السلم الأهلي في مدينة الخليل

العدوان على غزة.. كسر السهم في الدرع

أقلام – مصدر الإخبارية

العدوان على غزة.. كسر السهم في الدرع، بقلم الكاتبة الفلسطينية تمارا حداد، وفيما يلي نص المقال كاملًا كما وصل موقعنا:

يلجأ الكيان الصهيوني إلى سياسة الاغتيالات عند الوقوع في الأزمات الداخلية وأراد نتنياهو في جولته الحالية التي تمثلت ببدايتها باغتيال قيادات الجهاد الإسلامي أن يُحقق أكثر من هدف وتكتيك أولها إرضاء بن غفير بعد تهديده بالانسحاب من الحكومة الائتلافية وهذا يعني إسقاط الحكومة والذهاب لانتخابات مُبكرة وبالفعل رضخ نتنياهو لذلك خوفاً على كرسيه وسقوط حكومته يعني الذهاب إلى محاكمته بسبب قضايا الفساد، والهدف الآخر إعادة شعبيته بعد ظهور استطلاعات الرأي أنها أصبحت في الحضيض مُقابل ارتفاع أسهم غانتس، أما التكتيك الذي أراد أن يُحققه هو إظهار ذاته كصاحب مُباردة عسكرية سياسية والحامي للتيارات اليهودية وقادر على توحيدها وتكريس قُدرة الحكومة على استهداف الفصائل في ظل تهديدات متعددة الجبهات، وأراد تعزيز وحدة الموقف الداخلي الإسرائيلي وتحصيل الدعم من جميع الأطراف من بينها المعارضة التي شجعت على ارتكاب هذه الجولة لفترة مُحددة ليس لكون هذه العملية لها أثر سياسي عليها وانما أرادت الظهور بأنها لا تستخف بالأمن القومي الإسرائيلي حتى لا يتم زعزعة ثقة الجمهور الإسرائيلي بها.

ولكن تأخر رد المقاومة لساعات طويلة جعل الاحتلال في إرباك حول ماهية الرد وهذا ما ازعجه حيث كان مُعتقداً أن الجهاد الإسلامي سيرد مباشرة على سياسة الاغتيالات بحق قادتها وهذا يعني نجاح خطة نتنياهو، لكن الجهاد الإسلامي كان ذكياً في إدارة المعركة إضافة الى شركاؤه في الغرفة المشتركة حيث كانت ردات فعل المقاومة متوازنة لأنها تعلم تماماً أن هذه الجولة كانت هدية صُلحة لإرضاء بن غفير وتوحيد الجبهة الداخلية الإسرائيلية، لكن انتظار الجهاد لساعات ومن ثم اشتداد الضربات على الكيان افشل جميع مخططات نتنياهو والتي من بينها إنقاذ ذاته، وأيضًا افشلت المقاومة ضرب الوحدة الداخلية الفلسطينية حيث كان هدف الاحتلال الاستفراد في حركة الجهاد الإسلامي وتحييد حماس وضرب الاسافين في قوى المقاومة ومن ثم زرع الفتنة والصراع الداخلي، لكن ظهور بيان من الغرفة المشتركة والرد على صواريخ الكيان أكد تماسك قوى المقاومة ووحدة الموقف وهذا ما أجج الخلافات في الموقف السياسي والأمني الإسرائيلي.

بعد رد الجهاد الإسلامي أصبح الاحتلال في حيرة هل يستكمل الجولة وهذا يعني الدخول في حرب استنزاف تضر بجميع الأطراف فعلى صعيد الاحتلال فان استمرار الجولة يعني خسائر اقتصادية ومعنوية واستمرار حالة الخوف والقلق في المجتمع الإسرائيلي وخسارة ما انجزه نتنياهو في بداية الجولة والذي اعتبره نصراً لكن بعد رد الجهاد أراد نتنياهو استكمال الجولة لفرد عضلاته ولكن الرد الأكبر والمتواصل من الجهاد الإسلامي والشركاء اصبح نتنياهو في مأزق فعلي، فيما استمرار الجولة على القطاع لها داعيات سلبية بالتحديد وجود الخسائر البشرية.

