الميزان: معاناة اللاجئين في غزة تتفاقم مع استمرار الاستعمار والفصل العنصري

غزة- مصدر الإخبارية

أصدر مركز الميزان لحقوق الإنسان اليوم الإثنين بياناً بمناسبة الذكرى الـ75 للنكبة.

وقال المركز في عنوان بيانه، في الذكرى ال75 على النكبة، تتفاقم معاناة اللاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة مع استمرار اللجوء والاستعمار الاستيطاني والفصل العنصري الإسرائيلي وتجدد العدوان العسكري على قطاع غزة.

وهذا نص البيان كما وصل شبكة مصدر الإخبارية:

يُحيي الفلسطينيون في جميع أنحاء العالم ذكرى النكبة في 15 مايو من كل عام، حيث يصادف هذا اليوم ذكرى مرور 75 عاماً على الطرد الجماعي القسري لحوالي 750,000 من السكان الأصليين الفلسطينيين من منازل أجدادهم وأراضيهم وممتلكاتهم والاستيلاء عليها من قبل العصابات الصهيونية وبرعاية الانتداب البريطاني، تمهيداً لتسليمها للمستوطنين اليهود الذين استجلبتهم الحركة الصهيونية من أصقاع الأرض. وتعرضت خلال النكبة حوالي 531 قرية للتدمير الكامل، وقتلت العصابات الصهيونية حوالي 15,000 فلسطيني، فيما لا يقل عن 70 مجزرة ارتكبتها بحق الفلسطينيين بين عامي 1947- 1949.[1]

وبحلول النكبة، وبينما كان عشرات آلاف المستوطنين اليهود الجدد يستقرون على الأراضي الفلسطينية التي تم مصادرتها ويستولون على منازل وأثاث ومتاع الفلسطينيين، أصبح مئات آلاف الفلسطينيين – السكان الأصليين- لاجئين بلا وطن مشتتين في جميع أنحاء العالم. يوجد اليوم أكثر من 9 ملايين لاجئ فلسطيني (65.5% من عدد الفلسطينيين الإجمالي في جميع أنحاء العالم)، يقيم 1.7 مليون منهم في قطاع غزة.[2]

هذا ولم تنته النكبة بالنسبة للشعب الفلسطيني في عام 1948، وإنما يلقي إرثها بظلاله على حاضرهم ومستقبل أبنائهم. منذ إنشاء دولة إسرائيل، لم تتوقف سلطات الاحتلال الإسرائيلي عن توظيف السياسات والممارسات الاستعمارية الاستيطانية في تقويض الحقوق الجماعية للشعب الفلسطيني، ولا سيما حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير والعودة، وذلك من أجل تأبيد السيادة اليهودية في جميع المناطق الواقعة بين البحر الأبيض المتوسط ونهر الأردن.

إن إرث إسرائيل الاستعماري الاستيطاني يتجلى اليوم في سلسلة مؤلمة من مظاهر الاستعمار والفصل العنصري، التي تشمل، من بين جملة أمور، مصادرة الأراضي والاستيلاء عليها في الضفة الغربية المحتلة، توسيع المستوطنات غير القانونية، ضم الأراضي الفلسطينية بحكم الأمر الواقع وبحكم قانون المحتل، والإغلاق والحصار غير القانوني على قطاع غزة.

يُحيي أكثر من مليوني فلسطيني اليوم في قطاع غزة المحتل، 66٪ منهم لاجئون محرومون من حقهم في العودة إلى ديارهم وأراضيهم[3]، ذكرى النكبة بينما تهاجم قوات الاحتلال قطاع غزة وتستهدف المدنيين والأعيان المدنية وتتعمد تدمير المنازل لتعيد تهجير الفلسطينيين، حيث قتلت 33 فلسطينيا ودمرت 86 وحدة سكنية بالكامل، مما أدى إلى تهجير83 أسرة مكونة من 514 فردا، من بينهم 206 طفلا و86 سيدة، بالإضافة إلى مئات المنازل التي لحق بها أضرار جزئية، في هجماتها التي تنتهك قواعد القانون الدولي، والتي استمرت خلال الفترة ما بين 9 مايو وحتى 13 مايو 2023، مما يعكس استمرار العدوان الاستعماري الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني. وقد شكل هذا العدوان، وهو الأحدث في سلسلة الاعتداءات المتكررة على قطاع غزة المحاصر، مثالا مروعا على سياسة إسرائيل المتمثلة في العقاب الجماعي للفلسطينيين المحاصرين في قطاع غزة.

وبمناسبة ذكرى النكبة، جمع مركز الميزان إفادات من بعض الناجين من النكبة الذين لجأوا من بلداتهم الأصلية إلى قطاع غزة. وحسب ما أفادوا، لا تزال الصدمة التاريخية التي تعرضوا لها تترك جرحاً نازفاً يزداد إيلاما مع إنكار دولة الاحتلال لحقهم المشروع في العودة إلى أراضيهم وديارهم. يحيي الناجون هذا اليوم كل عام باسترجاع الذكريات والصور لأماكن كانت منذ آلاف السنين ملكهم وملك أجدادهم.

جابر شبعان، ناجٍ من النكبة يبلغ من العمر 85 عاماً، طُرد بالقوة من قرية سمسم الفلسطينية ولجأ إلى غزة. يتذكر جابر اليوم الهادئ في قريته قائلاً: “كنا نعيش قبل النكبة حياة هادئة، نعمل في أراضينا ونعيش من إنتاجها. كان ذلك حتى عام 1947 عندما ظهرت مجموعات يهودية في مجتمعاتنا بنية واضحة هدفها طرد القرويين الفلسطينيين من أراضيهم ومصادرتها”.

ويضيف جابر قائلا: “منذ نزوحنا حتى يومنا هذا، نشهد نكبات متكررة في قطاع غزة الذي يتعرض منذ سنوات عديدة لهجمات عسكرية اسرائيلية ضاعفت معاناتنا أكثر فأكثر”.

الإفادة الثانية لغالية أبو مصطفى، ناجية من النكبة وتبلغ من العمر 81 عاماً، هُجرت من مدينة بئر السبع خلال النكبة، وتروي مأساتها الشخصية التي تشاركها مع التجربة الجماعية للاجئين الفلسطينيين أينما كانوا. عاشت في مخيم خانيونس للاجئين في انتظار اليوم الذي ستعود فيه إلى منزلها في بئر السبع والذي هُجرت منه وهي طفلة في السادسة من عمرها. تقول غالية: “يواصل الاحتلال الإسرائيلي قصف منازلنا وقتل أحبائنا حتى يومنا هذا”. وتضيف: “استشهد حفيدي في غارة إسرائيلية أثناء ركوبه دراجته النارية في عام 2007”.

وفي ذكرى النكبة، يدين مركز الميزان العدوان العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة والهجمات المتعمدة على المدنيين والأعيان المدنية التي تعزز سياسات الاحتلال الاستيطانية والاستعمارية وسياسات الفصل العنصري. ويطالب المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات ملموسة لتفكيك نظام الفصل العنصري الإسرائيلي في فلسطين التاريخية، وتفعيل آليات المساءلة، وتمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى ديارهم وجبر ضررهم عن محنتهم التاريخية.