بعد صدور قرار التسعيرة الجديدة لخط المولدات الكهربائية لمن ستكون الغلبة ؟

خاصمصدر الاخبارية

لا تكاد تخلو أحياء غزة من وجود المولدات الكهربائية المنتشرة بشكل عشوائي بين السكان،  بسبب أزمة غياب التيار الكهربائي لأكثر من 20 ساعة يوميا، وبات اعتمادهم عليها بشكل كبير كأحد الحلول البديلة للطاقة.

لكن من الواضح أن هذه الظاهرة أصبحت تشكل أرقا لدى الغزيون نظرا  لإرتفاع  ثمن الخدمة المقدمة لهم من قبل مالكي المولدات، حيث وصل سعر الكيلو الواحد من الطاقة لـ4 شيكل وهذا لا يتناسب مع المستوى المعيشي المتدهور الذي يعيشه غالبية أهالي القطاع.

في منتصف سبتمبر الماضي  أقرت سلطة الطاقة  تسعيرة بيع كهرباء المولدات التجارية للمستهلكين بما لا يزيد عن 2.5 شيكل لكل كيلو وات، اعتباراً من مطلع أكتوبر الحالي، لكن القرار كان له عدة حيثيات.

لذلك قام فريق مصدر الاخبارية  بوضع هذه  القضية مام طاولة الجهات المعنية

ترحيب المستهلكين

رحب المستهلكين  به  واعتبروه يصب في مصلحتهم وأبدوا استيائهم الكبير أمام الخدمة المقدمة لهم من قبل أصحاب المولدات وقال المواطن عيسى رباح لمصدر الإخبارية : ” مجبرا على شراء خدمة التيار الكهربائي من المولدات الكهربائية بسبب حاجتي المُلّحة  للتيار الكهربائي في ظل العجز  لدى شركة الكهرباء، رغم  ارتفاع تكلفتها  إذ تصل أحيانا فاتورة  خط المولد شهريا لما يزيد عن  250 شيكل،  وأذكر بعض الأشهر وصل المبلغ لـ400   إضافة لفاتورة الكهرباء وهذا بحد ذاته ابتزاز كبير للمواطن واستغلال لحاجته”.

ويضيف قرار سلطة الطاقة جاء متأخرا بعدما استفحلت الأزمة بشكل كبير في القطاع وزادت  من رؤوس الأموال، مشتكيا من تهديدات  أصحاب المولدات لهم بفصل الخدمة عنهم فيما لو التزموا بالتسعيرة الجديدة .

أما المواطنة سامية أبو عوض ترى أنه بكل الحالات المواطن هو المتضرر تقول في حديثها لمصدر الاخبارية : “منذ  ثلاثة شهور فضلت اشتراكي من المولدات الكهربائية، لأنها تزيد  من العبىء المالي بالمقابل كحق لي الحصول على كهرباء  بشكل دائم طالما أني ملتزمة بفاتورة الدفع لشركة الكهرباء شهريا، ولا يعقل أن نقوم بدفع فاتورتان لحصولنا على كهرباء منقوصة آخر الشهر”. وتابعت أنه من  الألزم هو حل أزمة الكهرباء بشكل جذري وليس وجود بدائل.

دراسة تفصيلية

مابين شكاوي المواطنين وامتعاض أصحاب المولدات الكهربائية وقرار سلطة الطاقة حول التسعيرة الجديدة جاء رد سلطة الطاقة حيث شرح  المهندس عصام حماد لدى سلطة الطاقة  عبر منشور فيس بوك أنه  قام بإعداد دراسة تفصيلية  مؤخرا، تبيّن من خلالها أن إجمالي تكلفة كيلو الكهرباء على أصحاب المولدات شيكل واثنان وأربعون أغورة فقط.

ووضح حماد، أن دراسته قامت على افتراض أن المستثمر في هذا المولد سيستثمر 2 مليون شيكل ما بين تكلفة المولد وتكلفة انشاء المكان والكوابل والعدادات وخلافه، وأن مدة استثماره تبلغ 3 سنوات وسيحقق ربحا مقداره 20٪ عائد على الاستثمار سنويا، فهو بذلك سيحتاج أن يسترد سنويا ثلث مبلغ الاستثمار و20٪ إضافة عليه، ويبلغ مبلغ الاسترداد الإجمالي 3مليون و200 ألف أي سنوياً يجب أن يسترد مليون و66 ألف شيكل أي نصيب كل كيلووات من هذا المبلغ هو 49 أغورة.

بالإضافة إلى 5 أغورات مصاريف تشغيلية وصيانة وزيت وفلاتر على كل كيلو وات، وبذلك يكون إجمالي تكلفة الكيلو وات أي رأس مال الكيلو لدى أصحاب المولدات هو 1.42 شيكل.

احتجاج على القرار

لكن أصحاب المولدات الكهربائية  أبدوا استيائهم و اعتبروا الدراسة غبر دقيقة، وشكلوا رابطة تضم جميع مالكي المولدات الكهربائية للدفاع عن موقفهم، وهددوا بفصل الخدمة عن المستهلكين، حيث أكثر من 60 ألف منزل في خدمات المولدات الكهربائية المنتشرة في شوارع القطاع، إلى جانب العشرات من المؤسسات التجارية وغيرها.

