العدوان على غزة

مختصون يوصون بأهمية تعزيز الرواية الفلسطينية خلال العدوان على غزة

خاص مصدر الإخبارية – أسعد البيروتي

أوصى مختصون فلسطينيون بضرورة تعزيز الرواية الفلسطينية خلال أوقات العدوان على غزة، بما يضمن تماسك الجبهة الداخلية وتوحيد الخطاب الفلسطيني.

جاء ذلك خلال ندوة عقدها المكتب الإعلامي الحكومي، تحت عنوان “الأداء الإعلامي خلال عدوان مايو 2023” استخلاصات وتوصيات، بحضور ممثلين عن المؤسسات الإعلامية عدد من الصحفيين ومراسلي وكالات الأنباء.

وشارك في الندوة الإعلامي صالح المصري مدير وكالة فلسطين اليوم الإخبارية ومنسق لجنة دعم الصحفيين في قطاع غزة، إلى جانب الخبير الأمني محمد أبو هربيد، والإعلامي صالح الناطور مراسل التلفزيون العربي في القطاع.

كما شارك في الندوة الصحفي عادل الزعنون مراسل وكالة الأنباء الفرنسية، والمختص في الشؤون الإسرائيلية سعيد بشارات.

وافتتح الندوة مستشار المكتب الإعلامي الحكومي بغزة تيسير محيسن، مشيدًا بأداء الصحفيين الفلسطينيين خلال العدوان الأخير على قطاع غزة، ومؤكدًا على دور وسائل الاعلام في نقل مظلومية الشعب الفلسطيني إلى العالم.

خطاب فلسطيني متزن ومسؤول

بدوره قال الصحفي صالح المصري: إن “خطاب الاعلام الفلسطيني عامةً والحربي خاصةً خلال العدوان على غزة كان متزنًا ووحدويًا وموفقًا سواءً أكان برسائله إلى الاحتلال أو للحاضنة الشعبية التي مثّلت الدرع الحامي للمقاومة”.

وأضاف: “المصورون أصحاب جهد عظيم ولعبوا دورًا أساسيًا خلال العدوان على غزة، وقاموا بعمل مُقدّر وأدوا رسالتهم السامية على أكمل وجه”.

وطالب المصري بضرورة العمل على تفادي الأخطاء التي حدثت خلال التصعيد الأخير على غزة وهي تحديد أماكن رمي المقاومة “منصات إطلاق الصواريخ” بهدف حماية المقاومة وتحركات المقاتلين على الأرض.

وأكد على ضرورة التحلي بالمسؤولية عند تصوير إطلاق الرشقات الصاروخية من قطاع غزة باتجاه مستوطنات الاحتلال والمدن المحتلة عام 48 بما يُعزز العمل المقاوم في الميدان.

ودعا المصري إلى ضرورة العمل على إنشاء مركز إعلامي وقت الطوارئ بما يشمل المبيت الآمن للصحفيين وتوفير مستلزماتهم الأساسية وتزويدهم بالمعلومات الرسمية أولًا بأول سعيًا لمواكبة التطورات والأحداث على مدار الساعة.

ولفت إلى أن الفضائيات المحلية كانت بمثابة “الكتيبة المتقدمة” عبر طواقمها ومراسليها العاملين في الميدان منذ اللحظة الأولى لبدء العدوان على قطاع غزة، مشيرًا إلى ضرورة وضع خُطط إعلامية خلال أوقات الطوارئ بما يُعزز العمل الصحفي الميداني.

ونوه إلى أن منع الاحتلال الصحفيين الأجانب من دخول قطاع غزة، لم يكن حيلولة لعدم وصول الرواية الفلسطينية إلى العالم عبر الصحفيين الفلسطينيين الذين أبدعوا في التغطية والبث المباشر للأحداث الميدانية.

وأوضح أن “صحفيي قطاع غزة استطاعوا خلق التنوع ما بين الصحافة المقروءة والمسموعة والمرئية بما يُعزز وصول صوت الشعب الفلسطيني إلى العالم، عبر تسليط الضوء على القصص الإنسانية المتمثلة في استهداف الشقق السكنية الآمنة والمقابر ودور الرعاية وغيرها”.

وبيّن أن “الاحتلال كان يستقوي على الأطفال والنساء خلال العدوان ضد غزة، بعد فشل في مواجهة مقاومتها وضرباتها النوعية طيلة الخمسة أيام”.

