غزة: محللون سياسيون يكشفون لمصدر سمات المرحلة المقبلة مع الاحتلال

خاص-مصدر الاخبارية 

يبدو أن قطاع غزة يعود تدريجيا الى مربع التصعيد بعد حالة من الهدوء استمرت لأشهر متعاقبة، تلاها عدد من البالونات الحارقة  أطلقت تجاه المستوطنات المحاذية للشريط الحدودي للقطاع،  ويزعم الاحتلال الاسرائيلي أنها تشعل حرائق مما يشكل  له ذريعة لقصف مناطق عدة في القطاع.

مجمل هذه الأحداث التي يمر بها القطاع  وفق تقديرات مراقبون جاءت على ضوء تأخير الأموال القطرية لقطاع غزة والضغط من قبل الفصائل الفلسطينية على حكومة جيش الاحتلال الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يضيق الخناق بمزيد من الحصار على القطاع.

ويتلخص في إغلاق المعابر ومنع ادخال مواد الاسمنت اللازمة لتسيير عجلة البناء والمشاريع الاستثمارية كذلك تقليص مساحة الصيد والانتهاكات المتكررة بحق الصيادين في عرض البحر وأخيرا أزمة الكهرباء التي شلّت أركان الحياة الغزية.

كما أن الأوضاع الاقتصادية والأمنية والانسانية في القطاع المحاصر تزداد أزمتها،  هذا بدوره ينذر  بامكانية تدحرج  كرة الثلج نحو حرب جديدة على غزة، في ضوء ذلك ماهي السيناريوهات المرتقبة لا سيما بعد فشل الوفد المصري في التوصل لحل بين جميع الأطراف واستمرار تهديدات نتنياهو وبيانات الغرفة المشتركة للفصائل الفلسطينية.

مصدر حاورت محليين سياسيين مختصين لرصد مجمل الأوضاع على الساحة الأمنية بين كل من الجانبين الفلسطيني والاحتلال الاسرائيلي  للنظر في مجمل التطورات التي قد تشهدها المنطقة.

غزة على صفيح ساخن  

المحلل السياسي في الشؤون الاسرائيلية باسم أبو عطايا قال بدوره: ” إن   غزة تعيش على صفيح ساخن وهنالك حالة من الترقب  يشهدها المواطنون والفصائل الفلسطينية أمام الاعتداءات الاسرائيلية، لا سيما أن هنالك تغيرات مختلفة هذه المرة في قواعد الاشتباك، عن المرات التي سبقتها في الحروب التي تكررت على القطاع في السنوات الماضية” .

وأضاف أن الاحتلال يتهرب من المتطلبات التي سرت عليها اتفاقات التهدئة السابقة هذا ما استدعى  الفصائل الفلسطينية للرد بأساليب سلمية وأدوات خشنة كـ”البلالين الحارقة”  في المقابل جيش الاحتلال يرد بالقصف العنيف وبالطبع هنالك اختلاف في موازين القوة بين الجانبين.

وأشار عطاالله الى أن هذه المرحلة تحمل عدة رسائل  أهمها أنه لا يوجد مواقف ثابتة فالأمور ممكن أن تتغير في أي وقت لأن كل طرف لديه رسائل يرد بها ويوجهها للطرف الأخر، فمثلا الاحتلال يهدد باستمرار، وفصائل المقاومة تضغط على الجبهة الداخلية بحذر كانت واضحة لهجتها عندما أقدمت على تجربة الصواريخ في البحر بالطبع  تحمل في طياتها عدة رسائل للاحتلال.

في ذات الوقت استبعد عطاالله امكانية حدوث حرب لأن هنالك محاولات عديدة من قبل الطرفين الفلسطيني والاحتلال الاسرائيلي لضبط النفس، لكن هذا لا يعني عدم الخروج عن النص إذا زادت الأوضاع أكثر توتر وضربت الفصائل الفلسطينية أهدافا في العمق الاسرائيلي.

تصعيد تدريجي 

من جانبه يرى ناجي ظاظا باحث في الشؤون السياسيةأن الأمور ذاهبة باتجاه التصعيد  التدريجي يحاول كل طرف الضغط على الآخر وفق الأساليب المتاحة أمامه عبر وسطاء ، لهجة التهديد تتصاعد لكن في حال تم التواصل لاتفاق تهدئة بين الطرفين واستجابة الاحتلال الاسرائيلي لمتطلبات الفصائل قد يعود الهدوء.