وأشار محمد الزنط أحد أصحاب مشاريع المولدات الكهربائية  واصفا القرار بالمجحف الى أن سلطة الطاقة فرضت التسعيرة الجديدة للكيلو الواحد 2.5 دون الرجوع إلينا أو مشاركتنا القرار مسبقا ولم تراع  ماذا ستحقق لصاحب المولد فنحن ندفع ضراب على السولار، وهنالك مصاريف تشغيلية، بدل إيجار مكان، معدات، أيجار عاملين”.

ووفق حديثه أن التسعيرة المناسبة  لجميع الأطراف مقابل الكيلو الواحد هي 3.5 نقوم  يتم بيع الخدمة للمستهلك بـ 5  أو 4 شيكل وفق المناطق السكنية.

وتابع  أن هنالك رسوم ضريبية يدفعونها لسلطة الطاقة تقدر بـ 17 % كذلك رسوم التراخيص.

بداية أزمة الكهرباء

وللعودة إلى بداية أزمة الكهرباء في قطاع غزة  في عام 2006 حيث قصف الاحتلال الإسرائيلي 6 محولات رئيسة في محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع، حتى وصلت مدة توصيل التيار الكهربائي لمنازل المواطنين إلى 4 ساعات وصل، مقابل 16 ساعة قطع يومياً، ويحتاج قطاع غزة إلى 500 ميجا واط بشكل يومي، في حين الموجود هو 140 ميجا واط فقط.

فيما يعتمد القطاع على الطاقة الكهربائية من ثلاث جهات هي: محطة توليد الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة، والتي تنتج 60 ميجا واط فقط، و120 ميجا واط يتم توريدها من قبل الاحتلال الإسرائيلي، و30 ميجا واط يتمّ شراؤها من قبل سلطة الطاقة الفلسطينية من جمهورية مصر العربية، وهي بمجموعها تشكّل 210 ميجا واط.

بدائل متعددة

جملة هذه الأسباب دعت الغزيون البحث عن بدائل متعددة عن التيار منها، الطاقة الشمسية، الطاقة البديلة “الليدات”، الاستعاضة بضوء الشموع مسببة عدة حرائق لمنازل الغزيين وأخيرا المولدات الكهربائية التي  بدأ انتشارها كمشاريع  استثمارية منذ عام العام 2009م.

ويقدر عدد المولدات الكهربائية التجارية في قطاع غزة 200 مولد تبيع الكهرباء، لحوالي60 ألف مشترك، ويوزع المولد الواحد الطاقة الكهربائية من 150 إلى 300 مشترك، وتقدر الطاقة الإنتاجية لهذه المولدات بـ 100 ميجا واط من الكهرباء، وتباع الكهرباء من خلالها للمنازل والمؤسسات والمحال التجارية، إما بالكيلو واط أو عبر عدادات خاصة،  تعمل على توصيل كمية محدودة من الكهرباء تقدر من 2 إلى 6 أمبير، بأسعار تتراوح بين 200 إلى 600 شيكل (170 دولار أمريكي), وهي أسعار تفوق سعر الكيلو الطبيعي بثمانية أضعاف.

مساءلة قانونية

المحلل الاقتصادي ومدير دائرة التخطيط بوزارة الاقتصاد شرح لمصدر الإخبارية تداعيات هذا القرار الذي أصدرته سلطة الطاقة قائلا:” إن الحكومة بدأت تسعى لضبط انتشار المولدات  الكهربائية في قطاع غزة، من حيث أماكن تواجدها، توحيد ثمن  الخدمة المقدمة وتخفيف الأعباء على المواطن بدرجة أولى، والحد من امكانية تواجدها بشكل عشوائي لمنع حدوث أي انفجارات كالتي حدثت في مخيم النصيرات العام الماضي”.

وأضاف أن وجود المولدات سلاح ذو حدين فهي رغم أنها تعمل بشكل غير منتظم إلا أنها من ناحية أخرى حققت فوائد اقتصادية للطرفين المورد والمنتفع وخفف بشكل كبير من حدة أزمة الكهرباء التي يعاني منها قطاع غزة منذ ما يقار ب الـ13 عام”.

وأوضح نوفل أن 90 % من المنشآت الاقتصادية بغزة هي مشاريع صغيرة تعتمد في طاقتها الانتاجية بشكل أساسي على المولدات الكهربائية الاستثمارية  والمنشآت التجارية ناهيك على أنها خفت عبئ  كبير لا سيما في مجال تخزين اللحوم والخضروات، وبعض المنشآت الصغيرة تعمل في المنازل زادت من ساعات العمل، الاقتصاد المنزلي.

وعن السيناريوهات المتوقعة حول ثبات تسعيرة خدمة المولدات الكهربائية أو تراجع عنها  أكد نوفل أن التسعيرة المقررة لن يتم التراجع عنها لأنها بالمجمل تحقق ربح لأصحاب المولدات وفائدة للمستهلك كونهم لا يدفعون رسوم ضريبية باهظة  أو تراخيص حتى الآن وبالمقابل يستفيدون من خدمات العامة لشركة الكهرباء.

ومن ناحية قانونية أشار إلى أنه وفق قانون حماية المستهلك المعمول به في وزارة الاقتصاد بغزة  ينص على أنه “لا يحق لأي مزود خدمة أو سلعة عامة ان يمتنع عن عملية البيع وبذلك يخضع لمحاكمة ثلاث سنوات، ودفع 3 الاف دينار أردني”.

وبهذا لا يستطيع أصحاب المولدات فصل الخدمة عن المستهلك إلا سيعرض نفسه للمساءلة القانونية.