تحقيق “الرواية المفقودة”… عرض لتاريخ الخلاف بين عباس ودحلان

خاص – مصدر الإخبارية

بثت قناة الكوفية الفضائية، مساء الإثنين، الجزء الأول من تحقيقٍ استقصائي بعنوان “الرواية المفقودة”، ويكشف عن أسرار وحقائق الخلافات بين القيادي في حركة فتح محمد دحلان، ورئيس السلطة محمود عباس، ويبيّن التحقيق كذلك المؤامرات الداخلية والخارجية، التي تعرض النائب دحلان بهدف إقصائه عن المشهد الفلسطيني.

وأظهر ما عرض في الجزء الأول، وقوف شخصيات قيادية بارزة في السلطة الفلسطينية، وراء اتخاذ قرار “تصفية دحلان”، بعد اقتحام منزله بمدينة رام الله في الضفة الغربية المحتلة، وفسّر “التحقيق” أيضاً كيف أن محمود عباس فشل بشكل واضح، وعبر اللجنة التي شكلها للتحقيق مع دحلان، في إدانته بالتهم الموجهة له، وعجز عن تقديم أي مستندات أو أدلة ضده.

وتطرق التحقيق، إلى الانقسام الفلسطيني الداخلي بين الأحزاب، ودوره في إضعاف موقف الفلسطينيين على الصعيد الدولي، وكيف أنه ساهم في تغول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على حقوقهم، وتجرأه على الإعلان عن صفقة القرن، بداية العام الجاري.

وذكر أيضاً، أن العلاقة بين الرجلين “دحلان وعباس”، انطلقت من دولة تونس عام 1993 حيث كانت هناك تجري التحضيرات النهائية لإمضاء اتفاق أوسلو للسلام، حيث تحفظ القائد دحلان في ذلك الوقت على العلاقة مع عباس، بسبب مواقف الأخير الداعية للسلام الكامل مع الإسرائيليين.

ومع مرور الوقت، وبتدخل من وزير المفاوضات الفلسطيني السابق حسن عصفور التقى الرجلين، حيث أبدى عباس إعجابه الشديد بشخصية دحلان، وتطورت بينهما العلاقة، وبعدها انتقل دحلان برفقة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، إلى قطاع غزة، فيما بقي عباس في تونس.

ويشير الوزير عصفور خلال التحقيق، إلى أن الرئيس عرفات حجّم من دور عباس في حينذاك، وبدأت الخلافات تدب بينهما، مما استدعى بروز أطراف عربية حاولت استقطاب عباس لصالح بناء تحالف فلسطيني ضد الرئيس عرفات، حيث شارك “أبو مازن” في التوقيع على بيان ضد أبو عمار آنذاك.

وبحسب ما ورد بالتحقيق، فقد استشعرت قيادات فلسطينية متعددة أبرزها محمد دحلان، خطورة الموقف، وتدخل لدى الرئيس عرفات لإعادة محمود عباس إلى فلسطين، وبعد عودته تمت، صلحة بين الأخير عرفات في منزل القائد دحلان.

سارت الأمور في ذلك الحين، إلى أن تولى عباس رئاسة الحكومة الفلسطينية عام 2003، وحينذاك أصرّ على دحلان ليكون وزيراً بحكومته، فتولى حقيبة وزارة الداخلية، وبعد مرور وقت، وتحديداً بتاريخ 11-11-2004 استشهد الرئيس عرفات، الذي تعرض في بيت عزائه محمود عباس، لمحاولة اغتيال أنقذه منها القيادي دحلان، ثم قام بعد ذلك بدعم ترشحه لرئاسة السلطة الفلسطينية عام 2005.

ووفقاً للتحقيق، فقد برع القيادي دحلان بالترويج لعباس خلال حملته الانتخابية وقدمه في الكثير من المهرجانات الخطابية، إضافة لأنه استنفر كل علاقاته وجهوده لدعمه ميدانياً وفي صناديق الاقتراع، حتى فاز عباس وصار رئيساً للسلطة.

في نهاية عام 2005 ومع بدء التحضير للانتخابات التشريعية، بدأت ملامح الخلاف بين الرجلين تظهر على السطح، حيث أصر عباس على الذهاب نحو الانتخابات استجابة منه للضغوط الأمريكية، فيما فضل دحلان ومعه قيادات فتحاوية أخرى إرجائها، بسبب الضعف الذي كانت تمر به حركة فتح حينذاك، وساهم تشبت أبو مازن بموقفه في تعميق الخلاف.

وأشار التحقيق، إلى أن الخلاف تجدد وقت الحديث عن القوائم الانتخابية، حيث قرر عباس الدخول بقائمة تضم أسماء الصف القديم في حركة فتح، فيما كانت رؤية دحلان تتمثل في ضرورة إفساح المجال للقيادات الشابة. ومع عدم وجود توافق، قرر دحلان الدخول بقائمة “المستقبل” ضمت كل من القادة، مروان البرغوثي وجبريل الرجوب وسمير المشهراوي.

