19 عاماً على عملية اغتيال الوزير الإسرائيلي “رحبعام زئيفي”

القدس المحتلة – مصدر الإخبارية

يوافق اليوم الـ 17 من أكتوبر 2001، الذكرى الـ 19 للعملية البطولية التي نفذها ثلاثة عناصر من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، حين تمكنوا من اغتيال الوزير الإسرائيلي رحبعام زئيفي بسلاح كاتم للصوت.

جاءت العملية ردًا سريعًا على اغتيال الأمين العام للجبهة آنذاك أبو علي مصطفى، والذي سُميّ الجناح العسكري للجبهة على اسمه.

ورغم مرور سنوات طويلة على تلك العملية، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي يستمر باعتقال الأمين العام للجبهة أحمد سعدات المحكوم 30 سنة و40 قياديًا آخر يقضون أحكامًا مختلفة.

فبعد 40 يومًا فقط على اغتيال أبو علي مصطفى بقصف مكتبه في رام الله،

وقررت الجبهة الرد والثأر، وكان الوزير رجبعام زئيفي هو الهدف. وشكل اغتيال زئيفي، الجنرال السابق في جيش الاحتلال، والوزير الذي دعا إلى سياسة “الترانسفير” ضد الفلسطينيين وأحد أهم مؤسسي “إسرائيل”، ضربة كبيرة في الوسط الإسرائيلي من ناحية سرعة الرد ونوعية الهدف.

العين بالعين

ظهر أمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الجديد، أحمد سعدات، عقب أيامٍ قليلة من اغتيال أمينها العامّ السابق، أبو علي مصطفى، في حفلٍ تأبينيّ لسابقه، وأعلن عن مبدأٍ جديد، واستحدث عنوانًا لم يكُن معروفًا في تاريخ الثورة الفلسطينيّة التي مضى عليها أكثر من خمسين عامًا حينها.

قال سعدات “لن نكون ندًا للأعداء ولن نستحق احترام الشهداء، ولن نحترم احترام شعبنا بشهدائه وقادته وشيوخه وأطفاله ونسائه، إذا لم يكن شعارنا.. العين بالعين والسن بالسن والرأس بالرأس.. فعهدًا لنا يا رفيقنا أبو علي، عهدًا لك يا معلمنا، يا رمزنا يا عنوان عزتنا، أن لا يكون شعارنا أقلّ من الرأس بالرأس”.

وأضاف سعدات في خطابه الشهير حينها، ما عُرف برسالةٍ مباشرة للمجموعات المسلحة، وأمام الجماهير “هذا لكم يا كتائب الشهيد أبو علي مصطفى يا رجال قوات المقاومة الشعبية”.

ولم يكن دور سعدات بعيدًا عن عملية الاغتيال البطولية، فالذي نادى بها، هو من كان مسؤولًا عن متابعتها، مع رفيقه القائد العام لكتائب الشهيد أبو علي مصطفى، عاهد أبو غلمة، الذي كان يتابع مباشرةً منفذي الاغتيال.

التخطيط

كان حمدي قرعان الشخص الأنسب الذي وقع عليه الاختيار لتنفيذ عمليّة تاريخيّة تُحدث ضجةً كُبرى، وتسطّر عنوانًا في تاريخ المقاومة الفلسطينيّة، فحضر إليه مجدي ريماوي الذي طلب منه صورةً شخصيّة لتجهيز الهويّات وجوازات السفر المزوّرة، فيما طلب منه زيارة فندق “حياة ريجنسي” الذي يزوره وزير السياحة “الإسرائيلي” رحبعام زئيفي بشكلٍ مستمرّ، ويعيشه في إحدى غرفه، والتي كانت في لحظةٍ لاحقة مسرحًا لقتله بعدة رصاصات.

بعد تخطيطٍ وخطواتٍ عدة، كان من نصيب باسل الأسمر ومحمد الريماوي أن يشتركا مع قرعان في العمل البطوليّ الذي جاء لتلقين الاحتلال درسًا لاغتياله الأمين العام أبو علي مصطفى.

التقى أفراد خلية “اغتيال زئيفي” برجلٍ آخر غير مجدي الريماوي الذي وكّلهم رسميًا بتنفيذ العملية وخطّط معهم لها، عُرف حينها بـ “الرجل المجهول”، والذي التقى بهم مرةً واحدة قبل تنفيذ العملية، ليوضح لهم تاريخ المجرم زئيفي، وهو صاحب فكرة “الترانسفير”، وليوضح لهم تاريخه المشؤوم، إضافةً لتفاصيل عن العملية وعن وجود الهدف “زئيفي” في مكان تنفيذ العملية، ومخطط حياته داخل الفندق ومواعيد خروجه.