و من وجه نظر ناجي أن الفصائل هذه المرة لا تريد فقط تحقيق مكسب التخفيف عن الغزيين بشكل مؤقت بل تسعى لرفع الحصار وفق آلية جديدة، واستجابة الاحتلال لمتطلباتها  التي تشمل توسيع مساحة الصيد، فتح المعابر، حل أزمة الكهرباء المتفاقمة، المشاريع الاستراتيجية ، المناطق الصناعية، فالأمر لا يحتمل مزيد من المماطلة التي يعتاد عليها الاحتلال.

وأما عن دور الوفد المصري في اجراء المحادثات بيّن أن دوره يتمحور في كونه ناقل لرسائل الطرفين في محاولة منه لتقريب وجهات النظر، فمثلا نتنياهو يريد أن يسعى لكسب خصومة ومعارضيه، وفي نفس الوقت أهالي قطاع غزة ليس لديهم مزيدا من الصبر لتحمل  المعاناة .

وأشار الظاظا الى أن غرفة العمليات المشتركة وضحت في بيانها الأخير أنها على استعداد للوصل لأهدافها داخل اسرائيل  كأنها تحذر الاحتلال من تجاهله قوة المقاومة الفلسطينية وهذا بدوره يربك الحالة السياسية والأمنية للاحتلال.

استبعاد خوض حرب بريّة 

الواضح أن المرحلة الحالية تحمل عدة خيارات كما ورد على لسان المحللين السابقين، لكن في حال نشوب حرب هل ممكن أن تكون برية كما شهدنا في المرات السابقة؟  في هذا السياق تقول ريهام عودة محللة وكاتبة سياسية : “إن الحرب البرية هي الخيار الأخير للاحتلال الاسرائيلي وأن المعيار الذي تستخدمه في قرارتها الحربية هو عدد القتلى في صفوف مواطنيها، وطالما لا يوجد قتلى فهنالك استبعاد لأي حرب برية”.

وأضافت أن اسرائيل غير معنية في حرب كبيرة أو طويلة الأمد في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي سببتها كورونا واقتراب موعد بدء الفصل الدراسي مدارس الاحتلال الاسرائيلي.

لكن بدوره قال الكاتب السياسي مصطفى ابراهيم : ” الموقف الواضح حتى الآن يظهر من خلال رد المدفعية الاسرائيلية بدل القصف وهذا  يدلل على أن هنالك تراجع في  حدة الهجوم على قطاع غزة، يبدو أن جهود الوساطات التي تجري اتصالات بين الأطراف قد توصلت لحلول وسط، الهدوء الذي ساد بالأمس واليوم يلمح لتهدئة الأوضاع.

قد تشهد المرحلة القادمة انفراجة 

في ذات السياق أردف بقوله أن المرحلة القادمة قد تشهد إنفراجة في حال لم تبق اسرائيل  على تعتنها في منح تسهيلات أكثر سواء على صعيد حل أزمة الكهرباء، كسر الحصار بالشكل الذي يرضي الفصائل الفلسطينية.

وتوقع  تواصل الاطراف لحلول لكن ليس بالشكل المطلوب فلا يوجد ضمانات لالتزام الاحتلال الاسرائيلي بتقديم تسهيلات للقطاع .

واستبعد نشوب حرب بين طرف الاحتلال الاسرائيلي والفصائل الفلسطينية إثر الأوضاع الصعبة التي يعيشها الفلسطينيين التي  تزيد من معاناتهم، والضغوطات التي يعيشها نتنياهو وحكومته من قبل شعبه، كذلك مجمل الأوضاع الاقليمية والدولية لا تسمح بذلك.

ونقلت وسائل اعلام إسرائيلية عبرية مساء  أمس السبت 22 أغسطس 2020، عن قائد كبير في جيش الاحتلال الإسرائيلي، أنه أمام الجيش خيارين للتعامل مع الوضع في قطاع غزة.

ووفق ما ذكرت القناة “إن هنالك خيارين تشهدها المرحلة المقبلة في التعامل مع الطرف الفلسطيني، إما أن نذهب للهدوء أو ستخرج إسرائيل للقضاء على “الإرهاب”، وفق ما وصف قائد جيش الاحتلال.

وتابعت القناة على لسان قائد جيش الاحتلال “تسود قطاع غزة حالة من التوتر الأمني والميداني، منذ أكثر من أسبوع، في ظل استمرار إطلاق البالونات الحارقة من القطاع، ورد  جيش الاحتلال  الإسرائيلي بقصف أهداف تتبع لحركة حماس“.