واستطرد: “قناة القدس اليوم الفضائية خاضت تجربة فريدة في تغطية العدوان على غزة، حيث سهّلت عمل مقدمي البرامج من خلال توفير استوديو في مجمع الشفاء الطبي وسط مدينة غزة”.

وأردف: “قناة القدس اليوم واكبت الأحداث على مدار الساعة من قلب الحدث واستضافت عشرات الضيوف داخل مركباتها المتنقلة وجنودها الصحفيين الذين أبدعوا في الميدان”.

وختم: “الاعلام المحلي لعب دورًا مسؤولًا خلال العدوان على غزة من خلال وقف بث الشائعات واستقاء الأخبار من مصادرها الرسمية والحفاظ على الحاضنة الشعبية لحماية ظهر المقاومة وتعزيز الخطاب الإعلامي المقاوم”.

الخبر الإسرائيلي يُنافس الفلسطيني

من جانبه، قال صالح الناطور مراسل التلفزيون العربي: إن “الاعلام العربي له اهتماماته على الساحة الإقليمية مثل تسليط الضوء على الأوضاع في تونس أو سورية أو السودان، وأصبح للخبر الفلسطيني منافس قوي وشرس وهو الخبر الإسرائيلي”.

وأضاف: “الإعلام العربي أصبح منشغلًا بالخبر الإسرائيلي المتمثل في انتخابات الكنيست والحكومة الإسرائيلية وتشكيل الائتلاف الحكومي والتظاهرات التي تعم شوارع تل أبيب وكل ذلك جاء على حساب الخبر الفلسطيني”.

وأشار إلى أن “التطبيع العربي الرسمي مع الاحتلال لعب دورًا في اهتمامات وسائل الاعلام العربية التي باتت تُولي الشأن الإسرائيلي اهتمامًا بالغًا من حيث المتابعة والتحليلات”.

وأوضح أن “خلال العدوان الإسرائيلي على غزة، ألغت بعض القنوات العربية تغطيتها للانتخابات في تركيا والأوضاع في السودان وصوّبت عدستها إلى القطاع، متسائلًا: “هل يتطلب تسليط الضوء بصورة دائمة نزف دماء الشعب الفلسطيني؟”.

وأكد على أن “الشعوب العربية متعاطفة مع القضية الفلسطينية وهو ما لعب دورًا مهمًا في تصويب بعض الفضائيات بوصلتها تجاه مظلومية الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة باعتبار أن فلسطين هي القضية المركزية لجميع العرب”.

وأردف: “خلال العدوان الأخير على قطاع غزة لم تكن القنوات العربية تدحرج الأمور إلى مواجهة عسكرية تستمر لخمسة أيام أو عدة أسابيع، خاصةً في ظل تأكيدات إسرائيل أنداك عدم ذهابها إلى الحرب مع قطاع غزة”.

واستطرد: “ما حدث كان مفاجئًا للجميع، خاصةً وأن الاعلام العربي كان ينقل عن الاعلام العبري باعتباره يبحث عن معلومة ويتعامل بمرحلية مع القضية الفلسطينية باختلاف القضايا الأخرى في المنطقة العربية”.

أهمية الاعلام الدولي

أما فيما يتعلق بالمحور الدولي، قال عادل الزعنون مراسل وكالة الأنباء الفرنسية: إن “الاعلام الدولي يفتقر نوعًا ما إلى تعاطي الفصائل الفلسطينية والحكومة وهو ما يتطلب تعزيز التعامل مع الاعلام لإيصال الرواية الفلسطينية”.

وأضاف: “خلال التصعيد على غزة كان هناك شُح في الحصول على معلومة حول أسماء الشهداء أو صفاتهم في ظل عدم نشر المصادر الرسمية المعلومات المطلوبة بصورة سريعة”.

وأشار إلى أن “الاعلام الدولي كان يلجأ للإعلام العبري لمعرفة أسماء الشهداء الذين يرتقون في عمليات القصف التي تواصلت على مدار خمسة أيام على قطاع غزة”.

ولفت إلى أن “الاعلام الدولي دائمًا ما يبحث عن معلومة ومصدرها سعيًا لتعزيز الرواية والصورة أمام الرأي العام الدولي”.

وأكد على ضرورة “الاهتمام بالإعلام الدولي لما له من مكانة على جميع الأصعدة وهو ما يُعزّز الرواية ونقلها إلى العالم”.