هل نجحت عملية ثأر الأحرار؟
اتبع الجهاد الإسلامي في المعركة الحالية عُنصرين وهي عنصر المفاجأة وعنصر الحرب النفسية التي أقلقت العدو في طبيعة الرد على جرائم الاحتلال، ونفذ الجهاد وشركاؤه ما وعدوا بالرد على الجريمة النكراء بحق اغتيال قيادات الجهاد، وكما ان موقف الفصائل في غزة كان موحداً ومنسقاً ومنضبطاً ومسيطراً ومداراً برؤية مشتركة وهو ما أفشل خطط الاحتلال في ضرب الجبهة الداخلية.

ورغم وجود العُملاء في القطاع إلا أن حركة الجهاد استطاعت ان تضرب بوقت ومكان غير متوقعين وصلت تل ابيب ومحيط القدس وهذا يعني امتلاك الجهاد صواريخ بعيدة المدى ذات رؤوس متفجرة واستطاعت تلك الصواريخ ان تفشل في بعض الأحيان عمل القبة الحديدية ” الذهبية” بسبب قدرة المقاومة على تحديد الأُطر العامة لمنظومة القبة والتعرف على ميزة التباينات في محرك الاطلاق المرتفع والمنخفض حيث ان القبة لا تتعامل مع هذه التباينات.

واستطاعت المقاومة من خلال إطالة الجولة ان تفتح المجال للمعارضة بان تطلب من نتنياهو ان يوقف الجولة وهذا يعني ان الخلافات موجودة واشارة ان هدف نتنياهو في وحدة الموقف الداخلي الإسرائيلي لم ينجح، وكلما طالت الحرب فان انعكاس ذلك سلبياً على نتنياهو بازدياد السخط الإسرائيلي عليه.

الكيان الموقت:
يُحاول الكيان الصهيوني الحفاظ على ثبات الموقف وعدم التراجع في التفاوض وعدم قبول شروط الجهاد الإسلامي وهي وقف سياسة الاغتيالات وارجاع جثة الشهيد خضر عدنان ووقف مسيرة الاعلام، فالاحتلال أراد حسم التفويض في قضية الاغتيالات بعدم الحديث فيها وهذا إشارة الى استمرار استخدام هذه السياسة وقتما يشاء دون توقف ، وكما ان الاحتلال غير معني باي حالة تفاوض فهو مُندفع باتجاه الحسم دون تراجع حتى يمرروا مسيرة الاعلام كما مُخطط له، لكن الشيء الوحيد الذي سيؤدي الى تراجع الاحتلال هو اشتداد انقسام الجمهور الإسرائيلي حول استمرار الجولة لوقت طويل.

إن الكيان إراد في معركته تحقيق اهداف وما زالت الأهداف الاخرى غير مُتحققة وهي محاولة المساومة بين جثة الشهيد خضر عدنان مقابل الجنود الإسرائيليين لدى المقاومة واراد الاحتلال التسوية الشاملة بمعنى الحسم وانهاء حالة السلاح في القطاع، لكن رد المقاومة جعل الاحتلال في صدمة وانقلب ميزان المعادلة الذي اراد ان يحققه وهي فصل ساحة القطاع عن الضفة والقدس من خلال اطلاق الصواريخ عليهم.

التهدئة:
نتنياهو يريد وقف الجولة بشرط المحافظة على ظهوره منتصراً لكن الاستمرار في الرد من قبل الجهاد ومن معه من التنظيمات ستنتهي الجولة بحالة من الهدوء مقابل الهدوء من خلال الوسطاء الإقليميين والدوليين لكن دون الالتزام بتوقيع مكتوب على اتفاق تهدئة شاملة حيث ان عملية التوقيع يعني الالتزام والاحتلال لا يلتزم فهو البادئ في كل الجولات السابقة والحالية لتحقيق اهداف داخلية وخارجية وبالنهاية فان سياسة الاحتلال حول العدوان على غزة ستفشل بسبب ان السهم قد انكسر.

أقرأ أيضًا: حل الدولتين لذر الرماد في العيون.. بقلم تمارا حداد

Exit mobile version