الشعر الفلسطيني ضيف شرف في “سوق الشعر” بباريس

باريس – مصدر الإخبارية

في ساحة سان سوبليس الشهيرة بقلب العاصمة باريس، حيث يتعانق صوت أجراس الكنيسة مع أنغام الموسيقية التقليدية، تنصب 120 خيمة أعمدتَها، وتفترش 500 دار نشر تمثل عشرين دولة أحدث ما أصدرته من الدواوين. إن سوق الشعر فرصة أيضا للمجلات الأدبية لتستعرض أخر أعدادها، كما يعد موعدا سنويا قارا للقاء الشعراء والمترجمين والناشرين والفنانين. يحدثنا أحد المشرفين على التظاهرة إيف بوديي عما يميز هذه الطبعة:

نحن فخورون جدا بحضور الشعر الفلسطيني من خلال وفد يضم عشرة شعراء،  فيما تغيب إثنان آخران بسبب الظروف التي فرضتها المرحلة الراهنة. ومن بين النقاط القوية التي سجلتها هذه النسخة من سوق الشعر هو تجديد الجناح المخصص لأدب الطفل والناشئة، عبر تنظيم عدة ورشات وقراءات ومحاضرات.. ومنحنا الكلمة ايضا للناشرين ضمن ما يسمى بإصدارات القصيدة

سلطت التظاهرة الضوء على الشعر الفلسطيني المعاصر، من خلال شعراء وشاعرات قدموا من الداخل الفلسطيني أو من الشتات، فإلى جانب مشاركتهم في الندوات، تناوبوا على قراءة نصوصهم على منصة الخيمة المركزية، صانعين بقراءاتهم بهجة ليالي السوق وسط حضور كبير للقراء الفرنسيين. إن استضافة فلسطين في هذه الطبعة جاء بعد جدل كبير السنة الماضية، فبعدما تقرر تأجيل الدعوة على خلفية الحرب في غزة، ثم التراجع عن ذلك بفضل جهود قادها الكاتب المغربي الكبير عبد اللطيف اللعبي أيضا الذي قال:

اختيار فلسطين ضيف شرف هو نتاج نضال دام سنوات، وتعبئة كبيرة من أجل أن تكون طبعة عام 2025 مخصصة للشعر الفلسطيني، وهذا مكسب للأدب وللقضية العادلة، لاسيما في هذه الظروف العصيبة التي يشهدها قطاع غزة

صوت غزة الغارقة في الحرب والمعاناة الانسانية الخانقة، عبرت عنه أيضا الشاعرة هند جودة، فسوق الشعر بالنسبة لها هو فرصة لإبلاغ العالم أن صوت الشعر أقوى وأبلغ على حد تعبيرها:

وصولي إلى باريس وترجمة نصوصي إلى أكثر من 12 لغة، واستقبالي مراسلات من الناس تخبرني فيها بقراءة قصائدي في المظاهرات حول العالم، أعتقد أن صوتي وصوت كل شعراء غزة قد بلغ قلوب الناس في كل مكان، وبالتالي كان أعلى من صوت الصواريخ

يستمع الباريسيون على مدار خمسة أيام كاملة بسماع ما ينشده الشعراء والشاعرات من قصائد، فيما يراهن المنظمون على استقطاب أكثر من خمسين ألف زائر، لكن رهانهم الأبرز أن يعود زمن الشعر بعدما ولى أمام وهج الرواية.

وفي كلمتها عبّرت سفيرة فلسطين لدى فرنسا هالة أبو حصيرة عن اعتزازها بهذا التكريم الثقافي، الذي يُسلّط الضوء على المشهد الشعري الفلسطيني بوصفه أحد أعمدة الهوية الوطنية، وأحد أشكال المقاومة الثقافية في وجه الاحتلال الإسرائيلي.

وأكدت أن “فلسطين ليست فقط جغرافيا تحت الحصار، بل هي أيضاً فضاء للغة، والجمال، والإبداع”، مضيفةً أن “الشعر الفلسطيني، من محمود درويش وفدوى طوقان، إلى سميح القاسم وأصوات الجيل الجديد، لطالما عبّر عن وجدان شعبنا، وعن نضاله وأحلامه في الحرية والكرامة”.

ونقلت أبو حصيرة تحيات وزير الثقافة الفلسطيني عماد حمدان، الذي لم يتمكن مع العديد من الشعراء الفلسطينيين المشاركين، من الحضور بسبب فرض إسرائيل حصار خانق، وتقطيع أوصال الضفة الغربية الأمر الذي يمنع حرية الحركة والتنقل.

وختمت السفيرة كلمتها بالتأكيد على أن “الشعر الفلسطيني هو صوت الإنسان الفلسطيني، ومرآة وجوده، ووسيلته لحفظ الذاكرة ومقاومة النسيان”، معربةً عن شكرها للمنظمين، وفي مقدمتهم الشاعر المغربي عبد اللطيف اللعبي، ورئيس سوق الشعر إيف بودييه، والمنسق العام فانسان جيمينو- بونس، على هذه المبادرة النبيلة، التي تُبرز وجه فلسطين الثقافي والإنساني.

يُذكر أن فعاليات سوق الشعر تتواصل حتى 22 حزيران/ يونيو الجاري، وتتضمّن أمسيات شعرية، لقاءات، وندوات بمشاركة نخبة من الشعراء من فلسطين ودول أخرى، والدعوة عامة ومجانية للجمهور في ساحة سان سولبيس بباريس.