الاعلام جزء من العملية العسكرية

من ناحيته قال محمد أبو هربيد: إن “الاعلام جزء أساسي من أي عمل عسكري أو حربي، كونها تلعب دورًا مهمًا في أي مواجهة عسكرية على أرض الميدان”.

وأضاف: “الرقابة الإعلامية في دولة الاحتلال لها محددات صارمة في أوقات العدوان أو العمليات العسكرية بهدف الحفاظ على الرواية الهجومية ضد الشعب الفلسطيني ومقاومته”.

ولفت إلى أن “رئيس وزراء حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو منذ عام 2014 وهو يُوصي جيش الاحتلال بالعمل على إيجاد بنك أهداف بهدف تغيير المعادلة في قطاع غزة”.

وبيّن “أن الآلة الإعلامية لجيش الاحتلال الإسرائيلية عملت طِيلة فترة العملية العسكرية في غزة على تعزيز حالة الردع أمام المقاومة إلا أنها فشلت بذلك فشلًا ذريعًا، بعدما أدارت المقاومة العملية باقتدار وحكمة شديدة”.

وأكد على أن “الاحتلال فشل في تحقيق أهدافه ضد قطاع غزة، رغم أنه بادر بالهجوم والمباغتة بهدف تحقيق الصدمة، إلا أن المقاومة نجحت في تثبيت قواعد الاشتباك وضبط النفس لأكثر من 35 ساعة قبل الرد غير المتوقع”.

وأشار إلى أن “صمت المقاومة طِيلة الـ 35 ساعة كان جزءًا مهمًا من المعركة مع الاحتلال وهو ما عظّمه الاحتلال ووسائل اعلامه الإسرائيلية وكسره باستهداف منازل المواطنين جنوب قطاع غزة”.

وأوضح أن “مع بدء رد المقاومة تغير الخطاب الإعلامي الإسرائيلي من تعظيم صمت المقاومة إلى محاولة التفرد بفصيل دون آخر بهدف الضغط على الجهاد الإسلامي لكن رد المقاومة كان أعظم مما تصّور الاحتلال”.

ونوه إلى أن “الاحتلال حاول طيلة أيام العدوان على غزة شق صف المقاومة عبر الاستفراد بفصيل دون الآخر، لكن المقاومة توحدت وحمت ظهر مقاتليها عبر غرفة العمليات المشتركة”.

وحذر أبو هربيد نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي من استقاء المعلومات من المنصات العبرية وتعزيز الرواية الفلسطينية.

كما دعا إلى ضرورة تنظيم لقاء توعوي وتثقيفي يضم النشطاء والمؤثرين الفلسطينيين على منصات التواصل الاجتماعي بهدف تعزيز الوعي والمسؤولية لدى الجميع.

وأكد على أهمية ضبط النشر عبر منصات التواصل الاجتماعي من خلال المحاسبة القانونية لخلق بيئة معالجة وطنية مجتمعية.

ولفت إلى أهمية ضخ التوجيهات طيلة العام للمواطنين سواءً في أوقات السِلم أو الحرب إلى جانب تعزيز الرواية الرسمية وتوسيع تداولها لبناء موقف مُوحد ومتكامل.

ونوه إلى ضرورة وضع الخُطط لمحاكاة جميع السيناريوهات المتوقعة في مختلف المجالات.

مراسلون متمرسون

في السياق ذاته، قال سعيد بشارات المختص في الشؤون الإسرائيلية: إن “جميع المراسلين ومقدمي البرامج في وسائل الاعلام العبرية عملوا سابقًا في سلاح إذاعة الجيش الإسرائيلي وتمرسوا في العمل الأمني والعسكري”.

وأضاف أن “وسائل الاعلام العبرية عملت طيلة فترة العدوان ضد قطاع غزة على إبراز تماسك الجبهة الداخلية للاحتلال ونسفها بين مواطني قطاع غزة”.

وأشار إلى أن “ماكنة الاعلام الإسرائيلية عملت خلال فترة التصعيد على غزة على ضخ المواد الإعلامية للضغط على الطرف الآخر وتحطيم معنوياته، بهدف حسم المعركة لصالح الاحتلال وما حدث كان مغايرًا تمامًا”.

وأوضح أن “الألة الإعلامية الإسرائيلية كانت طِيلة العدوان على غزة تُوصل رسائل تهديد إلى حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله عبر تعظيم انجاز اغتيال ستة من قادة المجلس العسكري لسرايا القدس والعديد من عناصر المقاومة”.

Exit mobile version