمل على تنظيم عملية التصدير، وفقاً لمعرفتها بكميات الإنتاج وحاجة السوق، وتتجه لتفعيل هذا الخيار المرتبط بشكلٍ أساسي بالاحتلال، بين الوقت والآخر لأجل دعم المزارعين ولتعويضهم عن خساراتهم المتتالية، مشيراً إلى أنّ مساحة الأراضي المزروعة في القطاع تبلغ حوالي 170 ألف دونم، ويصل معدل التصدير السنوي لحوالي 40 ألف طن من عشرة أصناف تقريباً يسمح الاحتلال بتصديرها، وتدر على القطاع دخل مالي بقيمة تصل لما يقرب من الـ 40 مليون دولار.