ماذا وراء قرار عباس إحالة مخصصات عائلات الشهداء والجرحى إلى “تمكين”؟

سماح شاهين- مصدر الإخبارية
أثار قرار الرئيس الفلسطيني محمود عباس بإلغاء قوانين وأنظمة تتعلق بدفع مخصصات لعائلات الشهداء والجرحى، والأسرى في السجون الإسرائيلية، ويحيلها إلى مؤسسة حكومية “تمكين”، رفض واستياء عائلات الأسرى والمؤسسات الحقوقية.
ويقضي المرسوم بـ”نقل برنامج المساعدات النقدية وقاعدة بياناته ومخصصاته المالية والمحلية والدولية من وزارة التنمية الاجتماعية إلى المؤسسة الوطنية الفلسطينية للتمكين الاقتصادي”.
وتبعًا لوكالة وفا الرسمية، فإن مؤسسة التمكين الاقتصادي الفلسطيني تتمتع بالشخصية القانونية الاعتبارية المستقلة، التي يديرها مجلس أمناء يعينه الرئيس، وتعمل وفق قانونها ومهامها وآليات عملها الشفافة وتخضع لمعايير الرقابة الإدارية والمالية، بما في ذلك الرقابة من مؤسسات دولية، لضمان شفافية الإجراءات وعدالة التوزيع”.
القرار جاء بعد أكثر من عام من الابتزاز المالي الإسرائيلي وحجز أموال المقاصة الفلسطينية من قبل وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، وقد يكون توقيت القرار استباقًا لضغوط وعقوبات من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والتي تتبنى وتنحاز إلى الرواية الإسرائيلية.
سياسة الرضوخ
قال مدير مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان علاء السكافي، إن رعاية أسر الشهداء والأسرى ورعاية الجرحى والمتضررين والمعاقين من قبل السلطة الوطنية واجب قانوني وأخلاقي وطني على اعتبار هم جزء مهم من أبناء الشعب الفلسطيني الذين لهم حقوق دستورية مكفولة بموجب القانون الأساسي.
وأضاف السكافي لـ”شبكة مصدر الإخبارية” أنه يجب العمل على مبدأ سيادة القانون وتحقيقاً للعدالة، وعدم زج ملف الأسرى والمعتقلين بالمناكفات السياسية الرضوخ الابتزاز السياسي الدولي.
وأكد أن تحويل رواتب الأسرى إلى مؤسسة تمكين هي من أجل تخفيف الضغوط السياسية على السلطة الفلسطينية واعتبار أن الجهات التي تدفع الرواتب هي من جهات غير تابعة للسلطة من أجل التخلص من الضغوطات الأمريكية والإسرائيلية على السلطة.
قرار مرفوض
اعتبر رئيس هيئة شؤون الأسرى، قدورة فارس، أن المرسوم الرئاسي بإلغاء مستحقات الأسرى والشهداء كان مفاجئًا، ورجَّح أنه جاء نتيجة دور مستشارين في محيط الرئيس، مردفًا أن “موضوعًا بهذا الحجم كان يستدعي انعقاد المجلس الوطني، أو المجلس المركزي، لاتخاذ قرار بشأنه”.
وأكد فارس أنه إذا كان من الضروري اتخاذ قرار بشأن مخصصات الأسرى، “فيجب وضع الجميع عند مسؤولياتهم والمشاركة في اتخاذ القرار”.
وطالب الرئيس عباس سحب المرسوم الرئاسي، “والاستماع إلى موقف الأغلبية الساحقة بهذا الخصوص، وعدم الاكتفاء برأي مستشار، لأن الناس لا يجمعون على باطل”.
وأشار إلى أن “تمكين هي مؤسسة أهلية وليست رسمية، وستقوم بإرسال طواقم إلى منازل عائلات الأسرى للتأكد من صعوبة الحالية المادية للأسير قبل صرف 700 شيكل للعائلة، وهذا غير مقبول”.
تخلي عن القضية الوطنية
واستهجنت حركة حماس، قرار الرئيس محمود عباس، “بإلغاء دفع المخصصات المالية لعائلات الأسرى والشهداء والجرحى، والتخلي عن قضيتهم الوطنية، في الوقت الذي يعمل شعبنا وقوى المقاومة على حفظ حقوق الشهداء وتحرير الأسرى وتوفير حياة كريمة للمحررين”.
وأكدت حماس أن “هذا التصرف غير وطني ويمثل انفضاضًا عن أحد الثوابت الوطنية، وندعو للتراجع الفوري عنه، وعدم الرضوخ لضغوط الاحتلال الإسرائيلي والإدارة الأمريكية”.
وأشارت إلى أن “تحويل هذه الفئة الوطنية والتي قدمت أغلى ما تملك من أجل الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، إلى حالات اجتماعية أمرٌ مشين”.
وقالت حماس إن “المطلوب هو تقدير تضحيات الأسرى والجرحى وعائلات الشهداء العظيمة، والثمن الذي دفعوه من أرواحهم والسنوات التي قضوها في سجون الاحتلال، وأن نحافظ على عائلاتهم، بدلا من التخلي عنهم في هذا الظرف المصيري في تاريخ قضيتنا الفلسطينية”.
ورحبت الولايات المتحدة الأمريكية بالمرسوم الذي أصدره رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، يوم الإثنين، والقاضي بإلغاء نظام دفع المخصصات المالية لعائلات الأسرى والشهداء والجرحى.
ونقلت وسائل إعلام أمريكية عن متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية قوله: “إدارة دونالد ترامب ترحب بالمرسوم الذي وقعه الرئيس الفلسطيني محمود عباس لإنهاء برنامج دفع الأموال للأسرى وعائلاتهم”.
وأضاف أن القرار “يعد خطوة إيجابية وفوزًا كبيرًا لإدارة ترامب”، مشددًا على أن واشنطن ستراقب تنفيذه عن كثب، وستجري مشاورات مع السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية بشأنه.
وفي وقت سابق، قال مسؤول فلسطيني لموقع “واللا” العبري، إن السلطة الفلسطينية أبلغت إدارة ترامب مسبقًا بهذه الخطوة.
وأضاف المسؤول أن “الخطوة كانت جاهزة مع نهاية ولاية جو بايدن، لكن السلطة الفلسطينية قررت انتظار تولي ترامب منصبه لتسليم الإنجاز للإدارة الجديدة”.
وأغلقت البنوك حسابات الأسرى الفلسطينيين في عام 2020، ما اضطرت السلطة لدفع مخصصاتهم من خلال البريد الفلسطيني.
وكان عدد حسابات الأسرى المحررين يبلغ 7500، فيما يبلغ إجمالي الفاتورة قرابة 50 مليون شيكل (15.6 مليون دولار) شهريا، وفق معطيات سابقة لهيئة شؤون الأسرى.