ولفت إلى أن عباس، قاد برفقة شركائه، عدد من المحاولات لإجهاض القائمة التي تضم دحلان، وفي ضوء ذلك ومنعاً لفرص تعميق الخلاف، تم التوافق على دخول الجميع بقائمة موحدة، تحت رئاسة القائد مروان البرغوثي.

ومع فوز حركة حماس بالانتخابات، فاز القائد دحلان بأعلى نسبة أصوات عن مدينة خانيونس، ونجح بدخول المجلس التشريعي، ومرّ الوقت وصار الرجل من بين أهم الشخصيات التي تتصدر معارضة حركة حماس وأيدولوجياتها بالحكم، عبر الوسائل الإعلامية المختلفة.

وتطرق التحقيق لمرحلة الانقلاب وسيطرة حركة حماس على غزة، وكيف أن عباس ساهم في تسليم غزة، عبر تكتيك كان يهدف من خلاله للتخلص منها ومن القيادي محمد دحلان، الذي قدم استقالته بعد الانقلاب مباشرة، وبدأ بعدها بفترة بالتجهيز لمؤتمر حركة فتح السادس، الذي عقد عام 2009 بعد انقطاع دام لحوالي 21 عاماً، حيث تم انتخاب دحلان عضواً للجنة المركزية في الحركة.

وأظهر التحقيق، أن الخلاف بدأ منذ أول اجتماع للجنة، حيث عارض دحلان حصول على عباس على رئاسة المفوضية المالية للجنة، لأنه هو من كان يرأس كل اللجنة بالأساس، حيث اعتبر التحقيق ذلك انقلاباً على المبادئ والأخلاقيات التي كان يتغنى بها عباس.

ونوه التحقيق إلى أن “تقرير جولدستون”، الخاص بتوثيق الاعتداءات الإسرائيلية خلال العدوان الإسرائيلي على غزة، الذي اندلع عام 2008، كان من الأسباب التي أججت الخلاف، حيث عمل عباس على تأجيل التصويت على القرار الخاص بالتقرير في مجلس الأمن، الأمر الذي ترك ردود فعل فلسطينية وغاضبة، وفوت فرصة إدانة إسرائيل دولياً، وتم ربط ذلك من قبل بعض الأطراف، بعلاقات أبناء عباس التجارية مع إسرائيل.

وحينذاك، بحسب تحقيق “الرواية المفقودة”، خرج القيادي دحلان وبصفته مفوضاً للإعلام في حركة فتح، على بعض وسائل الإعلام، وتحدث بوضوح عن عدم علاقة اللجنة المركزية لحركته بموضوع تأجيل التصويت على القرار، وأعلن عن وجود لجنة تحقيق خاصة بالأمر.

ولفت التحقيق، إلى أن عباس بدأ يتوجس من دحلان في ذلك الوقت، وزاد ذلك التوجس مع زيادة شعبية دحلان وكثرة خروجه ميدانياً، حيث تم استقباله باستقبالات حافلة بكثير من محافظات ومؤسسات الضفة الغربية المحتلة، موضحاً أن عباس أمر بذلك الوقت بسحب الحراسات عن منزل دحلان، وكان الأخير وقتذاك يتلقى العلاج خارج البلاد.

وفي نفس الوقت، دعا عباس إلى تشكيل لجنة استماع لدحلان تحولت فيما بعد للجنة تحقيق، سُأل فيها دحلان عن تصريحات إعلامية له، اعتبر عباس أنها تسيئ لحركة فتح، وهنا كانت نقطة التحول، حيث تحول دحلان بقرار اللجنة، من القيادي البارز في حركة فتح، إلى القيادي المفصول منها، وتم تجميد عضويته بلجنة الحركة المركزية ومنع من حضور اجتماعاتها.

وكشف التحقيق عن تسجيلات سرية، تُبين مجرى التحقيقات مع دحلان، حيث ظهر أن اللجنة المشكلة للتحقيق، لم تدن القيادي دحلان، بالتهم التي وجهها له محمود عباس.

مجريات التحقيق وقرارات عباس بخصوص دحلان، دفعت رئيس لجنة التحقيق أبو ماهر غنيم للاستقالة، وتولى بعده عزام الأحمد رئاسة اللجنة، حيث كان من أبرز ما تحدث به بالخصوص، هو معلوماته عن أن إسرائيل كانت تعلم بقرار فصل دحلان قبل اللجنة المركزية، وهذا ما فتح المجال للتشكيك مجدداً، وفق ما ورد بالتحقيق.

وبيّن التحقيق، أن اللجنة المركزية لحركة فتح أو عباس، لم يبلغوا دحلان بقرار فصله، وإنما علم به من محطات التلفزة، وعلى الرغم من ذلك، أصر على الاستمرار في حضور جلسات التحقيق، التي وجد أن التهم التي توجه له ضمنها، تتوسع شيئاً فشيء.

وظهر خلال التحقيق، وبكلام أعضاء اللجنة المشكلة، سقوط تلك التهم عن دحلان بالدليل والمواجهة والرأي، حيث طلب القيادي الفتحاوي، بعد انتهاء أعمال اللجنة المغادرة للقاهرة، فوافقوا على ذلك، لأن عباس في حينها لم يتمكن من تقديم أي مستندات أو أوراق تدين دحلان.