وكان زئيفي أحد أكبر المنادين بضرورة تطبيق فكرة “الترانسفير” في ذلك الوقت، وهي الفكرة التي تقوم على مخططات لترحيل الفلسطينيين من الأراضي التي يسيطر عليها الاحتلال بشكلٍ كامل، وهو يميني متطرّف.

التنفيذ

وصل أبطال العملية إلى فندق “حياة ريجنسي”، دخل القرعان والأسمر غرفتهما في الفندق التي حُجزت في وقتٍ سابق، بأسماءٍ وهميّة وجوازاتٍ مزوّرة، وتركوا مسدساتهم داخل السيارة التي تواجدت على باب الفندق.

في الصباح تأكد كلاهما من وجود المجرم زئيفي في المكان وفقًا لما تم إعلامهم به مسبقًا، يستيقظ الوزير “الإسرائيلي” يتناول إفطاره في الفندق، ثم يعود لغرفته قبل أن يغادر المكان، وكان ذلك الوقت المحدد لتنفيذ المهمة البطولية.

في الخامسة والنصف صباحًا، تأكد القرعان من وجود المجرم “الإسرائيلي” في الفندق من خلال التأكد من وجود سيارته أمام المكان، ثم رآه يتناول إفطاره مع أشخاص آخرين في ساحة الفندق. صعد إلى سلم الطوارئ حاملًا مسدساتٍ أخذها من السيارة مع رفيقه الأسمر، فيما وصلت سيارة الريماوي على باب الفندق لينطلقوا معًا بعد تنفيذ المهمة.

وضع البطلان مسدساتهما على خصريهما وانطلاقا داخل الفندق إلى مكان غرفة “زئيفي”، واتجها من سلم الطوارئ، وعلقا ورقةً تبيّن أنّ الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين نفذت عملية الاغتيال ردًا على اغتيال الشهيد أبو علي مصطفى. بعد دقائق من الانتظار وصل “زئيفي” غرفته وكان بطنه قد امتلأ بآخر وجبةٍ أكلها، متجهًا إلى غرفة رقم 816، فقام البطل القرعان بإطلاق الرصاصات تجاهه، بعد أن أسمعه آخر كلماتٍ ناداه فيها “زئيفي.. هيه”.

ردود الفعل

شكّل مقتل زئيفي صدمة للجمهور الإسرائيلي، وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي أرئيل شارون في حينها: “إن بعد مقتل زئيفي كل شيء قد تغير”، وحمّل رئيس السلطة الراحل ياسر عرفات مسؤولية الاغتيال، فيما استنكر عرفات هذا العمل، وتوعد باعتقال المسؤوليين عن الاغتيال، ودعا “إسرائيل” للكف عن سياسة الاغتيالات التي تطال النشطاء السياسيين الفلسطينيين.

الرد “الإسرائيلي”

وعقب الاغتيال شرع الجيش الإسرائيلي وأجهزة الأمن الإسرائيلية بعملية واسعة في الضفة الغربية للقبض على منفذي عملية الاغتيال، ولكنهم فشلوا في القبض عليهم.

لكن في يناير 2002 اعتقلت أجهزة السلطة شكلياً منفذي عملية الاغتيال (مجدي الريماوي وحمدي القرعان وباسل الأسمر) وأمين عام الجبهة الشعبية (أحمد سعدات)، والقائد العام لكتائب أبو علي مصطفى (عاهد أبو غلمة) وحاكمتهم السلطة، وقررت سجنهم في المقر الرئاسي في رام الله لتهدئة الرأي الدولي.

وفي مارس 2002 حاصر الجيش الإسرائيلي مقر عرفات الموجود فيه قتلة زئيفي، وتم توقيع اتفاق بين السلطة و”إسرائيل” يتم بموجب هذا الاتفاق نقلهم إلى سجن أريحا، وفعلا في مايو 2002 نقل قتلة زئيفي وأحمد سعدات وعاهد أبو غلمة إلى سجن أريحا بحراسة من قوات خاصة أمريكية بريطانية.

وفي 14 مارس 2006 قامت “إسرائيل” بعملية ضد سجن أريحا أطلقت عليها اسم (عملية جلب البضائع) واعتقلتهم على إثرها، وتم محاكمة المجموعة من قضاء الاحتلال، “مجدي الريماوي 106 سنوات، وحمدي القرعان 125، سنة وباسل الأسمر 60 سنة، وأحمد سعدات بالسجن لمدة 30 سنة بتهمة رئاسة تنظيم سياسي محظور، وعاهد أبو غلمة بالسجن 31 سنة بتهمة قيادة منظمة عسكرية”.