مؤشرات وول ستريت تنخفض وسط إحجام عن المخاطرة قبل بيانات التضخم

لم يشهد العائد على سندات الخزانة لأجل عشر سنوات تغيراً يُذكر واستقر عند 4.28%

وكالات – مصدر الإخبارية

أحجمت وول ستريت عن القيام برهانات كبيرة قبيل صدور تقرير مهم عن التضخم، لتفقد الأسهم زخمها بعد أن اقتربت من مستويات قياسية، فيما شهدت سندات الخزانة الأميركية تقلبات، وارتفع الدولار.

ومع اقتراب موسم إعلان الأرباح من نهايته، يتجه المستثمرون إلى البيانات الاقتصادية للبحث عن مؤشرات حول ما إذا كان مجلس الاحتياطي الفيدرالي سيتمكن من خفض أسعار الفائدة في سبتمبر.

ولم تشهد الأسواق تحركات تُذكر بعد تقارير أفادت بأن الرئيس الأميركي دونالد ترمب مدّد تعليق الرسوم الجمركية على السلع الصينية لمدة 90 يوماً إضافية.

وبقي مؤشر “إس آند بي 500” دون مستوى 6,400 نقطة. وتراجعت أسهم “أبل” بعد أفضل أسبوع لها منذ عام 2020، بينما ارتفعت أسهم “إنتل” مع ترقب اجتماع رئيسها التنفيذي مع ترمب.

استقر العائد على سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات عند 4.28%، في حين ارتفع مؤشر الدولار بنسبة 0.3%.

وارتفع سعر “بتكوين” لفترة وجيزة فوق 122 ألف دولار. وحافظت عقود الذهب الآجلة على خسائرها بعد أن قال الرئيس دونالد ترمب إن واردات المعدن النفيس لن تخضع للتعريفات الجمركية.

توقعات بارتفاع طفيف في التضخم

من المقرر أن تُظهر البيانات المنتظرة الثلاثاء، أن المستهلكين الأميركيين شهدوا ارتفاعاً طفيفاً في التضخم، مع قيام تجار التجزئة برفع الأسعار تدريجياً على مجموعة من السلع التي تخضع لرسوم أعلى.

وقال كريس لاركن من “إي تريد” التابعة لـ”مورغان ستانلي”: “قد يكون رد فعل السوق على أي مفاجآت في الأرقام مبالغاً فيه، خصوصاً إذا جاءت قراءة مؤشر أسعار المستهلكين (CPI) أعلى من المتوقع بشكل كبير، ما يدفع المتعاملين للاعتقاد بأن الفيدرالي قد لا يخفض الفائدة في اجتماعه المقبل”.

ووفقاً لمسؤولين في الإدارة الأميركية، فإن نائبي رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي ميشيل بومان وفيليب جيفرسون، ورئيسة الاحتياطي الفيدرالي في دالاس لوري لوغان، قيد النظر لتولي رئاسة البنك المركزي العام المقبل. وقال المسؤولون إن وزير الخزانة سكوت بيسنت سيجري مقابلات مع مرشحين إضافيين في الأسابيع المقبلة.

وأظهر استطلاع أجرته “22 في ريسرتش” (22V Research) أن 18% من المستثمرين يعتقدون أن رد فعل السوق على بيانات مؤشر أسعار المستهلكين سيكون “إيجابياً”، و43% قالوا “مختلطاً”، و39% “سلبياً”.

توقعات التضخم وتأثيره على السياسة النقدية

وفقاً للمتوسط في استطلاع “بلومبرغ” لآراء الاقتصاديين، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي، الذي يُعد مقياساً للتضخم الأساسي لأنه يستبعد الغذاء والطاقة، بنسبة 0.3% في يوليو.

وقال أندرو برينر من “نات ألاينس سيكيوريتيز”: “لا شك في أن قراءة مؤشر أسعار المستهلكين غداً لن تكون جيدة، والسؤال الأكبر هو: هل يهم الأمر؟ نحن نعتقد أنه لا يهم. سيظل التضخم عنيداً مع بعض العثرات، لكن تدهور أوضاع التوظيف سيسيطر على توقعات الفيدرالي”.

تُظهر أسواق المال أن المتعاملين سعّروا أكثر من خفضين للفائدة بحلول ديسمبر، مع احتمال يبلغ نحو 80% لخفض ربع نقطة مئوية في الشهر المقبل.

ووفقاً لفريق “جيه بي مورغان تشيس” بقيادة أندرو تايلر، هناك فرصة بنسبة 70% لمزيد من المكاسب في مؤشر “إس آند بي 500” بعد صدور بيانات التضخم، ويتوقعون ارتفاع المؤشر بنسبة تصل إلى 2% إذا جاءت البيانات مطابقة أو أقل من التقديرات، في حين قد تؤدي القراءة المرتفعة إلى هبوط يقارب 3%.

