قس فلسطيني يحذر من انقراض مسيحيي غزة والهجرة القسرية بالضفة

عبر القس الفلسطيني منذر إسحاق، عن مخاوف من تعرض المسيحيين في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة إلى الانقراض جراء جريمة الإبادة الإسرائيلية المستمرة وسياسة التضييق والحصار.

وكالات – مصدر الإخبارية

عبر القس الفلسطيني منذر إسحاق، عن مخاوف من تعرض المسيحيين في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة إلى الانقراض جراء جريمة الإبادة الإسرائيلية المستمرة وسياسة التضييق والحصار.

وقال القس إسحاق راعي الكنيسة الإنجيلية اللوثرية في بيت لحم وبيت ساحور جنوب الضفة الغربية للأناضول، “نحيي للعام الثاني على التوالي عيد الفصح المجيد في ظل حرب الإبادة على الاهل في غزة الذين ما زالوا يسيرون في درب الآلام، فلسطين ما تزال تسير في درب الآلام ومتألمة جراء الحصار، وسياسة الفصل العنصري الإسرائيلية، وما زال العنف ذاته الذي قتل المسيح موجود إلى اليوم في أرضنا”.

وأضاف “أهل غزة والكنيسة تحتفل اليوم بالعيد على رجاء أن تنتهي الحرب وأن ينتصر النور على الظلام والحق على الباطل، هم في أصعب الظروف الكل يعرف لا غذاء لا طعام لا أدوية وحصار إسرائيلي خانق جدا على غزة، وهناك دوما تهديدات بالتهجير القسري من القطاع”.

وأشار القس إسحاق كذلك إلى ما يتعرض له القطاع الصحي في غزة من تدمير ممنهج قائلا: “لا ننسى أنه قبل أيام مع بداية الأسبوع تعرض المستشفى الأهلي (في مدينة غزة) إلى قصف شديد”.

وتابع: “كل هذا يؤكد حالة الخوف التي يعيشها أهلنا في غزة، لكن هنا قوة الإيمان كما رأيناهم يحتفلون بأحد الشعانين سنراهم يحتفلون بعيد القيامة (يصادف 20 أبريل/ نيسان 2025) لأنه لا يستطيع أن يأخذ أحد منا ايمانا”.

عزل الضفة عن القدس

وقال القس إسحاق: “هنا في الضفة نحي العيد ونحن معزولون عن القدس، المسيحي يتمنى زيارة للقدس لكن هناك معوقات لتقديم التصاريح من الاحتلال ونقول يجب أن لا يكون هناك حاجة لتقديم تصاريح لأننا نحن القدس وبيت لحم توأمين ممنوع الفصل بينهما كما الواقع اليوم”.

وأضاف: “نحن نعيش حالة من الخوف الشديد نراقب ما يحدث في غزة أمام صمت العالم العربي والعالم أجمع ونقول هل سيكون هذا مستقبلنا في مدن الضفة؟، رأينا ما حصل في جنين (شمال الضفة) وهذا خلق حالة من الخوف بأنه لا حماية للإنسان الفلسطيني لذا عندما نحتفل بالأعياد هي مناسبة تجديد الإيمان وإن تركنا كل الناس فإن الله دائما معنا وبإيماننا نستطيع أن يكون لنا الرجاء ورسالة عزاء أن نصمد ونقاوم”.

وأشار القس إسحاق، إلى أن “المضايقات الإسرائيلية على الفلسطينيين وفي عيد الفصح المسيحي الغرض منها محاولة تثبيت السيادة الإسرائيلية على مدينة القدس تحديدا”.

وقال: “في بعض السنوات حددت إسرائيل أعداد المصلين في كنيسة القيامة هذا كله يخلق حالة الألم والأسى لأننا لا نستطيع أن نزور القيامة في سبت النور (صادف أمس السبت)، الهدف من ذلك محاولة تثبيت السيادة الإسرائيلية على القدس والمقدسات”.

ويعد “سبت النور” من أقدس المناسبات لدى المسيحيين، حيث تتوافد الجموع سنويا إلى القدس للمشاركة في طقوسها التاريخية، رغم القيود الأمنية المفروضة من قبل الشرطة الإسرائيلية.

وللعام الثاني على التوالي، يشارك عدد قليل من الحجاج في صلوات “الأسبوع المقدس” وعيد الفصح في القدس، نتيجة تداعيات حرب الإبادة الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة وعملياته في الضفة.

كما ألغت الكنائس المظاهر الاحتفالية والمسيرات الكشفية كافة بعيد الفصح، حيث يقتصر العيد على إقامة القداديس والصلوات والشعائر الدينية.

رسالة

ووجه القس إسحاق رسالة للعالم قال فيها “لجميع العالم نقول ولإخواننا المسيحيين الشرقيين والغربيين لا تنسوا الأراضي المقدسة ومنبع المسيحية، ولا تنسوا ولا تتجاهلوا ما يحصل في أرضنا (..) هل يرضى أحد أن تنتهي المسيحية من الأراضي المقدسة”.

وتابع: “للأسف ما أراه في غزة يشير إلى ذلك سينتهي الوجود المسيحي منها بسبب حرب الإبادة وأتمنى أن أكون مخطأ”.

وأضاف القس إسحاق: “مصداقيتنا الإيمانية على المحك إذا كنا نشاهد حرب إبادة وتم تثبت ذلك بالدراسات والشهادات والكل يعرف ما يحصل من إبادة”.

