هدم المنازل.. سياسة إسرائيلية لعقاب الفلسطينيين وخلق أغلبية يهودية

صلاح أبو حنيدق- خاص مصدر الإخبارية:

تدور في الضفة الغربية ومدينة القدس المحتلتين، معركة من نوع أخر بين الفلسطينيين وإسرائيل، تقوم على سياسة هدم المنازل.

ويأتي هدم المنازل في إطار سياسة ممنهجة اتبعتها إسرائيل منذ العام 1948 بهدف تفريغ المدن الفلسطينية من سكانها وتهجيرهم، وعقابهم على تبينهم أي شكل من أشكال المقاومة للاحتلال.

وكان أحد أبرز ضحايا سياسة هدم المنازل، المدنيين الذين تتعارض مصالح إسرائيل الاستيطانية معهم، والأسرى، وأسر المقاومين، والشهداء.

وبحسب احصاءات رسمية هدمت سلطات الاحتلال (136) منزلاً منذ مطلع العام 2023 في الضفة والقدس المحتلتين.

وتترافق سياسات هدم المنازل بوقف أي امتداد عمراني فلسطيني في الضفة والقدس من خلال إقامة المستوطنات وفرض سلسلة من السياسات القائمة على عدم إصدار التراخيص ورفع تكاليفها لمبالغ خيالية تصل لملايين الشواكل، ووقف أي توسيع للمنشآت القائمة.

وتتذرع إسرائيل لهدم منازل الفلسطينيين بالبناء دون ترخيص أو وقوعها في مناطق تدريب عسكرية، أو وجودها في المناطق المصنفة (ج).

وهدمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الخميس، الثامن من حزيران (يونيو) منزل الأسير الفلسطيني إسلام فروخ في مدينة رام الله من خلال تفجيره.

ويقول رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين اللواء قدري أبو بكر إن “الاحتلال يهدم منازل الأسرى كإجراء عقابي مفروض عليهم كباقي أبناء الشعب الفلسطيني بسبب مقاومتهم الاحتلال وسياساته”.

ويضيف أبو بكر في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية، إن “الاحتلال يعلم المنزل جزء أساسي من حياة الفلسطيني وتعزيز صموده على أرضه، فيلجأ لعقابه على أي نشاط مقاوم لسياساته، من خلال عدة أشكال تتضمن التجريف والتفجير، وإجبار الفلسطينيين على هدم منازلهم ذاتياً”.

ويوضح أبو بكر أن “سياسة هدم المنازل تأتي أيضاً في سياق ترهيب الاسرى في السجون وتهديدهم، والنيل من عزيمتهم خاصة على الصعيد النفسي، من خلال تحويل تركيز تفكيرهم نحو عائلاتهم في الخارج”.

ويشير أبو بكر إلى أن “بعض أسر الاسرى هدمت لأكثر من خمس مرات كما حدث مع عائلة الشهيد الأسير ناصر أبو حميد سابقاً”.

وينوه إلى أن “الاحتلال يتحجج في جميع حالات الهدم “بعدم الترخيص أو تنظيم البناء” ما يعتبر أسباب هاوية كونه نفسه من يمنع الفلسطينيين من الحصول على التراخيص”.

ويلفت إلى أن “وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير أكد صراحة فور دخول في الحكومة الإسرائيلية بنية الاحتلال هدم 32 ألف منزلاً في القدس المحتلة بحجة عدم البناء القانوني”.

وأكد على أن ما يحدث من هدم للمنازل يندرج ضمن جملة من مشاريع الأسرلة الهادفة لتركيع الفلسطينيين وتعزيز الاستيطان في الضفة والقدس.

ويأخذ هدم منازل الفلسطينيين عدة أشكال، تتضمن “العسكري” من قبل قوات الجيش بحجة حماية المستوطنات، و”العقابي” بذريعة تنفيذ أبنائهم عمليات عسكرية ضد الإسرائيليين، و”الإداري” وهو الأكثر شيوعاً، وينفذ بزعم البناء دون الحصول على ترخيص، أو المصلحة العامة، و”القضائي” الذي يجري بموجب قرار قضائي يصدر عن المحاكم الإسرائيلية”.

من جانبه، يقول مدير الخرائط بجمعية الدراسات العربية خليل التفكجي، إن الحكومات الإسرائيلية تعمل منذ العام 1973 بتوصيات اللجنة الوزارية المقرة من قبل رئيسة وزراء إسرائيل السابقة غولدا مائير الخاصة بهدم منازل الفلسطينيين بهدف جعل الإسرائيليين أغلبية مقارنة بالفلسطينيين، وصولاً إلى جعلهم لا يتجاوزن 22% من إجمالي السكان.

ويضيف التفكجي في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية إن “حكومات الاحتلال أيقنت منذ التاريخ المذكور أعلاه بأن حسم مسألة ملكية الأرض يأتي عبر بوابة تعزيز الوجود الديمغرافي، كما حدث في مسألة الجزء الغربي من مدينة القدس، وهو ما يكرس حالياً في الجزء الشرقي، وبعض المناطق في الضفة”.

ويشير إلى أن “الاحتلال شرع سياسات الاخلاء والسيطرة على الأرض من خلال هدم المنازل من خلال العمل بعدة قوانين تشمل قانون أملاك الغائبين، وسحب الهويات، وإعادة التنظيم والبناء”.

وينوه إلى أن الفلسطينيين لجأوا نتيجة عدم إصدار سلطات الاحتلال للتراخيص إلى البناء دون ترخيص، وهو ما يستغله الاحتلال بهدف تكثيف حملات الهدم والتهجير.

ويلفت التفكجي إلى أن “النجاحات التي حققها الاحتلال في تهجير المقدسين والسيطرة على منازلهم دفعته لنقلها إلى الداخل المحتل عام 1948 وتنفيذها بحق العرب بهدف دفعهم نحو التهجير القسري وخلق أغلبية يهودية في المدن العربية”.

ويؤكد أن الاحتلال انتهج هدم المنازل اندرج ضمن سياسات عقابية اقتصادية ونفسية والاضطهاد والقمع والتمييز العنصري البغيض ومحاولات الاقتلاع والتهجير والطرد للفلسطينيين.

يشار إلى أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي هدمت واستولت على 42 مبنى في القدس، والمنطقة “ج” في الضفة المحتلة، خلال الفترة ما بين 2 حتى 15 أيار/ مايو الماضي، ما أسفر عن تهجير 50 فلسطينيًا بينهم 23 طفلًا، حسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا”.