تقييمات الأسهم والاتجاهات الاستثمارية

قال مارك هاكيت من “نايشنوايد”: “لا يوجد دليل يُذكر على أن الرسوم الجمركية تؤثر، تدفقات التجزئة لا تزال قوية، والمؤسسات مترددة لكنها ما زالت تشتري، ونشاط إعادة شراء الأسهم يسير نحو تسجيل رقم قياسي”. كما يتوقع استمرار “الاتجاه العرضي” حتى إعادة ضبط أوسع في وقت لاحق من العام.

ويرى استراتيجيون في “مورغان ستانلي” بقيادة مايكل ويلسون، أن القراءة الضعيفة لبيانات التضخم هذا الأسبوع قد تمنح أسهم الشركات الصغيرة والأسهم ذات الجودة المنخفضة “موطئ قدم أكثر متانة”، مضيفين: “نعتقد أن من المنطقي أن يبقى مستثمرو الأسهم حذرين” بشأن التقرير.

في الأثناء، رفع استراتيجيون في “سيتي غروب” هدفهم لنهاية العام لمؤشر “إس آند بي 500” إلى 6,600 نقطة من 6,300 نقطة، مشيرين إلى أن الشركات حققت “نتائج مذهلة”، وتشبثت إلى حد كبير بتوقعاتها للنصف الثاني من العام.

تفاؤل حذر رغم المخاطر

أشار خبراء من “آر بي سي كابيتال ماركتس” بقيادة لوري كالفاسينا إلى أن الشركات الأميركية تبنت نبرة أكثر إيجابية الأسبوع الماضي في مكالمات ما بعد إعلان الأرباح، رغم استمرار حالة عدم اليقين بشأن الطلب الاستهلاكي والإنفاق الرأسمالي.

وقال أنطوني ساجليمبيني من “أمريبرايز”: “حالياً، يختار المستثمرون التركيز على ما هو أمامهم، وهو نمو الأرباح الأقوى من المتوقع، ومؤشرات قوية على المدى الطويل في مجال الذكاء الاصطناعي، وخلفية اقتصادية لا تزال متماسكة”. لكنه أضاف أن بيانات التضخم الأساسية هذا الأسبوع ومؤشرات الطلب الاستهلاكي، قد تتحدى رؤية المستثمرين المطمئنة نسبياً للمخاطر على النمو.

وأضاف: “حتى الآن، وفي غياب أدلة ملموسة على تأثير الرسوم الجمركية، يبدو أن المستثمرين مرتاحون لتجاهل تلك المخاطر مؤقتاً”.

تقييمات مرتفعة وتوصيات تحوط

أظهر مسح شهري أجرته “بنك أوف أميركا” أن نسبة قياسية من مديري الصناديق يرون الأسهم الأميركية مبالغاً في تقييمها بعد الصعود الحاد منذ قاع أبريل، إذ قال نحو 91% من المشاركين إن الأسهم الأميركية مقيمة بأعلى من قيمتها العادلة، وهي النسبة الأعلى في بيانات تعود إلى عام 2001.

وقال مارك هافيله من “يو بي إس غلوبال ويلث مانجمنت”: “نعتقد أن المستثمرين المخصصين للأسهم بما يتماشى مع معاييرهم الاستراتيجية، ينبغي أن يفكروا في تنفيذ تحوطات قصيرة الأجل، بينما يمكن لأولئك الذين لم يخصصوا ما يكفي من الأسهم، الاستعداد لزيادة الانكشاف عند أي تراجعات محتملة في السوق”.

وفي الوقت نفسه، خفّض استراتيجيون أسعار العوائد المتوقعة على سندات الخزانة في “بنك أوف أميركا”، متوقعين أن تؤدي البيانات الاقتصادية الأخيرة إلى تغيير في تقييم الفيدرالي للمخاطر، إذ خفّض فريق بقيادة مارك كابانا توقعاته لنهاية العام للعائد على السندات لأجل عامين إلى 3.5% من 3.75%، وللسندات لأجل 10 سنوات إلى 4.25% من 4.5%.

على الصعيد الجيوسياسي، قلل ترمب من التوقعات بشأن اجتماعه المرتقب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في إطار مساعيه لإنهاء الحرب في أوكرانيا، واصفاً إياه بأنه “اجتماع تمهيدي”، وقال إنه سيتشاور مع القادة الأوكرانيين والأوروبيين بعد اللقاء.

كما قال ترمب إنه يأمل أن تزيد الصين بشكل كبير مشترياتها من فول الصويا الأميركي، رغم أنها لم تحجز أي شحنات للموسم المقبل حتى الآن.