وأردف: “ألم تتغنوا بالمواثيق الدولية وحقوق الإنسان، ألم تحاضروا في أهمية حقوق الإنسان، والآن عندما يقوم حليف الدول الغربية بانتهاك الحقوق وجريمة الإبادة نراكم صامتين”.

وقال القس إسحاق: “للأسف هذه الحرب كشفت لنا نفاق الكثيرين، ولكن في ذات الوقت كشفت لنا من هم أصدقائنا الحقيقيين ورسالتنا هي رسالة شكر إلى من ما يزال يتظاهر ويصلي لغزة ويناشد ويحشد لوقف الحرب”.

هجرة حقيقة

ولفت القس إسحاق، إلى أن هناك “هجرة حقيقة الآن تضاعفت بشكل كبير في الآونة الأخيرة بعد حرب الإبادة وتضاعفت بسبب المضايقات الكثيرة والحواجز (في الضفة الغربية) كل يوم وربما يزيد حاجز حول بيت لحم. الانتظار الطويل على الحواجز، إضافة إلى الوضع الاقتصادي الذي لا يخفى على أحد ونسبة البطالة المرتفعة”.

وقال الجميع يهاجر ولكن ذلك يؤثر بشكل خاص على التواجد المسيحي كون أعدادنا قليلة”.

وتابع القس إسحاق: “نؤكد أنها ليست هجرة بقدر ما هي تهجير قسري، فالإنسان يهاجر ويترك أرضه وبلده لا محبة ولا رغبة ولكن سبل الحياة معدومة بسبب السياسات الإسرائيلية وهذا هو مخطط تهجير وتطهير عرقي يؤثر علينا كمسيحيين فلسطينيين”.

المسيحية في غزة مهددة بالانقراض

وعن مسيحي غزة، قال القس إسحاق: “المسيحية في غزة مهددة بالانقراض، لا يخفى هذا على أحد، الأعداد تناقصت إلى النصف، منهم من قتل وشرد ومن استطاع يهرب في بداية الحرب، ومنهم من قتل جراء غياب الغذاء والدواء ومقومات الحياة”.

ولفت إلى أن “جميع مسيحي غزة إما هدمت بيوتهم بشكل كلي أو جزئي، وهم يتساءلون أي مستقبل لنا في غزة؟، هل ننجو؟ وهل يعاد الإعمار؟”.

وقال: “نتكلم عن اندثار المسيحيين من الأراضي المقدسة وهذا ليس تهويلا بل ما يحدث في غزة يدق ناقوس الخطر بأنه يمكن أن ينتهي الوجود المسيحي من مناطق معينة في فلسطين أتمنى أن أكون مخطئا”.

وتابع القس إسحاق: “يجب أن نكون واقعيين ما لم ينتهي العدوان والفصل العنصري والاحتلال الإسرائيلي أخشى على مستقبل جميع شبابنا بمن فيهم المسيحيون”.

القس إسحاق أضاف بالقول: “في بداية أسبوع الآلام تم قصف مستشفى المعمداني في غزة، هذا يؤكد أنه لا توجد أي خطوط حمراء لإسرائيل وأعتقد أن رسالتهم واضحة لا كنيسة ولا جامع ولا ومستشفى يستطيع أن يحمي أهلنا في غزة رسالة هدفها التهجير أو القتل”.

وأَضاف: “إذا استمر الحال ستسير إسرائيل في مخططها بتهجير جميع السكان من غزة”، لافتا إلى أن “قصف المستشفيات رسالة واضحة بأنها تعمل على تدمير جميع مقومات الحياة بهدف دفع الكل لترك القطاع وهذا تطبيق لمخطط التطهير العرقي ورسالة بأنه لا يوجد أي مكان آمن”.

ويعيش في قطاع غزة نحو 1000 مسيحي من أصل أكثر من مليوني نسمة، يتبع نحو 70 بالمئة منهم طائفة الروم الأرثوذكس، التي تمتلك كنيسة مركزية في القدس، بينما ينتمي الباقون إلى طائفة اللاتين الكاثوليك.

وفجر 13 أبريل/نيسان الجاري، قصفت مقاتلات إسرائيلية المستشفى المعمداني ما أدى إلى تدمير أحد مبانيه وتضرر واشتعال النيران بعدد من أقسامه ليخرج عن الخدمة.

والمستشفى المعمداني يقع على الأطراف الشمالية لحي الزيتون جنوب مدينة غزة، وتُديره الكنيسة الأسقفية الأنجليكانية في القدس ويعد من أقدم مستشفيات المدينة حيث تأسس عام 1882.

وتحول “المعمداني” إلى أهم مستشفى في مناطق شمال قطاع غزة بعد الدمار الكبير الذي ألحقه الجيش الإسرائيلي بمجمع الشفاء الطبي والمستشفيين الإندونيسي وكمال عدوان خلال حرب الإبادة الجماعية المتواصلة منذ 19 شهرا.

ويستقبل المستشفى يوميا عشرات الإصابات جراء الغارات الإسرائيلية الكثيفة التي يتعرض لها القطاع منذ استئناف إسرائيل حرب الإبادة في 18 مارس/ آذار الماضي.

وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، جرائم إبادة جماعية في غزة خلّفت أكثر من 167 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.